يقيم متحف السينما والتلفزيون في برلين للفترة ما بين كانون الاول 2009
ومايس 2010 معرضاً خاصاً بالمثلة الألمانية رومي شنايدر (1938 ــ 1982)
ويضم 275 معروضاً ما بين صور وملصقات وملابس ورسائل ومقاطع من أفلامها التي
زادت علي الستين فيلماً وحصدت بفضلها 14 جائزة وشمل المعرض خمسة مراحل:
كصبية، الصعود، كنجمة، التشتت والإسطورة. عن النجمة الأسطورة والمعرض كتب
هانز اخيم نويْبَوَر في صحيفة ميركور / راينلاند يقول أن الممثلة رومي
شنايدر لم تكن قد أفتنت المشاهدين في النهاية عندما مثلت دور المحطمة
البائسة والمشتتة.
فقد أحتلت مكانة معبودة جماهير عصرها مع بداية دخولها عالم السينما عندما
احتلت عرش (سيسي) الصبية وكان لحياتها وأسطورتها حتي عام 1982 أثرهما
المشترك ولم تختف الأسطورة (شنايدر) بل ترعرعت وتنامت وهذا وحده سبب كاف
للمتحف الألماني في برلين (ألسينما والتلفزيون) لأن يقيم لها معرضاً تحت
شعار: (رومي شنايدر ــ فيينا ــ برلين ــ باريس) / حيث عاشت / ويضم بين
ثنايا معروضاته حياة تجمع بين العز والحزن، بين السعادة والمأساة.
بدورالصبية سيسي ارتفعت علي الفور إلي مرحلة النجومية رغم كونها صبية بعد،
وفي ربيعها التاسع عشر مثلت القسم الأخير من ثلاثية القيصرة سيسي، وحاولت
عبثاً التخلص من الشهرة التي منحتها لها سيسي فقد بقيت، وهذا ما كانت تحس
به كثيراً، حبيسة الأسطورة وما تزال وسائل الإعلام تحاول وكذا المؤرخون مد
أسطورة سيسي ــ شنايدر بمصل جديد، وهنا يبدو أن الرغبة القديمة
الرومانتيكية المتعطشة للإندماج ما بين الفن والحياة قد تحققت، فالقيصرة
سيسي والممثلة رومي، كلتاهما تعيش غير حياتهما وكلتاهما في قمة الجمال، كما
وأن كلتيهما يعانيان من فقدانهما الأبن.
يضيف الصحفي نويْبَوَر أن الآثار الأسطورية جالت ولمدة طويلة في حياة رومي
شنايدر، ذات الإسم الحقيقي (روزَماري مجدلينه ألباخْ)، إلا أن المعرض يعارض
قوة امتصاص الإسطورة ويفتح أنظار الزائرين علي ممثلة فاتنة باهرة ذات تأثير
كبير.
لقد عملت رومي في الفن بجهد لتعطي فهي تمتلك الموهبة وقوة التأثير إضافة
إلي أنها نشطة وحازمة في عملها لذلك أحبها المخرجون وكذا الممثلون الذين
شاركوها العمل وخاصة لوجينو فيسكونتي الذي اعتبرته أهم معلميها كما رددت
ذلك مراراً.
ليس من السهل الجمع ما بين الحياة الخاصة والعمل سوية في مشهد ولكن
المشرفون علي المعرض اختاروا طريقاً معقولاً في مغازلةالإهتمام البيوغرافي
والفضول السينمائي من غير أن يثقلوا علي المشاهدين.
بلغت رومي النجومية وهي بعد صبية وحاولت جاهدة أن تحمي حياتها الخاصة من
مضايقات الصحفيين ولم تنجح حسبما هو متوقع ومعروف في هذا المجال، ففي عام
1981 طرحت هي السؤال أثناء مقابلة: (أين الأخلاق وأين اللياقة؟؟) كان ذلك
بعد وفاة ابنها بفترة قصيرة، حيث كان صحفيان قد تخفيا بملابس ممرضين في
المستشفي كي يلتقطا صوراً لإبنها المسجي علي السدية، وهي عارفة أيضاً بأن
بيتها وحديقتها محاطة بكاميرات إلكترونية تلاحق تحركها وتحبس عليها أنفاسها
من بعيد وهي في بيتها وغير قادرة علي أن تفعل شيئاً وخسرت شنايدر بالتالي
صراعها مع الصحافة غير الرزينة وخسرت معها حياتها الخاصة، ولما سألها
التلفزيون الفرنسي عام 1982 عما تتمناه أجابت قائلة: " أن يتركني الناس
لحالي في هدوء." وتحولت محاولاتها في التصرف فيما يخص حياتها الخاصة إلي
دافع أساسي في كينونة وجودها، فقد نظمت حياتها في إطار (الممثلة اللامعة ــ
وكذا في ظلال أدوار المحبة الحزينة والضائعة؟ وكان هذا جد واضحاً في فيلمها
الأخير في عام 1982(المتجولة في سانسوسي)/ قصر في برلين / والذي أهدته
لإبنها الذي توفي بحادث اصطدام ولزوجها السابق هاري ماين الذي انتحر عام
1979.
لقد سالت مرة أحد مخرجيها: " ماهو الشيء(الشخصي) اليوم؟ يبدو أن الفرد ملك
الجميع، وعندما أكون ملكاً للجميع، فعلي الجميع أيضاً أن يعرفوا ما كان لي
وخسرته. "
بقيت رومي طيلة حياتها تبحث عن ذاتها. عملت مع العديد من المخرجين
والممثلين. ووصفوها بالنجمة العالمية وألأيقونة ألأنثوية الجديدة، بمفهوم
المرأة المدركة لذاتها والكل يعزها ويتمناها.
من هي رومي شنايدر؟
هي ابنة ممثلة ألمانية وممثل نمساوي. كتبت في دفتر يومياتها وهي في الرابعة
عشرة من عمرها ـ عام 1952: (لو كان الأمر بيدي لصرت ممثلة علي الفور،
تماماً مثل أمي.) وبعد عام كانت إلي جانب إمها في فيلمها الأول وتركت
المدرسة بعد ذلك لتغرق في دور الصبية سيسس والقيصرة سيسي مابين 1954 و1957
في ثلاثية سيسي والذي لازمها طيلة حياتها وقد أكملت الجزء الثالث علي مضض
ورفضت الدخول في الفيلم الرابع لسيسي لأنها أرادت أن تكون رومي شنايدر وليس
سيسي.
انتقلت إلي باريس ومثلت أول فلم أجنبي مع ألِن دِلون وعملت علي المسرح
الباريسي مع المخرج فيسكونتي والذي وصفها بأروع الممثلات الأوروبيات وتوقع
لها النجاح الباهر والشهرة العالمية. وفي باريس حصلت علي جائزة أحسن ممثلة
أجنبية في فرنسا.
في عام 1962 كانت هوليود محطتها المنشودة. في عام 1971 كتبت جريدة باري
ماتش الفرنسية: (أربعون عاماً بعد كريتا كاربو ومارلين ديتريخ وخمسة عشر
عاماً بعد مارلين مونرو في هوليود تظهر اليوم نجمة كبيرة).
مثلت في أكثر من ستين فلماً علي الرغم من أنها دخلت هذا المجال من غير أن
تحصل علي تعليم في عالم التمثيل والفن. أهي الجينات من الأم ولربما من ألأب
أيضاً؟.
حتي في موتها لم يتركوها وشأنها، فقد اختلفت الأنباء، إذ اعتبروه في البدء
انتحاراً وفي شهادة الوفاة (عجز في القلب) وتناولته الصحافة بوصف (القلب
الكسير) والمعروف عنها أنها لم تكن تستجيب لنصائح وإرشادات الأطباء
ووصفاتهم العلاجية.
ألمانيا تحاول جاهدة في تخليد اسمها، فقد وضعت جوائز باسمها وأقامت لها
تماثيل وأخرجت محطات التلفزيون أفلام وثائقية عدة عن حياتها منذ الطفولة
إضافة إلي الكثير من الكتب، التي تناولتها دراسة ونقداً ورواية، ولم تتوقف
وسائل الإعلام عن تناول حياتها وفنها، ولم يقتصر هذا علي ألمانيا فحسب
فالدول التي عاشت فيها تعتز فيها وبما أنتجته علي اراضيها وتحاول بين الحين
والآخر وفي المناسبات الفنية ان تعيد ذكرها وما حققته علي أراضيهم. هذه هي
رومي شنايدر / الألمانية ـ النمساوية ـ والفرنسية.
حديثاً عرضت إحدي محطات التلفزيون الفلم سيسي الذي أخرج حديثاً لممثلين جدد
ولكنه لم يحظ بالإقبال الذي حظت به ألأفلام الثلاثة لرومي لا بل وقد تعرض
للكثير من النقد السلبي، فشبح رومي شنايدر، علي ما يبدو، يخيم علي سيسي كما
خيمت سيسي عليها أثناء حياتها، إهما توأمان وإن اختلفتا في الزمن؟.
ســــيــــــــسي (1837 ــ 1898)
هي إليزابيث، أميرة مقاطعة بفاريا / ألمانيا وتزوجت ابن خالتها قيصرالنمسا
والمجر فْرَنْسْ جوزيف ولم تكن بعد قد بلغت السابعة عشرة من عمرها. خالتها
كانت تريد اختها الأكبر منها زوجة لإبنها ولكن القيصر خرج علي غير عادته عن
طاعتها فتزوج إليزابيث، أكان ذلك لجمالها أم لحبه لها؟ وكان عليها أن تدفع
الثمن، وتعيش القيود الصعبة في قصر القيصر النمساوي وفق ما تريده خالتها
وحماتها والتي زادتها انتقاما لعدم إطاعة ابنها لها في هذا الأمر وهي
الحاكمة الفعلية. عانت سيسي بعد أكثر بعد أن انتحر ابنها. وأخيراً اغتيلت
سيسي في جنيف من قبل رجل إيطالي. ما السر في ذلك؟ أهو سياسي؟ فشمال إيطاليا
كان آنذاك محتلاً من النمسا. أم مكيدة؟ نقطة راس السطر.
الزمان العراقية في
18/02/2010 |