أكد الفنان الكبير "دريد لحام " أنه غير راض عما قدم خلال مسيرته
الفنية
رغم النجاحات الكثيرة لان الفنان الذي يرضى عما قدم يتوقف ولا
يتطور كما شدد على أن
أعماله لا تدعو لانقلابات عسكرية بقدر ما
تبث الوعي لدى المتلقي.
وذكر أن حادثا مروريا أوحى له بفكرة فيلم "الحدود" التي لم يفضل أن
تكون
شخصية "غوار الطوشة" في الفيلم الذي يرمز للكثير من الأمور
التي قد تحدث للإنسان
العربي.
وبين أن الدراما السورية مميزة لكنها وقعت في فخ التشابه ويرى أن
الدراما الخليجية قادمة بقوة ، وأمور أخرى علق عليها في الحوار.
·
بعد هذا العطاء هل أنت راض عما
قدمت؟
مهما قدم الفنان عليه
ألا يكون راضيا عما قدم لأنه إن كان راضيا
فانه سيتوقف ولن يتطور ولكن هذا لا يعني
أن ينكر نجاحاته إلا انه يجب ألا يعتبرها نهاية المشوار ولهذا على كل إنسان
وفي كل
مجال مهما كان قد قام بإرضاء الآخرين عليه ألا يرضى عما قدم كي يكون هذا
الأمر
حافزا له كي يقدم الأفضل دائما.
·
إلى أي مدى أعمالك المسرحية
محرضة للجماهير ضد
السلطة؟
أعمالي لا تدعو إلى انقلابات عسكرية بل إلى تغييرات ما قد تكون
في الجانب السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي وهي تزرع فكرة ما عند المتلقي
ولكن يجب
ألا نتوقع أن تكون هناك نتائج آنية بعد العرض المسرحي أو العمل السينمائي
إنما هي
تزرع فكرة ما قد تنفجر في ثورة تنويرية وتغييرية نحو الأفضل في كل المجالات.
·
زرت غزة فهل هي صرخة في وجه
الفنانين والسياسيين؟
لم
تكن صرخة في وجه الفنانين بل هي شيء بسيط
للتعاضد مع أهل غزة وأنا على ثقة من أن
الفنانين العرب لو أتيحت لهم فرصة لزيارة
غزة لما تأخروا.
·
هل ابتعادك عن المسرح بسبب الجهد
الذي يحتاجه أم بسبب ندرة
النصوص؟
يراودني العمل بالمسرح بين آن وآن ،وأتمنى العودة للمسرح بعمل
على طريقة "المينودراما" أي مسرحية لا يكون بها أحداث بقدر ما يكون بها
حديث العمر
وهناك مشروع احضر له سيرى النور في وقته كما أعمل على التحضير
لفيلم سينمائي جديد
يتناول قضية العنف داخل محيط الأسرة.
·
ما الذي تبقى من فرقة تشرين التي
لم تكن فرقة
عادية؟
هذا صحيح ولهذا أطلقنا عليها فرقة أسرة تشرين لأنني على قناعة
بأنه لا ينجح أي عمل فني إن لم يكن فريق العمل مثل الأسرة بأجوائها
المتميزة وإحساس
كل فرد بأنه ينتمي إلى أسرة تتعايش معا في السراء والضراء،وبالنسبة لي
فإنني أؤمن
بتهيئة المتفرج قبل أن يشاهد المسرحية فعندما يكون موعد العرض في مسرح
اتحاد العمال
في دمشق في تمام الساعة التاسعة تجدني احضر إلى المسرح في تمام الساعة
السادسة مساء
لأشرف بنفسي على نظافة حمامات المسرح ثم صالة المسرح ومعي بقية الممثلين
وهم نجوم
ليقوموا بتنظيف الكراسي ثم يتم تعطير الصالة كي يكون المتفرج مرتاحا في
المسرح لأنه
إن وجد الصالة ليست نظيفة فانه سيكون ضدي قبل أن يشاهد العرض المسرحي.
·
لماذا كانت بداية مسرحية شقائق
النعمان عبارة عن أغنيات لدول عربية
عدة؟
لأنني كنت أريد أن أقول أن السياسيين قد يختلفون إلا أن الشعوب
لا تختلف ويبقى حب الشعوب العربية لبعضها البعض يقفز فوق جدران الخلافات
السياسية
بلا فيزا "يقولها وهو يضحك".
·
قمت بتعرية الأمة سياسيا
واقتصاديا من خلال "صحن كنافة" في مسرحية شقائق
النعمان ما تعليقك؟
مسرحية شقائق النعمان عمل مسرحي يضم مجموعة من
الفنانين ولكن بالنسبة لسؤالك كان مشهدا مع الفنان الراحل يوسف حنا،وقد
التقطنا
هموم امتنا من خلال الأمور التي حولنا ومكونات الكنافة التي كل قطعة كانت
تأتي من
دولة وليس منها أي دولة عربية وفي الوقت الحالي فانه بالإمكان حصر كل
مكونات
الكنافة من الصين فكل ما حولنا في السوق صناعة صينية حتى سجادات الصلاة
باتت تصنع
بالصين!!.
·
وكيف تجد المسارح العربية؟
إن المسارح في الوطن العربي
هي من أجل الخطابات وليس من أجل المسرح لان المسؤولين دائمي التفكير بوجود
منصة
مناسبة من اجل الخطابات وينسوا المعايير الفنية ليكون مسرحا وبالتالي هي
منصات
خطابة.
·
هل هناك هوية للمسرح العربي؟
الحقيقة هي انه لم تتكون
هوية للمسرح العربي وهناك أسباب عدة لذلك
منها أثر التلفزيون على المسرح وعلى
السينما كما أن المسرح لا يستطيع أن يعيش إن لم يكن هناك دعم مادي ومعنوي
أي انه لا
يستطيع أن يعيش من خلال شباك التذاكر وتلك مهمة وزارات الثقافة لان الدعم
الذي
يتلقاه الآن بسيط وعلى استحياء وهو غير كاف كي يجعل المسرح يستمر.
·
وهل هذا يبرر وجود المسرح
التجاري؟
حتى المسارح التجارية لم
تعد موجودة، والآن يبرز سؤال هو كيف تفكر
الحكومة؟ الإجابة هي أن الحكومات تنظر إلى
التلفزيون على انه "ابن بار" لأنه يمتدح والمسرح "ابن عاق" لأنه ينتقد!
وذلك لان
الفنان المسرحي أول أمر يفكر فيه هو أن يقدم نقدا.
·
ما الذي دفعك لتنفيذ فيلم
"الحدود"؟
فكرة الفيلم جاءت من
خاطرة وعادة تبدأ أعمالي الفنية من خلال ما
يحدث معي أو من الأمور التي اسمعها بعد
أن حدثت للناس ولهذا فإنني مع الكاتب الراحل "محمد الماغوط" كنا لا نقوم
بالتأليف
بمعنى التأليف بل نأخذ مجموعة من الخواطر التي نعيشها أو التي
نسمعها فننسج منها
عمل فني.
وبالنسبة لفيلم الحدود فقد انبثقت الفكرة من حادث تعرضت له إذ ذهبت
إلى بيروت في
عام 1964م وكان الوقت شتاء وكانت كمية الأمطار غزيرة وكذلك
كانت الثلوج وبينما أقود
السيارة بين الحدودين اللبنانية السورية
انزلقت سيارتي وانقلبت مرات عدة ولكنني
نجوت من الحادث ودمرت السيارة فعدت ماشيا
وكان الظلام دامسا إذ كان الوقت منتصف
الليل وحاولت أن انتظر من يساعدني من
المسافرين ولكن لم يكن هناك أي احد لأنها
منطقة تهريب وهي منطقة خطرة خاصة مساء فاضطررت إلى المشي لمسافة ثلاثة كيلو
متر بين
الثلوج وبينما أنا كذلك خطرت ببالي فكرة فيلم الحدود فقلت سأصل إلى الحدود
السورية
قريبا سيقدمون لي المساعدة كوني معروفا حتى وان كنت لا املك الأوراق
الرسمية ولكن
ماذا لو كان من جاء مواطن عربي عادي ما الذي سيحدث له؟ فلا الحدود السورية
تسمح له
بالدخول ولا الحدود اللبنانية ستسمح له أيضا فكان فيلم الحدود.
مشيت بين حدودي سورية
ولبنان فكان فيلم "الحدود"
·
وماذا عن مشاركتك في الفيلم
السينمائي الغنائي " سيلينا "؟
هو فيلم مأخوذ عن مسرحية هالة والملك للمنتج السوري نادر الأتاسي الذي
أنتج ثلاث
أفلام للأخوة الرحابنة مأخوذة عن مسرحيات "
سفر برلك وبياع الخواتم " وكان يحلم أن
تتحول الى فيلم.
·
ألا يهمك حجم الدور كالذي قدمته
في فيلم "سيلينا"؟
لا
يهمني حجم الدور بتاتا ففي سنوات سابقة قدم
لي مخرج معروف لدينا هو غسان جبري دورا
بسيطا وقال لي على استحياء انه مشهد لا يتعدى صفحة واحدة فقلت له إن أعجبني
سأقوم
بتمثيله لان تأثير الدور لا يقاس بعدد صفحاته فأحيانا دور صامت يحدث تأثيرا
اكبر من
دور ممثل يحكي صفحات.
·
تناول البعض برفض فكرة مشاركة
فنان سوري في عمل مصري وأنت من أقدم من
تعاون فنيا مع مصر ما تعليقك؟
بعض الفنانين والنقاد يحاولون التفكير عن
الآخرين وهذا غير مقبول ،فالفنان جمال سليمان فنان كبير ووجد انه من الناسب
أن يخوض
تلك التجربة فنقول بالطريقة الشعبية "انت شو دخلك" وبالمصري "انت مالك"
ولكن لك
الحق في أن تقول أنه قام بتأدية الدور بشكل
جيد أم لا؟
·
ذكرت كثيرا أنك تخشى على الدراما
السورية من الحارة الدمشقية فما سبب
ذلك؟
على الرغم من أن بعض الأعمال الفنية التي تناولت الحارة الدمشقية
القديمة أحببتها كعمل فني إلا أنها وللأسف تقدم تاريخا غير حقيقي عن دمشق
القديمة
وتلك كارثة فعندما تضع تاريخ وزمان ومكان محدد عليك أن تقدمه بصدق ولا
تستطيع أن
تخترع أحداث غير موجودة في ذلك التاريخ،فمسلسل "باب الحارة" مثلا أحببته
وتابعته
مثل بقية الناس وقلت لأصحاب العمل انه عمل جميل ولكن تلك ليست
دمشق والعلاقات التي
قدمت به ليست كذلك وهذا لا ينتقص من قيمته
كمسلسل للفرجة إلا أنهم ارتكبوا خطأ
عندما حاولوا تقديم المسلسل كوثيقة لأنه
عندها سيكون وثيقة مزيفة.
·
وما
سر ابتعادك عن الدراما السورية الحالية؟
أحرص على تقديم عمل فني إن لم
يكن يضيف لي شيئا على الأقل لا ينتقص من رصيدي وما عرض علي لا أجد فيه ما
هو ملائم
لي،وعموما فان هناك فكرة مسلسل تلفزيوني جديد "مازن طه" وسيكون مناسبا
لعمري فما
كنت أقدمه في الستينات لا استطيع تقديمه في الوقت الحالي.
·
هل أنت متسلط في المسرح؟
عندما أنتهي والماغوط من كتابة
نص مسرحي نقوم بتقديم النص لأعضاء فرقة أسرة تشرين ليقول كل ملاحظته
وليتقرح كل
ممثل الدور الذي يشعر انه مناسب إليه وبالنسبة لي كمخرج فان أفكارا ما
تكونت لدي
وليس هناك تسلط بقدر ما هناك صرامة في مسألة احترام المسرح والنظام ولهذا
فإننا
بعيد كل عرض مسرحي نقوم بتبديل ملابسنا ثم يجلس الفنانين في المسرح كي
يستمعوا
لملاحظاتي على كل صغيرة وكبيرة في كل عرض على حدة وهو طقس يومي مهما كان
عدد
العروض ولا علاقة له بنجومية الفنانين الذين كانوا معي.
·
وكيف تنظر إلى الدراما السورية؟
لقد حققت النجاح الذي
أتمنى أن يستمر ولكن عليهم ألا يستسهلوا
الأمور فلا يقول فنان بينه وبين نفسه أنني
فنان محبوب وبالتالي فان الجمهور سيحب ما أقدم إليه مهما كان فهذا غرور
قاتل سيقتل
الدراما ولهذا السبب أقول لقد وقعت الدراما السورية في فخ التشابه كثيرا.
حكوماتنا
تنظر للتلفزيون انه ابن بار والمسرح
ابن
عاق
·
والدراما المصرية؟
بصراحة أنا قليل الاطلاع والمتابعة
ولكنها بشكل عام دراما متميزة ولكن هناك ملاحظة جميلة وهي أن النجوم في مصر
لا
يحرقون أنفسهم بأكثر من عمل واحد في كل عام مما يمنحهم الفرصة للتركيز وهذا
ما
يفعله يحيى الفخراني ويسرا بينما في سورية نجد النجم يشارك في أكثر من عمل
في نفس
العام.
·
والخليجية؟
قلت أكثر من مرة إن الدراما الخليجية محبوبة
وتشاهد في سورية وفي بعض الدول العربية الأخرى وقلت لمن يقول في سورية أن
الدراما
السورية سحبت البساط من الدراما المصرية أن هذا غرور لان الدراما المصرية
عريقة
وأنا أنظر إلى الدراما العربية على أنها مثل لوحة تشكيلية تشارك بها كل
الدرامات
العربية وكل دراما تكمل جزء من اللوحة وقلت لهم إن الدراما الخليجية قادمة
بقوة
والدراما في المغرب العربي قادمة إن وجدنا حل لفهم
اللهجة.
دبلجة
·
وكيف تنظر للمسلسلات التركية
المدبلجة؟
لم أر مسلسلا مدبلجا
بحياتي لان اللغة جزء من الهوية والخصوصية
وهل لك أن تتخيل مسلسلا بدويا يترجم إلى
اللغة الايطالية فيقول عن "المنسف"سباجيتي"!!!.
·
لماذا لم تطغ شخصية "غوار" على
ما قدمت بينما فشل البعض بالخروج مما
اعتاده الناس؟
ذلك لأنني كنت أمينا بالنسبة للشخصية التي على الورق فلا
أقوم بجعل شخصية "غوار" في كل عمل أقدمه وهذا ما حدث في فيلم الحدود فلقد
كان هناك
اقتراحا بأن تكون شخصيتي هي "غوار الطوشة" إلا أننا قلنا لا
،وذلك لان ما حدث قد
يحدث لمهندس أو أي مواطن عادي.
·
وماذا عن شخصية "أبو الهنا"؟
أعشق شخصية أبو الهنا لأنها
تحوي عناصر البقاء لأنها شخصية مهمشة تحلم بأحلام صغيرة وتأتي الظروف
وتغتال هذه
الأحلام الصغيرة ، كما أنني أرى أن شخصية "أبو الهنا" هو كل إنسان عربي
يمشي على
الرصيف بأي مدينة عربية فأنا أحبه أكثر من شخصية "غوار" التي لا تشاهدها
كثيرا في
الحياة بينما تشاهد أكثر من أبو الهنا.
الجزيرة الوثائقية في
11/02/2010 |