يكفي وضع كلمتي 'سائق تكسي' بالإضافة إلى
دمشق على أي مُحرّك بحث إلكتروني حتى تظهر مجموعة مقالات ضخمة تنتقد وتعلق
وتحلّل
أوضاع سائقي التكسي في دمشق، وهي في واقع الأمر حالة لا بُد من الوقوف
عندها. إذ
أثارت ولفترة طويلة شغباً وإزعاجات على العديد من الأصعدة..
لعلّ أوّلها عدم تقيّد
السائقين بأرقام عداد الأجرة، بل ويطالبون أحياناً مبالغ تصل إلى الضعف،
وثانيها
تفرّع غالبية سائقي التكاسي لخدمة زبائن السياحة الخليجيين في موسم الصيف،
ليجد
المواطن السوري نفسه واقفاً لمدة تقارب الساعة في انتظار قبول
أحد السائقين به..
وهو ما يتبع إلى الأمر الثالث حيث يُفضّل غالبية السائقين الطلبات من دمشق
إلى
المناطق القريبة والتي تقع على الأطراف منها، دون الطلبات التي تدور في
داخل دمشق
المختنقة بسياراتها دوماً... وأخيراً وإن لم يكن آخراً، تأتي
لغة السائقين
وأحاديثهم وخاصّة التي تعبر عن صراعهم الأبدي مع سائقي الباصات العموميّة.
اليوم، يُراهن نجم الساحة السورية 'العكيد أبو شهاب' بشخص الممثل 'سامر
المصري'
على قدرة الدراما السوري في عكس الصورة أياً كانت هذه الصورة. إذ عاد
'المصري' إلى
أرشيفه الفني والتقط من الجزء الثالث في المسلسل الكوميدي 'بقعة ضوء'
الحلقة التي
قدّم فيها شخصيّة سائق التكسي 'يوميّات أبو جانتي'، وعاد إليه
-على ما يبدو- الصدى
الجماهيري الطيّب الذي خلفته هذه الشخصية. وعليه انطلق 'المصري' في التحضير
لمسلسل
كوميدي يحمل عنوان 'أبو جانتي'، سيراً على خطى شخصيتي 'أسعد وجودة' اللذين
انطلقا
كذلك من أحدى حلقات 'بقعة ضوء' لينتهيا مع المسلسل الناجح
'ضيعة ضايعة'، واليوم
يتابع أفراد طاقم هذا العمل تصوير الجزء الثاني منه.
من جهة ثانية، لم ينتظر 'العكيد' دعماً أو تمويلاً، فبعد غياب طويل
نسبياً، تعود شركة 'ورد' للإنتاج الفني،
والتابعة للفنان 'المصري' إلى دخول رهانات الحلبة الرمضانية من
خلال المسلسل الجديد
'يوميّات
أبو جانتي'.
وكان قد سبق للشركة وقدّمت عام 2008 مسلسل 'وجه العدالة'
المأخوذ عن أشهر مسلسل إذاعي عرفته سورية 'حكم العدالة'، وكان العمل
التلفزيوني من
تأليف المحامي هايل اليوسفي وإخراج قيس الشيخ نجيب، لكنه وللأسف لم ينجح في
كسر نسب
المتابعة التي حافظت على ولائها للإذاعة.
اليوم تخوض شركة 'ورد' رهانها
الإنتاجي بالاعتماد على مجموعة مقومات منها نجاح تجربة 'أسعد وجودة'، ومنها
النجاح
الجماهيري الذي حظيت به الحلقة الخاصة بشخصية 'أبو جانتي' في مسلسل 'بقعة
ضوء'،
والأهم أنها تراهن على اسم 'العكيد' ضمن شريحة واسعة من متابعي
الدراما التلفزيونية
السوريين والعرب. وفي هذا الصدد نذكر أنّ حلقة 'بقعة ضوء' قدّمت 'أبو جانتي'
أو 'ملك التكسي' كنموذج لابن الطبقة المتوسطة
اجتماعياً. شخصية تتصف بالشهامة وطيبة
القلب، والاندفاع في مساعدة الآخرين بعفوية فطرية، دون أيّة
غايات في مصلحة أو
منفعة شخصية. بالإضافة إلى كون مهاراته تتعدى ما يُطلب من سائق التكسي
العادي،
ليكون ماهراً في العديد من أمور الحياة اليومية.
والعمل على الشخصية في هذه
المستويات يراهن على الجماليات التي تنسجها الذاكرة عن صفات أو ملامح كُني
بها
أشخاص أيام زمان، وفقدت في عصرنا الحالي... كذلك يستفيد العمل
من الصفة السلبية في
شخصية سائق التكسي، ألا وهي الثرثرة الدائمة مع الركاب - وركابه يشملون
غالبية فئات
المجتمع، فالجميع يضطر في يوم ما لاستخدام التكسي، حتى وإن كان من ذوي
الدخل
المحدود جداً أو العالي جداً- ليحولها وسيلة كشف يَعرض من
خلالها أزمات ومشاكل
اجتماعية، ممّا يُصبغ صفاتٍ إيجابية على الشخصية وينقل الحديث من مستوى
'الثرثرة'
الكلامية الفارغة، إلى مستوى 'الحوار'
الدرامي الفاعل.
النقطة البارزة التي
يطرحها العمل، أنه يُعيدنا إلى زمن 'يوميات مدير عام' وسواه من مجموعة
أعمال
الدراما السورية القليلة التي حاولت النهوض استناداً إلى مفهوم
'النجم' الذي يسود
في الدراما المصرية مثلاً، حيث يُشهد للدراما السورية نجاح العديد من
أعمالها بفضل
قوّة حضور الجماعة، وقلّما عُرف عن عمل سوري أتى نجاحه -بقسم كبير منه-
استناداً
إلى اسم كاتب السيناريو وحده، أو اسم المخرج أو اسم أحد
الممثلين.
كذلك، تفيد
الأخبار بالنسبة لعكيد 'باب الحارة' أنه سيعود في الجزء الرابع من المسلسل
الجماهيري، لكن أبرز أخباره كانت ضمن الموجة التي تعصف بوجه
مسلسل 'الأسباط'
التاريخي. إذ وقفت عراقيل الرقابة أمام إتمام تصوير العمل الذي يتناول
مرحلة شديدة
الحساسية من تاريخ الإسلام، هذا على الرغم من حصول نص 'الأسباط' على موافقة
أكثر من
جهة تشريعية وفقهية في المنطقة العربية والعالم، لكن عدم حصوله على موافقة
جميع
الجهات الفقهية السنية والشيعية قاده إلى الهرب من سورية إلى
لبنان ومنها إلى
المغرب بهدف إتمام التصوير. أزمة التصوير هذه أجلت العمل عاما كاملا،
ليتابع
التصوير في الهند، وربما في الصين، لكن الخلفيّات التي نتجت عن ذلك شكلت
مانعاً
أمام مشاركة الفنان 'سامر المصري' في العمل بشخصية الإمام
الحسين، ومن جهة ثانية
يبدو أنّ أسباب التأخير قد تجاوزت عطالة الرقابة العربية لتشمل انعكاسات
الأزمة
المالية.
القدس العربي في
07/02/2010
فاتن حمامة في ما تلا الظهور الأول
نشرت مجلة «صباح الخير» (2 شباط 2010) مقاطع عدة من كتاب «فاتن حمامة
والعصر الذهبي للسينما المصري» منه نقتطف:
ظهر نجم فاتن حمامة لأول مرة على غلاف مجلة «المصور» فقد نشرت صورتها على
الغلاف وهي ترتدي زي ممرضة كملاك من ملائكة الرحمة. وكانت المجلة قد نظمت
مسابقة لاختيار اجمل طفلة، رأى صورتها المخرج السينمائي الكبير محمد كريم
فكادت الصورة ان تنطق «انا انيسة يا استاذ كريم» ليبدأ المخرج الكبير رحلة
البحث عن فاتن لتلعب دور انيسة الطفلة في فيلم « يوم سعيد» امام محمد عبد
الوهاب.
واستطاع كريم ان يقنع والد الطفلة الذي كان يعمل ناظراً لاحدى المدارس في
المنصورة بان تلعب فاتن دور انيسة، ونجحت بالفعل فاتن في تجسيد الدور؛
واصبحت مشهورة الى حد ان الناس كانوا يلاحقونها كلما مشت في شوارع المنصورة
ذاهبة الى المدرسة او عائدة منها فاتخذ والدها قراراً بأن تتفرغ لدراستها،
وقد احسّ ان «انيسة» افسدت على ابنته الصغيرة حياتها.
ويقول شيخ المخرجين الراحل محمد كريم: لما انتهى دور فاتن في «يوم سعيد»
وفي اليوم الذي اكملت فيه آخر لقطة شعرت بحزن واسى فقد ايقنت وايقن الجميع
اننا ازاء موهبة وان علينا ان نتعاقد معها لا لفيلم واحد بل بصفة دائمة،
وفعلاً تعاقد معها لمدة سنتين بمرتب شهري، لكن للأسف مضى شهر. . وسنة
وسنتان بل سنوات كثيرة ولم تظهر الطفلة العبقرية فاتن حمامة في السينما.
مضت هذه الطفولة الرائعة دون ان يستغلها احد مضت كطيف سريع الظهور.. سريع
الاختفاء».
ويبدو ان هذا الشعور العميق بموهبة فاتن هو ما دفع محمد كريم بعد ذلك بعدة
سنوات الى محاولة اقناع والدها بظهورها في السينما من جديد لتعود فاتن الى
السينما في فيلم «رصاصة في القلب» لتمثل دور الاخت الصغرى لراقية ابراهيم،
وكان الفيلم من بطولة محمد عبد الوهاب وكانت عودة فاتن هذه المرة ايذاناً
ببداية الرحلة الطويلة التي قطعتها صعوداً الى القمة والانفراد بالبطولة في
عشرات من افلام العصر الذهبي للسينما في مصر والعالم العربي.
والتحقت فاتن بمعهد التمثيل عام 1944 فكانت بين اعضاء الدفعة الاولى وكان
زكي طليمات قد انشأ المعهد عام 1929 بعد عودته من بعثة لدراسة التمثيل في
فرنسا وذلك اثناء تولي حسين سري باشا رئاسة الوزراء ولكن جاءت حكومة
اسماعيل صدقي بقبضتها الحديدية وقد تولى فيها حلمي عيسى باشا وزارة المعارف
فألغى معهد التمثيل بحجة انه سيتنافر مع تقاليد المجتمع المصري. ولكن زكي
طليمات نجح في اعادة افتتاحه عام 1944 وكانت فاتن أشهر من التحقوا به
ولكنها اضطرت لتركه قبل ان تكمل دراستها وذلك تحت ضغط العمل كنجمة سينمائية
تصعد الى القمة بسرعة الصاروخ.
وقد اجتذبت فاتن اهتمام استاذها الفنان زكي طليمات فسجل في كتابه «ذكريات
ووجوه» الذي اصدره عام 1982 لقاءه الاول بفاتن حمامة «رأيت شيئاً دقيق
الحجم ينمو بحساب دقيق ويؤلف قطعة من فتاة وسيمة وجه صغير بالغ الوسامة
كوجه العرائس الغالية، تتحرك فيه وبلا انقطاع عينان واسعتان يكمن وراءهما
قلق يدق وفضول لا ينقطع، واشرت قائلاً: «تعالي هنا يا عروسة» وقفت صاحبة
الوجه الذي يشبه العروسة وهي تحتج : «انا مش عروسة يا استاذ».
قلت: «طيب ما تزعليش، بكرة تبقى عروسة.. اسمك ايه؟
- لازم تعرفي بقى تطيري يا شاطرة؟
- يعني ايه؟
- مش انت حمامة؟!
- لا انا فاتن!
ويصور قلم زكي طليمات ثقة فاتن في نفسها، وقوة شخصيتها على حداثة سنها ويصف
احساسها بالكلمة فيقول: «انها تحس ما تقوله احساساً عميقاً، يرتسم على كل
اعضاء جسمها مثل صندوق آلة الكمان او العود الذي يهتز بكل كيانه عندما
تلامسه ريشة العازف».
المستقبل اللبنانية في
07/02/2010 |