قبل ايام قليلة من انتهاء فعاليات مهرجان ميونيخ السابع لافلام البحر
المتوسط في ميونيخ في الفترة من (13 يناير الي 31 يناير 2010)، حقق
المهرجان نجاحا ملموسا، تمثل في ذلك الاقبال الكبير من المشاهدين الالمان
والعرب علي حد سواء.
مجموعة الافلام التي عرضت في المهرجان كانت باقة مختارة من افلام عربية
مميزة تهتم بقضايا فكرية، واجتماعية تشغل بال تلك المجتمعات ـ وهو الامر
الذي اتاح للمشاهد الألماني الإلمام بتلك القضايا الشائكة.
الفيلم المصري "حسن ومرقص" بطولة الفنانين المصريين الشهيرين عادل إمام
وعمر الشريف عرض في اول أيام المهرجان، وهو فيلم يسلط الضوء علي قضية
الطائفية في مصر التي تشتعل بين حين وآخر بين الأقباط والمسلمين. إمتلأت
القاعة بالمشاهدين الألمان الذين أتوا خصيصا لفهم شئ مما يدور بين أقباط
ومسلمي مصر، خاصة وان عرض الفيلم واكب تداعيات تلك الاحداث الطائفية التي
كان جنوب مصر مسرحا لها مؤخرا.يحكي الفيلم قصة رجلين احدهما مسلم و
الآخرمسيحي يتشابهان في الأعتدال الفكري ونبذ العنف المغلف بإطار ديني، لكن
حياتهما لا تسيران كما يريدان ففكر "بولس" او رجل الدين المسيحي الذي يمثله
الفنان عادل امام لاترضي المتشددين المسيحين، لذلك يحاولون التخلص منه
باغتياله، وهي نفس الصورة التي يتعرض لها رجل الفيلم المسلم الذي يقوم
بدوره الفنان عمر الشريف، إذ يرفض أن يتولي إدارة جماعة دينية ضالعة في
الارهاب، وتصبح حياته في خطر عندما يقابلون رفضه بتفجيرمحل العطارة الذي
يمتلكة، عندئذ يجد أمن الدولة المصري حلا لحماية الاثنين وذلك بتغير محل
الأقامة والهوية الدينية فيصبح المسلم مسيحي والمسيحي مسلم وهو محور الفيلم
الاساسي الذي يأخذنا الي مشاهد ضاحكة من خلال ممارسة كل منهما لطقوس الآخر،
وتبدو رسالة الفيلم الداعية الي التسامح واضحة في تلك الفرضية التي نتجت عن
أسلمت المسيحي وتنصير المسلم وهي نقطة حاول الفيلم معالجتها في اطار كوميدي
يظهر الفوارق بين الجانبين، التي برغمها لايستطيعان التخلي عن بعضهما البعض
لانهما نسيج واحد في مجتمع واحد، ويسير الفيلم علي هذا المنوال حتي يصل الي
قمته الدرامية عندما تضطرم نيران فتنة طائفية تجعل عادل إمام يهم بإنقاذ
زوجة عمر الشريف وابنته..وبدوره يقوم عمر الشريف بإنقاذ زوجة عادل إمام،
وهنا تبدو رسالة الفيلم واضحة في تبادل المصالح بين الجانبين وإستحالة
العيش بمعزل عن الآخر.
القضية الفلسطينية
أما الفيلم الفلسطيني "عجمي" بطولة اسكندر قبطي ويارون شاني فقد سبق وحاز
العديد من الجوائز، والفيلم ايضا لاقي قبولا وحضورا من الجماهير الألمانية،
تجري احداثه في حارة العجمي الشهيرة في يافا في ظل تقاليد واعراف قبائلية
عريقة يتمسك بها اهل الحارة، لكنها تصطدم مع قوانين دولة اسرائيل التي
يخضعون لها، وفي نفس الاطار يحاول الفيلم التركيز علي سلبيات المجتمع
العربي الأسرائيلي من خلال المكاشفة الصريحة التي تجري في إظهار عدم إحساس
الاهالي العرب في هذا الحي بانتمائهم الي مؤسسات الدولة الأسرائيلية ومن ثم
إظهار العداء المتبادل بينهم، والاهمال المتعمد لشباب الحي من قبل اسرائيل،
وفي سياق آخريتطرق الفيلم الي مخاوف الفلسطينين من ضياع الهوية الفلسطينية
عن طريق المشاهد المتعمدة والتي تظهر دخول اللغة العبرية الي أحايث الناس
بالتوازي مع لغتهم العربية حتي ان المواطن العربي الاسرائيلي في هذا الحي
أصبح يدمج اللغتين معا في أحاديثه ونقاشاته.
الهجرة عبر الصحراء
فيلم المهرجان الجزائري "القبلة" للمخرج طارق تقية، هو عبارة عن مشاهد
صحراوية رائعة الجمال تسير بالتوازي مع قصة الفيلم التي تعالج مشكلة الهجرة
السرية عبر شواطئ المتوسط الممتدة بامتداد الجزائر، فالفتاة النيجيرية
السمراء بطلة الفيلم تحاول عبور ضفة المتوسط باتجاه اسبانيا وتتعرف
بالمهندس الجزائري "مالك" الذي يعمل بموقع نائي في الصحراء الجزائرية
وتتوالي الاحداث والمشاهد الي ان تصل الي النقطة الحاسمة في قرار "مالك"
بمساعدة الفتاة في الهروب عبر طرق وشعاب وعرة تظهر جمال وروعة الصحراء،
كذلك انتصار الانسان علي الصعوبات التي تواجهه من اجل تحقيق حلم الهجرة.
فيلم المخرجة المصرية نادية كامل "سلاطة بلدي" هي المرة الثانية لعرضه في
مهرجان في ميونيخ والفيلم يتناول قضايا تتعلق بالدين والهجرة وإختلاط
الأنساب والديانات والأجناس.. كل ذلك يأتي من خلال قصة عائلة عبلة كامل
مخرجة الفيلم نفسها، فالجدة "ماري" ولدت نصف يهودية مصرية ونصف مسيحية
إيطالية وتزوجت مسلما.. وتمر احداث الفيلم عبر سنوات العمر اذ تقرر ماري
فجأة الرغبة في زيارة اقاربها اليهود في اسرائيل وهو القرار الذي لم يحظي
بموافقة اقاربها المسلمين، غير ان الفيلم يكشف حقيقة مصر متنوعة الاعراق
والاديان في اعوام الثلاثينات والاربعينات ففيها إيطاليون ويهود ولبنانيون
ويونانيون، وتبدو اثارة الفيلم في قيام المخرجة بزيارة افرع العائلة في دول
مختلفة ومحاولة مقارنتهم ببعضهم البعض، وقد وجدتهم في النهاية متسامحين
متشابهين في كثير من العادات التي نبعت من أصل العائلة الواحد رغم انهم
عندما يتحدثون الي بعضهم البعض تصبح لغتهم مزيج مختلط من لغات تلك الاوطان،
ومضمون الفيلم يبدو واضحا في انه رسالة إنسانية خاصة تؤكد تشابه الاديان في
رسالتها الانسانية الموحدة ضد القمع والاضطهاد.
زواج مختلط
آخر الافلام الهامة هو الفيلم الفرنسي "نية سيئة" للمخرج الفرنسي رشدي زيم
ـ يدور بين قصة حب تجمع بين "اسماعيل" مدرس الموسيقي المسلم ذو الاصول
العربية و"كلارا "اليهودية، وتظل علاقاتهما مستترة الي اللحظة التي تحمل
كلارا في احشاءها جنينا من اسماعيل، وعندئذ يدور صراع بينهما حول جنسية
المولود، ففي الوقت الذي تري فيه كلارا انه يكفي ان يكون المولود فرنسيا
الا ان اسماعيل يرغب ان يكون مسلما، وعندئذ يحتدم الصراع بينهم ويشهد
الفيلم خلافا كلاسيكيا كثيرا مايحدث في قصص الزواج المختلط.
إيلاف في
27/01/2010
ثقافات / سينما
وثائقي في مهرجان "ساندانس" يروي حكاية بطلة تايكواندو
ايرانية
أ. ف. ب. / بارك سيتي من رومان رينالدي
تسعة اشهر من الاستعدادات والتحضيرات للمشاركة في الالعاب الاولمبية في
بكين امضتها بطلة التايكواندو الايرانية سارة خوش جمال مع مدربتها،
استعادها شريط وثائقي عرض في مهرجان "ساندانس"، في رواية رياضية وبورتريه
في آن معا رسم ملامح شابة ايرانية معاصرة.
وقدم فيلم "كيك ان ايران" الفرصة لمخرجته فاطمة غزة عبد اللهيان، وهي من
اصول ايرانية، لكي تشارك لاول مرة في تاريخها بالمسابقة الرسمية في هذا
المهرجان للسينما المستقلة، المستمر الى الاحد في بارك سيتي (يوتاه، غرب
الولايات المتحدة). وقالت المخرجة ان مشاركة سارة خوش جمال في الالعاب
الاولمبية في بكين شكلت حدثا "كبيرا في ايران تناولته كل الصحف، غير ان ثمة
ايرانيين كثرا لم يعوا قيمة هذا الامر والجهد الذي يتطلبه التأهل الى
الالعاب الاولمبية". وهذا الامر كان احد الحوافز التي دفعت المخرجة الى
انجاز وثائقي ارادته "حكاية تقص ايران والمجتمع الايراني". وتشير فاطمة غزة
الى انه "تعين على سارة ومدربتها ازارميهر دفع اثمان اكبر من سواهما من
الرياضيين في دول اخرى، بغية تحقيق مبتغاهما"، ومن بين هذه الاثمان ارتداء
الحجاب والتدرب ضمن مجموعات نسائية حصرا، ذلك انهن "لا يملكن حق التدرب مع
رجل، سوى في حال كان الزوج او الاب او الشقيق".
وفي ظل هذه الظروف، لا يمكن للنساء اللواتي يمارسن رياضة التايكواندو في
ايران الهرولة في الشوارع كما تفعل باقي الرياضيات، كما انها لفرصة نادرة
حقا ان تستطيع سارة التي تبلغ اليوم الحادية والعشرين، وقد عادت من بكين من
دون نيل اي ميدالية، ان تجد مدربة من مستوى وصفات ازارميهر.
وتقول المخرجة ان المدربة "بدأت ممارسة هذه الرياضة في الثامنة عشرة وتعلمت
كل تفصايلها بفضل زوجها" وهو بطل تايكواندو. كانت الحيثيات تاليا اكثر
صعوبة في ظروفها مما كانت عليه بالنسبة الى سارة". تشرح ما ترمي اليه "كانت
تلك السنوات اللاحقة لقيام الثورة الايرانية، ولم يكن يحق للنساء الخروج من
منازلهن بعد هبوط الليل حيث احتجزن لأوقات اطول مما يجري راهنا".
غير ان المرأتين وجدتا بعضهما. تقول فاطمة "تفهم كل سيدة ما تبحث عنه
الاخرى". لتضيف "لا يمكن لازارميهر تحقيق حلمها من دون سارة"، وتدرك
الاخيرة ان "نساء قلائل في ايران يستطعن جعلها تحقق هدفها الا وهو نيل
الميداليات الذهبية".
ورغم الصعوبات والحواجز، لم تفكر سارة يوما في سلك طريق المنفى كحل لممارسة
هذه الرياضة بحرية مطلقة.
وتلفت المخرجة الى ان اسرة الرياضية "رائعة حقا وتوفر لها الدعم، فضلا عن
ان الشابة تفيد ايضا من وجود مدربة رائعة الى جانبها". لتردف "تواجه مشاكل
اكبر من الرياضيين الاخرين في دول اخرى من دون شك، غير ان الايرانيين
يدركون تماما انه في حال غادروا بلدهم، سيصيرون مواطنين من الدرجة الثانية
في الخارج".
غير انها تقر بأن وضعهن كنساء ورياضيات محترفات في ايران من شأنه ان يضعهن
في موقف التباس فعلي، وتقول في هذا الصدد "من جهة فان هاتين السيدتين
وطنيتان الى اقصى حد، ومن جهة ثانية هما تعارضان مجتمعا لا يمنحهما ما
تستحقانه". وتضيف فاطمة "ان سارة ليس مسيسة جدا (...) انها تتمتع بذكاء
حاد، وتعي كل ما يجري حولها، في حين تدرك ايضا ان ليس بيدها حيلة لتبديله".
اما ازارميهر ابنة الجيل السابق، فتقارب الموضوع على نحو مختلف جدا "انها
معارضة اكثر مما تبينه. لا تتردد في اتخاذ موقف سياسي من كل ما يحصل"،
مضيفة "لهذا السبب تمارس هذه المهنة. تدرك تماما انها لا تقوم بنشاط رياضي
فحسب وانما تساعد النساء على تحقيق ذواتهن".
إيلاف في
30/01/2010 |