إذا كان ثمة أعمال تلفزيونية دائماً، توثيقية على وجه الخصوص، تعتبر
علامات، ليس فقط في تاريخ التلفزة العالمية، بل كذلك في تاريخ الفنون ككل،
وسبق ان استعرضنا نماذج منها في هذه الصفحة بالذات، فإنه ليس من المعهود،
في شكل عام القول إن ثمة في هذا التاريخ التلفزيوني نفسه أعمالاً درامية
تحسب ضمن العلامات الانعطافية، حتى وان كان ثمة أعمال دائماً من هذا النوع
سجلت حضوراً ما.
ومع هذا فإن ثمة ذكرى ستمر بعد شهور قليلة من عام 2010، تتعلق تحديداً
بعمل فني استثنائي على أوجه عدة، منها أنه كان أول عمل درامي بث من الشاشة
الصغيرة مباشرة، في وقت كانت هذه الشاشة لا تزال تحبو خطواتها الأولى. كان
ذلك في تموز (يوليو) من عام 1930، وعلى شاشة «بي بي سي» تحديداً. ذلك أن
هذه المحطات، وبعد فترة يسيرة جداً من ظهور الشاشة الصغيرة، وجدت ان الوقت
قد حان كي تبدأ بث أعمال فنية حقيقية. أما الاستثناء في الأمر، عدا ذلك
الظرف التاريخي، فكان في الاختبار الحاسم الذي وقعت عليه القناة الإنكليزية
التي صارت مخضرمة بعد ذلك: فهي لم تختر السهولة، بل لجأت الى مسرحية من فصل
واحد من كتابة لويجي بيرانديللو عنوانها «الرجل الذي لديه زهرة في فمه».
تفاصيل هذه المسرحية يمكن القارئ قراءتها في صفحات أخرى من «الحياة»، في
زاوية «ألف وجه لألف عام».
أما ما يهمنا من الموضوع في هذه العجالة، فهو واقع يتعلق بالتقديم
التلفزيوني
لهذا العمل الذي لم يكن تنفيذه وبثه بالأمر السهل في ذلك الحين، كما ان
استقباله لم
يكن بالأمر الهين بالنسبة الى جمهور وجد نفسه، في أول لقاء مع الدراما
التلفزيونية،
أمام موضوع يدور من أوله الى آخره حول... الموت. يومها كان البث على الهواء
مباشرة
لذلك العمل الذي أخرجه فال جيلفور، وكانت شخصياته الأساسية
ثلاثاً، ولا تزيد مدة
عرضه عن نصف ساعة.
المؤسف طبعاً هو ان هذا العمل الذي صور وبث بالأبيض والأسود وبتقنية
الـ «30
خطاً»، فقد تماماً إذ لم يبقَ منه أثر كبير. ومع هذا جاء تقني تلفزيوني
يدعى بيل
اليوت، ليستخدم بقية ما تبقى من العمل ويحقق انطلاقاتها «إعادة تركيب». بثت
للمرة
الأولى عام 1967، ثم أعادت قناة «غرانادا» الإنكليزية بثها
محسنة عام 1985 في سلسلة
عن تاريخ التلفزة. والمتوقع في صيف عام 2010، أن يبث الشريط، بعد تحسينات
تقنية
إضافية، لمناسبة الذكرى الثمانين لتحقيقه. أما ما يمكننا هنا أن نتوقف
عنده، فإنما
الاختيار نفسه: فـ «بي بي سي» حين أرادت أن تبث لجمهورها عملاً
جديداً، يخلق بدايات
لتاريخ طويل من الدراما التلفزيونية، اختارت نصاً لمبدع أوروبي كبير،
وأسندته الى
مبدعين إنكليز. وبهذا أسست هذه المحطة علاقة زاهية بين التلفزيون والإبداع
الحقيقي،
تدفعنا الى التساؤل اليوم: أين صار هذا كله؟ أين صار حاضر الإبداع الحقيقي
على
التلفزة؟ ثم، إذ نعيد التذكير بهذه الحكاية، نطرح سؤالاً
بسيطاً: إزاء هذا الواقع
التاريخي هل يحق لأحد أن يستغرب النجاح الكبير، وعلى الصعيد الإبداعي
والدرامي،
الذي لا يزال يواكب إنتاجات «بي بي سي» حتى اليوم؟
الحياة اللندنية في
21/01/2010
الأرض تهتزّ في القاهرة:
مريم (الإيرانية) مرّت من هنا
محمد عبد الرحمن
غالباً ما يحتفي العاملون في قطاع الآثار بزيارة مريم العذراء ويوسف
ويسوع إلى مصر، باعتبارها من الأحداث الدينية التاريخية التي تجذب أنظار
السيّاح العرب والأجانب. إلا أنّ زيارةً من نوع آخر قامت بها مريم، لكن هذه
المرة على شاشة التلفزيون، وتحديداً على قناة «ميلودي دراما». إذ كما كان
متوقعاً، أثار عرض «مريم المقدسة» أول مسلسل إيراني على شاشة مصرية، نقاشات
عدّة في ظلّ العلاقة السياسية المتوتّرة بين البلدَين. أضف إلى ذلك أنّ
صنّاع الدراما المصرية أعربوا عن انزعاجهم من المسلسل، في وقت يعملون فيه
جاهدين على تسويق أعمالهم المحلية في مواجهة المدّ الدرامي السوري ثمّ
التركي.
وفيما تردّد أنّ النسخة الأصلية من المسلسل أظهرت وجه مريم التي
جسدّتها الممثلة الإيرانية شبنم قلي خاني، كما أظهرت وجه النبي زكريا،
استَبدلت النسخة المصرية وجهَي هاتين الشخصيتَين بهالتين من نور.
ورداً على الشائعات التي حامت حول العمل، أكّدت المتحدثة الإعلامية
باسم قنوات «ميلودي» نسمة قطب لـ«الأخبار» أنّ المسلسل لم يتوقّف بسبب
الهجوم عليه، بل لأنّ عدد حلقاته كان 15 فقط، وبالتالي انتهى العرض في
الوقت المحدّد.
يرفض المنتقدون عرض هذه المسلسلات لأنّها تحتوي على أفكار شيعية!
لكن عرض حلقات العمل كاملةً لم يمنع المنتقدين من رفع أصواتهم في وجه
هذا النوع من المسلسلات. هكذا، أكّد عدد كبير من صنّاع الدراما المصرية
رفضهم عرض هذه الأعمال على الجمهور المصري، لأنها من إنتاج إيراني أولاً،
ولأنّها تحتوي على أفكار شيعية ثانياً! واستفاض المنتقدون في شرح الأسباب
التي تحتّم عدم عرض هذه الأعمال، منها أنّ إيران تدعم الدراما المحلية بهدف
التواصل مع العالم العربي ونشر الأفكار الشيعية بطريقة غير مباشرة. كذلك
فإنّ الدراميين العرب لم يعودوا مهتمّين بالدراما الدينية التي تكلّف
أموالاً طائلة. وقد أحجم عنها المنتجون أخيراً بعد سنوات من التألق على يد
السوريين. لذلك، يرى المعترضون أن الباب أصبح مفتوحاً للدراما الإيرانية
التي تخصصت في هذا المجال. وبحسب هؤلاء، فإنّ إيران تبيع مسلسلاتها بأسعار
منخفضة بهدف الدخول إلى السوق العربية. وهو ما أكّدته رئيسة قناة «ميلودي
دراما» نانسي يوسف في تصريحات سابقة. وأعلنت أن القناة تبحث عن التميّز ولا
تمانع عرض أي مسلسل سوري أو تركي أو إيراني. وأضافت إنّ عدداً من رجال
الدين شاهدوا العمل قبل عرضه، ولم يجدوا مشكلة في عرضه للجمهور، إلى جانب
عدم اعتراض الأزهر.
وفيما اجتازت «ميلودي دراما» بنجاح عقبة تمرير «مريم المقدسة»، انطلقت
تساؤلات عن إمكان المخاطرة بعرض المسلسل الإيراني الشهير «يوسف الصديق»،
الذي يروي قصة النبي يوسف، ويُعرض باستمرار على قنوات «الكوثر» و«الغدير»
الشيعيتين.
الأخبار اللبنانية في
21/01/2010
الدراما المصريّة تشرِّع «أبواب الخوف»
محمد عبد الرحمن
آدم ياسين صحافي شاب مولع بالاتصال بـ«العوالم الأخرى». وهذه الأخيرة
ليست قراءة الغيب ولا الشعوذة، بل إيمان بأنّ الإنسان لا يعيش وحيداً على
سطح الأرض، وأن هناك وقائع عدّها الناس قبله غامضة وتغاضوا عن سبر أغوارها.
ولكن آدم ياسين اختار مخالفة السائد، وقرّر السعي إلى البحث عن أسرار هذه
الوقائع. كلّ هذه الأحداث تدور في مسلسل «أبواب الخوف»، من بطولة عمرو واكد
ونخبة كبيرة من الممثلين، وإخراج أحمد خالد وإنتاج شركة «الكرمة»، التي
اعتادت في الآونة الأخيرة الدخول في مغامرات درامية متعددة المسارات.
المسلسل الذي يُعدّ أول عمل درامي عربي يحمل تصنيف «رعب»، يدور في 15
حلقة حول مغامرات صحافي يعمل في جريدة أسبوعية، ويحاول إقناع رؤسائه بأنه
قادر على الكتابة عن مواضيع جديدة ومبتكرة، لم تهتمّ بها الصحافة قبلاً.
هكذا يدخل في كل حلقة مغامرة جديدة لكشف غموض جريمة أو ظاهرة طبيعية، لا
تزال تحيّر معاصريها. ويستمدّ الشاب شجاعته من جدّه (جميل راتب) الذي كرّس
حياته للتقرّب من المخلوقات الغريبة التي تشارك الإنسان حياته.
ومع أن كل حلقة تحمل قصة جديدة، فإنّ المسلسل لا يُعدّ من الأعمال
المنفصلة الحلقات، لأن الخط الدرامي ومسيرة الصحافي من البداية إلى النهاية
مستمرّان لا ينقطعان، فيما تختلف الواقعة المثيرة للرعب من حلقة إلى أخرى.
ورغم قرار الشركة المنتجة تصوير 15 حلقة فقط، فإنّ فكرة تصوير مواسم أخرى
قائمة، وهي رهن بردّ فعل المشاهد العربي تجاه العمل الذي لن يعرض في رمضان
بكل تأكيد.
ولا يزال قرار وضع عبارة «للكبار فقط» على الشاشة مرهوناً بوجهة نظر
القناة، التي ستشتري حق عرض المسلسل من بين قنوات عدة تتفاوض حالياً للحصول
على العمل، الذي بدأ تصويره في نيسان (أبريل) الماضي. وشرح عمرو واكد، سبب
هذه الفترة الطويلة التي يستغرقها التصوير قائلاً إنها طبيعية «نظراً إلى
اختلاف المضمون عن السائد وكسر الشكل التقليدي للدراما المصرية، حيث يجري
التعامل مع كل حلقة على اعتبارها فيلماً مستقلاً». وأضاف إنّه تُستخدم
كاميرا عالية الجودة وعدسات سينمائية، إضافةً إلى أن لكل حلقة مؤثرات صوتية
وبصرية و«غرافيك» خاص بها. ويعوّل واكد على هذه الحلقات كثيراً لإحداث تطور
تحتاج إليه الدراما العربية في مواجهة الدراما الأميركية والدراما التركية،
اللتين جذبتا الجمهور بمضمونهما المختلف من جهة، والتقنيات التي غيّرت شكل
الشاشة أمام أعين المشاهدين من جهة أخرى.
رجل المغامرات
فسّر الفنان المخضرم جميل راتب (الصورة) مشاركته في «أبواب الخوف»،
الذي تديره مجموعة من الشباب الذين لا يملكون خبرة كبيرة، بأنّه ممثل محبّ
للمغامرات، وأن النص لفت انتباهه كثيراً. وأضاف إنّ شخصيّة الجدّ لم تقدّم
بهذه الصورة قبلاً. ويؤكّد ترقّبه لرد فعل الجمهور على «أبواب الخوف»، لكون
العمل هو الأول من نوعه... لافتاً في الوقت عينه إلى أنّ السينما والدراما
في مصر تحتاجان إلى المخرجين الشباب القادرين على تقديم الصدمات إلى
الجمهور، وعدم استسهال العمل الدرامي من خلال الاتكال على اللعب على
المضمون فقط.
الأخبار اللبنانية في
21/01/2010
رحيل الكاتب الأميركي إريك سيغال
كتب "قصة حب" خالدة لم تتكرر
كوليت مرشليان
توفي الكاتب الأميركي إريك سيغال الذي اشتهر عالمياً بروايته "قصة حب"
أو "لاف ستوري" التي تحولت فيلماً سينمائياً مؤثراً في العام 1970. وقد رحل
عن عمر يناهز 72 عاماً، في منزله في لندن بعد اصابته منذ سنوات أيضاً بمرض
الباركنسون.
ولد سيغال في بروكلين عام 1937 ودرس في جامعة هارفرد حيث نال
الدكتوراه في الادب المقارن.
وكان يمارس مهنة التدريس في "جامعة يال" و"جامعة برنستون" حين أصدر
روايته "قصة حب" التي سرعان ما تم اقتباسها للسينما في نفس العام وحصدت له
شهرة عالمية. وكان قد كتب قبله سيناريو فيلم "يللو سابمارين" لفرقة "البيتلز".
وتبع كتابه "قصة حب" رواية "قصة اوليفر" عام 1972 ورواية "رجل، أمرأة،
ولد" عام 1980، و"الصف" عام 1986 و"أطباء وخدمات" عام 1988.
اما في السيناريو، فقد كان له العديد من التجارب، فهو كتب سيناريو
فيلم "يللو سابمارين" لفريق "البيتلز" عام 1968 و"الألعاب" عام 1970
و"جنيفر في عقلي" عام 1971.
اما فيلم "لاف ستوري" الشهير الذي كتبه سيغال، فقد ترشح عام 1970
لأكثر من جائزة وتحديداً سبع جوائز أوسكار من ضمنها جائزة السيناريو لإريك
سيغال، وفاز بجائزة الموسيقى التصويرية التي كتبها في حينها الموسيقي
الفرنسي فرنسيس ليا.
أما "قصة اوليفر" فهي الجزء الثاني من "قصة حب" تابع فيها سيغال سيرة
بطله بعد وفاة حبيبته وسارعت هوليوود الى تحويل الرواية الى فيلم سينمائي
عام 1978 غير ان الفيلم لم يلق النجاح الذي حظي به فيلم "قصة حب" حيث عالج
سيغال قصة فتاة تصاب بمرض السرطان، وهي في أوج قصة حب مع صديقها الذي سرعان
ما يتزوجها ويعيش معها فترة قصيرة يودعها بعدها على لحن خالد صار لحن الحب
في العالم أجمع، وصار فيلم "لاف ستوري" من بطولة الممثل راني اونيل
والممثلة آلي ماكغرو وكأنه اسطورة "الحب الخالد". وقد اشتهر سيغال بجملة له
أطلقها على لسان بطله في الفيلم: "الحب يعني ان لا نقول أبداً لمن نحب نحن
آسفون".
وقد توفي سيغال ليل الأحد الاثنين الماضي غير ان العائلة لم ترغب في
نشر الخبر للصحافة الا بعد مراسم الجنازة بعد يومين حيث ان العائلة فضلت
الاجواء البسيطة والعائلية الحميمة لوداعه حسب وصيته الاخيرة. وصباح
الاربعاء نعته الصحافة في العالم ووصفته على انه "صاحب أجمل قصة حب في
العالم". غير ان المرض قد اصابه منذ ثلاثين عاماً ما جعله يفقد نشاطه
وقدرته على الكتابة، فقد أصيب بمرض الباركنسون وقد أكدت ابنته خلال جنازته
في كلمة عنه انه "كافح ليتنفس وكافح للبقاء حياً" في كل دقيقة من سنوات
المرض الثلاثين الأخيرة في حياته بعناد وصلابة وعقل متوهج وتلك شهادة على
الجوهر الذي كان يمتلكه وعلى حسّه بالمسؤولية الذي جعله يتابع شؤونه
التدريسية في الجامعة وكتاباته بالصلابة ذاتها، طوال فترة مرضه، والجدير
ذكره ان فيلم "لاف ستوري" قد سجل أرقاماً قياسية في العالم في نسبة مشاهدته
وهو لا زال على قائمة أجمل قصص الحب في العالم.
المستقبل اللبنانية في
21/01/2010 |