تغيب السينما الاردنية بمفهومها الروائي عن الساحة الفنية العربية ،
رغم امتلاك مجموعة لا يستهان بها من الكوادر الفنية الاردنية خبرات
سينمائية مهمة ، وتبقى التجارب السينمائية الاردنية التي ظهرت للعيان خجولة
، كان اولها فيلم "صراع في جرش" الذي انتجته مجموعة من الشباب المتحمسين في
العام 1959 وعرض في العام 1962 بعد مخاض عسير رافق التصوير والعرض ، حيث
يمكن تقسيم تاريخ صناعة الأفلام الروائية الطويلة في الأردن إلى أربع محطات
رئيسة هي: المرحلة الأولى 1957( - )1968 هي تلك التي سبقت تأسيس التلفزيون
الأردني كما في فيلم (صراع في جرش) و(وطني حبيبي) للمخرج عبد الله كعوش ،
والثانية 1968( - )1976 هي مرحلة إنتاج أفلام طويلة من مقاس 16 ملم من قبل
التلفزيون الأردني مثل أفلام (الأفعى) لجلال طعمه و(الشحاذ) لمحمد عزيزية ،
والمرحلة الثالثة 1976( ـ )1991 وهي حقبة إنتاج الفيلم الروائي الطويل
المعنون (حكاية شرقية) لنجدة أنزور بأسلوبية كاميرا 16 ملم العام 1991 ،
والمرحلة الرابعة التي بدأت بانتاج الفيلم الاول للمخرج فيصل الزعبي الذي
يناقش ظاهرة جرائم الشرف بعنوان "جميلة" عام 2005 ، ومستمرة حتى الان ،
وصولا الى العام 2008 الذي فتح الباب على مصراعيه امام حقيقة انتاج افلام
اردنية روائية عبر المخرج امين مطالقة الذي قدم فيلم "كابتن ابو رائد" الذي
حقق رواجا عربيا كبيرا ، فحصل على عدة جوائز اهمها من مهرجان دبي
السينمائي.
بداية حقيقية
قد يشكل فيلم "الشراكسة" للمخرج محي الدين قندور المقرر عرضه بداية
شهر اذار المقبل ، بداية حقيقية لصناعة السينما في الاردن ، خاصة وان
الفيلم صور بمعدات عالمية وقاربت كلفة انجازه حتى الان مليونين ونصف
المليون دولار امريكي ، وله نسختان الأولى بالعربية والثانية بالشركسية
إضافة الى ترجمته إلى لغات أخرى ليتسنى عرضه في مهرجانات سينمائية عالمية
وفقا لما يقوله مخرج الفيلم محي الدين قندور ، الذي يؤكد بدوره أن هناك
اهتماما بالفيلم من السوق الأوروبي ومن دول شرق اسيا وبعض الدول مشيرا الى
بيع الفيلم من الان الى روسيا. ويتفق المخرج عصام حجاوي مع القول ، بأن
فيلم "الشراكسة" سيحقق نضوجا مهما ، في سبيل انجاح التجربة الاردنية في
صناعة الافلام الروائية الطويلة ، كما سيفتح الباب امام اخرين للولوج
والمغامرة في هذا الجانب.
غياب الانتاج
الناقد السينمائي ناجح حسن يرى ان عملية صناعة الافلام الروائية ،
تعثرت لعدة عوامل من اهمها غياب جهة الانتاج ، فضلا عن ذائقة الجمهور التي
توجهت للسينما السائدة (الفيلم المصري) الذي نجح لوحده عربيا عن باقي
اقرانه ، لان له بنية تحيتة قوية ساهم في تأسيسها المؤسسات الرسمية في مصر
، خاصة وان صناعة السينما مكلفة ، ما جعل جهات الانتاج الاردنية تفضل
الولوج لعالم الصناعة التلفزيونية. ويبين حسن ان هاجس صناعة سينما اردنية
ظل هاجس بعض الشباب المبدعين الذين قاموا بمحاولات فردية ، لكن بقيت هذه
المحاولات دون مردود مالي يتفق مع ما تم صرفه على تجهيزها ، كما يعتقد حسن
ان صناعة السينما الاردنية قد تزدهر في حال تنوعت موضوعات الافلام
المطروحة.
الهيئة الملكية للأفلام
من جهتها اشارت ندى دوماني من الهيئة المكلية للافلام ، ان الهيئة في
سبيل تحقيق اهدافها بخدمة صناعة الافلام في الاردن ، حيث تقوم بتدريب
الموهوبين على مختلف مراحل صناعة الافلام ، من كتابة سيناريو وتصوير
ومونتاج ، فضلا عن توفير معدات التصوير كاملة مجانا ، ولفتت دوماني النظر
الى ان الهيئة ايضا توفر مجانية ورشات التدريب سعيا منها للمساهمة في خلق
حالة ابداعية. وبينت دوماني ان الهيئة اوقفت هذا العام العمل بمشروع صندوق
تمويل الافلام ، لعدم حصولها على دعم حكومي كاف ، مشيرة الى سعي الهيئة الى
تطبيق المشروع في اقرب فرصة متاحة. واوضحت دوماني ايضا ان الافلام الروائية
الطويلة تحتاج لمعدات تصوير مكلفة ومتقدمة ، غير متوفرة حاليا لدى الهيئة ،
مشجعة المحاولات الفردية التي تتم حاليا من قبل بعض المخرجين للخروج بافلام
اردنية روائية طويلة بجهد ذاتي ، مبينة ان الهيئة تقوم بدعم اصحاب هذه
المشاريع وفق امكانياتها. وحول توجه بعض المخرجين للافلام القصيرة
والوثائقية ، تعتقد دوماني ان السبب يعود لان انتاج هكذا افلام اقل كلفة
واقل تعقيدا ، كما ان نجاح مثل هذه التجارب تغري اصحابها للولوج للافلام
الروائية الطويلة.
وكان عام 2005 شهد مسيرة (معا من اجل سينما اردنية) بمشاركة فنانين
عرب ، بهدف تشجيع السينما الاردنية ، بالتوازي مع محاولات جادة لصناعة
سينما اردنية تقوم بها الهيئة الملكية للافلام التي تأسست في العام 2003 ،
حيث تهدف الهيئة ذات الاستقلال المالي والإداري التي يديرها مجلس مفوضين
برئاسة الأمير علي بن الحسين ، إلى المساهمة في تنمية وتطوير قطاع الإنتاج
السينمائي والتلفزيوني على مختلف أنواعه.
كما تشجع الهيئة الإبداع وحرية التعبير من خلال توفير فرص تأهيل
وتدريب للفنانين الشباب الموهوبين. كما تسعى إلى تشجيع التبادل والتفاهم
الثقافي من خلال ترويج المملكة كمركز جذب استثماري لمشاريع الإنتاج الاجنبي
في الاردن وتطوير البيئة المناسبة لتلك المشاريع ، وقد اكتسبت الهيئة
العضوية الكاملة بالجمعية العالمية للهيئات السينمائية (AFCI)
كأول عضو شرق أوسطي فيها.
الدستور الأردنية في
21/01/2010 |