قدم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن فعاليات مهرجان القرين
السادس عشر المقام حاليا فعالية سينمائية إماراتية بالتعاون مع نادي الكويت
للسينما، وعكس الجمهور الذي حضر الفعالية حبه للتغيير في عالم السينما
وبحثه عن الجديد في هذا العالم السحري.
عرض في السهرة السينمائية أربعة أفلام إماراتية من إنتاج شركات
ومؤسسات إنتاج خاصة وبدعم وتمويل من مؤسسات مالية حكومية واستثمارية، بدأ
العرض بفيلم «باب» إخراج وليد الشحي، تحدث برمزية مملة عن طفل يعيش حياته
بيأس ورجل يبحث عن باب بيته الذي جرفه سيل عارم، هذا ما فهمناه من الفيلم.
أما سوى ذلك فهو في قلب المخرج والكاتب ولا يعلمه سواهما.
تنباك
أما الفيلم الثاني فعنوانه «تنباك» من إخراج عبدالله حسن أحمد
وسيناريو أخيه محمد حسن أحمد اللذين تم تكريمهما من قبل المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب في هذه الدورة، لم يكن الفيلم أفضل من سابقه في
تقديم البؤس واليأس وحالة الكآبة التي لا أعلم لماذا تصر السينما العربية
على تقديمها سوى السينما المصرية! يتحدث الفيلم المليء بالدموع والمشاهد
المأساوية عن رجل أبيض يتاجر بالتنباك وهو نوع رديء جدا من التدخين والتتن،
وهو يتعاطاه في الوقت نفسه، ورجل آخر أسود يعمل حمّالا في القرية، خطب
الرجل الأسود أخت تاجر التنباك الأبيض ولكنه في كل مرة يرفضه لأن لونه
أسود، وظلت الأخت عانسا وظل الرجل الحمال أعزب بلا زوجة، بينما ظل بائع
التنباك يصارع المرض والموت بسبب تعاطيه التنباك وحوله ابنه الذي لا حول له
ولا قوة ولا يستطيع أن يتحدث مع والده، وابنته الحسناء جدا دلوعة أبيها،
إلى أن مات الرجل.. فيلم مليء بالمآسي والأحداث التي تجعل الحياة سوداء
قاتمة.
بنت مريم
والفيلم الثالث هو «بنت مريم» إخراج سعيد سالمين المري، ولم يكن أقل
من سابقيه مأساوية ونكدية، يتحدث الفيلم عن قصة فتاة صغيرة لم تتجاوز 13
سنة ولم «تر الدم في ثيابها» كما قالت، زوجّها أهلها رجلا كبيرا في السن من
قرية بعيدة، ولكنه ما لبث أن توفي فعادت بنت مريم الصغيرة إلى قريتها لتجد
أن أهلها كلهم توفوا ما عدا رجل طا عن في السن أعمى، ظلت عنده إلى أن
توفي.. وسط بيئة مريضة مليئة بالأحداث، تعيش فيها لوحدها وتتمنى لو كانت
أمها موجودة لتشاركها الحياة ومآسيها.
أما الختام فكان بفيلم «عصافير القيظ» إخراج عبدالله حسن أحمد وقصة
وسيناريو أخيه محمد حسن أحمد، زاد هذا الفيلم من جرعة الحزن والكآبة التي
عشناها في الأمسية السينمائية، تحدث الفيلم عن قصة طفل مدلل من أمه يحب
الطيور ويسعى من أجل أن يقدم لها كل ما تريد لكي لا تموت أمام عينيه
البريئتين، ولكن المشكلة أنه لا يستطيع أن يخرج من البيت لأن ولدا أكبر منه
في السن هدده بالضرب وأمه تخاف عليه من النسمة أن تحرك طرف شعره، فما كان
منه إلا أن غامر وخرج لكي يشتري طعاما للطيور، فيصادف أحداثا شديدة كزجر
صاحب الدكان له ثم ملاحقة أبناء الفريج الثاني له، ثم نسيانه للفلوس في
الدكان حين هرب منه، وخوفه من والده لأنه أضاع الـ 5 دراهم ولم يجد حوله في
هذه المعمعة سوى صديقه الأصغر منه سنا ولكنه أكثر شجاعة، ثم فجأة ينتهي
الفيلم بطيران العصفور من القفص.
ندوة
تحدث السينمائيان محمد حسن عبدالله وأخوه عبدالله حسن عبدالله في ندوة
مختصرة أعقبت العروض الأربعة عن الأفلام وقال عبدالله إنهم حاولوا في هذه
الأفلام أن يوثقوا هذه الحقبة من إمارة رأس الخيمة لأنها كما قال تجري
عليها الحضارة ويندثر كثير من معالمها، لذلك حاولوا أن يقدموها كما هي في
مجموعة من الأفلام تحمل الطابع القديم.
وعقب العديد من الحضور على الأفلام وأكدوا ضرورة أن تخرج السينما
الإماراتية من واقع الكآبة والحزن، وأن يلتفتوا إلى الحضارة والحياة
المعاصرة، وقالت الزميلة عواطف الزين إنها بحاجة إلى أن تعرف على سبيل
المثال كيف تفكر المرأة الإماراتية هذه الأيام وما هي معاناتها وأين موقعها
في هذا الوقت الذي أصبحت الحياة فيها عصرية جدا وسريعة جدا، ولم يخرج
المخرج حبيب حسين من تشاؤمه الذي اعتدنا عليه في كل تعقيباته، وقال إن
السينما تحتاج إلى فكر أولا قبل أن يفكر المخرج أو كاتب السيناريو في تقديم
أي شيء، فيما خرجت الأديبة القصصية فوزية الشويش عن الحالة السينمائية التي
عشناها في الفعالية وقالت لعبدالله حسن إنها معجبة جدا بقصصه القصيرة ولم
تتوقع أن يكون في هذا العمر لأنها كانت تقرأ أعماله ولا تعرفه.
انتهت الليلة الساحرة التي قضيناها برفقة السينما الإماراتية، خرجنا
منها ونحن مصابون بالكآبة واليأس والحزن، وأنا أعلم أن السينما الإماراتية
تمتلك أكثر وأفضل من هذه الأفلام، لذلك كانت المشكلة في حسن اختيار الأفلام
التي تعرض ضمن فعاليات مهرجان القرين.
القبس الكويتية في
12/01/2010 |