هاني فوزي ..بكل المقاييس سيناريست له بصمة خاصة ورغم قلة أعماله فإن
هذه الأعمال جعلت اسمه في قائمة كبار المؤلفين في مصر..أفلامه دومًا تثير
جدلاً فنيًا واجتماعيًا ومنها «بحب السيما»، و«الريس عمر حرب»، و«فيلم
هندي»، في رصيده أيضًا فيلم «أرض الأحلام» الذي أخرجه داوود عبد السيد
وقامت ببطولته سيدة الشاشة فاتن حمامة.. في هذه الأيام أثار هاني جرجس فوزي
جدلاً جديدًا من خلال فيلمه الذي يعرض حاليًا «بالألوان الطبيعية».. حول
الاتهامات التي وجهت له ووجهة نظره في تلقي الجمهور للفيلم كان لنا معه هذا
الحوار.
·
لماذا اخترت كلية الفنون الجميلة
تحديدًا لتكون المنطقة التي ترصد من خلالها ما يحدث من فساد داخل المؤسسات
التعليمية في مصر ؟
- اختيار الكلية بهذا الشكل كان لأسباب كثيرة أولها: أنه عالم عشت
فيه، وتعاملت مع كل تفاصيله وأنا أخترت أن أكتب عن عالم عرفته وعايشته،
ثانيًا: كلية الفنون الجميلة كانت تتمتع بمساحة حرية كبيرة شاهدتها بنفسي
في الماضي لكن هذا الوضع تغير حاليًا مع انتشار الفكر الديني الرجعي في
السنوات الأخيرة مما أدي إلي أن يفقد هذا المكان الذي تمتع بالحرية مدة
طويلة إلي مكان يفتقر للحرية و ذلك يعود للأصولية التي أدت إلي خنق كل
محاولات الإبداع تحت اسم الدين.
·
وبم تفسر حالة الهجوم الشديد
التي تعرض لها الفيلم بمجرد نزول التريلر الخاص به؟
- أنا أري أن هذا يعود لمرض خطير أصاب المجتمع كله، فكل فئة في مصر
أصبحت ترفض أي نقد يوجه لها وتعتبره إهانة لها وهذا المرض جعل الناس غير
متقبلة لفكرة أن النقد هدفه في النهاية هو تغيير المجتمع وتحفيزه علي
التقدم والنجاح.
·
لكن بعض من شاهد الفيلم من طلاب
الكلية أكد أن الصورة التي نقلها الفيلم لكليتهم لم تكن واقعية ولا حتي
قريبة من الواقع ؟
- هؤلاء إن كانوا قد شاهدوا الفيلم فهم لم يفهموا ما نريد قوله وهذا
هو منتهي السطحية فأنا من خلال الفيلم حاولت أن ألخص مدة ثلاثين عامًا من
تاريخ الكلية في الخمس سنوات التي يقضيها يوسف في الكلية. وأنا قصدت من
خلال مشهد الدكتور الذي يطلب من تلاميذه رسم الموديلات شبه العارية في
بداية الفيلم أن أشير إلي أن الكلية شهدت في فترتي الخمسينيات والستينيات
ما هو أكثر من ذلك من رسم لموديلات عارية تمامًا إلا أن نهايات السبعينيات
شهدت بداية التراجع عن هذه الحرية التي شهدتها الكلية وبداية مرحلة
الانغلاق، فالمرحلة التي تبدأ ببعض الحرية مع دخول يوسف الكلية تنتهي
بفقدان هذه الحرية مع ملاحقة أستاذ التصوير في الفيلم قضائيًا وتحول
الشخصية التي قدمتها يسرا اللوزي إلي ارتداء الحجاب ثم النقاب.
·
لماذا تكرر في فيلميك «بحب
السيما»، و«بالألوان الطبيعية» وجود مونولوجات عديدة بين البطل وربه؟
- السبب في ذلك هو أن المتدين بشكل عام سواء كان مسيحيًا كما في «بحب
السيما»، أو مسلماً كما في بالألوان الطبيعية يعاني مشكلة ما في شكل
العلاقة بينه وبين ربه، فكلاهما لديه فكرة مشوهة عن الله تجعله يتوقع منه
الأذي والعقاب دائمًا مما يخلق لديه حالة من الرعب بعد كل تصرف يقوم به،
وهذا في النهاية هو سبب رئيسي لشعوره الدائم بالذنب والخوف من كل تصرف
يؤديه ولهذا كانت المنولوجات ضرورية للتعبير عن هذه الحالة وهذه الأزمة
التي يعيشها عدد كبير من الناس.
·
كذلك تكرر في الفيلمين التركيز
علي حالة القهر التي يقوم بها الوالد مع ابنه في بحب السيما، أو الأم مع
ابنها يوسف في بالألوان الطبيعية ؟
- للأسف في مصر يعاني الشخص منذ ولادته صراعاً مع سلطة الأهل، ثم
المدرسة، ثم الجامعة، وفي النهاية سلطة الدولة وهو ما يؤدي في النهاية إلي
قتل حريته وإرادته واستسلامه لكل هذه الضغوط في النهاية، وفي بالألوان
الطبيعية قدمت يوسف وهو يعاني تسلط وقهر الأم وقهر الداعية الإسلامي
المودرن اللذين يلاحقانه في كل تصرفاته.
·
ألا تري أن كثرة الشخصيات
والحوارات داخل فيلم بالألوان الطبيعية أدت إلي ترهل بنائه والطول الشديد
لمدته مما يفقد المشاهد تركيزه ومتابعته للفيلم؟
- أنا لم أحس بهذا التشتيت أو التطويل ومدة الفيلم حوالي ساعتين وهذه
ليست مدة طويلة، فأنا من خلال الفيلم أُقدم رصداً لعالم الكلية بأكمله فكان
من الضروري وجود عدد كبير من الشخصيات بعضها رئيسي ومحوري وبعضها ثانوي
وهذا مطلوب في مثل هذه النوعية من الأفلام، فأنا في فيلم الريس عمر حرب
مثلاً قدمت نماذج مختلفه للمترددين علي الكازينو وهذا أمر مهم .
·
يري البعض أن الثنائي أسامة
وهاني فوزي يقدمان موضوعات جريئة جدًا وربما صادمة في بعض الأحيان هل هذا
حقيقي؟
-لسنا نحن فقط من يقدم أعمالاً جريئة إن صحت هذه التسمية ولكن هناك
تجارب أخري قدمها ناصر عبد الرحمن، وداود عبد السيد، وخالد يوسف وتعرضت
للهجوم الشديد أيضا وأنا لا أري أي جرأة فيما نقدمه فهذا هو العادي أو أقل
من العادي، لكن الجو الذي يحيط بنا والمجتمع الذي نعيش فيه هو غير العادي،
فالساحة أصبحت تشهد استسهال صناع الأفلام الذين يقدمون أفلاماً تجارية فقط.
·
علي الرغم من وجود تجارب مميزة
قدمتها أنت، وناصر عبد الرحمن، وتامر حبيب والكثير من الكتاب إلا أن معظم
المنتجين والممثلين يرون أن مشكلة السينما المصرية هي مشكلة سيناريوهات
وورق ما ردك علي ذلك؟
- في مصر لدينا كلام نكرره دائمًا علي الرغم من عدم صحته أو منطقيته،
أنا أعترف أن كتابة السيناريو هي أهم وأصعب مراحل الفيلم لكن القول بعدم
وجود ورق جيد فهذا أمر غير صحيح مطلقًا والحقيقة أن الممنتجين لدينا يخافون
من التغيير لاعتقادهم أن الأفلام التافهة هي اللي بتجيب فلوس وأن الفيلم
المسلي والخفيف هو المضمون نجاحه فهم مرعوبون من الإقدام علي أي تجربة
جديدة حتي إنهم يكررون أي نجاح آخر، فعندما نجح فيلم سهر الليالي مثلاً
وجدنا العديد من الأفلام التي تقوم بتقليده اعتقاداً منهم أن جو الشلة في
الفيلم هو سبب نجاحه.
الدستور المصرية في
05/01/2010 |