لأن الذائقة السينمائية تختلف من بلد لآخر ومن شخص لآخر، اختارت "ايلاف"
بعض الأسماء من المشهد السينمائي الجزائري "مخرجين وممثلين ونقاد وصحفيين"
لتطرح عليهم سؤال التالي: ماهو أفضل فيلم ثم أسوء فيلم شاهدتموه خلال العام
2009؟
وإذا كانت الإجابة على الشطر الأول سريعة ومقنعة فإن الإجابة على الشطر
الثاني كانت منعدمة لان غالبية الذين طرح عليهم السؤال أكدوا أنهم يولون
عناية كبيرة لما يشاهدونه ومن هذا المنطلق فضلوا الحديث عن أفضل الافلام
"غربية وعربية" لهذه السنة فكانت إجاباتهم مختلفة ومتعددة المشارب
السينمائية والجغرافية.
* "حليب الاسى" فيلم رائع بكل المقاييس الإنسانية الفنية والتقنية
يمينة شويخ مخرجة: من دون أي تردد او تحيز أجزم وأقول أن أحب الأفلام إلى
قلبي لسنة 2009 هو فيلم "حليب الأسى" للمخرجة كلوديا للوزا من البيرو
الفائز بجائزة "الدب الذهبي" خلال الدورة الـ59 لمهرجان برلين السينمائي
الدولي، ولقد اعجبني، ليس لأنه حصد الجوائز ولكن لان هذا الفيلم رائع بكل
المقاييس الفنية والتقنية ويتميز هذا العمل السينمائي ببساطته في طرح
موضوع إنساني شائك، وبراعة ممثلته وتحكم مخرجته في أدواتها الإخراجية لتنقل
بمنتهى الروعة التقنية قصة فاوستا التي ولدت نتيجة عملية اغتصاب تعرضت لها
الأم خلال موجة العنف التي اجتاحت بيرو في الثمانينات والتسعينات.
أما بالنسبة لأسوء فيلم لسنة 2009 فأجد نفسي محرجة بحكم انني لست مواطنة
اومشاهدة عادية فانا قبل وبعد كل شيئ مخرجة ولا يمكن ان احكم على غيري
بالفشل، بل الجمهور هو من يحكم بهذا الامر لذا لن احدد فلما بعينه رغم أنني
شاهدت الكثير ولكنني أفضل الاحتفاظ بها لنفسي.
* "زنديق" توثيق ذكي للنكبة
مليكة بلباي ممثلة جزائرية: هي ممثلة مسرح وتلفزيون ومن
مشاريعها المستقبلية ولوج عالم الفن السابع فانكبت على متابعة الأفلام
بمختلف مدن العالم بأوروبا والوطن العربي وذلك خلال مهرجان وهران وآخر ما
شاهدت الأفلام المشاركة بمهرجان دبي وقالت أنها هذه السنة أعجبت بالأفلام
الفلسطينية وعلى رأسها فيلم "زنديق" وهو إنتاج فلسطيني بريطاني مشترك،
للمخرج ميشيل خليفي، والذي يدور حول قصة مخرج فلسطيني يعيش في اوروبا ويقرر
العودة الى رام الله بالضفة الغربية لتصوير فيلم يوثق لنكبة الفلسطينيين
العام 1948 وما شهدته من احداث وفظائع لا تزال تنعكس على حياة الفلسطينيين.
يؤدي دور البطولة فيه محمد بكري على مدى اربع وعشرين ساعة حافلة بالتوترات،
كما ابدت الممثلة مليكة بلباي اعجابها بطريقة إخراج الفيلم الذي كان يرتكز
بالاساس على الشخصية الفنية والكاريزماتية لمحمد بكري.
وقالت إن إعجابها هذه السنة كان بمجمل الإنتاج السينمائي الفلسطيني الذي
تمكن حسبها من فرض وجوده وتساءلت عن سر نجاح هذه السينما برغم الظروف
القاسية التي يعيشها الوطن وصناع السينما مؤكدة ان الإرادة تصنع المعجزات،
مستشهدة في هذا السياق بالفيلم "ملح هذا البحر" لان ماري جاسر وفيلم "عيد
ميلاد ليلى" لرشيد مشهراوي.
* "الدواحة"بصمة سينمائية تونسية هيتشكوكية
يانيس كوسيم مخرج: لا أحب أن أتكلم على من لا أحب لان من لا أحبه لا أفكر
فيه واذا فكرت فيه فهذا يعني في الحقيقة انني لم أحبه، ومن هذا المنطلق
أفضل الحديث عن الأفلام التي أحببت هذه السنة 2009 وعدم الخوض في الأفلام
التي لم تعجبني لأنني أصلا نسيتها .
كثيرة هي الأفلام الغربية والعربية التي استوقفت نظري وتفكري هذه السنة
العربية مثل فيلم "كازانيغرا" لنورالدين لخماري "الزمن الباقي" لإيليا
السليمان غير أنني سأنحاز للفيلم التونيسي "الدواحة" لرجاء عماري، لتميز
مخرجته وممثليه، جرأة موضوع المطروح، وتحكم رجاء عماري في مختلف العناصر
الفيلمية ما اعطى قوة للجانب التقني ووالمستمدة أصلا من السيناريو المحبك
وسيرورة أحداث القصة والخروج في بعض الاحيان لعوالم خيالية.
هذا الفيلم هو بداية لنوع جديد في السينما العربية المعاصرة ويفتح الباب
أمام المخرجين العرب لسينما جديدة بعدما كانت أفلامنا كعرب محصورة في
الجانب السياسي والاجتماعي النضالي وحتى الواقعي والكوميدي.
*رجاء عماري تسجل بهذا الفيلم نوع جديد من الأفلام العربية والمغاربية على
الخصوص حيث تستمد خيوط وتفاصيل "الدواحة" من عالم الإثارة والرعب تذكرنا،
علما انني اكره مقارنة مخرج باخر، بسينما هيتشكوك باختصار رجاء عماري جمعت
بيدها ومن خلف كاميراتها كل أدوات نجاح فيلم لا يشبه السائد بالمغرب العربي
او المشرق انه باختصار فيلم رائع من مخرجة رائعة تعد بالكثير الكثير وأنا
من قبل أحببت فيلمها "Satin Rouge
" والآن أعشق "الدواحة".
* " الزمن الباقي" و"جذور السراب" وجهان لعملة الزمن
عبدالنور زحزح مخرج أفلام وثائقية: اعتبر المخرج الجزائري الفيلم الفلسطيني
"الزمن الباقي" لمخرجه الفلسطيني إيليا سليمان من وهو مواليد ما بعد 1948
والذي اخرج فيلمه من خلال ذاكراته والديه وذاكراته الخاصة، واستنطق من
ذاتيته خيوط وجذور القضية الفلسطينية من 1948 الى 2008 للإجابة على العديد
من الأسئلة: ماهو الوطن؟ ماهي الحياة؟ ماهي الموت؟ لأن الحياة في الحقيقة
مقسمة لزمانين الاول نجمع فيه الذكريات والزمن الباقي لنتذكرها.
ومن الأفلام التي شدت انتباه المخرج نورالدين زحزح خلال سنة 2009 شريط
وثائقي"جذور السراب" لمخرجته دنيا بوفيت ولتش(Dounia
Bovet-Wolteche) بالاسود والابيض ومختصر هذا الشريط الوثائقي هي خلف الكاميرا
وامامها أمها أكسال (Axelle)
وعلي زعموم العقيد بجيش التحرير الوطني ابان الثورة والذي حكم عليه
بالاعدام من طرف السلطات الاستمعمارية الفرنسية. وفي 1962 أي بعد الاستقلال
يصبح أول رئيس جزائري لمحافظة تيزي وزو أحد أبرز معاقل الثورة الجزائرية،
وفي هذه الفترة أي السنوات الاولى للاستقلال ظهرت المعلمة البلجيكية الشابة
اكسال، وفي 2004 علي يمرض ويطلب المساعدة من اكسال لتسهل عملية علاجه في
اوروبا.
*المخرجة دنيا من خلال هذا الشريط الوثائقي تحاول انجاز عمل للذاكرة
للتاريخ وتشتغل على ماتفرزه الذاكرة، وماتبقى من الزمن.
بالنسبة لأسوء فيلم لسنة 2009 فيمكن ان أقول إني لم أشاهد لان احرص دوما
على انتقاء نوعية الافلام التي أشاهدها.
* فيلم "قبلة" (In Land)
رائعة طارق تقية السينمائية.
*عبد النور حوشيش رئيس الأيام السينمائية ببجاية: أما السينمائي عبد النور
حوشيش رئيس الأيام السينمائية ببجاية، وهي إحدى المدن الجزائرية الساحلية،
فلم يتردد في القول إن فيلم "قبلة"(In Land)
لمخرجه طارق تقية هو من أهم الافلام التي شاهدها هذا الموسم بالنظر للرؤيا
السينمائية الخاصة التي يتميز بها المخرج وتقنيته الإخراجية المستمدة اصلا
من عالم التصوير الفتوغرافي الذي جاء منه. واذا كان الكثيرون يعيبون على
المخرج غموض رسالته السينمائية والمنطلقات التي أنجز بها فيلمه فإن عبد
النور حوشيش يرى ان ذلك ما يمز هذا المخرج الذي يحاول التميز وبصم المشهد
السينمائي المحلي والعالمي ببصمته الخاصة وتحرك الكاميرا.ليناقض بهذا الرأي
الكثير من الآراء السينمائية الجزائرية والعربية التي انتقدت الفيلم علما
انه حاز على إعجاب الكثيرين أيضا.
* فيلم "المليونير المتشرد"و "كازانيقرا" أو عندما تعانق السينما واقعية
مجتمعاتها
سليم اقار مخرج ورئيس تظاهرة الأيام السينمائية للجزائر العاصمة:إعتبر
سليم أقار العديد من الافلام قد استوقفته هذه السنة 2009 ومن بينها فيلم
"المليونير المتشرد"
Slumdog Millionaire"
للمخرج داني بويل الحاصد على غالبية جوائز الاوسكار وقد ارجع عظمة هذا
الفيلم السينمائي الى قوة السيناريو التي امتاز بها وكذا قوة الممثلين
الهنود، دون ان يسقط من قائمة افلام هذا العام الفيلم العالمي "2012 "
لمخرجه رولان أمريش
Rolan Emmerich
والذي نبقى مذهولين أمام طريقة تصويره باعتماده على أحدث التكنولوجيات في
عالم الخدع البصرية ومختلف المؤثرات الصوتية والضوئية المستحدمة بالفيلم.
أما على المستوى العربي فانا أعتبر فيلم "كازانيغرا" من أهم الأفلام
العربية لهذه السنة وسيؤرخ هذا الفيلم لبداية سينما عربية جديدة تستحق أن
نتبه اليها وهذا راجع للجرأة في طرح الموضوع بالصوة والصورة ومحلية الحوار
التي لم تمنعه ابدا من نيل اهم جوائز المهرجانات السينمائية العربية
والغربية خلال سنة 2009.
* طفل كابول ..أو الدراما "الحربية" بلغة سينمائية بسيطة
نبيل حاجي ناقد سينمائي وإعلامي: أفضل فيلم لعام 2009 والذي تمكنت من
مشاهدته فهو بالنسبة لي الفيلم الأفغاني-الفرنسي" طفل كابول" للمخرج
برمكاك أكرم، والذي أرى أنه فيلم متميز بالنسبة لعمل "أول" لمخرجه الشاب من
ناحية صياغة قصته وطريقة السرد والعمق الإنساني في التعرض لموضوع الإنسان
والحرب في بلد أنهكته الحروب لأكثر من ثلاثين عاما.. والمخرج برمكاك الذي
درس السينما بفرنسا ويحمل خلفية موسيقية عالية مكنته من تقديم هذه الدراما
"الحربية" بلغة سينمائيا بسيطة وبشخصيات تظهر لأول مرة على الشاشة "ممثلين
غير محترفين" وبميزانية متواضعة وكاميرا رقمية وفي بلد غيبت فيه السينما
والحضارة قهرا. وأعتقد أن هذا العمل القوي والموحي نموذج لسينما فقيرة
نتمنى أن يقتدي به عدد كبير من السينمائيين العرب الذين يعانون من نقص
الميزانيات وما إلى ذلك.
أما أسوء فيلم في عام 2009 فلم أتمكن من مشاهدته مع الأسف لأنني حذر جدا في
مشاهداتي وأنتقي الأعمال بشدة حتى لا أوثر على مزاجي السينمائي.
* طيًا الحلقات الثلاث السابقة
1- استفتاء أفضل فيلم لعام 2009
http://www.elaph.com/Web/Cinema/2009/12/517889.htm
2- استفتاء الافضل في السينما لعام 2009 (2)
http://www.elaph.com/Web/Cinema/2009/12/518343.htm
3- النقاد يختلفون حول أفضل فيلم لـعام 2009 (3)
http://www.elaph.com/Web/Cinema/2009/12/518679.htm
إيلاف في
02/01/2010 |