في كل سنة، ولدى البحث عن حصيلة عام مضى، يصعب العثور على شيء نافر، وطارئ
ضمن مشهد سينمائي راكد؛ شحيح من ناحية الكم، ومألوف من ناحية النوع. فيلمان
أو ثلاثة أفلام روائية طويلة، في أحسن الأحوال، تنتجها المؤسسة العامة
للسينما سنوياً، فضلاً عن عدد من الأفلام القصيرة التي تبدو وكأنها تنتج من
باب الواجب، فهي أرقام تتراكم من دون أن تثير جدلاً في مهرجان ما، ومن دون
أن تحظى بجائزة معتبرة، مع استثناءات قليلة تثبت القاعدة، ولعل غياب سورية
السنة الجارية عن أبرز مهرجان عربي للأفلام التسجيلية والقصيرة مثل
الإسماعيلية، يدعم مثل هذا الكلام.
وعلى رغم الأحاديث الكثيرة عن مشروع فيلم «الشراع والعاصفة» الذي يعتزم
غسان
شميط إخراجه، فإن تلك الأحاديث هدأت بعدما تعثر المشروع، أكثر
من مرة، لأسباب لها
علاقة بالكلفة الانتاجية العالية التي لا تستطيع «المؤسسة» تحملها. وفي
غضون ذلك
حقق شميط فيلمين تسجيليين هما «المدن المنسية»، و «أماكن وأسرار» الى أن تم
التوصل
الى تسوية ليبدأ تصوير الفيلم المنتظر في السنة الجديدة. ونجح سمير ذكرى،
بدوره، في
البدء بتصوير فيلمه الروائي الطويل «حراس الصمت» المقتبس عن
رواية لغادة
السمان.
حدث سوري!
وفي ظل هذا التعثر والتسويف، وعدم تسجيل السينما السورية اي نجاح يذكر في
مهرجانات سينمائية في العام المنقضي، تبقى سلسلة «الفن السابع»
التي تصدرها «المؤسسة»
هي النقطة المضيئة التي تروج لثقافة سينمائية مهملة في عالمنا العربي،
ناهيك عن أعداد فصلية «الحياة السينمائية».
والواقـــــع أن هـذه «الفـــصليـة»، وتـلك «السلسلة» تريان النـور بجهـود
تكاد
تكون «فردية»، ونقصد الجهد الذي يبذله الناقد السينمائي بندر
عبدالحميد في الدفاع
عن هذين المشروعين الطموحين. مهلاً! ثمة كذلك عدد من الأسابيع السينمائية
التي تبرع
المؤسسة في تنظيمها وتوزيعها على مدار اشهر السنة عبر الاتكاء على الافلام
المتوافرة في مستودعاتها، وهي الافلام نفسها التي تعرض بسخاء
في مهرجان دمشق
السينمائي الذي يعد انجازاً سنوياً لافتاً للمؤسسة.
وفي معزل عن التظاهرات التي رافقت المهرجان في دورته الأخيرة، فإن نحو
عشرين
فيلماً شاركت في المسابقة الرسمية، فقطف الفيلم الكردي «جبل
بلا أشجار» ذهبية
المهرجان، بينما نال «عشرون» الإيراني لعبدالرضا كاهاني فضية المهرجان، في
حين ذهبت
البرونزية الى «كازانيغرا» المغربي لنور الدين الخماري. ولعل الحدث
السينمائي
الابرز في المهرجان، وخلال السنة المنتهية، هو فيلم «مرة أخرى» للمخرج
السوري الشاب
جود سعيد (ولد 1980)، ففي حين مر فيلم «بوابة الجنة» لماهر كدو مرور
الكرام، بل
تعرض لانتقاد واسع، فإن «مرة أخرى» حاز جائزة أفضل فيلم عربي،
وكذلك جائزة لجنة
التحكيم للأفلام الروائية الطويلة. وعلى رغم ما قيل من ان هذا الاحتفاء جاء
بمثابة
مجاملة للبلد المضيف، وأن عبداللطيف عبدالحميد هو «عرابه» من الألف الى
الياء، فإن
الفيلم هو التجربة الإخراجية الأولى لمخرج شاب استطاع أن يتصدى
لإشكالية معقدة
كالعلاقة السورية - اللبنانية. ووفقاً لذلك، فإن الفيلم، الذي كتب حكايته
المخرج
نفسه، بدا مبهماً، يعاني خللاً في السرد السينمائي، وتشويشاً في المقولة
التي يريد
الفيلم طرحها، وهو ما عزاه البعض الى مقص الرقيب الذي كان
سخياً في الحذف إزاء
موضوع يتمتع بحساسية عالية كالموضوع الذي يناقشه الفيلم الذي حوى جماليات
بصرية لا
يمكن نكرانها. واللافت ان الفيلم ساهمت في انتاجه «شركة سورية الدولية»
الخاصة
مناصفة مع «المؤسسة»، وهذه المساهمة لم تكن سوى واحدة من
مساهمات عدة برزت ضمن
المشهد السينمائي السوري خلال السنة الفائتة، لتبشر، ربما، بتغيير في واقع
الانتاج
السينمائي الذي نهض به القطاع العام، بمفرده، لسنوات خلت، وقد تؤذن بـ
«عودة الروح»
الى القطاع الخاص الذي لا تستقيم معادلة الانتاج السينمائي من دونه.
القطاع الخاص ومغامرة الإنتاج
إذاً، سجلت السنة الفائتة تجارب عدة في مجال الانتاج الخاص، ولعل المثال
الابرز
هو المنتج السوري العتيد نادر الأتاسي الذي حقق حلمه القديم عبر انتاج فيلم
«سيلينا»
للمخرج حاتم علي، وقام بافتتاح وتحديث صالة سينما دمشق التي يملكها،
لتتحول الى صالة «سينما سيتي» التي تعد، الآن، إحدى الصالات الراقية التي
تتقيد
بشروط عرض سينمائية عالية المستوى، من دون ان ننسى في هذا
الإطار ما قدمه المخرج
هيثم حقي من خلال شركة «ريل فيلمز» التي يديرها، والتي تتبع مجموعة
«أوربت»، فهذه
الشركة الخاصة حققت افلاماً عدة بتوقيع مخرجين عرب. وفي المثال السوري كان
فيلم
«الليل
الطويل»، الذي أخرجه حاتم علي أيضاً، هو الأبرز، وقد نال الفيلم جوائز عدة
في مهرجانات عالمية، لكنه لم يحظَ بعرض جماهيري في سورية نظراً لخوض الفيلم
قضية
الاعتقال السياسي. ومع ان الفيلم يتخفف كثيراً من تعقيدات هذه
القضية، ليلامس
الجانب الوجداني الإنساني فحسب، لكنه بقي في دائرة الشك، ولا نعلم إن كان
إسقاطه من
فيلوغرافيا المخرج، لدى التعريف به في كاتالوغ مهرجان دمشق بصفته عضواً في
لجنة
التحكيم، جاء مقصوداً أم مجرد سهو بريء! وفي إطار الشركة
الخاصة ذاتها شارف المخرج
عبداللطيف عبدالحميد، الذي حظي بعلاقة «استثنائية» مع «المؤسسة»، على
الانتهاء من
عمليات تصوير فيلمه الروائي الطويل الجديد «مطر أيلول» الذي يجمع، بحسب
تصريحات
للمخرج، «باقة من قصص الحب، التي تجنح إلى الرومانسية والخيال،
بصورة تجعله أقرب
إلى مفهوم الواقعية السحرية».
وشكّل فوز الفيلم السوري «نصف ميليغرام نيكوتين» للمخرج محمد عبدالعزيز
بجوائز
عدة في مهرجان (باري) الإيطالي مفاجأة، ولا يقصد، هنا، التقليل
من قيمة الفيلم الذي
أنتجته شركة «الشرق» السورية الخاصة، بل لأنه نفذ بعيداً من اية ضجة
إعلامية، ويكاد
لم يسمع به أحد إلا بعد تحقيقه، بل نيله أربع جوائز (إخراج، تصوير، ديكور،
نص) في
المهرجان المذكور على رغم وجود أفلام من إسبانيا وإيطاليا
وفرنسا، فضلاً عن مشاركة
فيلمي «شجرة الليمون»، و «فالس مع بشير» اللذين انتزعا جوائز في مهرجات
مرموقة.
انتصار خارجي
أما الانتصار غير السينمائي الذي حققته «المؤسسة» فهو كسب دعوى ضد المخرج
السينمائي نبيل المالح الذي اضطر الى دفع غرامة قدرها نحو 50
الف دولار أميركي
ترتبت عليه عبر عقود أبرمها مع جهات مختلفة لتوزيع أفلام «المؤسسة» وبيعها
في سنوات
سابقة. وكانت هذه القضية قد شهدت فصولاً من الاتهامات المتبادلة بين مدير
مؤسسة
السينما محمد الأحمد وبين المالح. ولئن سوّي الأمر في أروقة
المحاكم، فإن القلوب
ظلت مفعمة بنزعة «العداء والخصومة». وكان مهرجان دمشق مناسبة للتعبير عن
تلك
الخصومة، إذ أصدر عدد من السينمائيين، وعلى رأسهم المالح ومحمد ملص وعمر
أميرلاي،
بيان احتجاج أثناء عقد المهرجان عبروا فيه عن استيائهم من
الواقع السينمائي، وشنوا
هجوماً عنيفاً على المهرجان وإدارته، الأمر الذي دفع الأحمد، على غير
العادة، الى
عقد مؤتمر صحافي فور انتهاء المهرجان لتوضيح بعض الملابسات والدفاع عن
المهرجان و
«المؤسسة».
ولا يمكن ان نغفل في هذا الحصاد السينمائي أيام «سينما الواقع» التي ينظمها
عروة
النيربية وديانا الجيرودي بدعم من شركات ومؤسسات عدة خاصة،
وتحولت إلى تقليد سنوي
يعقد في شهر آذار (مارس) من كل عام، ليعرض عدداً من الأفلام التسجيلية التي
نالت
الاستحسان، وقطفت الجوائز في مناسبات سينمائية مختلفة. كذلك لا يمكن تجاهل
تلك
التحف السينمائية التي يعرضها المركز الثقافي الفرنسي كل يوم
خميس في دمشق، وهو
عبارة عن نشاط سينمائي دأب على تنظيمه المخرج أسامة محمد الذي يستطيع
الفرز، قبل
غيره، بين الغث والسمين في عالم الفن السابع.
الحياة اللندنية في
01/01/2010
عام السينما الفلسطينية عربياً: جوائز
ومهرجانات ومشاكسة تطرف العدو
فيكي حبيب
كانت الأنظار متجهة الى السينما اللبنانية، فإذ بالسينما الفلسطينية تخطف
كل الأضواء، وتطيح كل التوقعات.
ازدهار السينما اللبنانية خلال السنوات الماضية ووصولها الى مهرجانات دولية
مع أفلام دانيال عربيد ونادين لبكي وميشال كمون، جعل أهل الفن السابع
يعلّقون أمالاً على هذه السينما التي استفاقت من سباتها بعد سنوات الحرب
الطويلة التي أرهقتها وشلّت حركتها. ولم يكن غريباً ان تفرد المجلات
الغربية صفحات لأفلامها الجديدة التي راهن كثر عليها، وبالتالي على مستقبل
السينما العربية، معتبرين ان السينمائيين اللبنانيين سيقودون الدفة... لكنّ
كل هذا بدا وكأنه تبخر عام 2009... وتبخرت معه أحلام محبي السينما
اللبنانية التي لم تسجل هذا العام اي تطور، ولم تضف الى رصيدها فيلماً
جديداً... وفي المقابل برز نجم السينما الفلسطينية التي شكّلت المفاجأة
الكبرى.
البداية من مهرجان «كان» الذي عرض في اثنتين من تظاهراته الرئيسة فيلمين
شكلا
الحدث السينمائي العربي الأبرز خلال العام: «الزمن الباقي»
لإيليا سليمان و «أمريكا»
لشيرين دعيبس. ومن «كان» انتقل هذان الفيلمان الى مهرجانات العالم العربي
حيث لم يتوقفا عن نيل الجوائز. ففي مهرجان الشرق الأوسط
السينمائي في أبو ظبي فاز
«الزمن
الباقي» بجائزة أفضل فيلم روائي من الشرق الأوسط، كما توجت مجلة «فارايتي»
ايليا سليمان كأفضل مخرج شرق اوسطي. فيما
فاز فيلم «امريكا» بجائزتي مهرجان
القاهرة، كأفضل فيلم وأفضل سيناريو في مسابقة الأفلام العربية. وفاز الفيلم
في
مهرجان بيروت بجائزة الجمهور وجائزة أفضل مخرجة، من دون ان يخرج من المولد
بلا حمص
في مهرجان دبي، إذ فازت ممثلته الرئيسة نسرين فاعور بجائزة أفضل ممثلة. اما
جائزة
دبي الكبرى فكانت، أيضاً، من نصيب فيلم فلسطيني، هو «زنديق»
لميشال خليفي. فيما لم
تغب فلسطين عن المهرجان الأحدث في العالم العربي، مهرجان الدوحة تريبيكا
الذي افتتح
دورته الأولى هذا العام ومنح فيلم نجوى النجار «المرّ والرمان» جائزته.
دولة فلسطين السينمائية
الحضور الفلسطيني القوي في المهرجانات جعل المخرج رشيد مشهراوي خلال
مشاركته في
دبي في ندوة حول صناعة الأفلام في فلسطين الى جانب المخرجين مي
مصري وميشيل خليفي
ورائد انضوني، يقترح ممازحاً «إعلان دولة فلسطين السينمائية». ولا شك في ان
الأفلام
الفلسطينية الأربعة التي استحوذت حصة الأسد في المهرجانات العربية لهذا
العام
تتقاسم الهمّ الفلسطيني وتطرح الأسئلة حول الهوية وفلسطينيي
الداخل وفلسطينيي
الشتات... لكنّ الأهم من كل هذا ان كل هذه الأفلام تمثل فعل مقاومة
للمحتل، حتى وان تمّ ذلك بطريقة سلمية عن طريق الفن السابع.
وإذا كانت الأحلام في قيام دولة فلسطينية مؤجلة بفعل زرع دولة اسرائيل، فإن
لا
شيء يُستعصى على الكاميرا. فهي بالنسبة الى بعض المخرجين
الفلسطينيين سلاح لكسر
الجدار، تماماً كما في اللقطة البديعة من فيلم «الزمن الباقي» حيث يقفز
ايليا
سليمان فوق الجدار الفاصل، ولو عن طريق السخرية... أو هي فعل تحرر شخصي من
تركة
ثقيلة ورثتها الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، تماماً كما في
فيلم «زنديق» الذي يقود
ميشال خليفي الى درب الخلاص من عبء الإشارة اليه كأحد فلسطينيي 48 في
انتقاص من
صمود هؤلاء في ارضهم وغمز من «عدم مقاومتهم» المحتل... وهي دعوة للانفتاح
على
الآخر، كما في فيلم «امريكا» الذي يغوص في حديث المنفى... او
هي أنشودة حرية في وجه
الغطرسة كما في «المر والرمان».
وفي الأحوال كافة تمثل الأفلام الأربعة جزءاً من سيرة أصحابها الشخصية، كما
تهتم
بالفرد الفلسطيني لا بالشعارات الرنانة والخطابات الفارغة.
فالإنسان هنا هو المهم
لا الأيديولوجيا في تطور لافت للسينما الفلسطينية، أو السينما التي يصنعها
أفراد
فلسطينيون، كما يحلو لمخرجين فلسطينيين ان يقولوا، في إشارة واضحة الى
اختلاف
المدارس... فبعدما كانت السينما الفلسطينية في بداياتها سينما
مثقلة بالبروباغندا،
بات واضحاً اليوم الاتجاه الى السينما الإنسانية القادرة على الدنو من
المواضيع
الشائكة وإيصال آلام الشعب الفلسطيني من خلال قصص بسيطة بعيدة من الوعظ.
ولعل هنا
بالذات يكمن سبب نجاح هذه الأفلام في الوصول الى المهرجانات،
لا بل الى الجمهور...
وأيضاً الى وعي عدد من السينمائيين الإسرائيليين ممن باتوا يصنعون المعادل
الاسرائيلي للسينما الفلسطينية... معادل لا يقل «شراسة» -أحياناً كثيرة -
في معارضة
التعنت الصهيوني والسياسات التعسفية التي تمارسها السلطات الاسرائيلية بحق
الشعب
الفلسطيني.
مشاكسة
على أي حال يمكن القول ان هذا التواصل في المشاكسة السينمائية الاسرائيلية
على
اسرائيل، حتى وان كان قد رُفد بالتطور الهائل الذي عرفته
السينما الفلسطينية، «الشابة»
والجديدة خلال السنوات العشرين الأخيرة، فإنه يدين أيضاً الى كل تلك
الأصوات المنشقة التي خرجت في شتى الفنون والآداب الاسرائيلية التي لا تزال
منذ زمن
بعيد تواصل – على الأقل - فضحها الجانب العنفي والمتطرف من الهيمنة
اليمينية
المتطرفة على الحكم في الدولة العبرية. وهي في هذا تتكامل،
منطقياً وبشكل عفوي مع
هذه السينما الفلسطينية التي باتت تعرف، خلال السنوات الأخيرة كيف تخاطب
العالم
وتقنعه ليس فقط بعدالة قضية الفلسطينيين بل بتهافت القضية الصهيونية
برمتها. من هنا
لا يبتعد النقاد الأوروبيون من الصواب حين
يرون اليوم ان أفلاماً مثل «لبنان» و «بوفور» وحتى «فالس مع بشير» و «بستان
الليمون» و «زيارة الفرقة» تخوض المعركة ذاتها التي تخوضها
أفلام سينمائيين مثل
ايليا سليمان وشيرين دعيبس وآن ماري جاسر ونجوى نجار وميشال خليفي. بل ثمة
من يذهب
ايضاً الى ان في خلفية هذا لغات جمالية هي نفسها، وتجديدات في الشكل، الى
جانب
المضمون، تبدو محيرة لأي مراقب خارجي.
طبعاً لا يستنتج من هذا الكلام أننا أمام السينما ذاتها حتى ولو كانت
القضايا
متشابهة. فقط يمكن القول ان كل ما في الأمر موعد سياسي وفني
متشابه ينظر اليه
سينمائيون من اجيال متقاربة، اتى كل فريق منهم من مكان مقابل للآخر،
فالتقيا في وجه
تطرف واحد وظلم واحد وتجاهل واحد للتاريخ، فجعلوا أفلامهم سلاحاً في وجه
هذا
كله.
الحياة اللندنية في
01/01/2010
في مصر ... عودة سينما المؤلف وتراجع في
الإنتاج
القاهرة –
نيرمين سامي
على رغم تميز سينما 2009 بتنوع الأطياف، واختلاف الرؤى السينمائية، وخوض
غمار تجارب سينمائية جديدة، إلا أن السينما المصرية شهدت حالاً من الركود
في النصف الأول من عام 2009. مواسم الصيف والأعياد - والتي تشهد عادة
إقبالاً جماهيرياً ملحوظاً بغض النظر عن جودة الفيلم من عدمه - كانت طوق
نجاة للسينما المصرية هذا العام مع تراجع الإنتاج على المستوي الكمي (39
فيلماً مقابل 49 العام الماضي) نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية التي خلفت
صدى في مصر، وبالتالي جعلت اختيارات الجمهور محصورة. ثم أعقب طوفان الأزمة
وباء أنفلونزا الخنازير وقرصنة الأفلام بطرحها مجاناً على الشبكة
العنكبوتية فور عرضها ما حال بين الجمهور وصالات السينما لبضعة أسابيع.
تنوعت أفلام العام بين الكوميديا والأكشن والتراجيدي والاجتماعي والرعب
الذي هو النوع الأقل إنتاجاً في السينما المصرية عادة. كما اتسم بعض
الأفلام بعودة سينما المؤلف بقوة ما أفرز منتوجاً سينمائياً مبهراً على
مستوى الشكل والمضمون. وعلى رغم هذا الزخم السينمائي المثير للجدل، والمحفز
للمشكلات والدعاوي القضائية، والمقتنص لجوائز المهرجانات، إلا أن معظم
المواضيع السينمائية هذا العام تأرجحت بين مستنسخة من سيناريوات أجنبية أو
مهلهلة البنية والصنع.
بدأ العام بعدد لا بأس به من الأفلام كان أبرزها «خلطة فوزية» لمؤلفته هناء
عطية، والمخرج مجدي أحمد علي، ومن بطولة إلهام شاهين، وفتحي
عبدالوهاب وغادة
عبدالرازق. حصد الفيلم 10 جوائز مهرجانية من روتردام، ووهران السينمائي
الدولي،
وتاورمينا السينمائي الدولي، وغيرها، وحقق إيرادات لا بأس بها جماهيرياً.
وكان «واحد صفر» - الذي عرض في مهرجانات دولية عدة أبرزها فينسيا للمؤلفة
مريم
ناعوم، والمخرجة كاملة أبو ذكرى، بمثابة عودة ملفتة للبطولة
الجماعية المحترفة التي
ضمت إلهام شاهين، ونيللي كريم، وخالد أبو النجا، وزينة، وأحمد الفيشاوي
وغيرهم.
أثار الفيلم جدلاً كبيراً قبل وبعد عرضه
بحجة إساءته للديانة المسيحية، ورفعت دعاوى
قضائية لإيقاف عرضه. عكس «خلطة فوزية» و «واحد
صفر» واقع المجتمع المصري عبر تسليط
الضوء على أبرز عيوبه ومميزاته في إطار درامي ذي لغة سينمائية جذابة.
من جهة أخرى، طفت على السطح أفلام عدة لم تترك صدى كبيراً لدى النقاد أو
الجمهور
إما لضعف مستواها أو للمشاكل والاتهامات المتبادلة بين صناع
الفيلم ما أثر سلباً
على جودتها. خرج فيلم «صياد اليمام» من بطولة أشرف عبدالباقي وبسمة وإخراج
إسماعيل
مراد والمقتبس من رواية الأديب إبراهيم عبدالمجيد في شكل اسكتشات مختلطة من
الكوميديا والدراما والغناء، وفيه تم تناول الرواية باستخفاف
شديد لا يتناسب مع
جودة النص الأدبي. وفي استدعاء لروح أفلام المقاولات التي اجتاحت فترة
السبعينات
والثمانينات من القرن الماضي خرجت أفلام مثل «بدون رقابة»، و «أزمة شرف،
و«المشتبه»، و «السفاح،
و «ابقى
قابلني»، و «الأكاديمية»،
و «الحكاية
فيها منة»،
و «فخفخينو»،
و «البيه
رومانسي»، و «حفل
زفاف»، و «مجنون
أميرة» الذي سجل عودة
للمخرجة إيناس الدغيدي بعد غياب ثلاثة أعوام عن الوقوف خلف الكاميرا. إلا
أنها كانت
عودة غير موفقة إطلاقاً.
أما الطامة الكبرى فكانت فيلمي «دكتور سيلكون» و «علقة موت» اللذين لم يحملا أي
مضمون يذكر، ومن الظلم نسبهما للفن السابع. أما «بوبوس» من
إخراج وائل إحسان وتأليف
يوسف معاطي، والذي أعاد التوأمة السينمائية بين عادل إمام ويسرا بعد فترة
غياب،
فنال نقداً لاذعاً من النقاد وعدم رضا من الجمهور ما أثر سلباً علي
الإيرادات على
غير المعتاد بعد نجاحات إمام في «حسن ومرقص» و «مرجان
أحمد مرجان» و «السفارة
في
العمارة». ضم الفيلم مشاهد ساخنة غير مبررة بين البطلين، وبدا السيناريو
ضعيفاً
ونسخة مكررة من بعض أفلام إمام السابقة على رغم أهمية الموضوع
الذي ناقشه الفيلم
وهو رجال الأعمال المتعثرين في سداد قروض البنوك في مصر.
المعادلة تحققت
وعلى رغم بداية موسم الصيف مبكراً لحلول شهر رمضان إلا أن صيف 2009 شهد
أفلاماً
روائية جيدة رصدت واقع المجتمع المصري بمختلف طبقاته وتوجهاته
ومشاكله سياسياً
واقتصادياً واجتماعياً برؤى سينمائية متجددة بعيدة من التكرار أو التقليد
حملت
توقيع مخرجين متميزين. حقق فيلم «دكان شحاتة» لمخرجه خالد يوسف المعادلة
الصعبة
بنجاحه جماهيراً وفنياً إلا أن القرصنة قلصت تحقيق شباك
التذاكر مزيداً من الأرباح.
واستعان يوسف بعدد من الوجوه السينمائية التي اعتادت العمل معه في أعماله
السابقة
كعمرو سعد وغادة عبدالرازق وعمرو عبدالجليل، أما مفاجأة الفيلم فكانت
اللبنانية
هيفاء وهبي التي قدمت أداء تمثيلياً لا بأس به مقارنة بحداثة عهدها
بالسينما الذي
انطلق مع «دكان شحاتة». واستقبلت دور العرض فيلم «إبراهيم
الأبيض» من إخراج مروان
حامد وتأليف عباس أبو الحسن وبطولة أحمد السقا ومحمود عبدالعزيز وهند صبري،
بردود
فعل مؤيدة وأخرى معارضة على مستوى النقاد والجمهور بسبب أحداث الفيلم
الشديدة
الدموية والتي اعتبرها البعض الأعنف في تاريخ السينما المصرية.
إلا أن أهم ما ميز
الفيلم هو المباراة التمثيلية بين أبطاله بدءاً من المخضرم محمود عبدالعزيز
إلى
السقا وهند صبري. لكن شباك التذاكر عاند صناع الفيلم على رأسهم الشركة
المنتجة «غود
نيوز»، إذ جاءت المداخيل أقل من المتوقع.
في المقابل نجح المخرج سامح عبدالعزيز في الخروج بتحفة سينمائية لم تصادفها
السينما المصرية منذ سنوات وهي فيلم «الفرح» للمؤلف أحمد
عبدالله وبطولة خالد
الصاوي وجومانا مراد ودنيا سمير غانم، وكريمة مختار بعد غيابها عن السينما
لفترة
طويلة، جاء هذا الفيلم ملفتاً من جهة الشكل والمضمون ليضاهي جزأه الأول
«كباريه».
ولأول مرة يستطيع يسري نصرالله – الملقب بمخرج أفلام المهرجانات - المزج
بين البعد
الفني والتجاري عبر فيلم «احكي يا شهرزاد» الذي حمل توقيع المؤلف وحيد
حامد، وأسندت
بطولته لفنانة السينما الأولى في مصر حاليًا منى زكي والوجه
الجديد الواعد حسين
الرداد. شارك الفيلم في مهرجاني فينسيا وأبو ظبي وأثار جدلاً كبيراً بين
الجمهور
لمشاهد منى زكي الجريئة والتي لم يعتدها الجمهور منها بينما نال استحسان
النقاد.
وكان للكوميديا نصيب هذا العام ولو على استحياء على خلاف ما كان عليه الوضع
منذ
سنوات حيث كانت هي التيار السائد. وواصل أحمد حلمي تألقه
السينمائي بفيلمه «1000
مبروك» لكنه نال إشادة النقاد أكثر من الجمهور نظراً للمسحة الفلسفية
للفيلم
ولاستعانته بوجوه جديدة لغالبية أدوار الفيلم. بينما حظي فيلم «طير أنت»
(المقتبس
من الفيلم أميركى
«Bedazzled»)
لأحمد مكي بإقبال جماهيري كبير. وحقق فيلم محمد
هنيدي «أمير البحار» إيرادات مرتفعة على رغم ضعف البنية
الدرامية للفيلم، لكن عرضه
في موسم العيد ساعد على جذب أعداد غفيرة من الجمهور. وشهد العام عودة كريم
عبدالعزيز بعد غياب عامين عبر فيلم «ولاد العم» عن عالم الجاسوسية للمخرج
شريف عرفة
وتأليف عمرو سمير عاطف، وشارك في البطولة شريف منير ومنى زكي. توقف العمل
لفترة
طويلة وتم إحالته لإحدى الجهات الأمنية ومنه لجهاز الاستخبارات
بسبب أحداثه
المثيرة، لكن الفيلم في معظمه كان جيداً وحقق إيرادات مرتفعة وأشاد به
غالبية
النقاد.
المستقلة...
من جهة أخرى، باتت السينما المستقلة فى مصر عنصراً لحصد الجوائز
بالمهرجانات
العالمية واهتمام المشاهد، إذ لفت هذا «التيار» السينمائي
الانتباه على المستوى
الجماهيري بعد أن كان مقتصراً على اهتمام السينمائيين فقط. الانطلاقة هذا
العام
كانت بطرح فيلم «عين شمس» من تأليف تامر السعيد، وإخراج إبراهيم البطوط
جماهيرياً
بعد تحويله إلى 35 مللم بدلاً من ديجيتال. وعلى رغم عدم تحقيق
هذا الفيلم إيرادات
كبيرة إلا أنه فتح الباب أمام هذا التيار للعرض الجماهيري بعد أن كان
قاصراً على
المهرجانات. كما فاز الفيلم هذا العام بجائزة «أفضل فيلم» فى مهرجان سان
فرانسيسكو
للفيلم العربي.
وشارك فيلم «هليوبوليس» من بطولة خالد أبو النجا ويسرا اللوزي، ومن تأليف
وإخراج
أحمد عبدالله في أولى تجاربه الإخراجية في مهرجانات عدة منها «سالونيك
السينمائي
الدولي»، و «الشرق
الأوسط» و «القاهرة»
و «مراكش»،
فضلاً عن إشادة النقاد بمستوى
الفيلم ولغته السينمائية الجيدة إلا من بعض الثغرات. واستمر «بصرة» تأليف
وإخراج
أحمد رشوان في حصد الجوائز هذا العام والتي كان آخرها جائزة أفضل فيلم
روائي طويل
في مهرجان الفيلم العربى في بروكسيل.
الحياة اللندنية في
01/01/2010
السينما المغربية في عام: الاستمرار
الأكيد
الدار البيضاء - مبارك حسني
لم تختلف سنة 2009 عن سابقتها إلا بقدر الاختلاف البسيط الذي لا يغير من
مُنجزَها الذي ترسخ من قبل. فقد تنامى الإنتاج الفيلمي بالكمية المتوخاة من
الأفلام الطويلة أساساً ثم الأفلام القصيرة التي أصبح روادها كثيرين،
والأفلام التسجيلية التي بدأت تتجلى في المشهد كنوع مبتغى لذاته وله
مكانته.
وطبعاً كل ذلك تبعاً لسياسة ثقافية وفنية إستراتيجية ترى في الفن السابع
قاطرة مهمة للإبداع بصفة عامة وواجهة لتسويق الفن والثقافة والهوية
المغربية. وذلك بما أن الممول الأساسي والداعم الأول للسينما هو الدولة من
طريق المركز السينمائي الراعي والمسير للشأن السينمائي المغربي، ومن طريق
لجنة الدعم للفيلم والتي يتجدد أعضاؤها كل سنتين والمشكّلة من أساتذة
وأدباء ونقاد ومهنيين ومثقفين، ينظرون في مشاريع الأفلام المقترحة من طرف
المخرجين وشركات الإنتاج مرتين في السنة. يتم ذلك بكل استقلالية وبقدر كبير
من حرية الاختيار والتقرير ودون تدخل في المواضيع المقترحة والأشكال
المبتغاة.
الشيء الذي يمكن من تجدد ثيمات الأفلام في كل سنة، والسماح بإبداع آليات
جديدة
في الإخراج تتراوح ما بين الشكل السردي الكلاسيكي الجماهيري
والشكل التجريبي
أحياناً. فالسينما المغربية تظل سينما المخرج وسينما موضوع وليست سينما
تجارة
وسينما مقاولات، وهو رهانها الأول من بدايتها قبل خمسين سنة خلت.
ريادة الشباك
وهكذا استمرت وتيرة عرض الأفلام المغربية المصورة في السنة المنصرمة في جل
القاعات السينمائية التي لا تزال تقاوم وتصمد أمام هاجس
الإغلاق. وقد ساهمت الأشرطة
المحلية في بقائها بما أنه من الصعب قرصنتها وبيعها على الأرصفة مباشرة بعد
خروجها
إلى العرض العمومي. ومعظم هذه الأفلام له طابع الجدة والجرأة والاختراق على
رغم ما
قد يقال عن مستواها
الفني الذي يظل متوسطاً ومقبولاً. ومن خلال الاطلاع على لائحة
المداخيل يلاحظ وجود فيلم «حجاب الحب» على رأس الأفلام الأكثر
مشاهدة لتناوله ظاهر
الحجاب في مجتمع مديني محافظ ومُخترق بتيارات متناقضة ما بين العصرنة
والالتزام
الديني الشكلي.
والغريب أن ما يليه في الشبابيك هي أفلام كـ «إكس شمكار» و «نانسي والوحش»
وهما
للمخرج نفسه محمد فريطس، والذي ينتج ويمول أفلامه بنفسه، لكن
الغرابة تزول عندما
نتعرف على عوالمها المتسمة بما يريده الجمهور العريض من إثارة ودراما
ودغدغة، وهي
نوع سينمائي له وجوده على كل حال على رغم تعارضه مع «النزعة الفنية»
السائدة. وبصفة
عامة لا يمكن الرهان كثيراً على الشبابيك، فعدد رواد القاعات السينمائية
يبقى
متوسطاً على العموم. ويجب التذكير هنا أن الفيلم المغربي لا
يزال يأتي في المرتبة
الثانية بعد الفيلم الأميركي، لكن من المهم الإقرار بحقيقة أن هذا الأخير
يُعرض في
شكل أكبر في المجمعات السينمائية الضخمة التي تتضمن قاعات متعددة
والمستحدثة في كل
من مدينتي الدار البيضاء ومراكش وهي تعرف رواجاً حقيقياً ومن
لدن جمهور نوعي.
لكن الذي يوازن الأمور هو أن الفيلم المغربي يجد له منافذ تصريف أخرى ترسخت
منذ
سنوات، وهي العرض في مختلف المهرجانات العالمية مع ميل كبير
للمهرجانات المتوسطة،
وفي الغالب فهي تحصل على جوائز وتنشئ نقاشاً وأسئلة لدى المتلقي الآخر،
العربي
والأوروبي على حد سواء. وقد حصلت الأفلام المثيرة للصخب على جوائز هنا
وهناك، كـ
«كازا
نيكرا» لنور الدين لخماري و «حجاب الحب» لعزيز السالمي، وهو ما يؤكد الحضور
السينمائي المغربي في الخارج في كل مرة.
تواصل الإنتاج والتصوير
الى هذا فإن الإنتاج السينمائي لم تتوقف وتيرته. فقد تم تصوير أفلام عديدة
ستعرض
في المهرجان الوطني للفيلم بداية سنة 2010، وأبرزها «الرجل
الذي باع العالم»
للأخوين وائل وعماد النوري، و «بيكاس» لمحمد مفتكر، و «ولاد البلاد» لمحمد
إسماعيل،
و «وليدات كازا» لعبدالكريم الدرقاوي، و «فينك الأيام» لإدريس شويكة و
«الزاوية»
لداوود أولاد السيد، و«منسيو التاريخ» لحسن
بنجلون... الشيء الذي يرفع المعدل إلى
قرابة العشرين فيلماً. والملاحظ أن الخريطة الإخراجية تضم
أسماء مكرسة وأخرى جديدة
على الحقل السينمائي. ولا يبدو أن هناك جدة وجرأة زائدة في ما سيعرض
مستقبلاً كما
أمكننا معرفته، وهو ما يدل على تركيز على المُنتج السينمائي كحكاية وكإمتاع
وتعريف
بالدرجة الأولى.
الظاهرة المهرجانية
وتتمكن هذه الأفلام المغربية المنتجة من رفد وتقوية ظاهرة المهرجانات التي
صارت
تتناسل في عرض البلد وطوله، ومن شماله إلى أقاليمه الصحراوية
في الجنوب. لا فرق في
ذلك ما بين المدن الصغرى والمدن الكبرى. فقد صارت السينما المظهر الثقافي
الاحتفالي
الأبرز بما تمكنه من حضور النجوم الوطنية والأجنبية، وحضور الجماهير
الغفيرة، ومن
لقاءات ثقافية وجدالية مهمة فلكل منها موضوع خاص تتميز به:
سينما المرأة، سينما
البحر الأبيض المتوسط، السينما الأفريقية، سينما الصحراء، السينما
الأمازيغية...
والذي يتوجب قوله هنا هو أن جل المهرجانات
تنظمها جمعيات ثقافية ونواد سينمائية مع
دعم ملحوظ وأساسي للمركز السينمائي. وهو ما يؤكد طابع الثقافة
وطابع التوعية مع
انخراط للسلطات في الأمر. وتتساوى في ذلك مهرجانات دولية كبرى كمهرجان
تطوان
والرباط وخريبكة وسلا، والمهرجانات المنظمة من طرف المركز السينمائي مباشرة
كالمهرجان الوطني ومهرجان الفيلم المتوسطي القصير، ومهرجانات
صغرى كمهرجان زاكورة
أو مهرجان أسفي أو مهرجان قرية تيسة مثلاً. نستثني منها بالطبع أكبر مهرجان
وهو
مهرجان مراكش الدولي الذي يوضع في خانة خاصة لما له من موازنة كبيرة ومن
إمكانات
ومن تغطية ومن رهانات دولية كبرى ومن برمجة سينمائية عالية
القيمة.
أخيراً يمكن القول بأن السينما في المغرب صارت تتوافر على ثوابت وعلى آليات
خاصة، تأخذ مسارين اثنين، أولها الإنتاج الفيلمي الذي يتكاثر
سنة بعد أخرى بموازاة
تزايد المبالغ المالية المرصودة للدعم، وثانيها المهرجانات لعرض هذا
المنتوج
ولتأكيد الانفتاح العام الذي تشهده البلاد في الوقت ذاته.
إنها حركية مستمرة ومواظبة ينخرط فيها الكثيرون، لكن المؤمل أن تفضي إلى
بروز
أسماء سينمائية من عيار ثقيل، وظهور تيار سينمائي مغربي خاص
ومميز يخترق المشهد
السينمائي المعروف، أو ظهور إنتاج أفلام ذات قيمة فنية أكبر وأعمق.
وفي هذا الإطار يمكن أن ندرج ضرورة إشراك المجالات الإبداعية الأخرى في هذه
الدينامية السينمائية، ونخص بها المجال الأدبي تحديداً الذي
يعرف بروزاً لا باس به
وينتظر الدعم المالي والمعنوي والالتفاتة كي يرفد الخيال السينمائي بما
يلزم من
حكايات وتصورات وتجريب وأسماء...
سنة 2009 ركزت المعروف والمُتَوقع، والمنتظر أن تحدث القفزة النوعية في
المستقبل...
الحياة اللندنية في
01/01/2010 |