قد يكون الحدث الأبرز عودة السينمائي الفلسطيني ميشيل خليفي، بعد غياب طال،
بفيلم حميم، صوّره على نفقته بميزانيّة صغيرة. في «زنديق» الذي منحه
«مهرجان دبي» جائزة أفضل فيلم عربي، يعود صاحب «عرس في الجليل» إلى مناطق
ذاتيّة، في لعبة مواجهة مع الذاكرة مشرّعة على التأمل السياسي والوجودي.
وهناك طبعاً مواطنه إيليا سليمان الذي قدّم في «مهرجان كان» ـــ ولو انّه
خرج من مسابقته الرسميّة بخفّي حنين ــــ الحلقة الأخيرة من ثلاثيّته
الأوتوبيوغرافيّة «الزمن الباقي». يعود صاحب «سجل اختفاء» ليواجه ماضيه
بكثير من المرارة والسخرية والشاعريّة. ولعلّه وقّع أنضج أفلامه وأكثرها
إكتمالاً حتّى الآن.
من مصر نشير إلى فيلم يسري نصر الله «إحكي يا شهرزاد»، و«دكّان شحاتة»
لخالد يوسف. وهناك «ما هتفتُ لغيرها»، جديد اللبناني محمد سويد الذي صوّر
بالأصل للتلفزيون، ويقدّم جردة حساب مع أوهام ثورية تختصر جيلاً ومرحلة في
بيروت الستينيات.أما فيلم سيمون الهبر «سمعان بالضيعة»، فعرض مشوّهاً بسبب
الرقابة. بينما أعلنت عائلة رندا الشهّال عن اطلاق مؤسسة بإسم السينمائية
الراحلة.
وفي سوريا جاءت باكورة جود سعيد «مرة أخرى» (جائزة «مهرجان دمشق»)، لتطرح
للمرّة الأولى العلاقات الشائكة بين لبنان وسوريّا...
بطش الرقابة
بيار أبي صعب
ستبقى هذه السنة علامة سوداء في سجلّ الثقافة اللبنانيّة، بسبب اعتداء
الرقابة على الحركة الإبداعيّة. وكان قد ساد الاعتقاد لوهلة أن تلك
الممارسات المخجلة التي تستمدّ شرعيّتها من قوانين عمرها نصف قرن، طويت
صفحتها نهائيّاً، لكن ميزة الحياة السياسية والفكريّة في لبنان، هي العودة
الدائمة إلى نقطة الصفر. سحب الأمن العام رخصة عرض فيلم مارك أبي راشد
«النجدة» بعد تدخّل «المركز الكاثوليكي للإعلام»، والمؤسسة الدينيّة نفسها
كانت وراء منع عرض أفلام عدّة في «مهرجان بيروت الدولي للسينما». أما
المخرج الشاب سيمون الهبر، فيستحقّ لقب ضحيّة العام، إذ حذفت الرقابة خمس
دقائق من فيلمه «سمعان بالضيعة» لتفادي «إثارة النعرات»! وللمرّة الأولى
ربّما في لبنان، تمخّضت هذه الممارسات القروسطيّة عن تحرّك مدني لإعادة
النظر بقوانين الرقابة. المبادرة التي تقف وراءها مؤسسات ثقافيّة مستقلّة،
انضمّ إليها عدد من المبدعين والمثقفين والإعلاميين والحقوقيين، بهدف
الإعداد لمؤتمر وطني، خلال الأشهر الأولى من 2010، يكون الخطوة الأولى نحو
وضع مشروع قانون جديد يحدد آليات الرقابة في لبنان.
قضايا
خيّم شبح التطبيع على الجدل الذي أشعلته زيارة هند صبري لرام الله بحجّة
«كسر الحصار». وألغى جاد المليح مشاركته في «بيت الدين»، بعد التهم التي
وجّهت إلى الفنان بدعم الجيش الإسرائيلي. أما نصر حامد أبو زيد، فأُغلقت في
وجهه أبواب الكويت بعد خضوع السلطة لابتزاز الإسلاميين. وأثار نشر قصائد
مخطوطة لمحمود درويش بعد رحيله في «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»
(الريّس) نقاشاً واسعاً. وأثيرت ضجّة كبيرة حول معركة «الأونيسكو» التي
خاضها وزير الثقافة المصري فاروق حسني. فيما ألهب أدونيس الرأي العام حين
أعلن من كردستان «موت الحضارة العربيّة»... لكنّ مباراة مصر ـــــ الجزائر
التي أظهرت عنصريّة المثقفين، أعطت بعض الشرعيّة لنزعة «مهيار» السوداويّة
ــــ الانتحاريّة.
تصريحات نارية
2009 عام التصريحات النارية! ملحم بركات أثار زوبعةً في برنامج «إل
مايسترو»، جعلتْ نيشان يستضيفه ثانيةً، بعدما أعرب عن ندمه لتعامله مع
الأخوين رحباني. وهدد بقطع رقبة كل من يستهين بالأغنية اللبنانية، منتقداً
وائل كفوري! في البرنامج نفسه، أكّدت أصالة أنها لن تعود إلى «روتانا»
وصرَّح فارس كرم بأنه اقترف ذنباً بحق زوجة تركت عائلتها من أجله. أما
سيمون أسمر فأشار إلى أن الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه نوال الزغبي كان إنكار
خضوعها لعمليات تجميل، ما أكدّه زوجها إيلي ديب. وفي «تاراتاتا»، قال فضل
شاكر: «أفكر بالاعتزال عند انتهاء عقدي مع روتانا». وانتزعت إيناس الدغيدي
في برنامج «الجريئة»، من إلهام شاهين اعترافاً بأنها كانت ستتزوج رجلاً
مسيحياً... قبل أن تخرج الدغيدي بتصريحاتها ضد الحجاب. وهذا الأخير دفع
بمريم فخر الدين إلى دخول معركة قضائية بسبب تصريحاتها ضد اعتماد خورشيد،
زوجة رئيس الاستخبارات المصرية السابق صلاح نصر.
أزمات وقضايا
لم تنتفض «روتانا» من تبعات الأزمة المالية حتى اليوم. كبرى شركات الإنتاج
ما زالتْ تحاول الخروج من مأزقها، الذي أجبرها على دمج بعض قنواتها،
وتخلّيها عن عدد من النجوم والموظفين. ودخول مردوخ على الخط، قد يبدّل
المشهد العام المقبل. خلافاتٌ عدة، وصلتْ إلى المحاكم، شهدها الوسط الفني
في 2009. أبرز تلك المشاحنات كانت بين فضل شاكر وراغب علامة، وبين سيرين
عبد النور وجان ماري رياشي، وبين طوني قهوجي وشذا حسون، وبين رندلى قديح
والمغنية قمر، وبين ألين خلف وخطيبها أحمد الصباغ... فيما باءت مصالحة
أحلام وشمس بالفشل. كذلك، رفع مواطن لبناني دعوى قضائية ضد محمد اسكندر،
مطالباً بإيقاف أغنيته «قولي بيحبني»، بتهمة تحريضها على الإرهاب والعنف ضد
المرأة! كذلك رفع والد الراحلة سوزان تميم دعوى ضدّ مسلسل «ليالي» لتقاطع
أحداثه مع حياة ابنته. وألقت السلطات الفرنسية القبض على الشاب مامي بتهمة
الاعتداء على عشيقته السابقة إيزابيل سيمون، وإجبارها على إجهاض جنينها.
كما ألقت السلطات السويسرية القبض على المخرج رومان بولانسكي، عند حضوره
إلى سويسرا لتسلّم جائزة في «مهرجان زوريخ السينمائي». أما التهمة، فتعود
إلى عام 1978 حين فرّ من أميركا، إثر اعتقاله بسبب إقامة علاقة جنسية مع
قاصر. وأخيراً، تصدرت أزمة نور الشريف وخالد أبو النجا وحمدي الوزير مع
جريدة «البلاغ»، التي اتَّهمت الفنانين الثلاثة بتورّطهم في «شبكة
مثليّين»، اهتمام الشارع المصري.
نجمة العام
لم تكسب كل رهاناتها، لكنّها على الأقل بقيت محطّ جميع الأنظار. هيفا وهبي
أثارت أخيراً غضب النوبيين بسبب عبارة «القرد النوبي» في أغنيتها «بابا فين
2». وفيما انتهت الأزمة باعتذارها وبتنازل المحامين الغاضبين عن الدعوى، ها
هي هيفا تنهي تسجيل وتصوير أغنية «80 مليون إحساس» لتهديها إلى الشعب
المصري الذي باتت تنتمي إليه. ذلك أن المغنية اللبنانية دخلت القفص الذهبي،
بعد ارتباطها برجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة في حفلة زفاف، أقيمت في
بيروت، وشغلت الناس لأسابيع. تزامن ذلك مع إطلاقها كممثلة في فيلم «دكان
شحاتة» لخالد يوسف. وفي وقتٍ لم يكتمل فيه مشروع الفوازير حتى الآن، احتلت
هيفا غلافات المجلات مع اختيارها نجمةً لدار «لوي فيتون». وأخيراً، صدر
الجزء الأول من «كتاب الفن» لنبيل البقيلي، متناولاً سيرة الفنانة التي
خطفت الأضواء في «ماراتون بيروت» 2009.
المشهد الدرامي
يمكن وصف 2009، بأنه عام الممثل اللبناني ودراما العشوائيّات السوريّة،
ودراما النجوم المصريّة والجرأة الخليجيّة، مع فشل ذريع لمسلسلات السيرة
وخطوة إيجابية لأعمال سياسيّة توثّق الراهن العراقي. كعادتها، كانت أعمال
النجوم الأكثر استقطاباً في مصر، فأكد يحيى الفخراني مرّة أخرى أنه نجم
التلفزيون الأوّل مع «ابن الأرندلي». وبعد تراجعها في رمضان 2008، وجدت
يسرا الحل في المسلسل الهادئ «خاص جداً» (الصورة).
أما دراما السيرة، فلم تستطع تحقيق الحضور المطلوب. لا «قلبي دليلي» عن
حياة ليلى مراد نافس «أسمهان»، ولا حتى «إسماعيل ياسين ـــــ أبو ضحكة
جنان»، أضاء على حياة «سمعة» بكفاية. بينما لفتت الانتباه قصة حياة نجمة
صاعدة من الطبقة الفقيرة في «ليالي».
المساهمة اللبنانيّة في القاهرة ودمشق كانت لافتة هذا العام: من كارمن لبّس
ونادين الراسي ومايا نصري إلى فادي إبراهيم ومجدي مشموشي وسيرين عبد النور
ورولا شامية ونادين نجيم ورزان مغربي ونيكول سابا... ولا بدَّ من الإشارة
إلى «شيء من القوة»، المسلسل اللبناني الوحيد الذي نافس في رمضان.
الدراما الخليجيّة حافظت على حضورها في الخليج، وأكثر ما ميّزها هذا العام
«هوامير الصحراء» الذي ظهرت فيه أول قبلة في عمل خليجي! وتفوّقت الدراما
السوريّة مع أكثر من عمل أبرزها «زمن العار» مع سلافة معمار التي وصفت
بنجمة العام، فضلاً عن «قلبي معكم» و«سحابة صيف». كذلك، فرض المخرج شوقي
الماجري نفسه مع مسلسل «هدوء نسبي».
غياب
لعلّ أبرز الراحلين في عام 2009 كان مايكل جاكسون، نجم البوب الأشهر الذي
ملأ الدنيا طوال العقود الماضية، هزَّ العالم بلغز رحيله المفاجئ عن عمرٍ
ناهز الخمسين، وفرض معجبوه حداداً استمرَّ لأشهر عدة. لبنانياً، خسر المسرح
اللبناني هذا العام سلوى القطريب. وكانت «بنت الجبل» التي تألقت لأكثر من
ربع قرنٍ كنجمة استعراضية، قد رحلت عن 59 عاماً، إثر إصابتها بجلطة
دماغيّة. وفقد الوسط الفني أيضاً مطربة من أيام الزمن الجميل، هي وداد عن
78 عاماً، صاحبة «خبر كل الناس» و«ألف وردة ووردة» و«صبّحتو ما ردّ»
و«بتندم وحياة عيوني». كذلك رحلت «مونولوجيست لبنان» آمال العريس عن عمرٍ
ناهز الـ 83 عاماً.
وفي دمشق... صار «غوّار» وحيداً بعدما وافتْ المنية «أبو عنتر». وكان
الممثل السوري ناجي جبر قد رحلَ بعد صراع مع سرطان الرئة عن 69 عاماً. وفي
القاهرة، غيَّب الموت الفنان والمخرج المسرحي السيد راضي عن عمر ناهز الـ
74 عاماً، بعدما شغل لسنوات منصب رئيس اتحاد النقابات الفنية في مصر. كذلك
توفي الممثل شوقي شامخ عن 54 عاماً، إثر تعرّضه لأزمةٍ قلبية.
الأخبار اللبنانية في
01/01/2010 |