تقوم الكثير من مظاهر الحياة الفنية العربية الراهنة على مبدأ
أساسي هو التظاهر والادعاء واستثمار الأضواء.. وجزء أساسي من هذا التظاهر
بات يتجلى
في كثرة الجوائز العربية التي تؤسس بين ليلة وضحاها، وتمنح لأصحاب النصيب
بين ليلة
وضحاها أيضاً.
والشيء المستغرب حقاً، أن الفنون والأنشطة الثقافية التي تحتاج
للدعم المالي الكبير وللجوائز المجزية كي تنهض وتعود إلى الحياة الفنية
والثقافية
العربية، كالمسرح أو حركة النشر والكتاب، تبدو مهملة ولا أحد
يهتم بإنشاء جوائز
مالية كبيرة تمنح لأفضل عمل مسرحي عربي أو فنان مسرحي عربي مثلا أو كتاب
عربي...
بينما ينصب الاهتمام على الفنون القوية
تجارياً والمسيطرة على الساحة كالدراما
التلفزيونية، التي نستطيع القول إن العاملين فيها لا يحتاجون
لأي دعم مالي، لأنهم
يعملون في مهنة رابحة للغاية... فما يتقاضاه المؤلف التلفزيوني عن مسلسل في
ثلاثين
حلقة، يكتبه في شهرين أو ثلاثة... لا يتقاضى ربعه أعظم كاتب أو مؤلف عربي
عن كتاب
قد يستغرق إنجازه سنوات من البحث، أو حتى روائي معروف له اسم
رائج في سوق الأدب!
أسوق هذه المقدمة للحديث عن جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم
للدراما
التلفزيونية، التي انبثقت فجأة، والتي اعتمدت - كما فهمت - على معايير
مطاطة مثل (الاستفتاء الجماهيري)، والتي منحت مؤخراً
لثلاثة مسلسلات: (سورية- مصرية- أردنية)
من تلك التي عرضت على شاشتي قناتي (دبي) و(سما دبي) في موسم رمضان المنصرم،
والتي
حصدت على أعلى نسبة في هذا الاستفتاء... بقيمة إجمالية مقدارها مليون
دولار، ذهب
نصفها للمسلسل السوري (زمن العار) من تأليف حسن سامي يوسف
ونجيب نصير، وإخراج رشا
شربتجي، فيما حل المسلسل المصري (خاص جدا) في المرتبة الثانية حاصداً
ثلاثمائة ألف
دولار، والمسلسل الأردني (بلقيس) ثالثاً بمئتي ألف دولار!
منح هذه الجائزة
يترافق مع مهرجان دبي السينمائي الذي تنظمه دولة لا تنتج سينما ولا يبدو
أنها تفكر
في إنتاج سينما في الوقت الحالي... ولعل أكثر ما يميز مهرجان دبي
السينمائي... هي
حالة البذخ هذه لا أقل ولا أكثر، وخصوصاً عبر استضافة نجوم
عالميين، لا يأتون
باحثين عن سحر الشرق، ولا عن اكتشاف ثقافة وهوية الخليج... بل يحضرون بشروط
باهظة
ومكلفة للغاية، تكفي لوحدها لإنتاج ثلاثة أفلام سينمائية في العام على أقل
تقدير...
ولأن هذا الاستعراض الباذخ يتصل بذاك.. فقد دعي بعض ضيوف مهرجان دبي
السينمائي من
العرب والأجانب، إلى حضور حفل توزيع جوائز جائزة الشيخ محمد بن راشد
للدراما
التلفزيونية الضخم الذي أقيم على مسرح قاعة 'أرينا' في جميرا
دبي بالتزامن!
ومن
الغريب أن هذا الهوس بإقامة المهرجانات ومنح الجوائز... يترافق مع الأزمة
الاقتصادية الخانقة التي هزت أركان إمارة دبي، والتي دفعتها للاستدانة وطلب
العون
من إمارة أبو ظبي، ناهيك عن إفلاس الكثير من الشركات فيها،
وقيام أخرى بطرد مئات
الموظفين من العاملين لديها... الأمر الذي يجعل مثل هذه المهرجانات
والجوائز، حالة
من حالات التظاهر الاستعراضي الذي يندرج ضمن حالات (الفشورة) أو (البهورة)
حسب
التعبير الشعبي، ليس بسبب الأزمة الاقتصادية وحدها، بل بسبب
غياب الأثر الفعلي لها
على أرض الواقع، إذ لن يجعل هذا النشاط من دبي مهما علا الحديث والصخب
الإعلامي حول
كرم الضيافة وعظمة وأهمية هذه المبادرة أو تلك الجائزة... لن يجعل منها
مركز إشعاع
فني لا عربياً ولا عالمياً... مهما غالى الفنانون في كرنفالات النفاق
والمدائح التي
يسفحونها في مثل هذا المقام عادة!
وأرجو ألا يفهم من كلامي أن الهدف هو إلغاء
الجوائز والمهرجانات... بل دراسة أثرها على الواقع الثقافي
والفني، وتأسيسها على
شروط موضوعية وواقعية تثري دورها، بدل تحويلها إلى نشاط تظاهري استعراضي،
ينتهي
أثره بانفضاض المولد.
وشخصياً لا أجد أن منح الجوائز المالية الكبرى للمسلسلات
يمكن أن يسهم في تطويرها... فالإنتاج التلفزيوني العربي ماض في طريقه
بجوائز ومن
دونها، وهو متفاوت في سويته تبعاً لتفاوت مستوى صناعه وثقافتهم... التي
تتدرج من
الأمي وشبه الأمي... لتصل إلى ابن المهنة الحرفي الذي يعرف
ماذا تريد السوق.... أو
ذاك الذي يحمل طموحات فنية حقيقية وهؤلاء من الاستثناءات النادرة جداً...
والجميع
يعمل لأن الدراما التلفزيونية لها سوق رائج، ولو تراجع هذا السوق وأغلقت
منافذ
محطاته، وانفض الرعاة الإعلانيون عن دعم المسلسلات أثناء عرضها
الرمضاني... لما بقي
في هذا السوق إلا كل طويل عمر، لأن أحدا لا يحب الخسارة، ولا يمكن أن يتحمس
لإنتاج
بضائع كاسدة... وهكذا فالجوائز لن تغير في الأمر شيئاً، ولن تطور، لأنها لن
تساهم
في وضع معايير لجودة العمل الفني، بقدر ما تضفي حالة تسويقية
واستعراضية
عليه!
(زمن العار) عناصر النجاح!
وبالنسبة لمسلسل (زمن العار) الذي حصد
الجائزة الأولى من جوائز الشيخ محمد بن راشد للدراما
التلفزيونية، فهو مسلسل جيد
دون شك، وقد تابعته مجدداً في عرضه الحالي على شاشة (قناة أبو ظبي) لأسعى
لتأمل
عناصره الفنية خارج صخب العرض الرمضاني... وقد سعدت حقاً للمستوى المتميز
في الأداء
التمثيلي لمعظم ممثليه، وبالإخراج العالي المستوى الذي قدمته
رشا شربتجي... كما
أسرني قبل ذلك كله، نص حسن سامي اليوسف ونجيب نصير المكتوب بحرفية وإحساس
معاً...
والذي يسعى لمناقشة قضية إشكالية هامة هي
مفهوم العار في الحياة الشرقية والذي
يتجسد بسلوك المرأة، مقارناً هذا المفهوم بكثير من أشكال العار الأخرى كعار
الاحتلال وكعار التخاذل وعار الفساد الوظيفي والرشاوى وغير ذلك... إلا أن
قصة العمل
وحتى ظلال فكرته لا تقدم جديداً في خطوطها وأحداثها العامة
برأيي، وهي تتشابه مع
كثير من الأجواء والخطوط التي طرحها الكاتبان في أعمالهما ومسلسلاتهما
السابقة
وأحيانا تتكرر... إلا أن عناصر الجذب الفني التي تحققت للعمل، وحواره
الحياتي
الأخاذ... وامتلاك الحرفة التقنية في المعالجة وإضفاء حالة من
التشويق التلفزيوني
التقليدي... جعلت للعمل هذا الرصيد الكبير، ناهيك عن أنه يبقى أفضل من كثير
من
الأعمال التلفزيونية التي تنتج بلا هدف ولا رؤية... ولا أسوق هذا الرأي هنا
للقول
إن العمل لا يستحق الجائزة، فهو يستحق كل احتفاء... بل لأؤكد
على ضرورة أن يكون
تأمل العمل الفني، ومحاورته، خارجين عن بهرجة جوائز أو مهرجانات.. لا تكرس
ثقافة
حقيقية أصيلة!
(العربية) تتفوق في فواصل حصاد العام!
تفوقت قناة
(العربية)
في طريقة تغطية حصاد العام 2009، أو محاولة استرجاع أهم أحداثه وشخصياته
وتحولات مشاهيره وزعمائه، من خلال هذه الفواصل البسيطة والمعبرة التي دأبت
على
تقديمها منذ مطلع الشهر الحالي... والتي كان بطلها فن الغرافيك بلا
منازع.... كما
في فواصل أهم الأحداث ورحيل الشخصيات السياسية والفنية
والثقافية وسواها!
وإلى
جانب ذلك ثمة فواصل أخرى كان بطلها الفكرة الجديدة المبتكرة، كسؤال الشارع
العربي
عن أهم حدث أو أسوأ حدث وأهم إنجاز... وتقديم نماذج لرؤى وطموحات وأحلام
شريحة من
الناس العاديين في عام مضى.... حيث امتزج في إجابات هؤلاء
العام بالخاص... والشخصي
والموضوعي لدرجة اعتبرت إحداهن أن أهم حدث، كتابتها للشعر والخواطر
الأدبية... فيما
اعتبر آخر أن أهم حدث انفصاله عن زوجته!
هذه الإجابات لا تقدم مسحاً دقيقاً،
ولا تعطي مؤشراً موضوعياً لرؤية الشارع لحصاد عام مضى... لكن
تخلق حالة من الطرافة
والتنوع في إعلام يسعى للاقتراب من مشاهديه دوماً... ورؤية أحوالهم بشكل من
الأشكال!
من هذه الزاوية فقط، يمكن أن نقرأ هذه الفواصل السريعة ذات الإيقاع
الرشيق والحيوي، وذات السياق المرسل بلا افتعال!
mansoursham@hotmail.com
القدس العربي في
23/12/2009
طوني بارود مرشح لدور صلاح الدين الايوبي في فيلم عالمي
بيروت ـ
'القدس العربي'
رشح النجم التلفزيوني طوني بارود للعب
دور القائد العربي صلاح الدين الأيوبي محرر القدس، في عمل
سينمائي عالمي يجري
التحضير له حالياً. وتلقى بارود العرض من الكاتبة الأمريكية كاروليندا
أبلبيري Carolinda Aleberry
التي كانت تبحث عن بطل لفيلمها في الأردن. وكانت الكاتبة تزور
الأردن - لإستكشاف مجموعة من مواقع تصوير لفيلمها الذي تجري
أحداثه في قلعة الكرك -
حين لفتها حضور طوني بارود على المسرح أثناء تقديمه لإحدى ليالي مهرجان
كبير فطلبت
التعرف اليه وإشراكه للإختبار.
خضع طوني بارود لسلسلة إختبارات منها الصوت
والأداء والحضور في الأردن. وعلى أثر ردود فعل فريق العمل
الإيجابية زارت كاروليندا
بيروت. ووقفت بنفسها أمام بطلها، في مشهد تمثيلي تجريبي مأخوذ من نص
الفيلم. لعب
طوني بارود دور صلاح الدين الأيوبي في مشهد بلغة الـ
Old Frensh
الإنكليزية أخرجه
ميلاد أبي رعد، لينتهي به الأمر مرشحاً أولاً لدور سينمائي، لا يفتح باب
العالمية
على مصراعيه له فحسب، بل يدعوه لدخول تاريخ السينما كوجه عربي آخر يطل عبر
شاشة
هوليوود.
تفاصيل كثيرة تحيط هذا المشروع لم تعلن حتى الآن. لقد تحفظ فريق العمل
عن ذكر أسماء كل من نافس طوني بارود في المراحل الأولى للإختيار إحتراماً
لآداب
المهنة. كما لم تعلن الجهة المنتجة للعمل ولا أسماء النجوم العالميين الذين
سيشاركون طوني بطولة الفيلم.
أما هدف الفيلم، فيبدو لنا محاولة واضحة لإلقاء
الضوء على شخصية قائد شكل نموذجاً في الوعي الأوروبي والعالمي
عن الفارس المسلم
الشهم. فصلاح الدين وعلى الرغم من كونه خصماً عنيداً للأوروبيين، ظل رمزاً
للقائد
المثالي الذي واجه الصليبيين من دون التفريط في الشهامة والأخلاق الرفيعة.
يذكر
أن أحد مخرجي العمل هو جيف ريختر Jeff Richter
الحائز على مجموعة كبيرة من جوائز
الـ Mtv awards
والـ Grammy.
ريختر نوّه بإتصال هاتفي مع بارود بالانقلاب المهني في
حياة نجم كرة السلة الذي تحول الى نجم تلفزيوني بارز. كما أشار أن ما لفته
في بارود
أضافة الى النقلة المهنية وقوة الحضور هي نبرة صوته التي إعتبرها من أبرز
نقاط
القوة في هويته.
تجدر الإشارة الى أن مارك غريفن
Mark Griffin
سيتولى تدريب
المحاربين في الفيلم وهو مدرّب محاربي معركة جرش في فيلم
Of Heaven Kingdom .
والكاتب المشارك الى جانب كاروليندا في كتابة الفيلم هو مارك
واليس Mark Wallis.
لدى سؤال طوني بارود عن شعوره قال:' إنه حلم كبير وما يهمني تأكيده
دائماً أن قدمي ّتلامسان الأرض. أرغب بعيش تلك تجربة حتى النهاية وكل ما
طلبته حتى
الآن هو عدم تأمين بديل لي في المعارك الحربية والمشاهد
الصعبة. فمن عاش الحروب
اللبنانية لا تخيفه المشاهد التمثيلية الخطرة'.
القدس العربي في
23/12/2009 |