السؤال عن هوية الفيلم الفلسطيني وهل هو حقاً فلسطيني يثير
الكثير من الحساسية في كل مهرجان عربي يشارك فيه مخرج فلسطيني الجذور؟! هل
الفلسطيني الذي يعيش داخل ما يعرف بالخط الأخضر وهي الأراضي
الواقعة فعلياً داخل
إسرائيل هو فلسطيني، رغم جواز سفره الإسرائيلي؟.. نعم هم حريصون علي أن
يظلوا
فلسطينيين، رغم أن البعض يطلق عليهم تعبيراً قاسياً وقاصراً وهو عرب
إسرائيل.. إنهم
يناضلون من أجل أن يظلوا محتفظين بالهوية الفلسطينية هم عرب
فلسطين، إذا أنتج
المخرج الفلسطيني فيلمه داخل تلك الحدود في العادة يحصل علي دعم من صندوق
السينما
الإسرائيلي، فإن الصفة العربية تنفي عن هذا الفيلم، بل إن إسرائيل تحرص في
المهرجانات التي تشارك فيها علي أن تضع الملصقات الخاصة بهذا
الفيلم داخل الجناح
الإسرائيلي، لكن ما إن بدأنا نتأمل ـ ليست هذه الأفلام ولكن الأفلام الأخري
التي
يقدمها المخرج الفلسطيني الذي يعيش بعيداً عن أرضه ـ سواء كانت الأراضي
الخاضعة
للسلطة الفلسطينية «فتح» أو تلك التي تسيطر عليها «حماس» مثلاً
المخرج ميشيل خليفي
عرض له مهرجان دبي فيلمه «زنديق» إنه فلسطيني يعيش في بلجيكا ولديه شركة
إنتاج
بلجيكية، قدم أفلاماً مهمة عن فلسطين مثل «الذاكرة الخصبة» و«عرس الجليل»
و«نشيد
الحجر» و«قصة الجواهر الثلاث» وفيلمه الأخير «زنديق» ينطبق
عليه شروط المسابقة
العربية، حيث اشتركت في إنتاجه دولة الإمارات العربية المتحدة، ورغم ذلك
فإن هوية
الفيلم فلسطينية، وينبغي أن تتحرر من تطبيق القيود علي كل ما هو فلسطيني
لنتجاوز عن
الانتماء للمكان، حيث انتزع المكان، لقد طبقت الأكاديمية
الأمريكية للعلوم والفنون
تلك القواعد بكل صرامة علي فيلم إيليا سليمان «يد إلهية» الذي عرض عام 2004
في
مهرجان «كان»، وحصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة، ورفضت الأكاديمية
الأمريكية أن
يشترك في التسابق لأفضل فيلم أجنبي في مسابقة الأوسكار بحجة
أنها لا تعترف بدولة
اسمها فلسطين، فهل نطبق نحن القواعد الأمريكية في مهرجاناتنا العربية؟
صار
أغلب هؤلاء المخرجين مثل إيليا سليمان، ورشيد مشهراوي وميشيل خليفي يحصلون
علي
تمويل عربي، بالإضافة إلي التمويل الخارجي غير الإسرائيلي، فهم لا يستندون
إلي دعم
مادي إسرائيلي، فلماذا ننفي عنهم الصفة العربية الفلسطينية وهم
الأكثر حرصاً عليها؟
هل فيلم أمريكا للمخرجة شيرين دعبس الذي شاركت في إنتاجه دولة الكويت
«كويتي»؟ وهل
فيلم «الزمن المتبقي»، الذي شاركت قناة MBC
السعودية في تمويله «سعودي»؟ أم أن
الأجدي والأكثر منطقية هو أن نعتبر هذه الأفلام فلسطينية الهوي والهوية،
هذه
الأفلام هي إحدي أسلحة المقاومة لدي الفلسطينيين.. إسرائيل تريد أن تمحو
هذا الاسم
من الخريطة والسينما تؤكده، فلماذا يسعي البعض منا لإلغائه؟!
الدستور المصرية في
18/12/2009
لمن تمنح صوتك في المهرجان؟
طارق التلمساني
بمجرد أن التقينا في مطار دبي تبادلت الحوار مع خالد الصاوي
وذلك في أول تجربة له داخل لجان تحكيم لجنة المهرجان العربي، سألني خالد:
ما هي
نصيحتك ؟! قلت له: علي عضو لجنة التحكيم أن يتذكر شيئاً واحداً
فقط أنه قاض ينحاز
للعمل الفني الجيد وينسي تماماً جواز سفره .. وأضفت: أريدك أن تدافع عن
السينما
المصرية في حالة واحدة إذا كان الفيلم المصري هو الأفضل والأجمل ولا تدع
أحداً
يدعوك باسم الوطنية أن تجعل من نفسك مجرد عضو يمنح صوته إلي
سينما بلاده حتي لو
لاحظت أن عضواً في لجنة التحكيم يدافع عن سينما بلده باعتبارها قضية مصيرية
فلا
تتورط أنت وتلعب بنفس هذا القانون دائماً تحاول أن تفرض قانون الفن علي من
يريدون
أن يحولوا المهرجانات العربية إلي ساحة سياسية تتنافس فيها
الدول بكل ما أوتيت من
قوي ويخرج عادة من هذه اللجان بعدد كبير من النصائح وأيضاً المؤامرات،
وأضفت: في
مهرجان «كان» ظلت السينما الفرنسية علي مدي 20 عاماً وهي بعيدة عن جائزة
السعفة
الذهبية برغم أن من بين أعضاء اللجنة التسعة في كل عام عضوين من فرنسا وفي
أحيان
عديدة كان رئيس لجنة التحكيم فرنسياً أيضا إلا أن مصداقية
المهرجان تنبع من تلك
الممارسات في لجان التحكيم وهي أن يعتبر عضو اللجنة أنه يحكم بين الأفلام
وليس
الدول وقلت لخالد الصاوي: نعم قد تحسبها الصحافة خطأ ولهذا تجد مثلاً أن
المانشيت
الرئيسي لجوائز المهرجان كان يحتل المساحة الكبري في حالة واحدة لو أن
الدولة فازت
-
وهذا كثيراً ما يحدث - عند تناول الصحافة المصرية جوائز أي مهرجان
سينمائي فعدد
الجوائز المصرية هي التي تحدد أسلوب التناول بل إن بعض الزملاء بحسن نية
يعتقدون أن
الجائزة تساوي الوطن.. نعم فأنا سواء كنت مشاركاً في لجان التحكيم أو
حاضراً في
فعاليات أي مهرجان سينمائي أسعد علي المستوي الشخصي عندما تفوز
السينما المصرية
بجائزة أو أكثر إلا أنني أعلم أيضاً أنها ليست معركة وطنية أي أنه في نهاية
الأمر
تسابق حول من يقدم الأفضل فنياً ويبقي السؤال الذي لم نناقشه معاً أنا
وخالد الصاوي
هو هل حقاً يفوز الأفضل دائماً في لجان التحكيم ؟! الحقيقية هي أنه ليس
بالضرورة أن
الجائزة تؤول لمن يستحقها لأننا نتعامل مع وجهة نظر فنية محددة
المعايير بقدر ما
يتحكم في الاختيار ثقافة وذوق وخبرة كل عضو في اللجنة وقدرته علي أن يقنع
الآخرين
بتلك الأفكار التي انحاز إليها فلجان التحكيم تصدر في نهاية الأمر قرارها
مستندة
إلي تفاعل كل وجهات النظر.
القرار لا يعبر عن تجميع لتلك الآراء بقدر ما هو
تفاعلها أثناء المناقشات ولهذا قد يؤثر أحد الأعضاء وليس بالضرورة أن
الرئيس علي
توجه اللجنة، وذلك لأنه يملك القدرة علي تغيير بوصلة اتجاه
لجنة التحكيم واللحظة
المناسبة؟!
الدستور المصرية في
17/12/2009 |