أرجو ألا يندهش القارئ من ترجمة اسم الفيلم الذى أتناوله اليوم إلى "ولاد
الحرام الفُظَاع"، فهذا هو ما أراده بالتحديد صانع الفيلم كوينتين
تارانتينو، الذى أصر على كتابة عنوان الفيلم بالإنجليزية متضمنا أخطاء
هجائية، يزعم أنها طريقة نطق هذا العنوان بالعامية، وهو إن ترجمناه إلى "الفصحي"
فسوف يصبح "الأوغاد الشائنون"!! وإصرار تارانتينو على مثل هذا الأمر يعود،
كما يقول دائما، إلى أنه يتوجه بأفلامه إلى جمهور الدرجة الثالثة أو "الترسو"
كما نطلق عليها فى مصر، حتى أنه ذهب إلى القول فى أحد البرامج الحوارية
الأمريكية، عند عرض فيلمه "إقتل بيل"، إلى أنه كان يتمنى خلال العرض الخاص،
الذى يحضره النقاد وصفوة رجال صناعة السينما، أن يأتى بخمسين صعلوكا يوزعهم
بين الجمهور حتى يساهموا فى خلق أجواء "الترسو"، وأن يجلب العديد من
الفئران يطلقها فى القاعة تأكيدا على هذه الأجواء. من حق تارانتينو أن يفكر
على هذا النحو، إن كان مؤمنا حقا بما يقول، فسينما "الترسو" فى كل أنحاء
العالم تمارس تأثيرا كبيرا على الجمهور، وليس غريبا أن تكون هذه السينما
مدرسة يتخرج منها أحيانا سينمائيون موهوبون، بل ثوريون، بكل ما فى هذه
السينما من ميلودراما تؤكد على التناقضات والظلم وضرورة التمرد. لكن
الحقيقة أن تارانتينو برغم كل هذه المزاعم يبتعد عن الجمهور تماما (وسوف
نتوقف عند هذه النقطة لاحقا)، فى الوقت الذى يغازل فيه النقاد والمثقفين،
وهو لا يكتفى بأن يغمز لهم بعينه، بل يلعِّب لهم حاجبيه أيضا، فينثر فى
أفلامه العديد من البهارات والتوابل التى تعجبهم، وينصب لهم الأفخاخ التى
يقعون فيها بسبب إشاراته وتلميحاته المتحذلقة، بما يتيح للناقد المتحذلق
بدوره أن يستعرض معلوماته وقدرته على التفسير والتأويل، وهكذا يقع القارئ
والمتفرج فى قبضة تارانتينو والنقاد معا!
يحلو للبعض أحيانا نسبة سينما تارانتينو إلى "ما بعد الحداثة"، خاصة فى
إزالة الفجوة بين الفن الجماهيرى وفن الصفوة، وبصرف النظر عما إذا كان ذلك
بالفعل أحد أهداف ما بعد الحداثة، أو إذا كان تارانتينو ينجح فى تحقيقه،
فإن سينما تارانتينو تمثل هذه النزعة أيضا فى جانب آخر، وهو صنع عمل فنى من
"بقايا" أعمال فنية أخرى، وكأن الأمر كله ينحصر فى "إعادة تدوير" المنتجات
الفنية. ولعل هذا هو الجانب الإبداعى الحقيقى الوحيد عند تاراتنينو، الذى
يفخر بأنه لم يتلقَ أى تعليم أكاديمى فى السينما، وأنه درسها عندما كان
عاملا فى أحد محلات الفيديو، يقضى ليله ونهاره فى مشاهدة الأفلام، خاصة أن
تلك كانت فترة ازدهار شرائط الفيديو خلال الثمانينات، وتدفق شلالات أفلام
العنف القادمة من هونج كونج وتايوان متضمنة ما كان يعرف بفنون القتال
الأسيوية، ناهيك عن أفلام العصابات والجريمة والويسترن، المصنوعة بأقصى قدر
من الركاكة، التى كانت تصنعها الاستوديوهات الرخيصة فى إيطاليا وأسبانيا
وبعض دول أمريكا اللاتينية، بل هوليوود أيضا فى بعض الأحيان.
وحتى لا يذهب الظن بالقارئ إلى أننا نعيب على تارانتينو عدم تلقى دراسة
أكاديمية فى السينما، فإننا نشير إلى أن المدرسة الحقيقية للسينما هى
مشاهدة الأفلام، مثلما فعل على سبيل المثال أبناء الموجة الجديدة فى فرنسا
خلال الخمسينات، أو مثل حالة عشق الفنان العظيم سكورسيزى لمشاهدة كل أفلام
السينما الأمريكية، بل إنى أعتقد أن الخطوة الأولى نحو خلق جيل سينمائى
مثقف بحق عندنا هى إنشاء "سينماتيك" يضم كل تراث السينما فى العالم،
وتشاهَد فيه الأفلام وتُناقش كما لو كنا فى دار للكتب. لكن المهم هو ماذا
تتعلم من مشاهدة الأفلام؟ لقد تعلم تارانتينو ألا يخلو فيلم واحد له من
مشاهد عنف متفجرة، تتناثر بين مشاهد حوارية طويلة تسود فيها الاستعارات
والكنايات، وفى هذه المشاهد والحوارات يجد الكثير من النقاد ضالتهم فى
تدبيج مقالاتهم، لأن تارانتينو أتاح لهم الفرصة لاستعراض عضلاتهم، لم يكد
يشذ عنهم مع فيلمه الأخير إلا بيتر برادشو الناقد المهم فى الجارديان، الذى
لم يقع فى حبائل هذه التوليفة التقليدية: مشهد حوارى طويل ينفجر فى نهايته
العنف، وفى كل مشهد حوارى تستطيع كناقد أن تكتشف علاقة (يسمونها "التناص"،
ذلك المصطلح الذى ظللت عشر سنوات لا أعرف معناه!!) مع مشهد مماثل من فيلم
قديم، وفى كل مشهد عنف تجد تنويعا على أحد أنواع العنف السينمائى، ومن
توالى هذه المشاهد واحدا بعد الآخر "يبدو" أن هناك فيلما، وأضع كلمة "يبدو"
بين قوسين لأن الحقيقة أنه ليس هناك فى النهاية أى فيلم!
ولكى يزيد تارانتينو من حذلقة فيلمه "ولاد الحرام الفظاع"، فإنه يقسمه إلى
خمسة فصول، ويضع لكل منها عنوانا، وأرجو من القارئ أن يسأل نفسه إذا كان من
الممكن حذف هذه العناوين ونسيان تقسيم الحدوتة إلى فصول، فإذا كانت الإجابة
"نعم" فذلك يعنى أنه لا ضرورة فنية لها إلا ادعاء الجدية. إليك فى البداية
عناوين هذه الفصول: "كان ياما كان فى فرنسا حين احتلها النازيون"، و"ولاد
الحرام الفظاع"، و"ليلة ألمانية فى باريس"، و"عملية كينو" (كينو تعنى
السينما!)، وأخيرا "انتقام الوجه العملاق". لكن الحدوتة ياعزيزى القارئ
أبسط بكثير مما يبدو فى هذا البناء المتعسف: تدور الأحداث فى عام 1941، لقد
احتل النازيون فرنسا، لنتوقف عند الكولونيل الألمانى النازى هانز لاندا
(كريستوف فالتر) الشهير بلقب "صياد اليهود"، إنه يذهب إلى مزرعة فرنسية
ليسأل صاحبها (دينيس مينوشيه) عما إذا كان يخفى عائلة يهودية هاربة، ليعترف
المزارع تحت الضغط النفسى أنها تختفى بالفعل تحت الأرض الخشبية للمنزل،
فيأمر لاندا جنوده بإطلاق الرصاص عليها حيث يلقى أفرادها جميعهم مصرعهم، ما
عدا الفتاة شوشانا (ميلانى لوران)، التى يتركها لاندا تهرب (حتى يستمر
الفيلم!!) وهو يتمتم على طريقة أى شرير سينمائي: "حتى نلتقى مرة أخري"! تمر
ثلاث سنوات، ونرى الضابط الأمريكى آلدو رين (براد بيت) يجند مجموعة من
اليهود الأمريكيين الراغبين فى الانتقام من النازيين، ويخبرهم بأن مهمتهم
سوف تكون التسلل وراء خطوط الألمان فى فرنسا، ويطب من كل منهم أن يجلب له
مائة من فروات رأس الجنود الألمان، على طريقة الهنود الحمر! أما شوشانا فقد
كبرت الآن وتعيش باسم مستعار، وورثت دار عرض سينمائى صغيرة، ولا يهتم
تاراتنينو بتفسير ذلك لأنه يريد أن تكون هناك دار عرض سينمائى "وخلاص"،
ولأن فى ذهنه (السينمائى أيضا) أمرا متحذلقا بعينه، وهو أن هتلر (شخصيا)،
وكل كبار رجاله، يقررون أن يشاهدوا فى هذه الدار ذاتها التى تملكها شوشانا
(أترى محاسن الصدف؟!) فيلما ألمانيا بعنوان "فخر الأمة"، لذلك تأتى الفرصة
للفتاة للانتقام بحرق دار العرض بكل من فيها، فى الوقت الذى يقرر فيه
الضابط النازى لاندا _ هكذا دون مقدمات _ الاستسلام لعصابة "ولاد الحرام"
إياها، وهكذا ينجح تارانتينو فى إنهاء الحرب العالمية الثانية بنهاية
متخيلة تماما، لم يمت فيها عشرات الملايين على كل الجبهات كما حدث فى
التاريخ الحقيقى، ويكفى بضع عشرات أراد الفيلم أن "نستمتع" بقتلهم بمختلف
أنواع القتل السينمائية.
هناك فى هذه الحبكة (إن كانت هناك أية حبكة) خطوط فرعية أخرى تم إقحامها
على الحدوتة، دون أن يكون هناك لها دور حقيقي: إن الجندى الألمانى القناص
زولر (دانييل برول)، والذى قتل العشرات من جنود الحلفاء فكرمه هتلر بجعله
بطل الفيلم المزعوم "فخر الأمة"، هذا الجندى (بدون أية دوافع درامية) يقع
فى حب شوشانا وكأنه ليس فى العالم غيرها. كما توجد نجمة سينمائية تُذكِّرك
بمارلين ديتريتش، وتدعى بريدجيت (دايان كروجر) تعمل سرا جاسوسة لحساب
الحلفاء، ناهيك عن ناقد سينمائى بريطانى يدعى هيكوكس (مايكل فاسبيندر) يتم
تجنيده لمحاربة النازيين لأنه متخصص فى السينما الألمانية (!!)، وهكذا
"تلعب" السينما (اللعب هنا بمعناه الحرفي) دورها فى تلك الفانتازيا التى
تصطنع أحداثا ملفقة لأحداث ليست بعيدة عن ذاكرتنا التاريخية، وهو لعب
وتلاعب من جانب تارانتينو، الذى يقول أيضا أن حرق دار العرض السينمائى التى
تملكها شوشانا سوف يكون من خلال إضرام النار فى شرائط الأفلام القديمة،
التى يتدخل هنا صوت الراوى (الذى ليس له دور إلا فى لحظتين عابرتين) ليقول
لك أن شرائط السليولويد كانت أيام زمان من نيترات السليولوز سريعة الاشتعال
ثلاث مرات أسرع من الورق، كما يريد تارانتينو أن يتأكد أننا فهمنا الدرس
فيعرض على الشاشة تجربة إشعال النار فى قصاصة من السليولويد!
فى الحقيقة أن الفيلم عبارة عن "قص ولزق" من كل ما يخطر ببال تارانتينو،
وعلى المتفرج أن يلاحقه فى هذا النزق الفنى، ومن جانب آخر فإن على الناقد
أن يجد المعنى فيما ليس له معني. أعرف تماما أن هذا الرأى من جانبى سوف
يثير حنق الكثيرين من عشاق تارانتينو المثقفين، لكن أرجو منهم أن يتحملوا
مناقشتى لأسطورة هذا الفنان السينمائى، وإذا ما كان فنانا أصيلا بحق، أم
أنه حرفى يتلاعب بمادته على نحو لا يمكنك إلا أن تعترف بإتقانه لحرفته،
لكنه لا يتورع أيضا عن أن يتلاعب بجمهوره على نحو غير أخلاقى، وعذرا لكل من
يرفض علاقة الفن (أو أى نشاط إنسانى آخر) بالأخلاق بالمعنى الأرحب لللكلمة.
لا جدال فى أن تارانتينو يجيد تماما كلاسيكية التكوين البصرى، وتصميم
ميزانسين الكاميرا والشخصيات، وإدارة الممثلين، واللعب بإيقاع المشاهد بين
البطء والانفجار، وأخيرا تلك الحيلة التى يجيدها هو وتلميذه روبرت رودريجيز
(مخرج فيلم "مدينة الخطيئة" وشريكه فى إخراج فيلم "الطاحونة") فى خلق أجواء
تشبه القصص المصورة ذات الألوان المشبعة، خاصة اللون الأحمر الذى لا فرق
عند تارانتينو بين أن يكون لون أحمر الشفاه، أو لون الدماء التى تنفجر على
الشاشة.
إجادة الحرفة السينمائية ياعزيزى القارئ لا تكفى لكى يكون المخرج فنانا
حقيقيا، فالفنان الأصيل لديه رؤية للعالم، وهدفه ليس مجرد أن يبهر "الزبون"
ببضاعته السينمائية، وأى مخرج للوحدة الثانية فى هوليوود يملك الإتقان
الحرفى تماما، ربما أكثر من المخرج الأصلى (لذلك توكل إليه المشاهد الأكثر
صعوبة فى تنفيذها). تأمل معى الآن "العالم" الذى يقدمه لك تارانتينو على
الشاشة، إنه عالم سينمائى خالص لا علاقة له بالواقع من قريب أو بعيد، عالم
يريد منك تارانتينو فيه _ وهذه هى أقواله فى أحاديثه المنشورة _ أن تستمتع
بمشاهد القتل، وتضحك فى مشاهد التعذيب. إن تلك فى أفضل التفسيرات سينما
هروبية تُحوِّل مادة الواقع إلى وسيلة للتسلية الرخيصة، وهى فى تفسير آخر
تشويه لوعى المتفرج وأحاسيسه، لتصنع منه كائنا يستجيب بردود أفعال متبلدة
وغير طببيعية لكل ما فى الحياة من فظائع. إننى لا أستطيع كناقد _ وكمتفرج
قبل أى شيء _ أن استمتع باستغراق الفيلم فى تنفيذ مشاهد نزع فروة الرأس من
الموتى كأنك تقتلع حزمة من الأعشاب، أو مشاهد تحطيم رؤوس الأحياء حتى
الموت، أو التعذيب بغرس الأصابع فى الجروح المفتوحة الدامية، أو اندلاع
النار فى البشر لتأكل جلودهم ولحمهم الحى، أو الخنق المستمر حتى تلفظ
الضحية أنفاسها وتُصدر تشنجاتها الأخيرة.
ضع ذلك "الإتقان" فى مشاهد العنف المريض إلى جانب الافتقاد الكامل لرسم
الشخصيات جميعا، إنها عنده مجرد أنماط، بلا لحم ودم وتاريخ، ونحن لا نعرف
عنها أشياء حقيقية بحيث نراهم بشرا نصدق وجودهم، وشخصيات فنية متكاملة.
وإذا كان تارانتينو يحتج بأن فيلمه ليس إلا تنويعا على أفلام من نوعية
"دستة أشرار" أو "مدافع نافارون" (كنا نعرفه فى طفولتنا باسم "نضال
الأبطال")، فإن عبقرية هذه الأفلام "الترسو" (التى تربى عليها صغيرا كاتب
هذه السطور) تأتى من بناء شخصية متفردة لكل فرد من أفراد العصابة، بينما كل
الشخصيات فى فيلم تارانتينو يمكن اختزالها إلى مجموعتى الأخيار والأشرار
بشكل مسطح تماما، بحيث يمكنك تغيير أسماء وجنسيات وهويات كل الشخصيات دون
أن تجد فرقا. وإذا كان بعض النقاد قد أغراهم فى الفيلم انقلاب الأدوار بين
اليهود والنازيين، فإن هذا ليس إلا تلاعبا (لا معنى له) بالنمط الفيلمى،
كما لو كنت تجعل الهنود الحمر مكان الكاوبوى مثلا، بل إن معظم النقاد
اليهود الأمريكيين اعترضوا على الفيلم، لأنه ينزع عن اليهودى صفة "الضحية"!
(أخشى أن يفسر أحد النقاد ذلك بعداء الفيلم وصانعه لإسرائيل!!).
لقد ظهرت فى تاريخ السينما بعض الأفلام التى تتلاعب بالتاريخ، بسوء نية
أحيانا وبجموح فنى أحيانا أخرى، لكن أكثرها نجاحا كانت المعالجات
الكوميدية، مثل فيلم شابلن "الديكتاتور العظيم" الذى يجعل حلاقا شبيها
بهتلر يخطب فى جنوده ليطلب السلام، أو فيلم لوبيتش الذى أعاد ميل بروكس
إخراجه "أكون أو لا أكون" حول فرقة مسرحية يستخدم بطلها التنكر فى هيئة
هتلر لمنع النازيين من غزو بولندا. لكن التلاعب بالتاريخ عند "ولاد الحرام
الفظاع" ليس إلا انعكاسا لما يمكن أن أسميه "ادعاء الأصالة"، خاصة مع الحشر
المتعمد للعديد من الإشارات "المتثقفة" بلا أى معنى، وأرجو أن يدلنى النقاد
المتحمسون للفيلم على تفسير لتشبيه جوبلز، وزير دعاية هتلر، بسيلزنيك أكثر
من لويس بى مايرز، وكلاهما مديران تنفيذيان لشركات سينمائية كبرى فى
هوليوود خلال عصرها الذهبى، أو عن تفسير لذلك الحديث المستفيض عن المخرجة
الألمانية لينى ريفنشتال والمخرج الألمانى بابست!! فى هذا الفيلم تجد صانع
أفلام يملك الحرفة لكنه لا يملك موهبة الإحساس بالبشر، وهى الموهبة الأهم
عند أى فنان أصيل، وتارانتينو فى التحليل الأخير يصنع أفلاما الإطار فيها
أهم من المحتوى، والشكل أهم من المضمون. لقد قال آلدو فى بداية الفيلم عن
ممارسته القتل بوحشية: "لنستمتع كأننا نشاهد فيلما"، وبعد أن أنهى مهمته
كانت جملته الأخيرة فى الفيلم: "أعتقد أن هذا هو أفضل أعمالى على الإطلاق"،
لقد وضع تارانتينو على لسان بطله ما يريد هو أن يقوله عن نفسه، لكننى لم
استمتع أبدا بمشاهدة نزع فروات الرؤوس، أو حشو رؤوس المتفرجين بهذا اللغو
السينمائى الفارغ.
العربي المصرية في
15/12/2009 |