تتميز أفلام الإثارة والحركة عادة بقدرتها على جذب المشاهد بصرف النظر
عن مضمونها الفني، ويمتد هذا التأثير إلى نوعية الأفلام المثيرة التي تميل
إلى الجاسوسية، المخرج شريف عرفة تميز في تقديم هذا النوع من أفلام الحركة
في عدد من أعماله السابقة، أما في فيلمه الجديد «ولاد العم» فأضاف نكهة
شيقة ينتظرها المشاهدون وهي «تيمة» الجاسوسية، والعلاقة بين العرب
وإسرائيل، وحكايات رأفت الهجان وجمعة الشوان مع جهاز الموساد الإسرائيلي.
فيلم «ولاد العم» الذي صادفته بعض المعوقات أثناء إنتاجه، وخصوصا في
مرحلة كتابة السيناريو حيث اشترطت الجهات الرقابية أولا حصول صانعيه على
موافقة الأجهزة الأمنية المصرية لتجيز عرضه، وبالفعل تم إجازة الفيلم، وتم
عرضه في موسم عيد الأضحى الماضي.الفيلم يروي قصة أم مصرية شابة تكتشف خداع
زوجها بعد سبعة أعوام بأنه ضابط بالموساد الإسرائيلي يهودي الديانة
وإسرائيلي الجنسية كان يعيش في مصر بهدف إنشاء شبكة جاسوسية للقيام بعدد من
عمليات الاغتيال السياسية، تصحو سلوى «منى زكي» على كابوس وحشي تبقى في أثر
صدمته طوال أحداث الفيلم.
فالزوج يخطفها وأبناءها من مصر للعيش معه في إسرائيل، ويضعها أمام
اختيار إما أن تعود بمفردها إلى مصر وتتخلى عن أبنائها الصغار أو تواصل
الحياة معهم في إسرائيل، فتصدم سلوى بهذه الكارثة، والتي سرعان ما تستسلم
لها خوفا على مفارقتها أبنائها، لكنها لم تستطع التكيف مع هذا الشعب
العنصري، ومع هذا الزوج المحرم عليها شرعاً، فتلجأ إلى الاحتيال عليه
بمساعدة رجل مخابرات أرسل لمساعدتها وإعادتها إلى مصر مع أبنائها «كريم
عبدالعزيز». ويعملان معاً على الإيقاع بالزوج والاستيلاء على معلومات تخص
عمله في الموساد، لكن خطتهما تفشل، ويقوم زوجها دانيال «شريف منير» بالقبض
على الضابط المصري داخل مكتبه في مبنى الموساد.
ومنها يبدأ الصراع بين «ولاد العم»، ويستكمل «دانيال» خطته بتعذيب
الضابط المصري ومحاولة قتل زوجته سلوى، لكن كعادة كل الأفلام العربية لابد
للخير أن ينتصر في النهاية.. ينجو الضابط من الأسر، ويقوم بتحرير سلوى
وأبنائها، وقتل الضابط اليهودي والعودة بصحبتهم إلى مصر.
عمرو سمير عاطف سيناريست شاب له رؤية خاصة في كتابة السيناريو؛ أفكاره
طموحة ومتجددة دائماً في كل ما يقدمه سواء للسينما أم للدراما
التليفزيونية؛ لكن تقديمه سيناريو هذا الفيلم الذي يعد بداية انتعاش لسينما
الجاسوسية التي تراجع تقديم موضوعاتها منذ عدة سنوات، جاء كفكرة خيالية لا
حدود لها، على الرغم من أن الموضوع إلى حد كبير واقعي.
والخيال يكمن فقط في جوهر الفكرة التي تحمل نوعا من الغرابة والتجديد،
قصة الفتاة التي تكتشف بعد سبعة أعوام زواج أن والد أبنائها يهودي وضابط
موساد.. هنا يكمن التجديد والخيال؛ لكن الكاتب امتد بهذا الخيال لمعظم
تفاصيل الأحداث التي جنح بها إلى مناطق تصنف في خانة الخيال اللا معقول
وغير المبرر واللا منطقي، فالسينما أحيانا تعني المبالغة في تصوير الواقع
بشكل فني وتجسيد خيال الكاتب بمنطق الواقع..
لكن عند تجاوز اللا منطق يعتبر العمل أحيانا كوميديا خيالية، وبما أن
الموضوع لا يحتمل الكوميديا؛ بل يقترب من الواقع؛ فلا معنى للخيال الذي
يدفع بضابط مخابرات مصري أن يلقي نفسه في قلب النار ويقتحم مبنى يصعب على
الطيور التحليق فوقه من شدة الإجراءات الأمنية التي تقيده، يقرر الضابط
المصري دخول مبنى الموساد الإسرائيلي للحصول على ملف معلومات من مكتب
«دانيال» خاص ببعض العمليات الإرهابية التي ستنفذها شبكة الجاسوسية داخل
مصر؛ فيدرك أنه كان ضمن قائمة الاغتيالات، ويلقي القبض عليه داخل المكتب.
ويكتشف أن اختطاف سلوى ما هي إلا حيلة من زوجها لاستدراجه لإسرائيل؛
وكأن «دانيال» على ثقة أنه لم يأت غيره لإنقاذ زوجته المصرية.
سلوى التي تبدو في معظم مشاهد الفيلم مضطربة ومصدومة مما حدث لها ترفض
في البداية مساعدة الضابط المصري في الإيقاع بزوجها خوفاً عليه، على الرغم
من أنها تريد الهرب منه والابتعاد عن حياته الأخرى المزيفة..تناقض شديد
حملته شخصية سلوى، ما بين الصد والرد بين حبها لزوجها وانتمائها لوطنها
ودينها، وبين خوفها على أولادها من تجنسهم بدين جديد وجنسية جديدة تعتبر
إلى حد كبير معادية لجنسيتهم وديانتهم الأصلية كمسلمين مصريين؛ فتحاول مرات
التحايل على العيشة الباهتة والمفزعة التي تتمكن من الانصهار فيها ببطء حتى
تصحوا سريعا على أنها لن تستطيع الحفاظ على قوميتها في هذا المجتمع
العنصري.
فتصدم حين ترى أبناءها يرسمون العلم الإسرائيلي، ويتكلمون العبرية،
ويتعلمون شعائر الصلاة اليهودية، ويصادقون أبناء جيرانهم، ويكونون مجتمعا
جديدا هم جزء منه؛ فعندها تقرر سلوى التخلص من ترددها، ومساعدة الضابط
المصري والتجسس على زوجها مقابل عودتها سالمة بأولادها إلى مصر.
تعودنا من الفنانة منى زكي على الأداء الهادي والرقيق في شخصيتها
السينمائية، وفي هذا الفيلم امتد هذا الهدوء إلى ردود أفعالها التي برزت من
خلال انفعالات العيون، فمنى زكي من الممثلات اللاتي يتميزن بأداء العين
الذي تنطق دون حديث، أما البطل الحقيقي والذي أضاف نفطة رابحة لرصيده
السينمائي فهو الفنان شريف منير الذي قدم بإتقان شخصية ضابط المخابرات
الإسرائيلي وتعلمه اللغة العبرية حد الإجادة..
مجهود يحسب لهذا النجم الذي تميز بأدوار مختلفة غير مكررة حتي ولو
حسبت أدوار ثانية، فموهبته تفرض نفسها دون تصنيف للأدوار، وهو أمر يحسب
لبطل الفيلم كريم عبد العزيز الذي اختلف حول أدائه النقاد وإن كان هناك
اتفاق بأن شريف منير تفوق عليه في هذا العمل.
على الرغم من ضعف السيناريو بشكل عام؛ لكن تمكن المخرج شريف عرفة من
تقديم صورة بصرية مبهرة جدًا تعكس زهد الحياة في تل أبيب التي تدور معظم
الأحداث بها وعمد إلى تصوير نمط الحياة الأوروبية التي تغلب على المدينة من
خلال تصويره لها من زاوية أعلى.
البيان الإماراتية في
13/12/2009
مهرجان غزة الدولي : بدون أفلام " دولية
" !
غزة _ أسماء
شاكر
لم يكن الإعلان عن "مهرجان غزة الدولي للأفلام التسجيلية" مفاجئة
نوعية في
قطاع غزة، فقد كانت تجربة المهرجان امتدادا ً لعدة تجارب مميزة _ نسبيا ً
_ سبقته
بفترات وجيزة، كعروض
"أسبوع
الفيلم التسجيلي الفلسطيني" و"مهرجان المرأة
الأول للأفلام التسجيلية"، وهو ما شكّل حراكا ً فنيا ً غير
معتاد، علي صعيد الصورة
البصرية الفلسطينية.
فلم يعد جمهور الجوائز و المهرجانات العربية و الدولية هو
ما يسعي إليه المخرجين الغزيين بتفاوت خبراتهم وإمكاناتهم، بعد أن أُغِلقت
المعابر
بوجه أفلامهم
.
ذلك التوجه المحلي الذي خلق نوعا من التحدي و المنافسة و الجدال
أيضاً، حول القيمة السينمائية لتلك الأفلام، ومدي خروجها عن النطاق النمطي
وتجاوزه
إلي المفاهيم المعاصرة للفيلم التسجيلي .
اختتام " تجربة " مهرجان غزة الدولي،
جاء بعد عرض ما يقارب 48 فيلم تسجيلي خلال 3 أيام، في عدة
مناطق بقطاع غزة، رغم أن
الحملة الإعلامية للمهرجان كانت قد أعلنت في وقت سابق عن نيته لعرض ما
يزيد عن 150
فيلم تسجيلي، بمشاركة أفلام دولية وعربية، لكن الأفلام اقتصرت علي مشاركات
فلسطينية
أغلبها من إنتاج مؤسساتي، غير أن مدير المهرجان رياض شاهين ، كان قد برر
ذلك في
تصريح لوسائل الإعلام، بتأكيده علي وصول 152 فيلم إلي غزة من عدة دول عربية
و
أوربية، اختارت منهم اللجنة المنظِمَة للمهرجان ما يقارب 44
فيلم للمشاركة ضمن
المنافسة علي 3 جوائز لأفضل الأفلام المعروضة، إضافة للجائزة الخاصة بأفضل
فيلم عن
القدس، وهو ما يعني إقصاء عرض الأفلام " الدولية " في المهرجان
!
الأمر الذي لم يكن واضحا ً في آلية تنفيذ المهرجان
التي حضر حفله الافتتاحي رئيس الوزراء في الحكومة المقالة إسماعيل هنية،
والدكتور
محمود الزهار القيادي في حركة حماس. كما كان من المقرر حضور
لجنة التحكيم التي
يترأسها عباس ارناؤوط، مدير مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيلية، حيث
شارك في
اللجنة كل ٍ من : دكتور مني الصبان ( مديرة المدرسة العربية للسينما
والتلفزيون
)،
و دكتور عمر زيدان ( مدير دائرة الأفلام الوثائقية في قناة
الرافدين الفضائية)،
إضافة إلي المخرجة مي المصري والمخرج علي ضو و أسامة راضي
(مدير دائرة الأخبار في
قناة الساعة الليبية)، لكن اللجنة المُنظِمة قد أعلنت في الأيام القليلة
التي سبقت
الافتتاح عن بقاء لجنة التحكيم في القاهرة، و التواصل معها عبر الفيديو
كونفرنس في
الحفل الختامي للمهرجان الذي رعته قناة المنار الفضائية وقناة
الساعة ، بالتعاون مع
تلفزيون الأقصى واللجنة الوطنية لفعالية القدس عاصمة الثقافة العربية في
غزة، وكانت
اللجنة المنظمة قد تعمدت في الإعلان عن المهرجان تأكيدها علي مجيء لجنة
التحكيم إلي
القطاع كنوع من الدعاية
.
وكان الفيلم القصير
" one off " _
إخراج : عماد بدوان _ قد تمكّن من الحصول
علي جائزة المهرجان الأولي، يتحدث الفيلم عن الناشطة الكندية ايفا بارتليت،
وتجربتها في العمل ضمن طواقم الإسعاف أثناء الحرب، وما واجهته
تلك الطواقم من خطر
استهداف القصف الإسرائيلي لها .
أما الجائزة الثانية كان لفيلم " العودة من
الجنة " لمحمد البيومي ، تدور أحداث الفيلم حول صدمة عائلة فلسطينية فقدت
ابنها في
الحرب ودفنت أشلاء يُعتقَد بأنها له، لكنها اكتشفت بعد أيام بأنه لا يزال
حيا ً.
كذلك فيلم " حياة رغم الموت " للمخرج : حمادة حمادة ، عن قصة الصحفي
عماد غانم الذي
تعرض لحادث إطلاق نار كثيف من قبل قوت الاحتلال، فقد علي إثره أطرافه
السفلية،
إضافة لاعتداءات أخري علي الصحفيين الغزيين . المخرجة المقدسية ساهرة درباس،
حصلت
علي جائزة المهرجان لأفضل فيلم عن القدس، عن فيلمها " غريبة عن
بيتي"، ورغم تفاوت
القيمة الفنية للأفلام المشاركة في المنافسة، إلا أن اختيار الأفلام
الفائزة لم يتم
بناء علي معايير فنية محددة .
الجزيرة الوثائقية في
13/12/2009 |