ربط كثر من مشاهدي دراما رمضان بين شخصية «العقاد» التي قدمها الفنان
صلاح
السعدني في مسلسل «الباطنية» وشخصية الراحل فريد شوقي في فيلم حمل الاسم
ذاته، ما
أثار استنكار السعدني الذي قال لـ «الحياة»: «مسلسل «الباطنية» يبدأ من حيث
انتهى
الفيلم عام ١٩٨٥، ولا أقدم فيه الشخصية التي قدمها فريد شوقي
إنما هي استكمال لتلك
الشخصية، ففريد والدي وأستاذي في التمثيل والشخصية التي أقدمها مختلفة عن
شخصيته
تماماً من ناحية الصوت والأداء والتفكير، إذ تغلب عليها صفات ابن البلد،
كما أن
المسلسل مختلف تماماً عن الفيلم ولا يوجد تشابه بينهما إلا في
بعض الخطوط».
وحول تصريحات بعضهم، ومنهم الفنانة نادية الجندي التي اعتبرت ان نجاح
المسلسل
امتداد لنجاح الفيلم، اكد السعدني أن «هذا الكلام غير حقيقي لأن من شاهدوا
الفيلم
ماتوا ومرّ جيلان على الفيلم». وأضاف: «المسلسل نجح لأن الممثلين بذلوا
جهداً
كبيراً فيه، وهناك مسلسلات عدة مقتبسة من أفلام لم تحقق أي
نجاح».
وأكد السعدني أن الدراما التلفزيونية «لا بد من أن تتطرق لقضية
المخدرات، فهي
موجودة في مصر من أيام محمد علي باشا وحتى الآن، وما زلنا نقرأ عن جرائم
المخدرات
في الصحف، ثم إن أهل الباطنية بعد ان تم ضبطهم هربوا إلى كوم السمن وما
زالوا
يمارسون هذه التجارة غير المشروعة، من هنا لا بد من التصدي
لهذه القضية مراراً
وتكراراً، فالمسلسل يتطرق إلى هذا العالم ويكشف خباياه ويرصد آلاف المصريين
الذين
راحوا ضحية تعاطيهم الهيرويين. فمن الضروري التصدي لتلك الكوارث في أكثر من
عمل
فني، ومهاجمة مرتكبيها، والمطالبة بتشديد العقوبات على من
يجلبونها إلى مصر».
وعن رؤيته لفكر «العقاد» الذي يحلل تعاطي المخدرات وتجارتها في
المسلسل، قال: «إنه
فكر ساذج، فهو رجل عديم الثقافة. ولذلك أوجه في نهاية المسلسل رسالة مباشرة
تؤكد أن الحشيش حرام على رغم أنني لا أحب الرسائل المباشرة».
وعبّر السعدني عن سعادته بردود الفعل على المسلسل بما ان نسبة مشاهدته
كانت
مرتفعة في رمضان وخلال عرضه الثاني أيضاً، وقال: «أنا سعيد جداً باستقبال
الجمهور
للمسلسل، وعلى رغم اقتناعي به فإنني لم أكن أتوقع أن يحقق هذا النجاح،
خصوصاً في ظل
الزحام الدرامي خلال شهر رمضان، إذ من الصعب أن تجد نفسك وسط هذا الكم
الدرامي
والبرامجي، فهناك فنانون يبذلون جهداً كبيراً، ولكن طريقة
العرض وموعده يسببان
مشاكل كثيرة للمسلسلات، من هنا يجب أن يضع خبراء في الفن والإعلان خطة
لتوزيع
المسلسلات على السنة كلها».
ورداً على الانتقادات التي ترى أن طريقة تعامل «العقاد» بقسوة مع ابنه
لم تجد ما
يبررها درامياً، رأى السعدني أن «من الطبيعي أن يفعل ذلك عندما يغضب من
ابنه فهو
تاجر مخدرات وعدواني وقاسي القلب، وعندما علم بأن ابنه تزوج الخادمة وأنجب
منها،
طبيعي أن يثور ويحرق محال ابنه ويخطف حفيده من والدته ويطلّقها
منه بالقوة، فهذا
منطقي حتى يعود ابنه إليه مرة أخرى، خصوصاً انه ابنه الوحيد».
وأضاف: «سمعت بعض الانتقادات الأخرى مثل من يقول إن المسلسل بالغ
كثيراً في بعض
الحكايات الدرامية فمثلاً هل من المنطقي أن يتزوج ضابط شرطة في مكافحة
المخدرات
ابنة «العقاد» وهو لا يعرف مهنته غير المشروعة؟ وأرد على ذلك قائلاً: لا
أحد في
الباطنية كلها يعرف مهنة «العقاد» غير المشروعة فهم يعرفون عنه
أنه تاجر أخشاب حتى
زوجاته لا يعرفن باستثناء لوسي، و «العقاد» كان رافضاً لهذه الزيجة من
البداية،
ولكن أمام إصرار الفتاة اضطر أن يوافق».
وعزا السعدني هدوءه في تجسيد شخصية «العقاد» على رغم كم الانفعالات
الداخلية،
إلى خبرته، «فالانفعالات لا تجسد بالصوت العالي»، وهو يوزع انفعالاته بحسب
الموقف،
ثم ان مهنته كممثل «تجعلني افهم جيداً ما يتطلبه الدور»، وأضاف انه تلميذ
محمود
المليجي وتاريخه الفني يمتد أكثر من ثلاثين سنة.
ونفى السعدني ما يقال عن تدخله في تصوير المسلسل وتسبب ذلك في خلافات
بينه وبين
المخرج محمد النقلي، قائلاً: «لست مثل غيري، فأنا أؤمن بأن لكل شخص دوره
ولكن لا
يمنع ذلك إن كان لي ملاحظة ان أناقشها مع المخرج من دون أن أفرض عليه رأياً».
كما نفى تفكيره في الاعتزال خلال الفترة المقبلة، وزاد: «سأظل أمثل
حتى اللحظات
الأخيرة من حياتي خصوصاً أن هذه الرغبة جاءت بناء على طلب الجمهور الذي عشت
من
أجله».
وأعرب السعدني عن رضاه عن مشوار ابنه أحمد في التمثيل خلال الفترة
الماضية لأن «موهبته
فرضت نفسها لأنه لم يدخل التمثيل بالواسطة ولا يمكن أن يتقبله الجمهور لأنه
فقط ابنه»، وقال: «لا أتدخل إطلاقاً في اختياراته الفنية كيلا
يعيش في جلباب
أبيه».
الحياة اللندنية في
11/12/2009
أفلام تروي جوانب من «المعجزة
الكورية»
حتى بداية هذا العام 2009، كان الرقم القياسي الأعلى الذي سجله اي
فيلم عرض في
مدن كوريا الجنوبية، منذ ما لا يقل عن عشر سنوات، هو ذاك الذي سجله عدد
مشاهدي فيلم «فهرنهايت 10/9» للسينمائي الأميركي مايكل
مور، في مجال الفيلم الوثائقي، الذي لم
يكن - على اية حال - اعتاد اجتذاب اعداد كبيرة من بين الـ150
مليون متفرج الذين
يدخلون الى الصالات السينمائية سنوياً في ذلك البلد الآسيوي البعيد. ونعرف
طبعاً ان
نحو الـ450 ألف مشاهد الذين شاهدوا فيلم مور، انما فعلوا ذلك لأسباب سياسية
في بلد
اعتاد طلابه ان يعلنوا سخطهم على الحكومات الأميركية ليلاً
ونهاراً. ومن هنا لم يكن
عدد مشاهدي الفيلم ينم حقاً، عن تطلعات فنية أو عن ازدهار لنوع شديد
الخصوصية من
السينما. ولكن فجأة عند بداية العام كشفت الإحصاءات ان فيلماً وثائقياً
كورياً،
تمكن من ان يحطم ذلك الرقم القياسي بنحو ثلاثة ملايين متفرج
شاهدوه. الفيلم هو «الرفيق
القديم» وموضوعه: علاقة صداقة بين بقرة وصاحبها العجوز. من ناحية مبدئية
يذكّر هذا الفيلم بشريط ايراني يعود الى ما قبل الثورة الإسلامية، وشكل
بداية نهضة
السينما في إيران وهو، تحديداً، فيلم «البقرة». لكن الفوارق
بين الفيلمين كبيرة،
لعل أبرزها ان «البقرة» الإيراني فيلم روائي، وأنه حقق في الخارج يومها،
أضعاف
أضعاف ما حقق في بلده، على عكس الفيلم الكوري الذي تدافع الكوريون
لمشاهدته، حتى
قبل ان تصل أصداؤه الى الخارج.
مهما يكن من أمر، فإن للسينما في كوريا الجنوبية خصوصيات لعل أهمها
انها تحقق
ومنذ عقود طويلة نجاحاتها الداخلية من دون ان تكون هذه النجاحات انعكاساً
لأية
نجاحات خارجية لها. وهذا ما يميزها عن سينمات آسيوية أخرى، مثل تلك الصينية
والتايوانية وحتى اليابانية. ومن هنا إذا كان عمر السينما
الكورية الجنوبية، يقارب
اليوم ثلاثة أرباع القرن، فإن العالم الخارجي لم يعرفها في شكل متكامل إلا
منذ
سنوات قليلة...
تقريباً منذ الوقت الذي أطلت فيه كوريا
الجنوبية على العالم، من
خلال صناعة سيارات راحت بسرعة تضاهي صناعة السيارات اليابانية، ومنذ راحت
شاشات
التلفزة في العالم تنقل في شكل متواصل مشاهد الطلاب المتظاهرين بعنف ضد
اميركا، ضد
الإمبريالية، ضد العولمة، ضد الرأسمالية. باختصار ضد كل ما
ساهم في ما يسمى اليوم
بـ «المعجزة الكورية»، وصولاً الى ان يصبح ديبلوماسي كوري (بان كي مون)
اميناً
عاماً للأمم المتحدة!
كل هذا، إضافة الى عناصر أخرى، بات له اليوم تاريخ. ولئن كان من الصعب
البحث عن
هذا التاريخ في الكتب، أو في برامج الحكي التلفزيوني التي قلما تطلعت في اي
بلد الى
خارج حدود هذا البلد، لا شك في ان ثمة مكاناً يمكن التطلع إليه، لمعرفة
الخلفيات.
وهذا المكان هو - كالعادة - السينما. فبلد ينتج في العام أكثر من مئة فيلم،
ولا
يزال عدد الصالات فيه مرتفعاً جداً (2081 صالة، لـ150 مليون متفرج سنوياً)،
وبلد
احتل فيه فيلمان محليان، في موسم 2008 - 2009، المكانتين
الأولى والثانية بين أكثر
الأفلام مشاهدة، لا شك في انه يمكنه الزعم ان السينما لا تعكس فقط، فيه،
تطلعات
المشاهدين، بل تاريخهم ايضاً وذهنياتهم. هذه السينما الكورية التي لا تفتأ
تحقق منذ
سنوات نجاحات كبيرة في مهرجانات العالم، على رغم صعوبة نطق
اسماء مخرجيها المتشابهة
الى حد غريب، ظلت حتى الآن تقدم نتفاً متفرقة، لا سيما في مدن المهرجانات
السينمائية العربية. أما اليوم فها هو التكريم الخاص للسينما
الكورية ضمن إطار
مهرجان مراكش، يكشف امام أعين متفرجين يستبد بهم الفضول، اكثر من خمسين
عاماً من
تاريخ هذه السينما، وبالتالي، أكثر من خمسين عاماً من تاريخ الذهنيات في
بلد يبدو،
حتى، اشد غموضاً، من جاره الشمالي، كوريا الأخرى، الشمالية. ولكن هنا، في
مراكش،
يوماً بعد يوم، وفيلماً بعد فيلم، واضح ان الغموض يتضاءل إثر
مشاهدة افلام حققت بين
1955
و2008، وتناولت، في شكل أخاذ، أنواعاً كثيرة من السينمات، من افلام
الغرام الى
افلام المغامرة، ومن الأفلام الفنية الصعبة، الى أفلام التراث الأسطوري
والشعبي،
وصولاً الى الأفلام السياسية وأفلام الواقع الاجتماعي، مع التوقف، طبعاً،
عند ثلاثة
أفلام حظيت خلال العامين الأخيرين بسمعة عالمية لا شك فيها، وهي: «المطارد»
لناهونغ
-
جين، الفيلم البوليسي الذي يحبس الأنفاس والذي لا شك سنشاهد عما قريب
اعادة إنتاج
اميركية له، وفيلم «عطش» الخيالي المرعب الذي يدور حول تجربة طبية تحول
قسيساً الى
غول. اما الثالث والذي يبقى أطرف الأفلام الكورية وأكثرها جنوناً، فهو ذاك
الذي عرض
العام الفائت في مهرجان «كان» وعنوانه «الطيب والشرير والأخوت»
لكيم جي - وون، وهو
فيلم يحاكي من موقع شديد السخرية، افلام الغرب الأميركي كما حققها
الإيطاليون (وسترن سباغتيتي) في قالب من المطاردات
المثلثة، على ايقاع موسيقي مدهش، لا يترك
مجالاً للمشاهد كي يتنفس إلا في الدقائق الأخيرة.
هذه الأفلام الثلاثة هي، بالتأكيد، درر هذا الاحتفال السينمائي
المراكشي
بالإنتاج الكوري الجنوبي، الاحتفال الذي يكرس للمرة الأولى لسينما هذا
البلد. لكنه -
اي الاحتفال - لا يكتفي طبعاً بهذه الأفلام
التي باتت معروفة، بل انه - كما أشرنا
-
يغوص أبعد في الزمن، ليكشف تحفاً سينمائية تقول روح شعب بأسره، وتاريخ
ذهنيات هذا
الشعب الذي يعيش دائماً عند حافة الخطر، وعند حافة الاضطرار الى التجدد
الدائم،
مراعاة لتطور اقتصادي وحضاري هو في نهاية الأمر مصيره ولعبته الكبرى. وما
السينما
سوى شاهد على هذا. شاهد متورط. شاهد يقدم هنا، في مراكش، عبر
افلام تدهش وتفاجئ،
ليس فقط في وتيرة إنتاجها وإيقاعه، بل ايضاً، وخصوصاً، باستمراريته
المدهشة، الى
درجة ان المشاهد بالكاد يتنبه في نهاية الأمر، وبعد ان يكون قد شاهد، حتى
كتابة هذه
السطور، العدد الأكبر من هذه الأفلام، ان في هذا البلد أزمة
إنتاج أو حتى أزمة
تعبير من النوع الذي اعتاد سينمائيو البلدان الأخرى الحديث عنه امام هجمة
التلفزيون، أمام هجمة أدوات الاتصال الحديثة، امام هجمة العولمة، أو أمام
هجمة ذلك
الواجب اليومي للطلاب والذي يتمثل في مجابهة رجال الشرطة في
بلدهم متظاهرين كل
صباح، ومهما كانت هوية النظام الذي يدافع عنه رجال الشرطة هؤلاء.
الحياة اللندنية في
11/12/2009 |