يعد مهرجان سالونيك الدولي للسينما في اليونان أهم المناسبات والأحداث
السينمائية في اليونان والبلقان، حيث يجمع الكثير من الأفلام
السينمائية العالمية
والمحلية، كما يحضره الكثير من منتجي الأفلام المعروفين على الصعيد
العالمي. في
دورة هذا العام تميزت أربعة أفلام: فيلم «آزامي» الذي يتكلم عن ظروف الحياة
في
الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفيلم «نورتياذو» المكسيكي ويحكي
عن محاولات الهجرة من
بلاد أميركا اللاتينية نحو الولايات المتحدة الأميركية، وفيلم «ليبانون»
الإسرائيلي
الذي يخوض في التجربة اللبنانية في الحرب والسلم، ثم فيلم «وردة الصحراء»
الأفريقي
ويتكلم عن تجربة امرأة أفريقية تعاني من الاضطهاد والعنف
والعنصرية.
ولقد اكتسبت الدورة الجديدة للمهرجان أهمية خاصة، حيث بلغ عامه الخمسين،
كما
أضاف الى اهتماماته مؤخراً موضوعات البيئة والعناية بها، إضافة
الى موضوعاته
التقليدية عن المجتمعات المعاصرة ومشكلاتها، وتحديات العولمة، وقصص
المغامرات
والتحدي.
وفي اتصال مع «الحياة» أوضحت أثينا لابرينيذو المسؤولة عن موضوعات البيئة
في
المهرجان إن الاهتمام بالبيئة بدأ العام الماضي، حيث جرت
حوارات مسجلة مع الجماهير
أظهرت اهتمام الجمهور بخاصة الشباب بما يجرى للبيئة على الصعيد العالمي،
وتطور
الأمر هذا العام إلى عروضات وحوارات أكثر عمقاً، حيث يهدف المسؤولون إلى
إشراك
جهتين لا غنى عنهما للفت الانتباه إلى موضوعات البيئة وهما
الجمهور والدولة.
وأضافت لابرينيذو إن المهرجان يهتم بطرح مقترحات معينة للحفاظ على البيئة
ولا
يبقى في النظريات. فقد استضاف العام الماضي مجموعة شباب من
بريطانيا اخترعوا نظام
«دراجات
السينما» ويعتمد على توصيل الدراجات بمحركات توليد عبر أسلاك، ينتج منه
توليد طاقة كهربائية عند القيام بأي رحلة أو نشاط بالدراجة، وهذه الطاقة
كافية
لتشغيل نظام السينما، موضحة أنه باختراع بسيط وغير مكلف أصبح
بالإمكان تشغيل سينما
باستعمال طاقة نظيفة.
أما الدورة الأخيرة فاستضافت فيلمين عن البيئة يهدف عرضهما إلى تفعيل
الحوار قبل
قمة كوبنهاغن المقبلة للبيئة. أحد الفيلمين من إخراج المخرج
اليوناني الأصل لويي
بسيخويوس ويروي قصة قتل سنوية للدلافين في أحد خلجان اليابان تتم بشكل وحشي
من قبل
الصيادين، وهو فيلم تم تصويره بسرية حيث تسلل المخرج ومساعدوه الى الخليج
وثبتوا
آلات تصوير خفية صورت العملية بالكامل.
وعن هذا الفيلم تقول المسؤولة البيئية : «يظهر أن الأفراد يستطيعون تغيير
الأمور، حيث إن هذا الفيلم الذي حصد جوائز دولية، حرك الدولة
اليابانية التي أوقفت
عملية القتل السنوية للدلافين، وأثار الرأي العام الياباني الذي لم يكن
يعرف بما
يجرى في الخليج الياباني».
ولا يتوقف تأثير الفيلم في الدلافين، بل يتعداه ليوضح كذلك التلوث التي
يسببه
بعض مصانع الفحم في دول عدة من العالم، من بينها اليابان،
وتتسبب في تلوث البحار
بالزئبق، هذا التلوث ينتقل بدوره من الأسماك الصغيرة الى الدلافين التي
كانت تقتل
سنوياً ما يؤدي إلى تحويلها إلى دلافين مشعة كانت تقدم للتلاميذ في المدارس
اليابانية، وهكذا أدى الفيلم إلى منع هذا الأمر.
يأتي المهرجان في وقت لا تعرف السينما اليونانية أزهى مراحلها، فقد أعلنت
مجموعة
واسعة من منتجيها مقاطعة كل جوائز الدولة اليونانية، واتحدت
تحت اسم «سينمائيون في
الضباب» لتطالب بدعم حكومي أكبر لإنتاج الأفلام المحلية وتغيير القانون
المتعلق به،
ما أدى إلى حالة شبه اختفاء للأفلام اليونانية من الصالات، إلا أن ثمانية
مخرجين
يونانيين كسروا المقاطعة وأرسلوا أفلامهم للعرض، كما اشتركت
تسعة أفلام يونانية
أخرى في منافسات المهرجان التي تتركز على الإبداع في المجال الرقمي.
واشتركت السينما البلقانية بأفلام عدة عكست عمق التحولات التي عاشتها منطقة
البلقان خلال السنوات الماضية من زوال الأنظمة اليسارية الى
محاولة إيجاد هوية
جديدة لتلك البلاد وشعوبها، وصولاً إلى الحروب الدامية التي شهدتها
والتقسيمات التي
غيرت معالمها، والهجرات الطوعية والقسرية التي غيرت ديموغرافية المنطقة في
شكل
جذري.
على هامش المؤتمر عقدت مناقشات وحوارات عدة حول صناعة السينما الحديثة،
وعلاقة
السيناريو بالصورة، والصعوبات التي تواجه صناعة الأفلام على
صعيد عالمي، وكان
السؤال الذي شغل بال الجميع هو دور السينما وقدرتها على التأثير في الأحداث
العالمية، بخاصة أن عنوان المهرجان: لماذا السينما الآن؟
الحياة اللندنية في
27/11/2009
الصف الثاني
ابراهيم العريس
لسنا ندري شيئاً عن البرنامج الجديد الذي وعد المقدّم زياد نجيم
جمهوره بعودته
عبره الى قناة «أم تي في»
اللبنانية، فيما كان يعلن مساء الأربعاء الفائت أن حلقة
هذا المساء من برنامجه «مسا الحرية» هي الحلقة الأخيرة. كذلك لسنا ندري
السبب
الحقيقي الذي يقف خلف برنامج لا يمكن القول أبداً إنه كان أسوأ من غيره من
برامج
الحكي السياسي، حتى وإن كنا نعرف أنه، طبعاً، ليس أحسن من غيره.
ففي لبنان، تحديداً في الساحة السياسية اللبنانية المتلفزة، من الصعب
على
المتفرج أن يتوقع برنامجاً سياسياً استثنائياً، مفاجئاً، يجمع في آن بين
الظرف
والفائدة، فمنذ زمن بعيد بات الكلام هو هو والمواقف هي هي،
وحتى التوقعات المسبقة
هي نفسها. ومع هذا، لا شك في أن كثراً من بين الذين تابعوا حلقات هذا
البرنامج،
سيستبد بهم، بين الحين والآخر، نوع من الشوق اليه... حتى من دون أن يدرك
كثر منهم
دوافع هذا الشوق. لذا سنجتهد هنا لنقول إن الدوافع لها عنوان
واحد: الصف
الثاني.
حتى الآن، في مجرى هذا الكلام السريع، يقيناً أن قلة من القراء فقط،
أدركت ما
الذي نعنيه بهاتين الكلمتين. لذا سنسارع الى التوضيح: برنامج «مسا الحرية»
وعلى
العكس مما تفعل كل البرامج السياسية التلفزيونية، أعطى الأفضلية دائماً في
حواراته،
لضيوف يشغلون صفوفاً ثانية، لا صفوفاً أولى في أحزابهم، حتى وإن كان
التعريف بهم
أتى في معظم الأحيان فضفاضاً، كأن يكونوا أعضاء في القيادة
الفلانية أو مسؤولين عن
القطاع الفلاني. ونعرف ان شاغلي هذا الصف الحزبي وما دونه، يظلون دائماً
بعيدين عن
الشاشات الصغيرة، لأن القيادات ومن وازاها هي التي تتنطح دائماً لاحتلال
هذه
الشاشات، وغالباً تتحمل وحدها وزر المواقف السياسية، معرضة
نفسها لانتقادات الخصوم،
وما أكثرهم دائماً! ومن هنا، طبعاً، تكوّن الاعتقاد الشعبي بأنهم نرجسيون،
ذوو
ألسنة خشبية، يلعبون على الكلام والمواقف بحسب الظروف والتحالفات.
من هنا كانت فائدة «مسا الحرية» عظيمة إذ اكتشف وكشف أن الكل سواء
بسواء: كلهم
كلام مفتعل، كلهم ألسنة خشبية، سواء شغلوا صفوفاً أولى أو ثانية أو حتى
ثالثة، أو
كانوا عجائز أو شباناً أو أقل شباباً... الى درجة أن زياد نجيم كان يتوسل
اليهم
تقريباً، إما كي يقولوا حقاً ما يفكرون فيه، خارج فكر زعيمهم
أو طوائفهم، وإما لكي
يكفُّوا عن التصارع في ما بينهم كالديوك. والحال أن التشابه المقلق في
التفكير
والتعبير، بين القياديين والمقودين، كان يبدو أكثر وضوحاً، حين كان نجيم
«يوفّق»
بضيوف خارجين عن الاصطفافات الحزبية، ليعلقوا على ما يحدث أمامهم... ومن
هنا شكل «مسا الحرية» مرآة حقيقية تكشف السياسيين
ومرؤوسيهم... وتقول للمتفرجين: هذه سياسة
بلادكم فما رأيكم؟
الحياة اللندنية في
27/11/2009 |