قصص وحكايات.. خبايا
وأسرار.. منسيين ومشاهير..
حلبة و»كازوزة«..
طاولة وشطرنج..
آمال
وإحباطات.. أحلام تحققت وأخري وأدتها الأيام..
كل هذا -
وغيره كثير - كنت
تجده وتطالعه في نقابة المهن التمثيلية.
ربما لا يدرك الكثيرون حجم وأهمية
النقابات الفنية المختلفة ودورها -
باعتبار ما كان
- في حياة أعضائها أيام زمان
علي الصعيدين المهني والانساني اعتمادا علي أن مقار هذه النقابات في الوقت
الراهن
مقصور استضافتها علي صغار الممثلين أو أوسطهم في معظم الأحيان ونادراً ما
يتواجد
فيها النجوم الكبار وهو عكس ما كان سائداً
قبل عشرات السنين عندما كان من الطبيعي
والمعتاد أن تري »النقيبة« أم كلثوم أو فريد الأطرش وشادية واسماعيل يس
وغيرهم
من الكبار في دار النقابة
- أو النقابات مع تغير أسمائها وأحجامها ونوعية المهن
التي تضمها -
بعضهم يلعب الدومينو والآخر يحاول الهروب
من »الخشب«
في لعبة
الطاولة والبقية منشغلون بالحكايات والأحاديث الجانبية.
في عام ٥٥٩١ قررت
نقابة المهن التمثيلية إعادة تأجير البوفيه الخاص بها وعندما أعلنت عن ذلك
تقدم
الكثيرون وأخيراً
وقع الإختيار علي أفضل العروض وتم توقيع »الكونتراتو«
-
بلغة الزمن الرائق - والذي كان مكونا من خمس صفحات كبيرة امتلأت بخمسة
وعشرين
بنداً معظمها -
ان لم يكن جميعها - لا تخلو من ندرة وطرافة ولكن ظروف الساحة
تجبرنا أن نتوقف عند القليل من هذه البنود مشيرين الي أهم ما تحتويه
مترحمين علي
زمن جميل ولي ونظنه.. لا يعود.
الخدمة المتميزة
مثل النقابة في عقد
التأجير المرحوم الفنان الكبير أحمد علام بصفته النقيب وان كان نائباً عنه
في
التوقيع الفنان محمد زكي إبراهيم سكرتير النقابة في حين كان الطرف الثاني -
المستأجر -
شخصين من المحترفين أحدهما مصري والآخر
أجنبي.
إطلالة سريعة علي
بعض التفاصيل تكشف لنا أن الخدمة تشمل تقديم وجبات متنوعة للأعضاء وضيوفهم
وسائر
المترددين علي النقابة وكذلك المشروبات بأنواعها
- بما في ذلك الخمور -
وكذلك
»أدوات
التسلية«
والمقصود بها الالعاب المختلفة مثل الطاولة والدومينو والشطرنج
وكل هذا من حيث الكفاءة والجودة للأشياء المقدمة وطريقة تقديمها - داخل
إطار »ما يتناسب مع مركز النقابة والنادي«
بما في ذلك نوعية الجرسونات والعمال وطريقة
تعاملهم والذي يرتدونه ومظهرهم العام.
كان من أهم اشتراطات النقابة إستعانة
المستأجرين الجدد بجميع ما تتطلبه هذه الخدمة من أدوات تقنية حديثة مثل
الفريجيدير
والمواقد الغازية« وذلك بالإضافة الي الأدوات المعتادة مثل أدوات السرفيس
والمفارش وطفايات السجائر وغيرها من المستلزمات.
من الملاحظ أن تاريخ كتابة
العقد كان مصاحبا لبدء تفشي ظاهرة أزمة تأجير المساكن وبخاصة في الأماكن
الحيوية
مثل وسط المدينة التي يقع بها مقر النقابة،
لذلك كان
»أفوكاتو« النقابة الذي
حرر صيغة العقد حريصا علي تضمنه لبند يشير طرحه الي أن تواجد المستأجرين هو
مجرد
إستغلال للبوفيه وأن هذه العلاقة لا تعني بالمرة أي نوع
من أنواع الحيازة للبوفيه
أو الشقة ولا تعد حيازة مادية أو معنوية لهما وأن توقيعهما علي هذا العقد
بما فيه
هذا البند يعد إعترافا صريحا بذلك ومانعا لهما في المستقبل من المطالبة بأي
حقوق أو
ادعاءات في هذا الشأن.
الشروط المالية
لم يكن تعهد المستأجرين والتزامهم
بمستوي راق متميز من الخدمة هو السبب الرئيسي أو الوحيد الذي أغري النقابة
بالموافقة علي عرضها بل كانت الميزة الكبري هو الإيجار المغري الذي عرضا
دفعة وقد
بلغ ..
ثلاثين جنيها كاملة
كل شهر أي جنيه لا ينقص قرشا واحداً
عن كل يوم!
وقد كان المبلغ بحق - طبقا لظروف وأسعار أكثر من نصف قرن مضي -
مبلغا هائلا
ويمثل مورداً مهما فضلا عن الخدمة التي يقدمها البوفيه لرواده
من الأعضاء ومن
الجدير بالذكر أنه علي الرغم من هذا الإيجار المرتفع فقد وافق المستأجران
علي البند
الذي يؤكد التزامهما بالأسعار التي تحددها النقابة للمأكولات والمشروبات
وإلا يقوما
بزيادتها ومن الواضح أن موافقتهما كانت مبنية علي ضخامة عدد المتردين وهو
ما يعني
زيادة كبيرة في الخدمات المقدمة تعوض رفع ضآلة مكسبهما
- تواضع الاسعار
وزهدها.
من البنود الطريفة أيضا والتي توضح الحالة المادية العادية لمعظم
الممثلين أن النقابة وادارتها اشترطتا في العقد الا يكونا طرفا
في أي خلافات قد
تنشأ بين المستأجرين والرواد من حيث عدم دفعهم لثمن طلباتهم أو تأجيلها أو
التسويف في الالتزام بها أي أن المستأجرين بمفردهم تقع علي
عاتقهم مسئولية موافقتهم
علي تقديم الطلبات »شكك«
للفنانين!
آخر البنود المالية والتي نختتم بها
إستعراضنا هو الخاص بدفع ثلاثين جنيها -
أي قيمة شهر
- كتأمين وأخري كمقدم وأن
هذا المبلغ التأميني غير قابل للإسترداد سوي مع نهاية المدة.
إنتهي مضمون
العقد الجميل ولكن لم تنته بعد حكايات..
أيام زمان.
أخبار النجوم المصرية في
26/11/2009 |