عندما نتحدث عن هذا الممثل لا يساورنا أدنى شعور بالخوف عندما يتعلق الأمر
بأنه لايزال واحد من اكثر النجوم شهرة وذلك بفضل مجموعة من الافلام التي
قدمها للشاشة الكبيرة ابتداءا من " ماذا تريد النساء " و " السلاح الفتاك "
و " سلسلة ماكس المجنون " و " قلب شجاع " ، لكن هناك ايضا اشياء يتعين عليه
التعامل مع الآخرين وبسببها أثار جدلا واضحا من بينها حياته الصاخبة ،
وعنصريته ، وحالة سكره الشديد عندما يقود سيارته أو في الأماكن العامة
كالمطاعم والأسواق ، وبات يشكل قلقا لرجال الشرطة أكثر مما يشعر به المواطن
العادي .
أما عن مقابلاته مع الصحفيين فانه دائما لايساعد في ذلك وقد يشعر بالقلق
عندها ومترددا في اكثر الأحيان ومع بلوغه ال53 من العمر فقد يكون من
المستغرب ان يشعر بالخجل عند أي لقاء خاصة اذا كان ذلك اللقاء مع صحفية
جميلة مع انه يتحلى بثقافة نادرة ووسامة وعرة تؤهلانه لأن يكون على مساس
دائم مع الصحافة .
هنا نتحدث عن واحدة من إنجازاته الكبيرة والتي جعلته في حالة معنوية مرتفعة
، هذا المنجز السعيد كان فيلم " قلب شجاع " الذي فاز بالاوسكار لأحسن اخراج
عام 1996 ويحكي قصة البطل الاسطوري الاسكتلندي وليام والاس ، وبعد ثلاثة
عشر سنة من عرضه تبدو الثلاث ساعات والتي هي طول عرض الشريط نزهة سينمائية
بالرغم من شراسة المعارك التي احتوت مشاهد طويلة منه ، وكذلك الحوارات التي
استغرقت ربعه ، وعلى الرغم من ان جيبسون كان يريد أصلا جايسون باتريك
للقيام بأداء دور والاس الا ان الأخير اعتذر مما حدى بجيبسون القيام به وقد
ابدع في تجسيده لشخصية ذلك المزارع الاسكتلندي الذي قاد مع زملائه القرويين
ثورة ضد انكلترا وحاكمها الملك ادوارد .
في الفيلم قال انه ينتقم لجريمة قتل زوجته بواسطة الشريف المحلي ،ثم يسعى
للحرية ويجد دعما من روبرت بروس المطالب بعرش اسكتلندا .
بعد " القلب الكبير " جيبسون سيشاهده رواد السينما العام المقبل في " حافة
الظلام " وقد يحمل نفس الضجة التي حملها دوره في وليام والاس الذي قال عنه
: ( لقد لعبت دورا كبيرا في مساعدة اسكتلندا الحديثة اليوم وسعيها لنقل
السلطة فقد ورّدت اليها حكما ذاتيا جزئيا ، لكني اعتقد ان الفيلم بدأ ككرة
تدحرج على اشياء كثيرة ) .
وفي الطريق الى العرض الأول في اسكتلندا كان الحشد كبيرا وكان هناك الكثير
من المشاعر والحماس حوله لأنه ضرب على وتر حساس بالتأكيد ، وفي سؤال لأحد
الصحفيين فيما اذا سيكرر مثل هذه الزيارات اجاب جيبسون مازحا : ( لن اعود
مرة ثانية .. انني خائف ) ، نكاته هذه طالت حتى ملابس الرجل الاسكتلندي
الذي قال عنه : ( على ما يبدو ان الرجل الاسكتلندي هو الذي اكتشف استخدام
السراويل .. آه ، نعم وللدقة التأريخية التنورات الاسكتلندية كانت جزءا من
الفيلم وهذا ما تسبب في أزمة حيث ان بعض المؤرخين مثل شارون قد قال ان
التنورة لم تكن موجودة في ذلك الحين ولم تكن قد اخترعت بعد ، ومغالطات اخرى
كمعركة جسر ستيرلنغ وزواج الأميرة ايزابيل من أمير ويلز بعد وفاة والاس ،
هذه الانتقادات لم تفقد من أهمية الفيلم وإلا لما كان هذا الاقبال عليه
ولما فاز بالاوسكار ، وقال بعض الناس لقد افسدت التأريخ وهذا لايزعجني لأن
ما أقدمه لكم هو تجربة سينمائية ، واعتقد ان الجانب الاول هو الترفيه ويأتي
بعده الجانب التدريسي ، ربما كانت هناك أخطاء تأريخية لابأس ولكن ربما لم
تكن هناك فمن الذي كان منكم حاضرا في تلك الأيام ، لأنه كان هناك القليل
جدا من المعلومات المتعلقة بهذا الرجل .. انها ليست بالضرورة صحيحة
والأشياء التي قرأتها عنه لم تكن تحمل الرومانسية التي أضفتها للفيلم ولكن
هذه هي لعبة السينما لجعل الفيلم مقبولا عند الجميع ، اما المشاهد العنيفة
والتي وصفها بعض النقاد بالوحشية وكانت تفوح منها رائحة الدخان فهذا موجود
فعلا لأن القرى عندما تحرق فهل يكون هذا الحريق بلا دخان ، لكنها تحولت الى
نوع من التوازن قليلا لأن احدا لابد ان يحكم على والاس بأنه رجل جيد وقد
يحكم آخر عليه بأنه سيئ ولكل منا وجهة نظره وبدون تحيز ) .
" القلب الشجاع " صور في اسكتلندا وايرلندا وشارك فيه اكثر من 3000 من
الكومبارس في مشاهد المعارك ، وغالبا ما كانت مشاهده التصويرية تتم في ظروف
مناخية سيئة واثناء هطول الامطار ، لكن المصير جزء من الماكياج حسب تعبير
جيبسون ، وقد وضع سمعته وتأريخه الفني في تحويل هذه القصة الى نجاح.
عام 1990 أسس ميل جيبسون شركته الخاصة للإنتاج ، وفي عام 2004 تنبأ الجميع
بفشل فيلمه " آلام المسيح " لأنه حاول تقديم مشاهد الدماء التي سبقت صلب
يسوع والتي أثبتت أنها هي التي اوصلت بالنهاية الفيلم الى النجاح الذي لم
يتصوره أحد ، لكن بالمقابل أثار غضب الكثيرين الذين اعتبروا انه يسيئ الى
الشعب اليهودي ، كما أبرزوا ان جيبسون يسعى لإبراز العنف المفرط على الشاشة
خاصة في القلب الشجاع ، كما انهم يحاولون في كل مرة ان يقلبوا في دفاتره
القديمة للنيل منه ، فقبل ثلاث سنوات ذكروا انه أعتقل في ولاية كاليفورنيا
لقيادته سيارته وهو مخمور وكذلك سقوطه من عربة بعد خمسة عشر سنة من الرصانة
، ولم يكتفوا بل راحوا يشنعون عليه بمعاداة السامية حيث قالوا انه إعتدى
على ضابط شرطة مدعيا ان اليهود مسؤولون عن كل الحروب في العالم .
جيبسون علامة بارزة في الفن السينمائي العالمي والذي حصل ويحصل في حياته
الخاصة هي مباراة لمرحلة قد تنتهي مبكرا خاصة اذا ما علمنا انه قد مربحياة
أسرية مضطربة خسر فيها زوجته وتوزع ابناءه ، إلا ان كل تلك الاحداث لاتراها
على الشاشة عندما يكون الفيلم السينمائي من تمثيله أو اخراجه أو انتاجه
لأنه جيبسون صاحب القلب الشجاع .
لينا داس / صحيفة الديلي ميل اللندنية
أدب وفن في
21/11/2009 |