من المنتظر أن يحدث عرض فيلم العاصفة ضجة واسعة بعد وقت قليل على
عرضه في الصالات الألمانية نسبة لما يمثله من دراما سياسية من النوع الثقيل
تدور فصولها حول حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها صرب البوسنة ضد السكان
في البوسنة والهرسك في مطلع التسعينيات وتحديداً خلال الحصار القاتل الذي
فرضه الصرب وسط تجاهل غربي واسع إلى حد الشك، ضد مدينة سراييفو عاصمة
جمهورية البوسنة والهرسك. واستهدفت الحرب التي توقفت بعد أن وقف الأوروبيون
في موقف المتفرج بعد تدخل الولايات المتحدة وتوقيع أطراف الحرب على ما يعرف
باتفاقية دايتون. ويتناسب عرض هذا الفيلم مع محاكمة مجرم الحرب رادوفان
كارادزيتش الذي كان زعيماً للجيب الذي يعرف باسم جمهورية صرب البوسنة وأشرف
مع الجنرال السابق في الجيش اليوغسلافي راتكو ملاديتش على جرائم قتل وتهجير
آلاف البوسنيين خاصة المسلمين. الجدير بالذكر أن ملاديتش ما زال فاراً من
قبضة القضاء الدولي رغم أن هناك مذكرة اعتقال دولية ضده منذ عام 1995.
فيلم العاصفة يعتبر محاكمة لمجرمي الحرب. في الوقت نفسه يطرح أكثر
من سؤال، حول مسؤولية المجتمع الدولي وصفقاته السياسية المشتبهة مع القتلة.
وقال هانز كريستيان شميت المخرج الألماني الذي يأمل أن يعرض فيلمه في صالات
السينما في دول أخرى وأن يحقق نجاحاً كبيراً، خاصة بعد أن لفت أنظار لجنة
التحكيم في مهرجان برلين السينمائي في دورته الأخيرة، أنه استمد قصة الفيلم
من عدد كبير من التقارير الصحفية والوثائق وبشكل خاص من مسؤولة ألمانية
عملت عدة سنوات مساعدة للمدعي العام في محكمة جرائم الحرب الدولية في
لاهاي. ويأتي هذا الفيلم ضمن سلسلة من الأفلام السياسية التي أصبحت موضة
العصر. وهو من إنتاج ألماني-دنماركي-هولندي مدته 105 دقائق.
ويرسم فيلم العاصفة سيناريو كئيباً بين محاولات الكشف عن الحقيقة
التي تقوم بها بطلة الفيلم هانا ماينارد وتلعب دور المدعي العام، وتهديدات
القوميين من الصرب الذين يحاولون ثنيها عن مهمتها إلى حد التهديد بالقتل،
ومصالح واهتمامات الأطراف السياسية الدولية. تحاول المدعي العام التي تجسد
في دورها شخصية كارلا ديل بونتي المدعي العام السابق في محكمة جرائم الحرب
التي حصلت على شهادات دولية نتيجة قيامها بمهمتها على أكمل وجه رغم كل
العراقيل التي وضعها كثيرون في طريقها، تحاول حماية الشخصية البارزة
الثانية في الفيلم وهي الشاهدة التي ترفض الأطراف الدولية تصديق كلامها
وهمست أقوالها. لكن الفيلم يفضح صمت والدور المشبوه لهذه الأطراف.
بعد سنوات قليلة على نهاية الحرب الباردة والتغييرات الدرامية التي
شهدتها أوروبا، وعقب استقلال كرواتيا عن الاتحاد اليوغسلافي وبدء تزعزع هذا
الاتحاد فتبع ذلك استقلال سلوفينيا ثم قبل أن يعرب سكان البوسنة والهرسك
وغالبيتهم من المسلمين حيث يشكلون أكبر تجمع للمسلمين في جنوب أوروبا عن
رغبتهم في الاستقلال نشبت صراعات عرقية دينية أسفرت عن مقتل أكثر من مائة
ألف شخص استناداً إلى دراسة وضعها مركز الأبحاث والتوثيق بمدينة سراييفو
بتمويل من الحكومة النرويجية.
هانا ماينارد المدعي العام في محكمة جرائم الحرب الدولية ليوغسلافيا
السابقة في لاهاي، تشرف على دعوى مرفوعة ضد مجرم حرب يدعى غوران دوريتش،
أحد قادة الجيش اليوغسلافي. التهم الموجهة إليه تهجير وقتل مدنيين مسلمين
بوسنيين في مدينة صغيرة اسمها (كاسماج) تقع اليوم ضمن أراضي جمهورية صرب
البوسنة. وحين تظهر على حين غرة شاهدة على الجرائم الوحشية التي وقعت في
هذه المدينة ترسل محكمة جرائم الحرب في البوسنة والهرسك فريق تحقيق إلى
البوسنة لتقصي الحقائق وإعداد تقرير. بعض أعضاء الوفد يبدؤون التشكيك في
شهادته ويتهمونه بالكذب لكن من شدة يأسه وحزنه يتم العثور عليه بعد وقت
قصير ميتا في غرفة بأحد الفنادق. فقد انتحر.
هذه الحادثة العرضية المفاجئة لا تصيب هانا باليأس بل زادت حماسها في
السعي للحصول على معلومات وأدلة تثبت صحة أقوال الشاهد الذي لقي حتفه ولهذا
السبب توجهت من لاهاي إلى سراييفو لحضور جنازة الضحية وتلتقي بشقيقته ميرا.
بعد وقت قصير جداً حصلت على الشعور بأن الشابة تعرف معلومات كثيرة عن
المدعى عليه وأكثر مما ذكرته.
على الرغم أن ميرا تخشى على حياتها خاصة تعريض حياة عائلتها للخطر
وعندها رغبة كبيرة في أن تهرب من الماضي وحياتها في البوسنة كي تعيش حياة
جديدة في ألمانيا وقدمت الدليل الدامغ للمدعي العام في محكمة جرائم الحرب
في يوغسلافيا السابقة حول تورط المتهم غوران دريتش كما أعربت عن استعدادها
لتكرار شهادتها أمام القضاة في محكمة جرائم الحرب في لاهاي.
لكن قبل وقت قصير على بدء المحكمة مرافعاتها المهمة في هذه الدعوى،
يحاول محامو مجرم الحرب دوريتش وضع العراقيل أمام الشاهدة المهمة للمثول
أمام المحكمة في لاهاي ويحصلون على تعاون غير متوقع من أطراف أخرى وذلك في
إشارة من مخرج الفيلم إلى تهاون المجتمع الدولي مع الصرب. وعندئذ تدرك
المدعي العام هانا ماينارد أن خصمها ليس فقد مجرم الحرب الجالس في قفص
الاتهام وإنما أيضا بعض الذين يعملون معها وتكتشف الحقيقة المرة بأن
المصالح السياسة أهم من حقوق الإنسان لكنها تصر على الكفاح من أجل الحق
والعدالة.
رسالة فيلم المخرج الألماني هانز كريستيان شميت أن الحقيقة مهمشة
والواقع مؤلم جدا عندما يجري الحديث عن حرب البوسنة والهرسك والدور غير
الموفق للأمم المتحدة في هذه الحرب والمطالبة باعتقال ومحاسبة المتهمين
بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
الراية القطرية في
05/11/2009
الدوحة على خريطة عواصم السينما العربية
نشاطات
سينمائية متعددة ضمن احتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية
أصبح واضحاً أن هذا العام والعام المقبل سوف يعتبران نقطة الانطلاق
والبداية الحقيقية لتاريخ النشاطات السينمائية وصناعة السينما في دولة
قطر.. فرغم وجود عدد من المحاولات السابقة والمبادرات الفردية التي أنتجت
مجموعة محدودة من الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة إلا أن هذه
المحاولات لم تشكل تياراً ثابتاً يمكن البناء عليه وهو الحال نفسه في مجال
النشاطات السينمائية الأخرى مثل نادي السينما ومهرجانات الأفلام وغيرها..
وهو أمر يختلف شكل جذري عن النشاطات التي شهدتها الدوحة في الأسابيع
الأخيرة والتي يتوقع أن تشهدها الدوحة في الفترة المقبلة.. فبعد انطلاق
مهرجان الدوحة ترايبيكا وما حققه من تواصل بين السينما العالمية والجمهور
القطري وما اجتذب من أضواء ألقت الضوء على الإمكانات المستقبلية لصناعة
الأفلام في دولة قطر ومع انطلاق فريق عمل فيلم عقارب الساعة في تصوير أول
فيلم روائي قطري طويل بقيادة المخرج خليفة المريخي شهدت الدوحة أيضاً توقيع
عقد لإنتاج فيلم عالمي من أضخم الأفلام التاريخية عن رسول ورسالة الإسلام..
في الوقت نفسه الذي يجري فيه العمل على قدم وساق للإعداد المحكم للنشاطات
السينمائية التي سوف تشهدها الدوحة ضمن احتفالية الدوحة عاصمة للثقافة
العربية في العام المقبل.. وقد وضعت لجنة النشاطات السينمائي في الاحتفالية
خطة طموحة تليق بهذه الاحتفالية وبمكانة الدوحة كواحدة من أنشط العواصم
العربية في العديد من المجالات السياسية والثقافية والفكرية والإعلامية ومن
أبرز هذه النشاطات التخطيط والإعداد لإنتاج أعمال سينمائية تسجل وترصد
النشاطات الثقافية في دولة قطر لعرضها في أثناء الاحتفالية.. كما خططت
اللجنة لمجموعة من العروض والندوات لإلقاء الضوء على المبادرات السينمائية
السابقة والتي انتجت عدداً من الأعمال التي طواها النسيان مع مر الأعوام
مثل أول فيلم روائي قطري قصير والذي يحمل اسم الشراع الحزين الذي شارك
فيه عدد من النجوم القطريين المخضرمين وأخرجه المخرج المصري محمد نبيه
وكذلك الفيلم التلفزيوني دانة الذي أنتجه تلفزيون دولة قطر فاز بجائز ة
أفضل فيلم في مهرجان قرطاج للأفلام ولعب بطولته كل من الفنانة والكاتبة
وداد عبد اللطيف وسعد بورشيد وأخرجه إبراهيم الصباغ أما في مجال السينما
التسجيلية فسوف يعرض عدد من الأفلام التي أخرجها كبار المخرجين العرب مثل
فيلم الفنون التشكيلية القطرية من إخراج المخرج خيري بشارة وفيلم صيد
الأسماك للمخرج مدكور ثابت وفيلم الغوص من إخراج إبراهيم الصباغ وجميعها
من إنتاج تلفزيون قطر.
كما تتضمن النشاطات أيضاً أسابيع للأفلام المغربية والسورية واحتفالية
خاصة لعرض فيلم عقارب الساعة أول فيلم روائي قطري طويل سوف يدعى لحضورها
عدد من النجوم العرب والأجانب وصناع الأفلام والنقاد وتحت عنوان السيناريو
وحوار الحضارات سوف يعرض فيلم السيد إبراهيم وأزهار القرآن الذي لعب
بطولته النجم العالمي عمر الشريف الذي سوف يحضر عرض الفيلم والندوة التي
سوف تقام حوله.
كما يتضمن البرنامج أيضاً ندوة حول تجربة الإنتاج المشترك بين الدول
مع نموذج لهذا التعاون من خلال فيلم بابا عزيز الذي اشتركت في إنتاجه كل
من تونس وإيران وفرنسا كما يجري حالياً الاعداد لإنشاء نادي السينما القطري
الذي ستتخذ لأول مرة شكل قانونياً وفق القوانين المنظمة للجمعيات وسيقام
على هامش الاحتفال بالإعلان عن ندابة نشاط نادي السينما القطري مجموعة من
الندوات والمحاضرات التي تعرض لتجارب الدول المختلفة في مجال هذا النشاط
السينمائي.
الراية القطرية في
05/11/2009 |