بدأت مشوارها الفني علي خشبة المسرح القومي بعد تخرجها في المعهد
العالي للفنون المسرحية، وقدمها كمال الشيخ علي شاشة السينما في دور
الفلاحة المصرية في فيلمه «علي من نطلق الرصاص؟» وقدمت الأدب العالمي مع
عاطف سالم من خلال «البؤساء» وتوالت أعمالها السينمائية وتمضي الأيام وحب
فوق البركان وطائر علي الطريق وأسطورة «الطوق والإسورة» حتي «ناصر 56»
وأخيراً «أم كلثوم»، وفرضت نفسها بقوة من خلال موهبة تجمع بين الملامح
المصرية المريحة والصوت الشجي والإحساس وقبلها جميعاً الرغبة في تقديم الفن
الراقي. فأمتعتنا بليلة القبض علي فاطمة، ومازال النيل يجري وأنا وأنت
وبابا في المشمش، وأبنائي الأعزاء شكراً وعصفور النار وجميعها لا ننساها بل
قد نذكر أدق تفاصيلها ونسعد كثيراً حينما نراها تعاد علي الشاشة.. إنها
فردوس عبدالحميد الوجه المصري الحزين، الزوجة والأم والأخت دائماً المهمومة
بمن حولها.. كان لنا معها هذا الحوار.
·
هل تأخر تكريم فردوس عبدالحميد؟
>> قد يكون تأخر قليلاً ولكني طوال عمري أهم تكريم أفضله هو تكريم
الجمهور لي لهذا قد لا أفكر في تكريم اسمي ولكن هذا لم يمنع فرحتي الشديدة
بتكريمي خاصة أنه جاء في مهرجان المسرح التجريبي والمسرح أعتبره أهم مجال
من مجالات الفن وهو حب حياتي فهو دراستي وبدايتي وعشقي الأول بالإضافة إلي
أن هذا المهرجان له قيمة كبيرة فلجنة التحكيم مكونة من 22 شخصية مهمة في
العالم واشترك فيه أكثر من خمسين دولة.
·
ما رأيك فيمن يقول إننا ليس
لدينا مسرح عادي حتي نقدم التجريبي؟
>> معني هذا أن نلغي كل أنواع الفن، وهذا غير منطقي فإذا كان هناك
أزمة في المسرح في مصر، فهي أزمة تمر بها كل مجالات الفن لأن الفن يعكس
الواقع وإذا ازدهر الفن في فترة سيئة سيكون غير منطقي واعتقد أن الواقع لا
يحتمل تغييراً، بجانب أننا نندهش من مهرجان المسرح التجريبي في مصر ونغفل
أن المسرح التجريبي يوجد لدينا من عشرات السنين، فأتذكر أن الدولة خصصت كل
مسرح ودور عرض لتقديم نوعية معينة سواء كوميديا، أدبا عالميا، التجريبي
بجانب مسرح «الحبيب» الذي كان يقدم جميع مسرحيات العالم، وفي رأيي الفن
يبدأ بالتجريب وإذا لم يكن هناك تجريب سيخفض الابداع وسنصبح فنانين
تقليديين ليس لدينا خيال صادم.
مسرحيات فاترة
·
صرحت من قبل أن الدولة كانت في
فترة ما تشجع الجمهور علي حضور العروض المسرحية وكانت وزارة الثقافة تطرح
سلسلة المسرح العالمي، وتخفض التذاكر.. في رأيك هل تغيرت الآن سياسة الدولة
تجاه المسرح؟
>> أعتقد أنه كان هناك نظام متبع يربط بين دائرة الفن، فكان ينزل
السوق كل فترة سلسلة من المسرح العالمي لأن الدولة كانت تشجع علي الثقافة
ولكني لا أعتقد أنه مازال موجودا بنفس القيمة وهذا ليس في المسرح فقط أيضاً
في السينما، فالدولة كانت تدعم الثقافة مثلما تدعم رغيف العيش لاعتقادها في
أهمية كليهما للمواطن المصري، وكان من يشتري أحد هذه الكتب يجد داخل الكتاب
«بون» لدخول مسرحية بسعر مخفض وكانت مؤسسة السينما تنتج أعظم الأفلام مثل
القاهرة 30، الأرض، وبداية ونهاية وكانت تتبني الكاتب الجديد والمخرج الشاب
الذي يقدم تجربة جديدة للسينما والمصور والممثل حتي التليفزيون بعد انتشاره
ظهرت فرق التليفزيون التي تقدم مسرحيات شويكار وفؤاد المهندس كانت نهضة
ثقافية.
·
إذن الدولة هي السبب فيما حدث من
هذا المستوي الضحل؟
>> الدولة تخلت عن أشياء كثيرة فأصبحت صناعة السينما «تيك أواي» وأصبح
مسرح الدولة مسرحا بيروقراطيا ليس مبدعا ولكنه موجود بحكم وجود ميزانية يجب
أن تصرف خلال السنة لهذا نقدم مسرحيات فاترة ليس لها أثر في المجتمع فأتذكر
إنني كنت طالبة وعرضت مسرحية تسببت في إقالة وزير الثقافة.
فالفن أصبح الآن ليس لهدف أو كلمة، بجانب الهجمة أو الحملة المادية
الشرسة التي هجمت علينا فالتليفزيون يصرف عليه «ببذخ» مما جعل الفنانين
ينصرفون عن المسرح ولا أستطيع تفسير ذلك فيصرف علي الأعمال التليفزيونية
أموالاً طائلة وليس هناك مردود فني لها والعكس هو ما يحدث «الفلوس تزيد
والفن يتراجع».
دولاب ملابس
·
ما رأيك في الموسم الرمضاني..
وأجور الفنانين؟
>> أصبح للأسف اللهاث وراء الموسم الرمضاني وراء «سلق» الأعمال الفنية
فالتعجل في الكتابة والتنفيذ للعمل يؤدي لسوء وتردي نوعية المسلسلات وكأن
العالم تقلص في شهر واحد وها هو هذا العام نتج عنه أن تكدست الأعمال مثل
«دولاب ملابس» لم يستطع أحد رؤية شيء فانصرف المتفرج عن التليفزيون وهو يضر
بالفنان أيضاً.
أما هذه الأجور الخيالية فهي تأخذ من رصيد الفنان خاصة عندما يكون
العمل ليس له قيمة فقد يكون كسب فلوس ولكنه خسر فنه.
·
هل يمكن فصل العملية الانتاجية
عن قيمة العمل الفني؟
>> لا يمكن فالانتاج أهم العناصر لأنه يؤدي لعمل جيد فمثلاً أتذكر في
فيلم «ناصر 56» في مشهد «المنشية» طلب المخرج محمد فاضل خمسة آلاف كومبارس
ليخرج المشهد طبيعياً ويلمح المشاهد مصداقية المشهد.
مهرج المسرح
·
كيف يمكننا أن نستعيد أمجاد
المسرح المصري ليعود كما كان في الستينيات والسبعينيات؟
> أراهن علي الفنانين المتحمسين في مصر ولكننا نحتاج أيضاً إلي حماس
الدولة نفسها، نحتاج أن يشجع مسئولون المسرح الفنانين المسرحيين الحقيقيين
للعودة له وهذا بحماس وليس كتأدية واجب وأنا سعدت كثيراً لأن من يمسك
المسرح رجل مسرحي هو توفيق عبدالحميد.
·
إذن لهذه الأسباب تبتعد فردوس
عبدالحميد عن المسرح.. رغم أن بدايتها كانت علي المسرح القومي؟
>> للأسباب السابقة ابتعدت عن المسرح فلا أري حماسا لأعمال جيدة فأنا
عرضت أكثر من عمل لتقديمه علي خشبة المسرح منها دور سلمي في مسرحية «الفتي
مهران» وبعد 20 بروفة تم الغاؤها ومسرحية أخري مع هاني مطاوع تم إلغاؤها
بعد بروفات كثيرة وهذا لم ييئسني ولكنه أحبطني لأنني لم أسع لفلوس ولكن عمل
يحترم عقلية المشاهد.
·
هل ممثل المسرح يحتاج لاتقان
اللغة العربية حتي ينجح؟
>> اللغة العربية من أدوات ممثل المسرح الأولي مثلها مثل الصوت وهي
ليس لتقديم أعمال مسرحية بالفصحي فقط ولكن لسلامة الحروف والكلمات أيضاً في
الأعمال العادية لأن اتقان الكلمة يعطي موسيقي للكلمة، بجانب حضور الممثل
علي خشبة المسرح وثقافته وهذا كله اختفي الآن ليظهر «مهرج المسرح» وليس
ممثل المسرح.
سينما مقاولات
·
هل بالفعل انفصلت فردوس
عبدالحميد عن محمد فاضل فنيا؟
>> تضحك مؤكدة أن الجميع لا يفهم فالموضوع إنني كما أبحث عن عمل جيد
ودور جيد يبحث فاضل عن عمل جيد ليخرجه وقد لا يكون لي دور في هذا العمل
خاصة أن جودة العمل أصبحت عملة صعبة الآن، فهو وجد قصة جيدة لأبو العلا
السلاموني هي «أيام الحب والملح» وليس لي دور فيها فما المشكلة وأنا وجدت
عملا جيدا أيضا هو «في مهب الريح».
·
ما رأيك في مستوي السينما
المصرية الآن.. ولماذا تبتعدين عنها؟ هل سقطت من حساباتك أمام الشاشة
الصغيرة؟
>> لم أفقد الثقة في السينما المصرية أبداً، فهي قد تأخذ فترات ركود
وطلوع ونزول وهي الآن في المرحلة التجارية التي قد تشبه قليلاً «سينما
المقاولات» ولكن يزيد عليها أنهم يصرفون جيداً بغض النظر عن المضمون ولكنها
لمجرد «التسلية» وهي لم تسقط من حساباتي ولكن أين العمل الجيد؟.
·
هل تشاهدين السينما؟
>> لا أذهب للسينما تماماً لأنه عناء وحتي أنزل لابد من التأكد من
وجود فيلم جيد وحتي مسلسلات رمضان لم أتابعها لكثرتها حاولت في البداية
ولكني أرهقت، وتابعت بعد رمضان مسلسل «الرحايا» وهو مسلسل جيد جداً لأنني
أحب نور الشريف ومخرج ومؤلف المسلسل شباب.
هوجة
·
بعد أحداث غزة الأخيرة.. أكدت
أنها ألهمتك مفاهيم جديدة للمقاومة.. كيف ذلك؟
>> وجدت أن مقاومة الإنسان ليست فقط بالسلاح بل قد يقاوم بصمته مثلما
فعل غاندي عندما قاوم مقاومة مبدعة فلم يلجأ للعنف أبداً، وعندما حدثت حرب
أهلية أضرب عن الطعام وعمل طوفانا بهذا الاضراب ووقفت الحرب الأهلية، وقد
تكون المقاومة أن أبقي إنسانة جيدة بالرغم من سوء الواقع.
·
ما رأيك في المسلسلات التركية
التي جذبت الجمهور المصري إليها ولماذا في رأيك حدث ذلك؟
>> أعتقد أنها «هوجة» ستنتهي قريباً لأنهم كما يقولون «الغربال الجديد
له شدة» وهي حاجة جديدة ووجوه حلوة وأماكن حلوة ولكنها عديمة الدراما فلا
تحوي دراما مهمة، لدينا أفضل منها.
·
من هم أكثر المخرجين الذين أثروا
في تكوين شخصيتك الفنية... مع العلم أن كمال الشيخ أول من قدمك للسينما؟
> بالفعل بدأت مع كمال الشيخ الذي شاهد إحدي مسرحياتي وأرسل لي في
اليوم الثاني لأعمل معه في فيلم «علي من نطلق الرصاص؟» وتأثرت به جداً ثم
عملت مع عاطف سالم في «البؤساء» وكان لهما الأثر الأكبر في تعليمي التكنيك
السينمائي لأن أداء السينما يختلف عن المسرح والتليفزيون وبجانب هؤلاء
تعلمت كثيراً من الفنانة الجميلة سعاد حسني والتي جمعتني بها أول لقطة
سينمائية لي في فيلم «علي من نطلق الرصاص؟» مع عزت العلايلي ومحمود ياسين
وجميل راتب، وقد طلبت من كمال الشيخ أن أحضر أيام التصوير التي ليس لي بها
مشاهد حتي يمكنني التعلم وتفادي الأخطاء بعد تصويري انبهرت جداً بسعاد حسني
التي كانت جميلة جمالا غير عادي فهي من أجمل الوجوه السينمائية حتي إنني
أكاد أكون راقبتها لدرجة أنها سألتني: لماذا تنظرين لي هكذا وهي تضحك،
فكانت في بداية المشهد تغمض عينيها لتبدأ تقمص الشخصية وتعلمت منها ذلك
وتطلب منهم سماع صوتها بعد المشهد.
·
«في مهب الريح» هو المسلسل
الجديد الذي تعود به فردوس عبدالحميد إلي الشاشة الصغيرة.. ماذا تقدمين
الجديد فيه؟
>> أؤدي قصة حياة سيدة تزوجت من رجل سييء جداً وانجبت منه لتكتشف أنه
جاسوس لإسرائيل فتبلغ عنه ولا تقل لأولادها ثم تتزوج رجلا طيبا هو أشرف
عبدالغفور ويربيان الأولاد معاً حتي يموت وتتوالي الأحداث التي تواجهها
بمفردها ويشاركني فيه ماجد المصري وسوسن بدر ونشوي مصطفي وإبراهيم يسري
وكريم الحسيني وحسام فارس.
·
من يعجبك من الممثلين الشباب
تفضلين متابعته؟
>> منة شلبي أعجب بها جداً لأن امكانياتها الفنية عالية جداً وأيضاً
خالد الصاوي اقتنع به وبموهبته وقدرته علي التمثيل.
الأهالي المصرية في
04/11/2009 |