فيلم مهلهل، لا رؤية ولا سياق ولا تمثيل، فيلم يورطك في أن
تكون سخيفا بلا شكل ولا معنى.
أذكر يوم هاجموا
محمد سعد بضراوة لم يشهدها تاريخ السينما المصرية من قبل ومن بعد على مدار
أكثر من
عام أو أكثر عندما قدمه فيلمه "اللمبي"، ولم يكن ما قدمه إلا شخصية كوميدية
سينمائية جديدة في أدائها ولغتها أحبها الجمهور بل عشقها وعشق مؤديها ولا
تزال منذ
قدمت تسجل حضورا جديدة لها كلما عرض الفيلم على شاشة التليفزيون،لأنها
شخصية لها
وجودها في الواقع.
أما الآن فهناك من يقدم سخافات تحت دعاوي الكوميديا ويهللون له ويصفقون،
أقصد
بذلك فيلم "طير أنت" لأحمد مكي ودنيا سمير غانم وماجد الكدواني
ولطفي لبيب.
الفيلم المقتبس عن الفيلم الأجنبي "بي دازلد"، فيلم مهلهل، لا رؤية ولا
سياق ولا
تمثيل، فيلم يورطك في أن تكون سخيفا بلا شكل ولا معنى، ويقتل معنى أن تكون
ذا معنى،
شخص طوال الفيلم يضحك على مشاهده ولا يدعو مشاهد للضحك، إنني
عندما شاهدته كدت أصعق
من حجم الاستهزاء الذي وصلت إليه كمشاهد، وتأكد لي أن أمرا مقصودا أن أسفه
وأن أطعن
في قدرتي على التفكير والذوق والاستمتاع والضحك، إنهم يعاملونني وكأني لست
بني آدم
ميزه الله عن باقي مخلوقاته بالعقل، طوال الفيلم أمام أراجوز
"يتنطط" دون أن يقول
شيئا غير التهكم على شخصيات وأفلام ومواقف قديمة.
خذ مثلا تقليد حسن شحاته بطريقة فجة في مشهد الأزمة التي وقعت بينه وبين
لاعب
المنتخب أحمد حسام "ميدو" في مباراة الدور قبل النهائي ببطولة
إفريقيا 2006 التي
أقيمت بين مصر والسنغال، لقد ذكرني بالمونولوجسيت عزب شو وتقليده للمذيعين
والمطربين والفنانين، لكن عزب شو لا يقول أنه يمثل وفي النهاية يحمل في
تقليده
ونكاته رسالة واضحة وإن كانت سمجة أحيانا.
عندما سئل المخرج قال الفيلم تم تمصيره عن فيلم "بي دازلد" وفي النهاية هو
ورشة
عمل بين البطل والكاتب الممصر والمخرج.
طبيب بيطري لا يملك خبرات بالحياة يحب فتاة ولا يستطيع الإعراب لها عن حبه
فيظهر
له عفريت جاهل غير قادر على تجاوز مرحلة التعليم الإعدادي!
يعرض عليه أن يحوله إلى
شخصية سوف تحبها الفتاة، وهكذا يظل الطبيب يتحول من شخصية لأخرى ليحوز
الإعجاب
فيقدم سبع شخصيات: خليجي ثري وصعيدي ومغني ونجم .. وهكذا، يستهزأ بها.
إن أخطر ما حمله الفيلم هو الدعوة إلى الاستسلام لما هو كائن باعتبار أنه
ليس في
الإمكان أبدع ولا أفضل مما هو كائن، يقول في أغنية "ارضى يا
ابن ادم باللي اتقسم
عليك، ولاوني عارفك مش هترضى غير بتراب في عنيك"، ويقول في نفس الأغنية "ارضى
بحياتك أنت واقبلها باللي فيها، ده الرضى نعمة كبيرة احمد ربك عليها خدها
منى كلمة
ما في حاجة بتساويها، حد يترجملي بيقول ايه الواد ده، أنا اقولك بيقول
متحاولش تبقى
حد تاني غير نفسك، قوم دور بنفسك جوا نفسك هتلاقي حاجة محدش
فيها ينافسك".
وأخيرا كنت أفضل عدم الكتابة عن هذا الفيلم، لكن ما قرأته في الصحف الرسمية
خاصة
من مديح، وما أصر عليه بطل الفيلم في كل أحاديثه من أن لغة
الفيلم ـ وهي لغة سوقية
ـ هي لغة الشباب المصري في المدرسة والجامعة والنادي، جعلني أصر على
الكتابة، لماذا
يهللون للتردي ويمجدون الانحطاط والسفه. لماذا يتبنون هذه الرؤية وهذه
الأعمال التي
من شأنها ضرب صناعة الكوميديا في السينما المصرية؟ لماذا
الإصرار على ترسيخ التدهور
الذي وصلت إليه الشخصية المصرية في سلوكها ولغتها؟ لا إجابة سوى أنه يتم
تأهيلنا
لدخول عالم جديد تحكمه الفوضى.
ميدل إيست أنلاين في
13/08/2009
اختيارات
موفقة
الصاوي: السينما لن تزيف الواقع
القاهرة - من محمد
الحمامصي
الفنان المصري الصاعد يرى في احداث افلامه صورة لحالات
اجتماعية حقيقية واوجاع مجتمع.
كشف الفنان خالد
الصاوي عن تحمسه للعمل في فيلمه الجديد "الحرامي والعبيط" من تأليف أحمد
عبد الله
وإخراج سامح عبد العزيز، لكن ذلك لن يكون قبل شهرين من الآن.
وقال الصاوي بعد عرض فيلمي "الفرح" و"السفاح" في دور العرض المصرية "أنتظر
الآن
عرض مسلسل 'قانون مراغي' في شهر رمضان وفيلم 'أدرينالين'".
ورأى الصاوي أن أحداث فيلم "الفرح" جزء من نسيج واقع يعيشه المجتمع المصري، "فهناك
مقاولو أفراح، وهناك أفراح تقام من أجل 'النقطة' بغض النظر عن كونها حقيقية
أو مفبركة، وهي سوق لها أسعارها ومقاولوها وأنفارها وأبطالها،
أما عن البلطجة فحدث
عنها ولا حرج."
وحول النهاية القاسية للفيلم حيث ينقلب سرادق الفرح الى سرادق للعزاء وتسرق
"النقطة" قال الصاوي "أنا مع الأفلام التي تعطي أكثر من نهاية، وفي
الفرح تموت أمي
(كريمة
مختار) وتتوب الراقصة (سوسن بدر) ومع ذلك يستمر الفرح، ثم يفاجأ الجميع
بسرقة النقطة التي من أجلها تم التكتم على حالة الموت، وجريمة قتل ترتكبها
بائعة
البيرة (دينا سمير غانم). أما النهاية الثانية فيتجه فيها ابن
البلد إلى إيقاف
الفرح والاكتفاء بما جمعه من مال يغطي به تكاليف دفن أمه ويبدأ في إجراء
طقوس
الجنازة بتلاوة القرآن في السرادق، إنها الأوجاع التي أصابتنا وأفقدتنا
القدرة على
التوازن، والتي لا تستطيع معها انهاء الفيلم على نهاية بعينها
بل لابد أن تتركه
مفتوحا ليطرح على المشاهد تساؤلات الحياة وما يجري في واقعنا."
وحول العنف في "الفرح" وفي غيره من أفلام الموسم أكد الصاوي على أن اللوم
لا يقع
على السينما والسينمائيين، "ومن يلوم من الأفضل والأجدى له أن يغير الواقع،
لا
صورته على الشاشة، العمل السينمائي لا بد أن يعكس الواقع، إن نظرة سريعة
لصفحات
أخبار الحوادث تؤكد لك أن العنف تجاوز التخيل، والسينما لن
تزييف الواقع ولن تشارك
في تزييفه."
وقال الصاوي عن فوزه بلقب أفضل ممثل في استفتاء الجمعية المصرية لكتاب
ونقاد
السينما، والذي أجرته على هامش مهرجان الإسكندرية السينمائي
الدولي الأخير "أولا
تأكد لي أن اختياراتي لأدواري اختيارات موفقة، واسمح لي أن أقول إنها
اختيارات تعمل
وفق رؤية أنا شخصيا بحاجة لإبرازها وتوصيلها للناس. هذه الرؤية قد تكون
رؤية لشخصية
إنسانية أقدمها كممثل، أو تكون رؤية لقصة سينمائية أقدمها كسيناريست وقد
تكون قضية
معينة أقدمها كعمل مسرحي."
ميدل إيست أنلاين في
12/08/2009 |