ولادة المسيح بقلم :د.رفيق الصبان |
صفحات خاصة
|
ما من نبي من أنبياء التوحيد الثلاثة.. عرف طريقا واسعا في السينما قدر السيد المسيح الذي كانت سيرته ورسالته موضوعا لأفلام عدة منذ بدء اختراع السينما.. ومحاولة من أكثر من مخرج لتقديم رؤياه عن مسيرة الحب والسلام والمحبة التي قادها السيد المسيح وحوارييه وحتي بازولين المفكر اليساري الكبير قدم عنه فيلما يعتبر واحدا من أهم أعماله 'انجيل تي' ولعل النجاح الكبير الذي حققه فيلم عذاب وآلام المسيح الذي اخرجه ميل جيبسون عن اليوم الاخير الذي سبق صلبه هو الذي شجع بعد ذلك كثير من السينمائيين علي تقديم صور أخري من مسيرة المسيح كفيلم 'المسيح الاسود' الذي يفترض أن المسيح كان أسود اللون.. وان صلبه جاء نتيجة تعصب عنصري ضده.. أو فيلم 'الميلاد' الذي يروي قصة ميلاده من خلال علاقة السيدة حرم يوسف النجار.. والشبورة التي رافقت ولادته.. ونجاته من الموت المحقق الذي حاول الحاكم الروماني أن يبطش به خوفا من هذه النبوءة والتي جعلته يفتك بجميع الاطفال اليهود الذين لم يتجاوزوا العاشرة في محاولة منه لمنع ظهور المسيح. مولد المسيح.. الفيلم الذي عرضته اوروبا وأمريكا في أعياد الميلاد الماضية والذي يعرض الآن علي شاشاته يصور.. مرحلة 'البشارة' التي جاءت الي مريم عن طريق الملاك.. وكل ما احيط بها.. ونتائجها ثم محاولة مريم الهرب من بطش الجيش الروماني وولادة المسيح في كهف صغير في بيت لحم. أهم ما يميز هذا الفيلم الذي لا يخلو من شاعرية حلوة.. ومن نفس عميق هو تركيزه علي العلاقة التي كانت تربط مريم بيوسف النجار.. فنحن نري مريم في بداية الفيلم مراهقة صغيرة تلعب مع قريناتها وتفكر بمستقبل قريب لها.. وتتحاشي نظرة يوسف النجار لها والتي تكشف عن مدي تعلقه بها. في هذا الجزء من الفيلم وفي الاجزاء التي تليه.. استطاع المخرج ان يرسم صورة قريبة جدا من الحقيقة للقرية الفلسطينية في ذلك الزمن من خلال تفصيلات كثيرة مشوقة وشديدة القرب من الخيال الذي نعرضه عن تلك الفترة الطرقات الضيقة التي تضيئها شمس دافئة حنونة البيوت الصغيرة الفقيرة الرجال والنساء في ثيابهم الفقيرة.. وجنود الاحتلال بقسوتهم وبطشهم وصلابة قلوبهم في تحصيل الضرائب.. من شعب فقير لا يملك قوته. ومن خلال جني ثمار الزيتون في طقوس قديمة.. لازال بعضها مستمرا حتي الآن.. يظهر الملاك ليبشر مريم وهي تستريح في ظل شجرة زيتون مورقة بانها اختيرت لتحمل في احشائها الطفل المقدس بنفخة من روح الله.. مريم التي وافقت شبه مرغمة علي ان ترتبط بيوسف النجار الذي اتي ليطلب يدها من أبيها.. والتي تجد نفسها حائرة تماما بين ما كتب عليها أن تعيشه وبين حياتها التي تسير علي نمط تقليدي في قريتها. وتقرر مريم الذهاب لزيارة قريبتها اليصابات التي بشرها الملاك عن طريق مريم بانها ستنجب طفلا رغم انها بلغت من العمر عتيا. وتتحقق النبوءة.. وتحمل اليصابات وتحس مريم بالجنين المقدس يتحرك في أحشائها وهنا يركز الفيلم علي نقطة درامية بذيئة لم ترها بعد في جميع الافلام التي تعرضت لحياة المسيح ومسيرته. ماذا يفعل رجل عاشق كيوسف النجار الذي ارتبط بفتاة عذراء احبها وكانت تمثل بالنسبة له شفافية الدنيا كلها وطهرها وبراءتها.. عندما يكتشف ان خطيبته التي انتقاها دون نساء الارض جميعا حامل!! هل يصدق رؤيا الملاك الذي جاءه ليخبره بقصة الحمل المقدس.. أم يدفن حبه في قلبه الكسير وينسي أو يحاول أن ينسي 'مصابه'. في مشاهد شديدة الجمال.. مختصرة الي الحد الذي يجعل كل نقطة منها طعنة سكين في القلب.. يقدم الفيلم هذا الصراع المدهش في نفس يوسف.. وانتصار 'الايمان' في أعماقه علي جميع شكوكه.. ووقوفه مع الفتاة التي اختارها الرب لينفخ فيها من روحه.. ورحلته الطويلة معها كي ينقذها من بطش ملك الرومان.. الذي بات خطرا يهدد جميع الاطفال الذين ولدوا أو سيلدون في هذه الفترة. حكاية يوسف ومريم.. تسير علي خط متواز مع جميع الملوك الثلاثة الذين يعرفون عن طريق النجوم قرب ولادة النجم الاعظم.. بل وتحديد المكان الذي سيلد فيه ملك الملوك ورحلتهم الطويلة من بلادهم.. الي بيت المقدس ليقدموا عطاياهم الي النبي المرسل ويركعوا خاشعين أمام مهده. كل هذا يقدمه الفيلم في تسلسل رقيق هاديء.. وكأن صلاة هامسة تخرج من القلب لتصيب القلب.. أخبار النجوم في 14 أبريل 2007
|