سينماتك

 

ضوء ...

الجوائز السينمائية

عدنان مدانات

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

لا تتحدد الجوائز التي تمنحها المهرجانات والمسابقات السينمائية الدولية وفق حسابات دقيقة تقوم على أسس منهجية أو قاعدة علمية، بل هي اجتهادات مجموعة من الأشخاص يسمون محكمين، اجتهادات تصيب أحيانا وتخطئ في معظم الأحيان، هذا إذا افترضنا الأمانة الموضوعية عند المحكمين التي تتمثل في عدم انحيازهم المسبق لفيلم أو مخرج ما أو دولة منتجة ما، وإذا افترضنا أيضا وحسن النية عندهم، وحسن النية لا يتوفر دائما، لأنه بات معلوما أن للمهرجانات والمسابقات السينمائية حساباتها الخاصة وتوازناتها الخاصة، والتي يمكن أن تفرضها بطريقة أو بأخرى على المحكمين.

الجوائز السينمائية جزء من آليات تستخدم في عالم السينما. وما يهم شركات الإنتاج والتوزيع السينمائية في النهاية هو الأرباح التي تحققها الأفلام عند عرضها، بما يسمح باستمرارية دوران عجلة إنتاج الأفلام، أما نتيجة الجوائز التي تمنحها المهرجانات، وهي ذات قيمة معنوية أساسا، تدعم أحيانا بمبلغ مالي، فلا تأثير لها من هذه الناحية، إلا بمقدار ما تكون الجوائز وسيلة ترويج دعائية.

الجوائز السينمائية عامة نوعان: نوع ينتمي إلى المهرجانات التي تحتفي بالسينما كفن مثل مهرجانات كان، برلين، البندقية، وغيرها من مهرجانات بقية دول العالم، والنوع الآخر يرتبط باحتفالات تقام على شكل مسابقات سينمائية تحتفي بالسينما كصناعة، ذات وظيفة ترفيهية معلنة ووظيفة أيديولوجية مستترة.

ينقسم الذين يكتبون عن الأفلام ويقدمونها عبر وسائل الإعلام المختلفة إلى نوعين أيضا. نوع يسمى “النقاد السينمائيون” والنوع الآخر ينتمي إلى فصيلة الصحافيين السينمائيين وكذلك الإعلاميين الذين يهتمون بعالم السينما. ويفترض في النقاد السينمائيين أن يكونوا معنيين أصلا بالأفلام التي تعرض في المهرجانات التي تسعى وراء القيمة الفنية فيكتبون عن الجديدة بغض النظر عن الجوائز، ويفترض في هذا الحال أيضا أن ينصب جل اهتمام النقاد على تحليل الأفلام شكلاً ومضموناً وقيمة تاريخية، وان يتعاملوا مع الجوائز فقط باعتبارها قيمة خارجية مضافة. ومع ذلك يمكن أن نفهم ونتفهم حقيقة أن النقاد يهتمون بالجوائز وأن نجد المبررات المتنوعة للدوافع التي تجعل النقاد السينمائيين يتعاملون بجدية مع نتائج مسابقات المهرجانات السينمائية التي تحتفي بالسينما كفن، أو حتى تدعي ذلك، أي بالجوائز الموزعة على الأفلام. ومن هذه المبررات أن يقوم النقاد بمقارنة الجوائز مع توقعاتهم الشخصية لها فشلاً أم نجاحاً، أي بمعنى ما أن، أن يمتحنوا كفاءتهم وخبرتهم في هذا المجال.

بالمقابل، يهتم الصحافيون السينمائيون والإعلاميون المهنيون بالجوائز أكثر مما يهتمون بتحليل الأفلام، حيث يجري التعامل مع الجوائز باعتبارها مادة إعلامية جاذبة أو (يجعلون منها كذلك)، ولهذا ينصب جل اهتمامهم على الجوائز الممنوحة من المهرجانات، أو بالأحرى، المسابقات السينمائية مثل “مسابقة الأوسكار” والتي في جوهرها تحتفي بالأفلام باعتبارها جزءا من صناعة مربحة باتت منتجاتها وسيلة ترفيهية عالمية، وهي أفلام قد تتضمن قيمة فنية إبداعية أو لا تتضمن مثل هذه القيمة.

لا يلام الصحافيون والإعلاميون على اهتمامهم بالجوائز التي تنتمي إلى النوع الثاني، كما لا يلام متابعوهم من قراء الصحف والمجلات الفضوليين أو الذين يشاركون في مسابقات الصحف وبرامج الفضائيات التي تتضمن مسابقات تطرح فيها أسئلة تتعلق بمعرفة أي فيلم فاز وكم حصد من الجوائز.

كذلك، فإنه لا يلام النقاد السينمائيون على اهتماماتهم بمتابعة أخبار المسابقات السينمائية والاطلاع على نتائجها، فهذا الاهتمام يندرج ضمن ضرورات المهنة ويمكن فهمه وتفهمه.

لكننا لا يمكن أن نفهم أو نتفهم الحماس الذي يبديه النقاد السينمائيون تجاه جوائز منحت لأفلام لا تتضمن قيمة فنية حقيقية وكأن الأمر يعنيهم شخصيا فيفرحون أو يغضبون من النتيجة، فيتصرفون في مثل هذه الأحوال كما يتصرف مشجعو كرة القدم المقيمون في قرية إفريقية نائية إذ هم يراقبون مباراة بين فريقين “نيوزلنديين” محليين، فيبتعد النقاد السينمائيون بذلك عن جوهر رسالتهم كنقاد ميزتهم أنهم مخلصون لفن السينما وهم يقرأون ويحللون الأفلام من داخلها وبالتالي لا تبهرهم الأضواء ولا تنطلي عليهم ألاعيب المهرجانات والمسابقات ولا ينغرّون بالجوائز مهما كانت وبالتالي فهم لا يولونها من الاهتمام إلا بقدر الاهتمام الذي تستحقه.

الخليج الإماراتية في 10 مارس 2007