جديد حداد

 
 
 
 
 
 

حين ميسرة.. ( 1 )

 
 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

أثار فيلم (حين ميسرة) لمخرجه خالد يوسف، الكثير من الجدل خلال عروضه الأولى مع بدايات الموسم السينمائي الماضي.. وصحبت هذه العروض ضجة إعلامية لم تهدأ بعد.. ليس لأن الفيلم يتناول قضايا خطيرة في المجتمع.. ولكن لأن الفيلم يحتوي على مشاهد متنوعة من جنس واغتصاب وشذوذ.. وغيرها من القضايا المثيرة..!!

وظهرت علينا الصحافة بتصريحات نارية لصناع الفيلم من مخرجه إلى بقية طاقمه الفني.. تقول بأن هذا الفيلم يعد من أبرز أفلام الموسم، بل أهمها على الإطلاق، باعتباره يناقش قضايا هامة في المجتمع، مثل مجتمع العشوائيات، ومشكلة أطفال الشوارع، وقضية الإرهاب والجماعات الدينية المتطرفة.. صحيح بأن الفيلم قد تناول كل هذه القضايا، ولكن كيف تم تناولها.. هذا هو السؤال..!!

كما أن تصريح المخرج خالد يوسف، بأن (حين ميسرة) هو أفضل أفلامه، فهذه لوحدها مشكلة.. فهو بذلك يهدر كل الجهد والإبداع الذي بذله في جميع أفلامه.. فماذا لو أن هذا الفيلم بالذات، نعتبره هو أضعف أفلامه.. على جميع الأصعدة..!!

وكما جاء أيضا، تعليق بصوت المخرج في نهاية الفيلم ما معناه، بأنه لم يقدم كل شيء عن مجتمع العشوائيات، فهذا الواقع أفظع مما جاء في الفيلم.. وهذا كلام جميل، لكن مشكلة الفيلم الأساسية تكمن في كيفية التعامل مع حقائق وأحداث واقعية بشكل فني غير مباشر.. فالفن لا يعني فقط أن تقدم الواقع كما هو.. الفن هو كيفية التعامل مع هذا الواقع ورصد ما يحدث فيه من خلال رؤية درامية واعية.. هذا على مستوى الفيلم الروائي، وليس التسجيلي، الذي يمكن أن يحتمل تسجيلاً حياً بالصورة للواقع ورصد مظاهر الخلل فيه.

هنا.. يقدم فيلم (حين ميسرة) شخصيات درامية واقعية، لكنها في نفس الوقت محاطة بالكثير من الأحداث والقصص المبعثرة وغير المكتملة فنياً، والتي لا تترك أثر في وجدان المتفرج، بل أنها ترهقه ومن ثم تنفره من التعامل مع الفيلم وشخصياته.. ففي هذا الفيلم يمكننا العثور على قصص عن كل شيء.. فالفيلم يحدثنا عن الفقر، وعن الجنس، وعن الاغتصاب، والعرى والشذوذ الجنسي، والتعذيب والعنف، وعن غزو العراق، علاوة على الفساد المجتمعي، والأموال المزيفة، والتطرف الديني والإرهاب.. كل هذا نشاهده في كل زاوية من زوايا الفيلم الدرامية، مبعثراً ومخلوطاً بقضية الفيلم الرئيسية، ألا وهي مجتمع العشوائيات ومشكلة أطفال الشوارع، لدرجة أنها، (أي القضية)، قد ضاعت درامياً في هذا الزحام.. فهذه القضية التي زعم الفيلم بأنه يناصرها ويحارب من أجلها، طارت في الهواء مع قنابل الأمن ومتفجرات الجماعات الإسلامية المتطرفة في نهاية الفيلم، بعد إصرار هؤلاء الفقراء البقاء في الحي ليموتوا تحت قنابل الأمن المركزي، بدون أي مبرر منطقي.. ولتصبح رسالة الفيلم النهائية ضد هؤلاء وليست لصالحهم.. فليس من المنطقي أساساً، رصد هذه القضايا والقصص الخطيرة جميعاً في عمل واحد.. باعتبار أن فيلماً واحداً لن ينجح إطلاقاً، في تقديم تحليل درامي ورؤية واعية وواضحة لكل هذه القضايا، أقصد رؤية ليس المطلوب منها تقديم أية حلول مباشرة للقضايا المطروحة، وإنما تقديم رؤية فنية وإنسانية درامية يمكن أن تفيد وتثير الحوار والجدل حولهاً..!!

 

أخبار الخليج في

31.052009

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)