مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

أربعة ايام من عروض مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ31

الإسلام وتجاور الثقافات في أفلام ثلاثة.. والشريطان المصريان بين معضلة الروح والجسد وتلفزيون الواقع

القاهرة ـ ريما المسمار

لمهرجان القاهرة السينمائي جمهور متحمس من الحضور يتجلى أثره بوضوح في الندوات والمؤتمرات الصحافية. هو جمهور الصحافيين والطلاب لا سيما من التخصصات السينمائية الذين تسعى إدارة المهرجان إلى إشراكهم في فعالياتها عن طريق منحهم بطاقات مجانية. والاثنان، أي الصحافيون والطلاب، يلعبان دورين يمسكان بطرف المعادلة: التبعية والتلمذة. ففي ندوة الفيلم المصري الذي يحوز عامة الاهتمام الأكبر من الصحافة المحلية "ألوان السما السبعة"، وقفت إحدى "الصحافيات" مدليةً بمواقفها من المهرجان وإدارته متوسلة موقعاً نقدياً تبدو الفرصة سانحة لتبوئه. ولم تكف عن الكلام إلا بعد مباراة في اختبار مدى الصوت وقدرته على السيطرة وبعد أن تحولت الصالة إلى بوق واحد مندد. في مشهد آخر، تحولت مجريات المؤتمر الصحافي للممثلة الأميركية المكسيكية لورا هارينغ إلى حفلة غزل وتنفيس للكبت بعد أن تسلمت الحديث مجموعة من الصحافيين تعاقب أفرادها على الإشادة بجمال النجمة وتوسل مشاعرها من القاهرة وسؤالها عن سبب عدم إقدام السينما الاميركية على انتاج فيلم عن الفراعنة بل ودفعها إلى قطع وعد بالقيام بذلك! الفارق ليس كبيراً بين الموقفين وإن لم يستدعِ حديث الأخيرين الشجب كما حدث مع الأولى. يقوم الموقفان على كم من الكبت يقود في نهاية المطاف إلى شكل متطور من الركاكة في استخدام ادوات التعبير وفي النظر إلى الأمور. إنه نظام كامل يقوم على التسطيح وعلى حفنة من الشعارات والمسلمات وعلى من يشذ عنه أن يمتلك القوة الكاملة على المواجهة أو أن يفقد كرسيه في تلك الحفلة المتواصلة من لوك المنطق السائد نفسه. إنه، أي المنطق، كما عبر عنه صديق "ديسك" وحيد يدور في الذهن ويصدح صوته ثم يعود إلى حالته الكامنة استعداداً للانطلاق من جديد عندما تسنح الفرصة. وهذا النظام يقتات من تواطؤ النظام الأعلى معه. ففي موقف آخر، كانت إدارة المهرجان لتوقف الصحافية المذكورة وتتحرى بالفعل عن موقعها وعملها. وفي موقف آخر أيضاً، كانت الممثلة النجمة لتوقف ذلك الهراء حول جمالها والنقاش الفارغ حول السينما الأميركية والفراعنة وسواها من التفاهات. ولكن كلا الطرفين، إدارة المهرجان والممثلة، متواطئان على قدر من الركاكة وذلك من موقع النجومية والسلطة اللذين يسمحان بالركاكة والسطحية بديلاً من النقد. الجمهور الآخر هم طلاب الجامعات الذين يجدون في المهرجان معبداً وظيفته محددة: مطابقة السينما على القيم الاجتماعية السائدة. هكذا يمكن ان يصغر النقاش حول أي فيلم إلى مستوى مدى ملائمته للعرض التلفزيوني الذي يدخل كل بيت!

بين هذين الطرفين، يغيب التواصل النقدي بين المهرجان وجمهوره وعلى قاعدة التواطؤ تُدجن الرؤى وتطفو على السطح حكايات عن مهرجان سينمائي حاضر بقوة محيطه وسحره ليس إلا. فحديث رئيسه عزت ابو عوف وغيره كثيرين في الافتتاح وفي المؤتمر الصحافي بكلام من نوع الأسطورة ورمز مصر وسواها أوصاف تفرغ الحالة من إنسانيتها وواقعيتها وتفسر كيف يسقط هذا العالم في أسطرة أفعاله وإنجازاته فيتوقف عن ابتكارها. باختصار، الصورة تزداد حزناً عاماً بعد عام لأنها في جوهرها ليست إلا صورة باهتة تتعلق بما بقي من كل مجد هذه المدينة السينمائي وباليسير اليسير من سحرها الذي بفيض على ناسها ويومياتها بما لا يخلو من القسوة ـ فكيف بمهرجان أن يمسك به ـ حتى يغدو منتمياً إلى زمنه ومكانه الخاصين المنفصلين عن المسرحية التي تزرع الطرقات وتعبر ـ بذوقها الفني الرخيص وما يرشح عنها من مضامين ـ عن احتكار جوقة المتواضعين والمتزمتين والرجعيين للنتاج الفني. لا ينفصل مهرجان القاهرة كأي حدث ثقافي آخر عن تلك المعطيات. وهو إذ يؤثر عدم التصادم معها لأسباب لا حصر لها، ينعزل تلقائياً داخل دور مسبق التصورات والقدرات. أمام هول المشكلة، يبقى نافذة مواربة على الممكن. إنها ثقافة الممكن التي تحول الحدث الثقافي أياً كان مجاوراً للحياة وليس في قلبها، متحركاً وفقاً لمعادلة ثابتة وليس عنصراً خلاقاً. وهكذا أيضاً تتحول معظم المهرجانات العربية تظاهرات سينمائية للداخل ولقلة من جمهور متابع ومهتم وفرصة للوقوف عند بعض التجارب السينمائية الذي شاهده العالم مبكراً.

المسابقة

لقد قالتها نائبة مدير المهرجان سهير عبد القادر: "نحن ملزمون بشروط اتحاد المنتجين ومنها تقديم أفلام عرض الأول في المسابقة وذلك يحصر خياراتنا". إنها المشكلة المزمنة أي تبعات الصفة الدولية للمهرجان وتمسكه بشروط اتحاد المنتجين (FIAPP) من ضرورة تقديم أفلام المسابقة في عرض أول فينتهي المطاف بالمهرجان إلى قبول أفلام متواضعة لأن الأفلام الواعدة تفضل المشاركة في مهرجانات كبرى تقدم خدمات تسويقية وتشكل قوة استقطاب للمنتجين والموزعين. الأمر لا يخلو من مفاجآت بالطبع ولكن الأخيرة تحتاج إلى جهد في البحث والتنقيب وإلى الرغبة في تكريس المهرجان منصة لاكتشاف مخرجين شباب وربما مجهولين وأفلام مدفونة تحت وطأة مشكلات القطاع السينمائي غير البعيدة من مشكلاتنا في المنطقة. ولكن هذا العام، لم يقتصر الأمر على ضعف الأفلام المشاركة حيث يداعب بعض الأفلام الجمهور العريض بموضوعات صميمة كالإسلام مثلاً والتطرف. على تلك القاعدة وأمام جمهور ينغلق عالمه على حفنة من القيم الاجتماعية والدينية، حاز الفيلم الباكستاني "بسم الله" لشعيب منصور إقبالاً غير منظور. فالشريط الذي يربو على ساعتين ونصف الساعة، استدعى تصفيقاً طويلاً ووقوفاً من الجمهور الحاضر واستمر بعده النقاش مع مخرج الفيلم نحو ساعة إضافية. كيف لا والشريط يرسم الحدود المشتهاة بين الايمان والتطرف، ويقدم في الجانب الأول شخصيات مفعمة بالحياة والحب والتسامح وفي الطرف الآخر كاريكاتورات؟ تبدأ الحكاية في لندن حيث يقيم رجل باكستاني مع ابنته "ماري" وصديقته. الفتاة الشابة باكستانية الأصول ولكنها بريطانية النشأة وبالتالي تبدو علاقة حبها بشاب بريطاني أمراً طبيعياً. غير أن الوالد يستفيق فجأة على حقيقته وهي نسيانه لأصوله ودينه فيحاول التعويض من خلال ابنته. هكذا يقنعها بزيارة باكستان معه حيث يدبر سراً زواجها بمسلم. في باكستان، يقيم أخوه، عم الفتاة، المنفتح والمؤمن باعتدال مع ولديه المغنيين وزوجته ووالدته المتدينة. غير أن أحد ولديه ينجر إلى تعاليم شيخ متطرف فيقنعه بأن الموسيقى حرام ويجره إلى طريق التطرف. هكذا لا يجد الرجل سوى ابن أخيه المتشدد "سرمد" ليتزوج ابنته الذي يوافق من باب أنه ينقذها من مخالفة الدين. هكذا تُسجن "ماري" في قرية على الحدود مع أفغانستان وتبدأ من هناك رحلة شاقة، تحاول خلالها الهروب مراراً قبل أن تضع مولوداً. في خط روائي ثالث، يتابع الفيلم حكاية شقيق "سرمد" الذي يسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الموسيقى قبل وقت قصير من وقوع هجمات 11 أيلول. بين تلك الخطوط السردية الثلاثة، تتشكل جدلية الفيلم ويتخذ منحىً ملحمياً ميلودرامياً هو في جوهره تعبير عن شغف صاحبه من جهة وتعاظم إحساسه بـ"الرسالة المفيدة" التي ينقلها الفيلم. يكرر المضمون الكلام المعتدل حول نبذ التطرف والتمسك بالإسلام المعتدل والمتسامح ويرسم خطاً فاصلاً وواضحاً بين العالمين. ولكن المعضلة هي في مكان آخر: كيف ولماذا آلت الامور إلى ما آلت اليه؟ يغيب عن الفيلم ذلك النقاش حول العوامل الاجتماعية والسياسية غير المفروضة عل كل فيلم بالضرورة ولكنها تغدو ضرورية حينما تقع المحاولة في إطار الإحاطة بالموضوع وتفصيله. مما لا شك فيه أن نظرة المخرج تتخذ منحىً رومنسياً يجد تخريجة ملائمة في كليشيات صغيرة كالحديث على الموسيقى مثلاً في وصفها صلة تواصل وتقارب. يشفع للفيلم أنه مؤمن بذلك فعلاً من دون أن يتمكن ذلك الايمان أو الشغف من تقديم فيلم نقدي وعميق ومن أن يمنعه من السقوط في التبسيط.

عن الإسلام أيضاً، قدم المخرج التركي درفيس زعيم في المسابقة الرسمية مع الشريط الباكستاني فيلمه "في انتظار الجنة". تدور أحداث الفيلم في اسطنبول القرن السابع عشر حول رسام يدعى "أفلاطون"، يميل إلى الأسلوب الغربي في رسم الوجوه. بعد وفاة ابنه، يقرر التوقف عن الرسم تاركاً أمور المشغل لتلميذه. ولكن السلطان يأمره برسم بورتريه لثوري قبل أن يقطع رأسه. هكذا ينطلق في رحلة إلى الأناضول بصحبة حرس السلطان وتنضم اليهما جارية تائهة ليصل الجميع لاحقاً إلى خان المسافرين. يكتسب الفيلم شكلاً تلفزيونياً حيث اللغة البصرية هنا تخدم الحوار والمضمون بالدرجة الأولى بينما لا ينجح الاستلاب التاريخي في تحريك النقاش المعاصر حول الإسلام وتواصل الثقافات وهو ما نجح مواطن زعيم المخرج فاتح أكين (الالماني الجنسية) في معالجته بعمق أكبر وآنية ملحة في فيلمه الأخير.

خارج المسابقة الرسمية وفي إطار الموضوع عينه، عُرض الفيلم الأميركي Rendition لغافن هود. يدور الشريط حول مهندس أميركي من أصل مصري، يتم توقيفه في المطار للاشتباه بضلوعه في عملية تفجير إرهابية في بلد عربي غير محدد في شمال أفريقيا. العنوان الذي يشير إلى نظام استُحدث أيام الرئيس بيل كلينتون، تقوم الاستخبارت المركزية بموجبه بإرسال بعض المشتبه بهم في عمليات إرهابية إلى سجون عربية حيث يتعرضون للتحقيق والتعذيب لحسابها. هكذا وبعد وقوع التفجير الإرهابي الذي يستهدف مسؤولاً أمنياً عربياً ويذهب ضحيته بدلاً منه رجل استخبارات أميركي، تبدأ التحقيقات التي تقود إلى المهندس الشاب بناءً على تقارير تشير إلى تلقيه اتصالات هاتفية من المسؤولين عن التفجيرات. وتبدأ رحلة التحقيق معه في سجن البلد عينه الذي نُفذت العملية فيه على يد المحقق العربي الذي كان مستهدفاً وعميل استخباراتي أميركي. في خط موازٍ، تقوم زوجة المهندس في واشنطن بالبحث عنه بعيد اختفاء اسمه من جدول شركة الطيران، يساعدها في ذلك زميل دراسة قديم أصبح اليوم في جهاز الاستخبارات. مثل سابقيه من الأفلام التي تناولت مواضيع تتعلق بالإرهاب والشرق الأوسط، يتبع الفيلم خطاً سردياً متشعباً، يضم أكثر من بلد ومجموعة قصص متوازية عن ابنة المحقق وعلاقتها بشاب ضالع في حركة الجهاد. تحت ضغط التحقيقات، يعترف المهندس بضلوعه في العملية ولكن التفاصيل التي يرويها لا تقنع الاستخباراتي الأميركي المعارض أساساً لسياسة واشنطن في موضوع الإرهاب ومكافحته فيبحث حتى يتأكد من أن اعترافه جاء تحت ضغط التعذيب ليس إلا. يمتلك الشريط نقاط قوة كثيرة لا سيما هيكليته ولعبة الزمن المتداخل التي تتكشف مع نهاية الفيلم متخذاً من العنوان حجة أساسية ليحكي عن أميركا بعد 11 أيلول ورعبها الأمني من دون أن يغفل عن الرعب الكامن في الجهة الأخرى حيث تتشكل الخلايا الإرهابية بدوافع دينية وانتقامية.

الأفلام المصرية

يشكل اختيار المهرجان لأفلامه المحلية نقطة إرباك للجانبين معاً: المهرجان والمخرجين. فقد مر المهرجانات في دورات كثيرة خلال العقد الأخير من دون فيلم يمثل مصر في المسابقة وغالباً ما فتح ذلك المجال أمام أفلام صغيرة متواضعة لتتنافس في المسابقة. غير أن العام الفائت شهد مشاركة ثلاثة أفلام مصرية بينما يقتصر العدد في هذه الدورة على فيلمين. وتتمثل نقطة الحرج بالنسبة إلى المهرجان بالنقاش المستمر حول قيام مهرجان سينمائي في بلد لا تشارك سينماه فيه لا سيما إذا كان هذا البلد مصر الذي حمل راية الريادة في السينما العربية لوقت طويل. وذلك يحتم على المهرجان سنوياً التنقيب عن فيلم بأي ثمن ليمثل مصر. أما بالنسبة إلى المخرجين، فبقدر ما يعنيه المهرجان من اعتراف بقدر ما بات "وصمة" تعلن الفيلم وصاحبه غير ملائم للسوق والجمهور. على هذه الخلفية، عُرض الفيلمان المصريان في المسابقة "ألوان السما السبعة" لسعد هنداوي و"على الهوا" لإيهاب لمعي وانتصر الجمهور المحلي ـ من صحافيين وطلاب ـ للفيلم الأول بتوليفته المواربة حول العلاقات. فالشريط الذي يستلهم الصوفية من دون أن يجاهر بذلك تماماً، يحكي حكاية امرأة شابة تدعى "حنان" في ماضيها سر غامض، تتعلق براقص تنورة وتقع في حبه. على صعيد آخر، هناك حكاية ابن الراقص الذي يحلم بتعلم مهنة ابيه بينما يعاني من علاقته بأمه المطلقة من والده بسبب ما يؤخذ عليها من "ميوعة" في السلوك. أما عالم "حنان" فيضم والدتها وأخاها وأختها البعيدين عنها عاطفياً وصديقتيها اللتين تتشاركان معها ذلك الماضي الغامض. تدور الشخصيات في فلكي الجسد والروح وحاجاتهما. فحنان التي اكتفت من رغبات الجسد بسبب مهنتها القديمة كمومس، تسعى إلى ملء الفراغ الروحي فتجد ضالتها في "بكر" راقص التنورة. والأخير الذي يتشابه مع "حنان" من زاوية تسليع الجسد، يرتقي في رقصه اليومي عن العالم المحسوس إلى آخر غير ملموس. هكذا يلتقي الاثنان في لحظة الحاجة وتتقاطع حيواتهما عندها. ولكن ما يطرحه الفيلم في خطابه عن الصوفية والشغف لا نلمسهما في حياة الشخصيات. لا يرتقي أداء فاروق الفيشاوي لشخصية "بكر" ولا كتابة الشخصية على الورق إلى مستوى الخطاب المرجو ليبقى ذلك التحليق الروحي كلاماً منمقاً على السطح. وحدها "حنان" تستطيع في بعض المشاهد أن تجسد تلك الحالة (تقوم بالدور ليلى علوي) الهائمة والتائهة بين عالمين مختلفين. تجر تلك المعادلة المحسوبة في الموضوع، معادلة شكلية مركبة، يتحول الفيلم معها في لحظات كثيرة إلى مجموعة لوحات منفصلة عن بعضها بعضاً كما تستدعي تغريباً عن المكان يحول القاهرة مكاناً مفتعلاً وملمعاً. ثمة حلقة مفقودة بين الشخصيات والمكان وبين الموضوع ومقاربته البصرية يجعل من الفيلم محاولة في أسر موضوع مثير للاهتمام والجدل إنما محدودة الأفق تحت ضغط مسلمات مسبقة عن النساء والعلاقات.

في المقابل، قدم ايهاب لمعي شريطاً لماحاً وساخراً إنما بحدود. فمن فيض الفضائيات وانتشارها وفورة برامج الواقع، يستل الفيلم حكاية عن أربع شخصيات يتم قبولهم في مسابقة "الصمت". والأخيرة كناية عن برنامج من نوعية تلفزيون الواقع، تقوم لعبته على الصمت لمدة شهر كامل بينما يشاهد الناس يوميات المشتركين في بث حي متواصل. الأربعة يطمحون إلى جائزة المليون جنيه: "وفية" الشابة الجميلة ابنة البواب التي تحلم بالشهرة والثراء؛ "رشيدة" متوسطة السن التي تعاني الوحدة وفشل العلاقات العاطفية؛ "ابراهيم" البسيط المهووس بالنساء والذي يكره والدته بسبب ماضيها المشبوه و"أشرف" الشاب الفقير الذي يحلم بالزواج من حبيبته. يعيش الأربعة في بيت واحد تحت إشراف "ندى" منتجة البرنامج. يدخل الفيلم في كواليس البرنامج بأسلوب ساخر كاشفاً عن كم النفاق والاستغلال الذي تنطوي عليه نوعية البرامج تلك. ويتقصد الفيلم في مواضع كثيرة أن يكون صورة عن تلك البرامج بسطحيتها وأدواتها. فهو يعالج شخصياته بنفس السطحية التي تقدم فيها برامج الواقع مشتركيها. النبذة التي تعرضها "ندى" مدير القناة عن كل من المشاركين الأربعة لا تترك للمشاهد أن يغوص في الشخصيات أو حتى أن يتعاطف معها. فالتركيز هو على فكرة هذه البرامج وكواليسها. ينجح الفيلم إلى حد كبير في تحقيق ذلك ولكنه يقع في مطبات عدة أولها الأداء الضعيف لبعض الممثلين وثانيها الترميز الذي يقلل من شأن تلك الظاهرة على الصعيد الاجتماعي ويسحبها إلى مناطق أخرى. وفي حين تحاول كاميرا الفيلم أن تقول عن شخصياتها الكثير مما لا تظهره البرامج الواقعية، يتقلص الفيلم في جزئه الاخير إلى عملية الكشف عن المستور على حساب تلك العلاقة المعقدة التي كانت آخذة بالتشكل بين مشاهد الفيلم وصورة الأخير المترنحة بين كونها محاكاة للواقع حيناً وتعليقاً عليه حيناً آخر.

المستقبل اللبنانية في 2 ديسمبر 2007