كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

في نهار المدى الحادي عشر..

تحية من رئيس الجمهورية إلى الفنان الرائد يوسف العاني

وجه فخامة الرئيس جلال طالباني تحية الى الفنان يوسف العاني الذي جرى الاحتفال به في اطار مهرجان نهارات المدى الذي أقامته مؤسسة المدى يوم الاثنين 11/2/2008، وقرأ نص التحية ممثل رئيس الجمهورية الدكتور جلال الماشطة. وفيما يلي نص التحية:

الصديق الفنان الرائد يوسف العاني ..

الاحتفاء بك اليوم، تعبير عن وفاء لكل المثقفين و المبدعين و الرواد الذين اناروا الطريق لاجيال كافحت من اجل الحرية و القيم الانسانية الرفيعة، التي ينهض العراق اليوم بكل مكوناته لكي يجعلها واقعا قائما، على أسس الديمقراطية و العدالة و المساواة في ظل دولة القانون، و هي القيم التي ناضل جيل يوسف العاني من المثقفين و المبدعين لتحقيقها مقدمين في سبيل ذلك التضحيات الجسام.

ان تكريم المثقف و المبدع في العراق الجديد، العراق الذي نريده ديمقراطياً و خلاقاً، انما هو مؤشر للمضامين التي تنطوي عليها ارادتنا في ان نجنب البلاد و ابناءها اي نزوع نحو الاستئثار والاستبداد و رفض التحكم بمصائر الاخرين و احترام التنوع و الاختلاف في اطار الوحدة الوطنية.

ان الثقافة و الابداع كانا دائماً اساس كل تطور و نهوض، و هذا ما ينبغي ان يتحول الى قناعة راسخة في وعي قوانا السياسية و قادة البلاد، لكي تصبح اعادة بناء العراق الديمقراطي في ذات الوقت تحديثا ابداعيا يليق بقامة العراقيين وتطلعاتهم.

ان للمثقفين حقوقاً على الدولة و ان رعايتهم و خلق البيئة الملائمة لعملهم و ابداعهم ضرورة لا بد منها لكي تزهر شجرة الثقافة.

لك مني ايها الصديق العزيز تحية و تمنيات بالعمر المديد و الصحة الوافرة لخدمة الثقافة.

جلال طالباني

رئيس جمهورية العراق

 

فخري كريم: نكرّم في يوسف العاني كل الإبداع العراقي

عبر ستة عقود، أو حتى أكثر، ظلوا يجتهدون ليعيدوا تركيب جمل واكتشاف مفردات جديدة لها، لعلها تفك سراً أو تميط اللثام عن جوانب في المجتمع او الكون وما فيهما من حيوات ، تثير الحيرة، وتبدو كما لو انها وراء هذا الكم من العذابات والقسوة والاستلابات والاغتراب والاستغلال وما تفيض بها على الناس من جور وعسف وضيم وجوع وشكوك تسد افق الخلاص، وتهدّ من طاقة التحمل والتحدي في نفوسهم.

كيف تجمعوا...

واي كلمة او جملة او موقف ، لعبت دور المحرض، او العراب، ومن كان له الحظ الاوفر في وضع الإرادات والأمزجة المتنافرة، برغم توحدها في الرؤية، في اطار الفعل الثقافي الريادي؟.

ليس مهماً، فالزمن بناءٌ ماهر يخفي الاسرار الصغيرة وهو يصقل القامات، ويرممها من كل عيب لتتحول الى قوة دفع واعادة خلق، ومحفز للنهوض، لم يرَ المشاهد وهو يرتاد فرقة المسرح الفني الحديث او إرهاصاتها قبل ذلك، وتكويناتها في الفن الاصيل، تأليفاً او تمثيلاً او إخراجاً.. في السينما او المسرح او الاذاعة والتلفزيون او مشاهد الحياة الإبداعية الاخرى التي أغنت حياة العراقيين وجسدت استشرافاتهم للجمال والحياة الانسانية الافضل،.. لم يرَ غير المشهد وهو يكتمل بالكل، او التفرد الخلاق وهو يتحرك من واحد الى الاخر. كانت تلك اياماً تجيز للانسان الامل والحلم، وتخلق القيم السامية بلغة الشفاه والايماءات والعيون.. ولم تكن السياسة بعد ملعبا لريح فاسدة، أو ملعباً يتعايش فيه الناس على مصائر بعضهم البعض، وتتلاشى فيه الرؤيا وعناد الضمير او الاعتقاد والقيم.

***

في زمن الانبهار بالحياة ووعدها، سطعت في سماء الثقافة العراقية نجوم لم تستطع متاهات السياسة، ان تطفئ جذوتها، او تأسر إشعاعاتها، برغم ما تتركه السياسة من ظلال وارتعاشات تسعى في كل منعطف لتحاصر الجمال بالخراب، وفي الفن وعالم الخلق والإبداع والنبوءة يصبح الاحتكام الى قواعد السياسة مثل القتل على الهوية!.

***

كان يوسف العاني في مركز الضوء مرة، وخلف الستارة مرة اخرى، وبين الجمهور اغلب الاحيان.
وفي كل موقع، ولحظة تجلٍّ، لم يكن بمستطاعه ان يغطي المشهد وحده، كان سامي عبد الحميد الى جواره حيناً، وفي مقدمة المسرح حيناً آخر وخلف الستارة وبين الجمهور مثله تماماً. كما هو الحال لزينب وناهدة الرماح وازادوهي وخليل شوقي، بل ومعهم ومن حولهم نخبة تضيء المشهد كله يومذاك، ولم يكن ممكناً التحول الى قوة مثل واندفاع من دون توحد إعجازهم في مشهد خلاق يومض حتى اليوم حياتنا التي يراد لها، ان تكون بلا معنى او دلالات.

إننا نعيش لحظة تحول، تتضافر قوى لكي تكون انزلاقا، لا يقظة او نهوضاً.

***

فهل يستطيع فعل الرواد الاوائل، لا في المسرح فحسب، او في السينما والرواية والشعر والموسيقى والتشكيل والعلوم بل في الحياة نفسها ان تفيض بالجهالة والظلم والقسر على كسر إرادة الناس وتجريده من الامل والحلم، ان يستنهض فينا طاقة التحدي وإرادة الحياة.

هذا هو نسيجنا في (المدى)، فمن يتفرد في تلوينه ويفتح باب الامل امام النساج.

يوسف العاني، أنا أكرم فيك، وفي سامي عبد الحميد وخليل شوقي وزينب وناهدة وازادوهي كل الإبداع وخلق قيم الحب وجمال الخليقة واستشراف المستقبل.

 

د. الماشطة: الاحتفاء بالعاني استحضار لصفحات من تاريخ العراق

القى الدكتور جلال الماشطة ممثل رئيس الجمهورية جلال طالباني كلمة احتفاء بالفنان الرائد يوسف العاني، وفيما يأتي نص الكلمة:

ايتها الأخوات أيها الاخوة الاكارم

الاحتفاء بيوسف العاني هو استحضار لصفحات من تاريخ بلادنا، لعقود شهد ابانها العراق تحولات كبرى فتحت تارة امامه ابواب الحرية، واغلقت عليه تارات جدران القمع والاستبداد. وطوال تلك السنين كان للثقافة العراقية الدور البارز في استنهاض الناس لمقارعة الطغيان ورفض الضيم والاستلاب، والدعوة الى عالم المحبة والاخاء. وكان يوسف العاني واحدا من الرموز الالمع لهذه الثقافة، رائدا في ارساء قيم سامية في المسرح الذي يعد بحق واحدا من واضعي اسسه وركائزه منذ الخمسينيات. وكانت المسرحيات التي شارك فيها يوسف العاني، تأليفا واخراجا وتمثيلا، تغدو احداثا تخرج عن اطار الثقافة لتندرج في واقع الحركة الاجتماعية والسياسية ويتناقل الناس معانيها ومفرداتها وكأنها اقوال مأثورة.

وبرغم البدايات التي سبقت فيلم سعيد افندي، فأن هذا العمل اصبح بمثابة اشارة الانطلاق الحقيقية للسينما العراقية الحديثة، واذا كانت الذاكرة قد اتت على اسماء كثيرين ممن كان لهم الفضل في صناعة هذا الفلم فأن شخصية سعيد افندي التي جسدها يوسف العاني ما برحت محفورة في الاذهان، كما الكثير من ابطاله. ولا غرو، فالعاني خريج مدرسة الحياة وابنها وحامل تقاليدها كان مثقلا بهموم الانسان البسيط في بحثه عن لقمة العيش وفي تمسكه بالكرامة والعزة وفي تجسيده للنفس البشرية.

ان الاحتفال اليوم بيوسف العاني ليس استعادة لحقب ماضية وامجاد مسرحية منسية، بل هو احتفاء بالمسرح العراقي الذي تبوأ مكانة مرموقة في العالم العربي وهو الان ينهض من جديد نافضا عنه اوضار الماضي، شاغلا موقعه الطبيعي في الحياة الثقافية والاجتماعية. ولاهل المسرح كما لسائر المثقفين، الحق في ان تتوفر لهم الاجواء اللازمة لكي يواصلوا عطاءهم الابداعي. والاحتفاء بيوسف العاني هو احتفاء بالقيم السامية النبيلة التي توارثتها ودافعت عنها الثقافة العراقية، وهي احتفاء برجل هو بمثابة وشيجة الوصل بين جيل الرواد الذي ينتمي اليه والاجيال الطالعة في العراق الجديد.

ولا بد من ان نوجه الشكر لمؤسسة "المدى" لمبادرتها الى اقامة هذه الاحتفالية ودأبها على الاحتفاء بالرواد ليس تكريما لهم فحسب وانما ترسيخا لفكرة ان ما يستنبت وينفع الناس لا بد وان يمكث في الارض.

 

تضمن تكريماً وعروضاً ونقاشات..نهار المدى يعيد لخشبة المسرح ألقها

بغداد/ شاكر المياح

لاح لها في (المدى)، ووقع خطاه في الفضاء لها صدى، لتبتسم لذلك الظافر الآتي من بعيد، وتحيك له خيوط الشمس نهاراً، جديداً هي (المدى). تحتفي بذلك الافندي سعيد، وتفرد شريط الذكريات لتطلق العنان للنظرات، خلق وابداع وابتكار فاستحق من (المدى) نهاراً هو الحادي عشر، تقتفي فيه لذلك الافندي كل اثر، ونسميه "خشبة وتصفيق"، اجتمع فيه مسرحيون وسياسيون ومثقفون وكل مهتم وصديق، ليصفقوا "ليوسف العاني" طويلاً بطول الاربعة والستين عاماً التي امضاها على هذه الخشبة، بل هو مشدود اليها دوماً واسير فان عجزت كلماتنا عن التعبير فللخشبة ايماءاتها وللجسد تعبير. بهذه الكلمات افتتح عريف الحفل "مؤمل" فعاليات "نهار المدى الحادي عشر"، ثم ابتدأ مشهد يأخذ بالألباب ويوقظ مشاعر طالما اسبتتها عقود من القهر والاستبداد والحروب والدماء، في الوسط، تسعة شباب يتلوون مثلما الاغصان التي مسها هفيف ريح، وفي منظر هو الاروع تتدلى ملاءة بيضاء، وكأنها تمنح المكان الامان، ثم لا يلبث حتى يبدو المحتفى به جالساً تحف به ثلة الشبان تلك، تقترب منه فتاة فارعة، مثل نخلة عراقية سامقة وتمسك بيده وتقوده إلى مقدمة الخشبة حيث يستقر فوق كرسي وامامه منضدة صفت عليها اعداد، من الكتب، ووسط الموسيقى والاضواء وعروض الـ"داتا شو" "دعنا يا عبود إلى تلك الايام نعود، فيها الانسان طيب، والمسرح خال من العساكر والجنود". ثم يستدير الجمهور ليتطلع إلى شاشة ثبتت في اعلى كواليس المسرح، "لا تقل لي ايها الشاب، ان وجدت المفتاح، فارجوك لا تفتح الباب، المسرح لم ينل منه العساكر والجنود، بل احرقته عين الحسود/ النخلة هي ذات النخلة لكن من تغير؟ الجيران؟ وصار "السايق بيك" "والبيك يفترش أرض الخان؟ وهند تموئ ألماً كقطة، والملاك قاسم لا يعي لوجودها سقطة. ذلك الباب يزاحم صريرها رجل يدندن.. يغني.. انت هنا بيننا لكنك يا عبود هناك ما زلت تغني". انه يوسف العاني، يبدو على كلا الشاشتين يقلب صفحات كتابه الجديد "صرير" مع الحان شجية لالة عود تلاعبت باوتاره انامل انثالت منها انغام استمع اليها الجمهور وبما يشبه الخشوع، بعد ذلك سطعت الاضواء ثانية، ودنا المذيع "مؤمل" من المنصة وقدم رئيس "مؤسسة المدى للثقافة والاعلام والفنون" قائلاً: ان كنت رئيساً لمؤسسة (المدى) او من أفرد جناحيه في (المدى)، قبل ان ترتقي هذه الخشبة، حذار أن تستبق حروفك الكلمات، وصوتك تأخذه العبرات.. لا تنسى انه "يوسف العاني" من كانت سطوره في ورقة بيضاء تستعر كالجمرات.. ايها السيد، الخشبة لك والمنصة، والاسماع تستبق النظرات" ويتقدم "فخري كريم" وسط التصفيق والاضواء، حتى صار امام المنصة استهل كلمته قائلاً: عبر ستة عقود، او حتى اكثر، ظلوا يجتهدون ليعيدوا تركيب جمل، واكتشاف مفردات جديدة لها، لعلها تفك سراً او تميط اللثام عن جوانب من حبوات المجتمع او الكون. إلا ان "ابا نبيل" نسى وصية "مؤمل" حين دعاه، وإذا ما حانت اللحظة التي قال فيها: "كانت تلك أياماً، تجيز للإنسان الامل والحلم، حتى صمت ولم يكمل، صمت.. صمت، حينها ادرك الجمهور بان "أبا نبيل" تجيش في اعماقه عبرة هائلة حالت دون ان تترى الكلمات من فيه، فضج المسرح الوطني بعاصفة من التصفيق، في تلك اللحظة تهدج صوته، وهو يحاول اخفاء آهة ودمعة اختلطتا ببعضهما ولم يكن أمام أسيل "فتاة المدى" الرائعة الاّ ان تسرع وتضع امامه علبة ورق "الكلينكس" عندئذ ادرك ان "رئيس مؤسسة المدى" قد اجهش بالبكاء، ثم اكمل قراءة كلمته بصوت يكاد يكون خفيفاً، بعد ذلك تلا ممثل رئيس الجمهورية الدكتور جلال الماشطة كلمته التي اورد فيها رسالة الرئيس "جلال طالباني" التي وجهها للفنان الكبير "يوسف العاني" بعد ذلك جرى تكريم الفنانين الرواد اذ صعد اولا الدكتور صلاح القصب وقدمت له باقة ورد، ثم تبعه الرقم الاصعب في لمسرح العراقي الفنان القدير سامي عبد الحميد، والفنان الرائد " مكي البدري" وذلك الصوت الحالم بجنة مبكرة، والاكثر وجعا على المسرح، ثم تلته الفنانة القديرة "شذى سالم" ومن ثم "جمانة" تلك رافقت يوسف العاني في افراحه واتراحه "الفنانة " آزادوهي صاموئيل" وكذلك عبد الامير السماوي والدكتور " عبد المرسل الزيدي، واسعد عبد الرزاق" بعد ذلك نودي على الفنان "يوسف العاني" الذي هبط سلالم الصالة وكأنه ذاهب الى فردوسه، او "حلمه" مع موسيقى اضفت على القاعة هالات من القدسية والاجلال ثم يصعد باتجاه خشبة المسرح تحف به بقعة ضوء كأنها تنساب عبر مساماته لتتخلل روحه التي ما غادرت الفقراء يوماً، وظلت وفية لهم، شاعرة بعذاباتهم مفصحة عنها بالقول وبالفعل، على الخشبة "تلاقاه "ابو نبيل" وممثل رئيس الجمهورية، ليأخذاه بالاحضان ويمطرانه بالقبل، هو صعود الى الازاهير والورد، والى اللقاء بالمشاعر الحميمة الوفية.. ثم عناق.. وعناق مع رفاق الامس، ومبدعي اليوم.

الم اقل لك يا عبود، انك مشدود الى هذه الخشبة واسير سترتقيها من جديد ايها الافندي سعيد، لكن هذه المرة هي التي ستعطيك بيد من يمثل رئيس الجمهورية تكريم، ومن رئيس مؤسسة المدى فخري كريم، ومن اعمدة الفن العراقي وكل مخلص واخ وصديق حميم. انه عبود ذلك الذي اقتحم حانة "ابو جورج" واقفلها عليه بعد ان طرده منها، أغاني عبود " هكذا ناداه ابو جورج من خلف الباب، الا انه رد عليه: "ابو جورج" فما كان منه الا الاذعان لامر "عبود" فلما سمعه انطلقت منه ضحكة مجلجلة حتى سقط على قفاه وكأنه قد أزاح عنه هموماً كانت جاثمة فوق صدره، وتغرق روحه الطيبة بذلك الضحك الذي كأنه البكاء، انها سخرية المحزون والمترع بالشقاء.

بعد ذلك قدمت باقات زهور لكل من المدير العام لشبكة الاعلام العراقية وعصام الديوان، ممثل وزير الشباب والرياضة، ثم قدمت جائزة الابداع للفنان الرائد "يوسف العاني"، وكذلك جائزة وزارة الثقافة قدمها المدير العام لدائرة السينما المسرح الدكتور "شفيق المهدي".

ودرع قدمه الفنان "حسين البصري" بعد ذلك كرم الاستاذ فخري كريم "الفنان" أنس عبد الصمد صانع عرض ومخرج مسرحية" حلم في بغداد "التي شاركت في مهرجان قرطاج الذي اقيم في تونس".

غادر الاولاد البلاد، بعد ان نفضوا عن اجسادهم غبار الحرب والرماد ليشتركوا في مهرجان قرطاج بمسرحية "حلم في بغداد" فراحت تصفق لهم الاكف، والمسرح باركانه اهتاج، ذلك ما جرى في قرطاج، بعد ذلك جرى عرض لقطات من هذه المسرحية، هكذا قص الاول الحلم في بغداد.. فاحتفى بهم قرطاج، وحتى لا تأخذ الرياح ذلك الحلم في إدراج. بعد ذلك تقدم الاستاذ فخري كريم ليعلن ولادة فرقة "مسرح المدى". بعد ذلك عرضت مسرحية مقامات يوسف العاني" التي اخرجها الدكتور رياض شهيد وشارك فيها كل من الفنانين "سامي عبد الحميد، وسامي قفطان وزهرة بدن وجمال الشاطي، قدم فيها يوسف العاني، وشذى سالم مشهداً من فيلم "سعيد افندي". العاني يقول لكم ايها المسرحيون العراقيون، لا تأخذكم على هذه الخشبة اصوات صرير خشبها تولد الحكايات، وحمر مصابيحها تنشط احمرارات ساعتليها في هذا النهار، وفي مداها اجوب المديات وسأدوزن على هذه الخشبة أوتار المسرح، لتتراقص الكلمات على لحن العائد بعد غياب في مقامات، ثم تقدم الفنان سامي قفطان يبدي اعتذاره للفنانة "ازادوهي صموئيل" التي كان من المؤمل أن تشارك في هذه المسرحية التي تناولت بعضاً من مشاهد مسرحيات العاني، إذ استبدلت بفنانة أخرى هذا الاعتذار عبر عن التقدير والاعتزاز اللذين يكنهما لها زملاؤها الفنانون المسرحيون، وعلى إثر ذلك تقدمت "صاموئيل" لتقدم مشهداً مسرحياً قوطع مراراً بالتصفيق إعجاباً من الجمهور بأدائها الرائع الذي شده إليه، وفي ختام المشهد هتفت "صاموئيل" ملعونة كل الحروب وملعون من يشعلها.. ملعونة كل الحروب، ملعونة كل الحروب. وفي الاستراحة قدمت فرقة "ِشبعاد السومرية" أغاني تراثية نالت استحسان الجمهور الذي تجمع في صالة الاستراحة ليستمع إلى "على شواطي دجلة" و"داده حسن" وغيرها التي حضرت في ذاكرة العراقيين وفي خلال الحفل "التقت "المدى" برئيس الفرقة ومؤسسها الفنان "جمال السماوي" الذي حدثنا عنها قائلاً: هي فرقة حديثة تأسست في عام 2004، جمعت بين أعضائها أفراد أسرتين فنيتين ومنهما عائلتي، واطلقنا عليها فرقة شبعاد السومرية" وقد شاركت في عدة مهرجانات في أربيل وبغداد وعمان. وهي تلقى الرعاية الكاملة من مؤسسة المدى، ومن شخص رئيسها الأستاذ فخري كريم.

 

مسيرة الفنان الكبير "يوسف العاني" في صور

بغداد/ شاكر المياح

ضمن فعاليات نهارات (المدى) لعام 2008 وتحت شعار "خشبة وتصفيق" الذي كرس "لفضاء المسرح العراقي، حيث الرواد والشباب يلتقون في عروض وجلسات احتفائية وحوارات، في سعي من "مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون"، أقام الفنان الأرشيفي "علي عيسى" معرضاً للصور الفوتوغرافية وثقت مسيرة الفنان المبدع الكبير "يوسف العاني" الفنية في "المسرح والسينما والتلفزيون" واشتمل المعرض على "75" صورة لمراحل مختلفة من حياة "العاني" الفنية. وفي خضم فعاليات "نهار المدى" خشبة وتصفيق" التقت (المدى) الفنان "علي عيسى" وسألناه اولاً: لماذا "يوسف العاني"؟ فقال: انا أعمل مصوراً صحفياً في دائرة السينما والمسرح، ومؤرشف الحركة الفنية في العراق وموثقاً لها، إذ أرشفت جميع اعمال الفرقة القومية للتمثيل، والفرقة القومية للفنون الشعبية، وجميع الافلام السينمائية العراقية، وحتى فرق المحافظات التابعة للدائرة، وكذلك الفرق الاهلية ويأتي معرضي هذا مكملاً لرحلتي مع الفن والفنانين التي بدأت منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، وهو تعبير حقيقي لحبي وتقديري واعتزازي بالفنان الرائد الكبير "يوسف العاني". الذي اعطى الكثير للفن العراقي، واهباً له حياته وجهده وفكره، ومساهماً حقيقياً في ازدهاره، وارتقاءه لاسيما في مضامير المسرح والسينما والتلفزيون، ممثلاً وكاتباً، ما تزال بصماته ماثلة وواضحة حتى هذه اللحظة، ويضيف "فناننا المحتفى به في هذا النهار الرائق يستحق منا جميعاً كفنانين اكثر من هذا، لأنه علم من اعلام الحركة الفنية والثقافية العراقية، وأحد أعمدة المسرح الكبيرة.

·         وهل ارشفت لغيره من الفنانين؟

خلال مسيرتي الفنية، رافقت فيها اغلب الفنانين العالميين والعرب الذين زاروا العراق امثال: انتوني كوين، اولفرريد، سعاد حسني، سميرة توفيق، ليلى طاهر ومحمود ياسين وحسين فهمي وعبد الله غيث وغيرهم من الفنانين، كصحفي اعمل في مجلة "السينما والمسرح" ومجلة "الموعد" وجريدة "الوان" فضلاً عن الصحف الأخرى التي كانت تصدر في بغداد.

·         كيف استطعت الحصول على هذا العدد من صور الفنان المبدع "يوسف العاني"؟.

كما اسلفت فانا موثق الحركة الفنية في العراق، وليس حصراً بالفنان "يوسف العاني"، بل لجميع الفنانين العراقيين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، ابراهيم جلال، وجاسم العبودي، وحقي الشبلي وجعفر السعدي، وكامل القيسي، واحمد فياض المفرجي، وفاروق فياض وخليل شوقي ومي شوقي، وزينب وناهدة الرماح ومحمد القيسي، وطعمة التميمي والدكتور فاضل خليل، وازادوهي صاموئيل والدكتور صلاح القصب، وقاسم محمد، وخليل الرفاعي فضلاً عن الجيل الوسيط وجيل الشباب، وارشفت انشطة واعمال جميع هؤلاء الفنانين بالصورة الفوتوغرافية، سواءاً كانت اعمالاً مسرحية او سينمائية او تلفزيونية.

·         ماذا اخترت لمعرضك المخصص للفنان "يوسف العاني"؟

قبل الاجابة على السؤال، اتمنى لفناننا الكبير الصحة الموفورة والعمر المديد ليظل احد الروافد المهمة والعظيمة لمسيرة الفن العراقي بكل العبقريات ومستويات الابداع المشهود لها بالعطاء الثر والانجاز المتميز، المعرض يضم "75" صورة كبيرة، جسدت اعمال هذا الفنان المبدع المسرحية منها، مسرحيات قديمة، كمسرحية "البيك والسايق" و"اضواء على حياة يومية" وصور لافلام سينمائية منها فيلم "ابو هيلة" والمسألة الكبرى، والاسوار، والملك غازي، وغيرها من الافلام التي مثل فيها "يوسف العاني" وكثير من صور المسلسلات التلفزيونية التي اشترك فيها.

·         هل هذا هو معرفتك الاولى؟

كلا، فلقد سبق لي ان اقمت اكثر من "48" معرضاً في داخل العراق وخارجه منها ما كان بصفة شخصية، واخرى في مهرجانات فنية، وجميعها، كانت تتحدث عن مسيرة المسرح العراقي منذ عام 1968 وحتى اليوم، وكذلك عن السينما العراقية والفنون الشعبية، ولا أخفي بانها حظيت باهتمام واسع من وسائل الاعلام العربية والعراقية، كما انها نالت استحسان الفنانين والمثقفين والنقاد والجمهور، وآخر هذه المعارض كان معنياً بمسرح الطفل الرابع الذي نظم في 15/12/2007 ويضيف: كان لكل معرض من تلك المعارض، مناسبة فنية، او مهرجان فني وبدعوات من مؤسسات اعلامية وفنية وثقافية، ويوضح: اعتز بمعرض شخصي يصور الظروف الراهنة وتداعياتها منذ سقوط النظام السابق وحتى هذه اللحظة اقمته في المسرح الوطني، جسدت صورة النواحي الايجابية والسلبية على حد سواء، وما تواجهه الحياة اليومية للمواطن العراقي من تحديات ومخاطر واصراره على الحياة والعطاء.

كان ذلك في منتصف عام 2007 . ويؤكد: معارضي مثلت لي الأسرة التي احرص على ان تكون بمستوى طموحي وامنحها جل مشاعري، ويشير إلى انه حصل على عدة جوائز عالمية وعربية ومحلية ومن ابرزها: حصولي على الجائزة الثانية في المحور الفني أو "الصور الفنية" المقام في تونس، والجائزة الاولى في مهرجان دمشق الدولي عام 2004، والجائزة الثانية في مهرجان عالمي اقامته "الجمعية العراقية للتصوير" في بغداد، وغيرها من الجوائز، ويفصح الفنان "علي عيسى" عن امنيته في اصدار كتاب مصوّر عن الفرقة القومة للتمثيل منذ تأسيسها وحتى الآن.

·         معرضك الحالي المكرس للفنان "يوسف العاني" هل كان بمبادرة شخصية، ام بتكليف من جهات معينة؟

انا أشكر مؤسسة "المدى للإعلام والثقافة والفنون" على متابعتها لكل المثقفين والفنانين والادباء والاعلاميين العراقيين من خلال نهاراتها ومهرجاناتها، وهذا الجهد المتميز في رعاية وخدمة الثقافة العراقية سيبقى راسخاً من الذاكرة الجمعية لعموم المثقفين العراقيين والمتابعين لمسيرتهـا وانجازاتها واتشرف بالموافقة على تكليف وتلبية دعوتها لإقامة هذا المعرض، الذي يعد احد عناصر تكريــم وتخليد هذا الفنان القدير، كما اشكر جميع العاملين في مؤسستنا العريقة "مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون" متمنياً لها المزيد من النجاحات والخطوات الاكثر اتساعاً في مسيرة الثقافة العراقية التي بدأت تترسخ وتتجذر يوماً بعد آخر، لاسيما في ظل المناخات والاجواء تحققت بعد سقوط الصنم، وتحرر المثقفين والفنانين من اطر الاستبداد والخطاب الشمولي وولوجهم فضاءات الحرية والديمقراطية واحترام الرأي وحقوق الانسان.

 

ما زال يوسف العاني هو يوسف العاني

عبد الزهرة المنشداوي

اذكر أني قرأت للكاتب الروسي الكبير تولستوي قولا في الفن والفنانين وجعلته مقياسا لفرز الغث من السمين كما يقولون لقد ذكر هذا الكاتب العظيم ما معناه ان الصدق والشجاعة يعدان ركناً مهماً من اركان العمل الفني سواء في الفن او الادب ومنذ ذلك الحين لايفوتني البحث عن هذين الشرطين اللذين وضعهما الكاتب كنت من متابعي اعمال فناننا الكبير والتي فيها الاصالة وصدق الاحساس والايمان بان الفن هو رسالة انسانية قادرة على قلب الموائد على رؤوس المزيفين والمدعين وكاتمي انفاس الشعب من دهاقنة السلطة المهووسين بالتعالي والسيطرة على الاخر بوسائل هي غاية في الوحشية والبدائية ما يهم ان يوسف العاني اصبح عندي عانيا اخر فإضافة الى الاصالة والصدق وجدت فيه الفنان الشجاع الذي جعل المسرح سلاحه ليحارب به مثلما يحارب الجندي ببندقيته. حدث هذا التحول عندي في مطلع الثمانينات.

كانت ليلة شتائية على ما اذكر وكان المسرح الفني الحديث في مكانه بعد خلف سينما النصر وكان الوضع العراقي برمته وضعاً مخيفاً وقلقاً الحرب مشتعلة على الجبهة، والدماء دماء العراقيين تجري غزيرة...والناس بين الهارب والمتخفي والقابع في السجون..كنت اشغل كرسيا في تلك الليلة الشتائية البعيدةفي ذلك المسرح العتيد..مسرح الحقيقة ومسرح المرآة الصقيلة العاكسة للهم العراقي الرابض على الصدور..كان العاني يعتلي خشبة المسرح في عمل مسرحي اعتقد كان بعنوان (اللعبة)... المشهد يجمعه مع من يقوم بدور الملك الذي ضاق شعبه ذرعا بشرطته وعسسه فلزم البيت خوف الخروج فاصيب بما يسمى الان عند علماء علم النفس (جنون الاضطهاد)..ما يهم ان دور العاني كان يتطلب ان يلفت نظر الملك الى ما يعاني منه الناس لكن الملك المتجبر لا يبدو انه في سبيل التغيير من سياسته لكنه يتكرم عليه وحده فيعطيه منديلا يمكن له ان يبرزه للشرطة في حالة تعرضهم له في الطريق كما يتعرضون لخلق الله ويشبعونهم هوانا على هوانهم والمفترض ان يسعد به ويؤمن على نفسه منهم..لكنه يجيب الملك بالقول راجيا ان يوزع منديله على من كان جالسا في المسرح..وكان يعنيها...حتى انه اشار الينا نحن المتفرجين عندها..دوى التصفيق في القاعة ولم يتوقف لولا انه طلب منهم ذلك لكي يستمر برسم المشهد..لقد خرجنت وكفاي تؤلمانني من ذلك التصفيق الذي صفقته مع الاخرين له..لكني مع نفسي قلت بانه لن ينجو من هذه الاشارة التي ربما لا توجد في النص لكنه ارتجلها.. ولن يذهب الى بيته في هذه الليلة بل سيبيت في الامن العامة ولن يخرج منها...ولقد بقيت قلقا على مصيره مصير فناننا العاني...ولكن والحمد لله لم يحدث له شيء..عللته... بان رجال الامن لم يكونوا موجودين في المسرح في تلك الليلة الشتائية الباردة...يوسف العاني مطلوب هذه الايام اكثر مما كان...ونحن بانتظاره ولن نعذر له التحجج بتقدم السن او شيء من هذا القبيل..لديه لنا الكثير الكثير..ولكن فلنلح عليه ايضا اكثر واكثر ما يزال يوسف العاني هو يوسف العاني وربما ننجح في ذلك وليس لنا غير ان نوسط مؤسسة المدى من اجل عودته لبيته المسرحي.

 

دراما شعبية اسمها يوسف العاني

علاء المفرجي

في اواسط السبعينيات، وفي امسية صيفية، كنا مجموعة من الطلبة نخف الى حديقة نادي التعارف، يوم كان هذا النادي مكاناً لأهم النشاطات الثقافية في بغداد.. والمناسبة أمسية يتحدث فيها يوسف العاني عن تجربته.. تكتظ الحديقة بضيوف الامسية، الذين لم تستوعبهم مقاعد الحفل، فقضوه وقوفاً، اما نحن فقد اعتلينا جدار النادي لنتابع تفاصيل الأمسية.

هانحن اذن نحظى بلقاء يوسف العاني، وهذه المرة بشكل مباشر، لا عن طريق شاشة السينما او التلفزيون او خشبة المسرح، بالنسبة لي لم يكن يوسف العاني بالغريب.. فلطالما صادفته في ازقة الكرخ بلبوس اكثر من شخصية عايشتها في هذه المحلة العريقة.. ومنها والدي القريب الشبه منه.

اعتاد يوسف العاني ان يقتطع من التقويم يوما بعينه، يوقد فيه شموع الاحتفال، والغريب انه ليس يوم ميلاده.. اما التاريخ فهو الرابع والعشرون من شباط.. ففي مثل هذا اليوم قبل اكثر من ستين عاما، اعتلى العاني خشبة المسرح اول مرة، مؤرخا ولادته الحقيقية، ولادة مسرح عراقي اكتسب ملامحه المميزة وخصوصيته وتقاليده مع رهط من المسرحيين لينهضوا به متبوئاً مكانته العربية والعالمية، وهل لمؤرخ او دارس لمسيرة هذا الفن ان يغفل بصمات هذا الفنان الذي نذر نفسه متعبداً في محرابه؟

يوسف العاني ذاكرة جيل اشهر حبه للفن عند تخوم زمن كانت المجاهرة فيه لعنة، والعمل فيه خطيئة تستحق الرجم، فكيف اذا امتشق هذا الفن سيف التحريض والتغيير؟

ما زالت كلماته في تلك الامسية وهو يرد على من يدعي خروج المسرح عن جادته في الاذهان وهو يقول: ان المسرح العراقي بدأ ملتزماً وسيبقى.

فنان متعدد الاهتمامات، ذلك ان الفنان الحقيقي يسعى الى بلورة تصوراته بطرق عدة، فيكون شديد اليقظة مع وجود طاقة شديدة وحالة عالية من التوتر والاستثارة تدفعه الى المواصلة والاستمرار برغم العقبات... مسرح، سينما، تلفزيون، كتابات نقدية يمارسها، وفي الافق هدف سام يأمل الامساك به من (سوق حمادة) في الكرخ ولم تنته المحاولة بعد.

يوسف العاني عالم تنوعت تضاريسه، ورحالة يجوب فيه لا يتزود بمتاع الموضوعية والانصاف كي يستكشف غناه وعمقه ليخرج بخريطة تزدحم فيها الخطوط والمنحنيات بين مسرح رأس الشليلة، والبيك والسايق والنخلة الباسقة التي يتلذذ من طعم رطبها الجيران، وسينما سعيد افندي وابو هيلة، ويوم يوسف شاهين السادس، مروراً بالتلفزيون حيث ثابت افندي ورائحة القهوة.. وكتابات تناثرت في زوايا الصحف والدوريات تؤكد عمق التجربة ونقاء الانطباع.

واخيراً سفيرا تأبط اوراق اعتماده جوالا فوق العادة في المؤتمرات والملتقيات، ومتوجا كرائد من رواد المسرح العربي والافريقي في قرطاج واهم شخصية اعلامية في مهرجان الاعلام العربي بالقاهرة.. صداقات وعلاقات كانت جسر محبة مع ملل واجناس مختلفة.

يوسف العاني دراما شعبية وعملة صعبة جديرة بالمحبة والتذكر.

المدى العراقية في 12 فبراير 2008