كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

التقمص لا يلغي الهوية...

غسان شميط: أنا صاحب أول فيلم روائي سوري طويل عن الجولان

دمشق – فجر يعقوب

عندما التقينا المخرج السوري غسان شميط في صالة العرض الخاصة بالمؤسسة العامة للسينما في دمشق، كان قد انتهى للتو من «التدقيق» في النسخة الجديدة من فيلمه الروائي الطويل «الهوية»، وهو كان قد شارك به في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة حيث تردد من حوله حينئذ ان الرقابة المصرية وافقت على عرضه للصحافيين والنقاد فقط لاحتوائه على «عبارات بذيئة» على رغم مشاركته في المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو ما نفاه شميط نفسه في حوارنا معه، كما نفى أن يكون في صدد إجراء تعديلات على الفيلم، مضيفاً ان ما يفعله الآن لا يتعدى «التأكد من مزايا النسخة الجديدة وألوانها قبل أن يدور الفيلم على مهرجانات أخرى».

فيلم «الهوية» من كتابة وفيق يوسف وإنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية وتمثيل عبدالرحمن أبو القاسم، سلمى المصري، مجد فضة، قيس الشيخ نجيب، سوسن أرشيد وآخرين. هنا حوار مع المخرج غسان شميط دار عقب التدقيق في النسخة الجديدة من الفيلم:

·         ما الذي يعنيه لك أن يكون «الهوية» أول فيلم روائي سوري طويل يتناول قضية الجولان المحتل؟

- هذا يعني لي بالدرجة الأولى أن هناك تقصيراً كبيراً في تناول القضية الأساسية لأي مواطن سوري، فالجولان محتل منذ أربعين عاماً، و «الهوية» أول فيلم يتناول الجولان من داخله. وفي رأيي، وعلى رغم شح الإنتاج السينمائي وقلّته، فإن هذا لا يمنع الاهتمام أكثر بقضية الجولان، والمعاناة التي يكابدها أهل الجولان في مواجهة عدو غاشم يحاول أن يفرض عليهم هويته الإسرائيلية. الشيء الآخر الذي يعنيه لي الفيلم هو أنني ما زلت أعتبر أن الجولان قضيتي الأساسية لأنني ابن له، وأنا بعد تخرجي مباشرة قدمت فيلماً وثائقياً في عنوان «يوميات جولانية». بالطبع، أنا كنت أتوقع اهتماماً أكبر بالفيلم الروائي الطويل الأول الذي أنتج عن الجولان.

أين حقه؟

·         ولكن ما الذي حدث برأيك؟

- الذي حدث هو أن الفيلم لم يأخذ حقه حتى الآن، وفي اعتقادي هي ليست مسؤولية المخرج في أن يتابع كل صغيرة وكبيرة في فيلمه.

·     يبدو لي من خلال مشاهدة الفيلم انه حظي بموازنة قد تكون الأعلى بالمقارنة مع موازنات الأفلام الأخرى، وبالتالي أين تكمن شكواك؟

- يمكنني القول إن موازنة فيلمي لم تتجاوز موازنات الأفلام السورية الأخرى التي أنتجتها المؤسسة. صحيح أن في أفلامي الكثير من المشاهد الضخمة والكبيرة والمجاميع، إلا أن موازنته كانت عادية مثل بقية الأفلام، وهذا يعود إلى الدقة في العمل.

·         لماذا يتردد من حول فيلمك أن توقيت ظهوره جاء تلبية لأمور سياسية؟

- سمعت مثل هذا الكلام كثيراً، ولكن مراحل تصوير الفيلم الفعلية انتهت منذ عامين، وتأخر ظهوره لأسباب فنية وتقنية، ومن الصدف أن عقد دورة مهرجان دمشق السينمائي الماضية ترافق مع الظروف السياسية التي تحيط بسورية، ومنها صدور قرار الرئيس بشار الأسد بمنح أهل الجولان الرقم الوطني. هذه صدفة بحتة، وأنا أعتقد جازماً بأن ظهور الفيلم هو مكافأة لأهل الجولان على صمودهم.

·         لماذا يخرج المرء بانطباع أن ثمة إشكالية ما في رواية قصة الفيلم ومعالجة موضوعة التقمص بهذه الطريقة؟

- كنت أتوقع أن تكون هناك ردود فعل مختلفة، والحق أنها موضوعة إشكالية، فلكل إنسان رأيه في هذا المجال بالطبع، أما إذا حاولنا التفصيل في هذا الموضوع، فيمكنني القول: أولاً، صحيح أن الفيلم هو أول فيلم عربي – في رأيي – يتحدث عن التقمص، وإن كانت السينما العالمية تحفل به، وهي تطرقت إليه بعشرات الأفلام، ولكن ما هو خصوصي في فيلمي هو تطرقه إلى موضوعة التقمص بحسب مفهوم أهل المنطقة. ثانياً، أولى بنا في هذه المنطقة أن نستلهم مثل هذه الموضوعات، لأن فكرة التقمص ظهرت في الشرق منذ آلاف السنين. ونحن هنا لم نحاول أن نفرض آراء مسبقة على أي شخص، وإنما حاولنا أن نستفيد من الموروث الاجتماعي للدخول في قضية وطنية مهمة. وكما تعلم، فإن هوية أي إنسان تكمن في انتمائه الى ذاكرته وبيئته ووطنه، والتقمص جاء في الفيلم للحفاظ على الذاكرة، فهي انتقلت من شخص إلى شخص، وما أردت قوله هو أن ذاكرة أهل الجولان لها جذور عميقة في تاريخ هذه المنطقة وصعب على أي محتل مهما تجبر أن يسلبهم إياها، فهم جاهزون للمقاومة، وشعب يؤمن بالتقمص وبخلوده، وصعب على أي عدو أن يقهره، فالشاب الذي يقتل الآن سيتقمص في شخص آخر، وهو الشاب فواز قد انتحر مرتين. مرة في سبيل حريته الشخصية الداخلية، ومرة في سبيل الحرية الوطنية، فهو عندما اتجه نحو الجولان، إنما كان يتوجه في هذه اللحظة نحو تاريخه وذاكرته.

·         هل يكفي التقمص في رأيك لتأكيد هوية الجولان وسط كل هذه التعقيدات التي تحيط به؟

- التقمص كان مدخلاً، ونحن استطعنا أن نغوص في مشاكل المنطقة وقضاياها، وحتى التفاصيل الصغيرة التي حاولنا إظهارها في الفيلم كانت لها علاقة بذاكرة الناس الذين يمتلكون مخزوناً كبيراً من الحب الصادق والعواطف النقية، فيما جاء الاحتلال ليقلب الأمور رأساً على عقب. نحن اخترنا موضوعة التقمص لنربط بين كل المفاهيم التي تطرق إليها الفيلم.

اختلاف

·         لو نقلت قصة فيلمك إلى بيئة أخرى، فما الذي سيبقى منه؟

- من المؤكد أن الظروف المحيطة بالشخصيات والمفاهيم التي سادت في الفيلم ستختلف، وهذا يعني بالطبع أن ردود الفعل كلها ستختلف أيضاً. أما المفاهيم الأساسية التي تتضمن هوية الإنسان وانتماءه الى وطنه وبيئته وأسرته فتظل تنطبق على كل زمان ومكان.

·         اقترابك من موضوعة التقمص إلى هذا الحد ألم يضيق على فكرتك؟

- أنا أرى العكس تماماً. إذا أردت أن تأخذ الفكرة الأساسية للعمل، ستظهر لك مقولة شاملة وإنسانية في الدرجة الأولى. أما موضوعة التقمص، فأنا أرى ان العالم بشرقه وغربه فيه الملايين التي تؤمن به. بالطبع نحن لا ندعو الى الإيمان به، فما يهمني هو إذا كنت قد نجحت في إيصال الفكرة الأساسية، وإلى أي درجة تمكنا من إقناع المشاهد بها.

·     ألا تعتقد بأن بطل فيلمك عهد وقد حل في جسد الشاب المنتحر فواز بعد قصة حب فاشلة قد تحول إلى راو للأحداث بدل أن يقبض على الفكرة – الحدث؟

- ثمة ناحية مهمة تتعلق بالمعتقد السائد في المنطقة، والذي يقول إن الذاكرة التي تنتقل إلى شخص آخر لا تفرض بالضرورة أن تكون صفاته متطابقة مع الشخص المتوفى. على العكس أنا حاولت أن أعمل على شخصين متناقضين من حيث الشكل والأفكار، ففيما يظهر فواز روحانياً وعاطفياً وضعيف البنية، يبدو لنا عهد جدياً وحكيماً ويختلف عنه ببنيته النفسية والفيزيولوجية. لقد حاولنا أن نتناول موضوع العودة إلى الذاكرة بأسلوبية خاصة من خلال اللعب على موضوع اللون، ففي الفيلم ثمة مراحل: مرحلة ما قبل الاحتلال (1961) وهذه حاولنا أن نعطيها لوناً قريباً من الزهري، ففيه الكثير من الرومانسية والتجميل للحدث. فيما أصبح اللون بعد الاحتلال قاتماً وقاسياً. أما المرحلة الواقعية في الفيلم فقد أتت باللون الحقيقي، ذلك أن الذاكرة تحتل نصف العمل تقريباً، وكان هذا يعني لنا محاولة تقريب الأسلوبية من الحدث الحقيقي الذي حاولنا التركيز عليه من خلال زيارة عهد إلى أمه وحبيبته حتى تعطي التأثير المطلوب.

·         ما قصدته بسؤالي هو أن عهد لم يتحول إلى شخصية مؤثرة في الأحداث، بل اكتفى بوقوفه على الحياد؟

- عندما اكتملت الصورة في ذهن عهد وفي ذهن المشاهد في الوقت نفسه أصبح هذا الأخير (المشاهد) وكأنه متلق ويقوم على جمع ذاكرة عهد. لقد أصبح قادراً على التفاعل مع الأحداث التي تدور في القرية في تلك الآونة، وهو عندما قرر أن يكون فاعلاً، قُتل على الحاجز الإسرائيلي.

·         ما الذي يبقى من «الهوية» في ظل هذه الأحداث العاصفة التي تتهدد ثقافات بأكملها؟

- يجب أن نعود إلى المنطلق الأول، فما يبقى هو الذاكرة، وإذا كان الانتماء الى الذاكرة الإنسانية يدعو الى الحب والتسامح، فإن هذا هو المغزى من وجودنا كبشر، والذي لا يقوى أحد على محوه!

الحياة اللندنية في 8 فبراير 2008

 

لا يراهن على الذاكرة الهشة للشاشة الصغيرة في عمله الجديد ...

سامي الجنادي: شروط التلفزيون حاجز أمام الإبداع

دمشق – فجر يعقوب 

تدور كاميرا المخرج السوري سامي الجنادي في عمل درامي تلفزيوني يصور ما بين الساحل السوري ومدينة دمشق، بعنوان «على رصيف الذاكرة»، من كتابة محمود الجعفوري، وتمثيل أيمن زيدان ومحمد حداقي وشادي زيدان وروعة ياسين ومحمود خليلي ودينا هارون وفادي صبيح وسواهم من نجوم الدراما السورية.

اما القصة فـ «بسيطة وشفافة»، كما يقول المخرج، «فالمسلسل لا يزعم لنفسه منحى كوميدياً، حتى أننا بالكاد يمكن أن نطلق عليه صفة دراما، إذ يتناول قصة مجموعة من الشباب والصبايا انطلاقاً من ذاكرة فتاة مغتربة شاء القدر أن يتوفى زوجها في المهجر، ما سيدفعها الى التفتيش في دفاترها القديمة بحثاً عن صور قديمة للأصدقاء من عهود ماضية حتى تصل في ذكرياتها إلى المجموعة الشبابية التي كانت تحمل في ما مضى هموماً فكرية مختلفة». ويضيف الجنادي: «في هذا العمل نسلط الضوء على هذه المجموعة من الشباب لنعرف ما الذي حل بها، وأين أصبح أفرادها، وأين أصبحت مشاريع هؤلاء وأحلامهم وعلاقاتهم الانسانية. فمثلاً، شخصية مهند (يؤديها الفنان السوري أيمن زيدان) تذكر كثيراً بشخصية موسيقي معروف يعيش في قرية تكاد تكون منسية... حتى أن عالمه الموسيقي يكاد يكون قطعة من الماضي، والبيانو يظهر في العمل كما لو أنه قطعة اكسسوار مكملة للديكورات المطلوبة. وبنتيجة أحداث معينة يعيد هذا الموسيقي علاقته بالآلة الموسيقية من خلال اعادة انتاج بعض المقطوعات التي تنتمي إلى أزمنة ماضية ومختلفة، وكأنه يعبّر في شكل من الأشكال عن قطيعة مع هذا العالم الذي يحيط به».

ويشير المخرج الى أن «الأحداث تدور من حول جيلين تغذيهما مفاهيمهما الخاصة عن الحياة والحب». ويقول ان هذا العمل لا يرتكز على قصة بحد ذاتها، «إنما هناك مجموعة حكايا. كما انه لا يوجد لدينا بطل محوري، بل مجموعة أبطال تدور الحكايا من حولهم. ونحن نرمي من خلال علاقات الحب إلى أن نكشف عن كل القضايا الأخرى: المفاهيم الانسانية، الذائقة الجمالية... فمن خلال الحب تستطيع أن تسبر غور الانسان وثقافته وعمقه الانساني». وعما إذا كان المخرج في هذا العمل يجرب أسلوباً فنياً لم يعتده جمهور التلفزيون، يقول الجنادي: «في المحصلة النهائية يسعى الفنان إلى ما هو غير مألوف، من دون ان ننسى اننا محكومون بشروط اللعبة التلفزيونية. فللتلفزيون جملة شروط تحكم المخرج وتتحكم به، مثل الامكانات المتاحة أمامه». 

وينفي الجنادي أن يكون ظهور أيمن زيدان ومن حوله لفيف من نجوم الصف الثاني في الدراما السورية هو تأكيد لحضور البطل الفرد ويقول: «هذا ما يبدو للوهلة الأولى، ولكن عندما تشاهد العمل ستتأكد من ان ذلك له علاقة بنسيج العمل العام. صحيح أن أيمن زيدان لديه شخصيته المتميزة في المسلسل، لكنه بطل من جملة أبطال، علماً أنه ممثل كبير، ونجم عربي بامتياز. وأعتقد أنه لو كان موجوداً في الوسط الدرامي المصري مثلاً، فالأكيد أنه سيكون له ورشة كتابة على غرار بعض نجوم الدراما المصرية المعروفين». ويتحدث المخرج السوري عن مفهوم النجم في سورية قائلاً: «إن مفهوم النجم هو ما تخلقه السينما على وجه الدقة. واذا قارنا بالسينما المصرية، هناك صناعة سينما مزدهرة تعمل على صناعة النجم وتسويقه. أما إذا أخذنا هذا المفهوم بالمعنى الواسع للكلمة، فنحن لدينا نجومنا على مساحة العالم العربي، ومن كل المراحل العمرية، ومنهم من شكل حال حضور عربية بدليل الاستعانة ببعضهم بعضاً في الدراما المصرية نفسها. ولكن تظل ذاكرة التلفزيون هشة، فإذا لم يوجد الممثل على الدوام على الساحة الفنية، فإنه ينسى ببساطة نتيجة زحمة الأعمال والأسماء».

يذكر أن «على رصيف الذاكرة» هو ثالث عمل يقدمه الجنادي بالتعاون مع أيمن زيدان.

الحياة اللندنية في 11 فبراير 2008