كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

الممثل الأميركي المصري عمر متولي عن مشاركته في "ميونيخ" و"رينديشن":

أكره أنْ أحَاصَر بهوية أو بجنسية أو أن أُجبر على الاختيار بين هويتين

القاهرة ـ ريما المسمار

عمر متولي ممثل اميركي شاب من اب مصري وام هولندية جاء إلى السينما من عالم المسرح وقدم اول ادواره فيها في شريط ستيفن سبيلبيرغ "ميونيخ" العام 2006 حيث لعب دور فدائي فلسطيني. وها هو في تجربته الجديدة، َُىُّىلَمز، يعاود الظهور في شخصية العربي ولكن هذه المرة في شريط لغافن هود، يطرح برنامج "رينديشن" الذي استحدثته الادارة الاميركية في عهد الرئيس بيل كلينتون ويقوم على ترحيل المعتقلين السياسيين إلى سجون خارج الولايات المتحدة الاميركية ( تحديداً إلى بلدان شرق اوسطية) حيث يتم التحقيق معهم وتعذيبهم بعيداً من الاجراءات القانونية والشرعية.

اللافت في الدور ان متولي يلعب شخصية "أنور" القريبة من شخصيته الحقيقية اي الشاب الاميركي المتحدر من أصول مصرية. يُشتبه بضلوع الشاب في عملية تفجير ارهابية تقع في بلد غير محدد في شمال افريقيا (المغرب العربي غالباً) يذهب ضحيتها أحد رجال وكالة الاستخبارات الاميركية. الفيلم من اخراج غافن هود وبطولة جايك غيلينهال وريز ويذرسبون وميريل ستريب وستبدأ عروضه المحلية خلال الاسبوع المقبل.

"المستقبل" التقت الممثل عمر متولي خلال انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حيث عُرض الفيلم وكان هذا الحوار حول "ميونيخ" وRendition وخيارات الممثل ومواقفه الشخصية حيال موضوعات معاصرة وآنية.

·         كيف دخلت مجال التمثيل؟

ـ التمثيل شيء أردت فعله منذ كنت صبياً صغيراً ربما في سن الحادية عشرة. بدأت أيام المدرسة المشاركة في أعمال تمثيلية مسرحية. وبعد الجامعة، حصلت على ماجستير في التمثيل من جامعة سان فرانسيسكو بعد عامين من الدراسة. ثم بعد ذلك، شاركت في أعمال مسرحية في محيط سان فرانسيسكو. بعدها انتقلت إلى نيويورك وأكملت العمل المسرحي لعدة سنوات. وبفضل احدى المسرحيات التي لعبت فيها، أذكر انها كانت "سيكستين وونديد" (16 Wounded)، فُتحت أمامي أبواب السينما والتلفزيون على الرغم من ان المسرحية عُرضت لمدة قصيرة على برودواي.

·         ماذا كان اول دور سينمائي لك؟

ـ الدور السينمائي الفعلي الاول كان في "ميونيخ". قبله شاركت في ادوار صغيرة في افلام مستقلة وضئيلة الموازنات. ولكن ستيفن سبيلبيرغ قدمني في "ميونيخ" بشكل رسمي في السينما.

·     لعبت في "ميونيخ" دور فدائي فلسطيني. ما كان احساسك عندما قرأت السيناريو؟ وحقيقة انك آتٍ من جذور عربية هل أثرت على اختيارك للشخصية؟ وهل كان يعنيك أن تكون ايجابية؟

ـ لم يُعرض السيناريو علي الا بعد أن قمت بتجربة الاداء وتم اختياري بالفعل. لم يرد سبيلبيرغ توزيع السيناريو مسبقاً لئلا يتسرب إلى الصحافة قبل الشروع بتصويره. ولكنني عرفت بعض الاشياء عن الشخصية ولحسن الحظ أنني كنت أعرف كاتب السيناريو توني كوشنير وأعرف أعماله الجيدة لذلك كنت مطمئناً على الأقل لجهة تقديمه شخصيات انسانية. لم أعرف في ذلك الوقت كيف سيكون الفيلم عموماً. كنت متحمساً لأداء الشخصية لاقتناعي بالكاتب اولاً وبسبب سمعة سبيلبيرغ طبعاً مما كان يعني ان الدور سيشكل منعطفاً في مسيرتي التمثيلية.

·         هل قرأت السيناريو لاحقاً؟

ـ بعد ذلك، قرأت مشاهدي فقط وليس السيناريو كاملاً. والحق أنني أحببت مشاهدي وأحسست ان الشخصية مثيرة للاهتمام.

·     ماذا عن موقف الفيلم الكلي؟ أقصد هل أخذت في الاعتبار مقاربته للموضوع وموفقه من العرب؟ أم أنك تفصل بين كونك ممثلاً محترفاً وبين تحدرك من أصول عربية؟

ـ عندما يُعرض علي السيناريو، لا أكتفي بتقويم دوري فقط فيه انما تعنيني المقاربة العامة والرسالة التي ينقلها. ولكن الدور هو الاهم بالنسبة إلى الممثل. في "ميونيخ" بدا لي ان الدور مهم والأهم من ذلك كان احساسي أنني أستطيع ان أستثمر فيه الكثير من الاحاسيس والابعاد. وهناك مقولة في الانكليزية تعني انه أحياناً علينا ان نقفز وأن نؤمن بشيء وان لم يكن ملموساً. ولكن هنالك ادوار كثيرة رفضتها لاحساسي بانها مؤذية للحوار بين الثقافتين. وهذا صعب لأنني في نهاية المطاف ممثل وأريد أن أعمل. تواجه هذه المشكلة الممثلين العرب والافارقة على وجه الخصوص. ولكن بالنسبة لي أبحث دائماً عن الادوار التي أؤمن بها وبقدرتي على تجسيدها بصدق وحيوية. انني أبحث دائماً عن الرابط العاطفي مع كل دور سألعبه على الشاشة.

·         بعد مشاهدة "ميونيخ" على الشاشة، ما كان رأيك في الفيلم؟

ـ في الواقع، أحببت الفيلم وشعرت انه مثير للاهتمام وحاذق في قول ما يريد قوله. وكثيراً ما سُئلت ما اذا كان متوازناً في عرض وجهتي النظر العربية والاسرائيلية أم لا. ولكنني أجد ذلك السؤال غريباً بعض الشيء. ليس على الفيلم ان يكون متوازناً انه فيلم وليس تقريراً اخبارياً. لماذا على الفيلم ان يكون متوازناً اذا كان بالدرجة الاولى تعبيراً عن وجهة نظر شخصية؟

·     ولكن هذا النقاش يطاول دائماً الافلام السياسية والتي تتناول وقائع تاريخية. وهو نقاش مقبول مثلاً في الافلام التي تتناول موضوعات عنصرية. أفلا تكون وجهة النظر مهمة في هذه الحالة؟

ـ لو أنني لمست ان الفيلم غير عادل او عنصري لما شاركت فيه. هناك حدود بالطبع لا بد من رسمها لما هو مقبول واما هو غير مقبول. ولكن أعني انني عندما أفكر مثلاً بفيلم مثل "الجنة الآن"، لا أنتقده لأنه لا يفسح مجالاً للخطاب الآخر الاسرائيلي. ليست هذه هي المسألة وليس هذا ما يطرحه الفيلم أصلاً. بمعنى آخر، علينا ان ننظر إلى الفيلم من خلال سياقه. "ميونيخ" بهذا المعنى هو نقاش من داخل وجهة النظر الاسرائيلية وليس محاولة اقامة توازن بين وجهتي النظر.

أعتقد ان هذا النقاش يتخذ هذه الابعاد لأن هناك نقصاً من الجانب العربي في تقديم أفلام تناقش وجهة النظر العربية في موضوع الصراع العربي الاسرائيلي. أتمنى أن تكون هناك أفلام عربية عن هذا الموضوع وأتمنى أن أشارك فيها ايضاً.

·     أنا أكيدة من ان كل من سيقرأ هذا الحوار سيهتم حتماً بمعرفة موقفك الشخصي بعيداً من كونك ممثلاً. أين تقف من كل هذه الجدلية؟ هل تعاني من ازدواج الهوية؟

ـ هذا سؤال أواجهه باستمرار ايضاً وأحياناً أود لو أصرخ: أنا انسان بالدرجة الاولى. أكره ان أحاصر بهوية او جنسية أو أن أجبر على الاختيار بين هويتين. هناك اهتمام مبالغ به بهذه الامور وأعتقد أن ذلك يخلق الكثير من الحواجز والمشكلات. وكأن الانسان مجبر دائماً على الانتماء إلى قبيلة ما ليحقق الاعتراف بانسانيته. أنا شخص ولدت في بلد وتربيت في بلد آخر وأمي من بلد ثالث... وهذه الاشياء لم تعد بذي أهمية بالنسبة الي. ولكن حيث أنني أعيش في عالم يذكرني دائماً بهذه الانقسامات، لا أستطيع الهروب منها. وشعوري الحقيقي ان لي قدماً في العالم العربي والاخرى في العالم الغربي. ولكنني في نهاية المطاف أكثر قرباً من الثقافة والمجتمع الاميركيين حيث ولدت وترعرعت. ولكن والدي مصري وأقضي أوقاتاً هنا لذا أعرف الكثير عن العالم العربي وعن الاسلام وهذا جزء مما أنا عليه وجزء من تاريخي. أحياناً أشعر ببعض التوتر بين هذين العالمين اللذين انتمي اليهما، توتر يفرضه العالم الخارجي، ولكنني في الصميم لا اشعر به. بل اشعر ان هذا التنوع امتياز وربما يمكّنني من ان اكون جسراً بين ثقافتين وعالمين أحبهما وأشعر أن بينهما الكثر من سوء الفهم.

·     أعتقد ان هذه الأسئلة تتعزز بالنظر إلى مسيرتك السينمائية وما وصلت اليه إلى الآن. فأنت الآن تقدم مشاركتك السينمائية الثانية في "رينديشن" َُىُّىلَمز وهي تشبه إلى حد بعيد تجربتك في "ميونيخ" اذ تلعب شخصية العربي للمرة الثانية. فهل كان لاختيارك للدورين علاقة بكونك ذا جذور عربية بالفعل؟

ـ لا أملك جواباً لذلك. ولا أعرف فعلاً لماذا تم اختياري لهذين الدورين. هل لأنني أملك جدوراً عربية؟ ام هي مجرد صدفة؟ قبل 11 ايلول، لم أجسد اية شخصية عربية في السينما. اولاً، لأنه لم تكن هناك افلام كثيرة تحتوي على شخصيات عربية إلى جانب ان الافلام التي قدمت تلك الشخصيات لم تكن مثيرة للاهتمام. او الاحرى لم يكن رسمها للشخصية العربية كذلك. بل كان منمطاً وغير انساني. وأذكر أنني في صغري حين كنت أشاهد شخصيات من ذلك النوع في الافلام كنت أشعر بالأذى كما كان والدي يشعر ايضاً. وأذكر أنني كنت أفكر أنني لن أجسد تلك الادوار البتة ولن أستخدم قدراتي التمثيلية لأقدم شخصيات مسطحة وغير انسانية. ولكن بعد 11 ايلول، ازداد عدد الشخصيات العربية في الافلام وتضاعف الاهتمام بها. مازال الكثير من تلك الشخصيات منمطاً ولكن بعضها مهم وينطوي على محاولات جادة لاكتشاف الشخصية العربية وتقديمها في ضوء الاحداث السياسية الكبرى التي تربط بين العرب والغرب. لم أقرر مسبقاً التوجه إلى تلك الادوار. ولكنني تلقيت عروضاً كثيرة وكان من بينها ما يهمني بالفعل ويعنيني كممثل بالدرجة الاولى وكشخص من جذور عربية بالدرجة الثانية. فقررت أن لا أصارع ذلك مادام الدور جيداً.

·         كيف غيرت أحداث 11 ايلول آراءك على صعيد شخصي؟ هل دفعتك إلى التعرف أكثر عن العالم العربي والاسلام مثلاً؟

ـ حتماً. قبل 11 ايلول، كانت علاقتي باسمي وابي وتاريخي مختلفة. بعد 11 ايلول، كثرت الاسئلة من حولي وكذلك الشكوك. وبشكل ما، صرت نفسي عربياً "رغماً عني" وربما أشعر اليوم بالحاجة مع آخرين مثلي إلى ضرورة أن نرفع اصواتنا لتغيير الصورة النمطية عن شعوبنا وعالمنا. لقد كان من تبعات مشاركتي في "ميونيخ" أن أبحث أكثر وأعرف أكثر عن القضية الفلسطينية. وهذا أمر يتعلق بالتمثيل عموماً لأن أي دور يحتاج إلى جهد شخصي وبحث من جهة الممثل ليخرج حقيقياً ومقنعاً. الامر نفسه ينطبق على Rendition الذي تطلب مني القيام ببحث معمق حول هذا البرنامج وملابساته وقصصه وحول الاشخاص الذين تعرضوا له.

·     هل تخشى أن يتم حصرك في هذه النوعية من الشخصيات؟ صحيح انها ليست منمطة كالسابق ولكنها قد تكون النمط الجديد في السينما الاميركية، الهوليوودية تحديداً، اي تلك الشخصية العربية الضحية بعد 11 ايلول؟

بالطبع وهناك تعبير خاص لذلك هو "تايب كاستينغ" Typecasting. لا يريد اي ممثل أن يُحاصر بنوعية واحدة من الادوار لاسيما انني أشعر ان بامكاني تأدية ادوار كثيرة. ولكن هذه كانت فرصي إلى الآن. وأدرك أن علي من الآن فصاعداً أن أكون دقيقاً في اختيار ادواري لئلا أصل إلى ما تفترضينه في سؤالك.

·         ماذا عن Rendition ودورك فيه؟

ـ للممثل سلطة وقدرة على تغيير آراء الناس ومواقفهم لذلك لا يمكن لخياراته الا أن تكون دقيقة ومدروسة. اول ما نظرت اليه في شخصية "أنور" كان مدى انسانيتها وعمقها وحقيقيتها. وحاولت أن أسأل نفسي: هل في طرحها ما هو نمطي أو عنصري؟ وكانت الاجابة واضحة. هذه شخصية مكتملة ومقنعة. حاولت أن أتخيل ان ما يحدث لأنور قد يحدث لوالدي مثلاً ومن هناك خلقت الرابط مع الشخصية.

·         المفاجيء في Rendition أن موضوع المكالمات الهاتفية التي يُتهم "أنور" على أساسه لا يتوضح. لماذا؟

ـ أظن أن كاتب الفيلم ومخرجه أرادا ترك مساحة للشك. وذلك يطرح الاشكالية الحقيقية. فالتأكد من ان "أنور" بريء من تهمة التورط في التفجيرات الارهابية سيضع الفيلم في خانة ضيقة وهي ادانة اسلوب اعتقاله وتعذيبه لأنه بريء. ولكن السؤال الاهم هو: ماذا لو كان بالفعل مذنباً؟ هل يبرر ذلك تعذيبه؟ هل يصبح الاسلوب اي اعتقاله من دون اجراءات قانونية وترحيلة إلى سجن خارج الولايات المتحدة الاميركية للتحقيق تحت ضغط التعذيب شرعياً ومقبولاً؟

·         هل تعتقد ان الفيلم يطرح ذلك السؤال بالفعل؟

ـ أعتقد ذلك مادام المشاهد ليس أكيداً مئة في المئة في النهاية من براءته.

·         هل تظن ان "أنور" مذنب؟

ـ لا أريد أن أفصح عن ذلك وأترك لكل مشاهد أن يكون رأيه الخاص.

·         كيف كان التعامل مع ستيفن سبيلبيرغ؟

ـ انه مخرج رائع بالفعل. لم أقضِ معه وقتاً طويلاً لأن مشاهدي لم تكن كثيرة ولكنه ترك لي حرية رسم الشخصية وتجسيدها مشاركاً في اضافة بعض التفاصيل هنا وهناك.

·         وماذا عن غافن هود؟

ـ انه مذهل. شديد الشغف والالتزام بعمله بما ينعكس على كل من حوله. هو ممثل ايضاً ويعرف تماماً هواجس الممثل.

·         إلى اي حد تدخل في تجسيدك لشخصية "أنور"؟

ـ كانت لنا حوارات كثيرة حول الشخصية. أعتقد ان المخرج الجيد هو الذي يترك للمثل القيام بمعظم العمل ومن ثم يساعده على صقل اللحظة في كل مشهد. ناقشنا كل مشهد معاً وكيف يبني على المشهد الذي سبقه ويؤسس للمشهد الذي يليه. كان التحدي الاكبر ان غافن لم يرد ان نكرر مشاهد التعذيب بالشكل نفسه مع تغييرات طفيفة او أن أعبر عن الالم بشكل مختلف في كل مشهد. بل كان يريد ان يكون التعبير متصاعداً وعاكساً لتحول الرجل الداخلي.

·         كيف يمكن برأيك ان تؤثر هذه الافلام من نوعية "رينديشن" في تغيير الصورة السائدة؟

ـ نحن نأمل دائماً ان يكون الفيلم مؤثراً. ولكن التغيير شيء كبير ولا يحدث هكذا. الا ان لهذه الافلام اسهاماتها في التغيير لاسيما من خلال حث الناس على التساؤل والبحث.

المستقبل اللبنانية في 25 يناير 2008