كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

سينمائية ومسرحية ومدافعة عن المرأة المغاربية والمهاجرين غير الشرعيين...

لبنى الزبال لـ«الحياة»: أنا الممثلة العربية الأكثر جرأة على الشاشة

باريس – نبيل مسعد

لبنى الزبال ممثلة مغربية الجذور بلجيكية الجنسية، اشتهرت في عام 2001 بفضل الفيلم الفرنسي الدرامي «بعيد» للمخرج أندريه تيشينيه، قبل أن تظهر في «تحيا الجزائر» للسينمائي الجزائري نادر مكناش الى جوار الممثل المصري الجذور وجيه تكلا الذي غاب قبل فترة، ثم ثانية في فيلم لتيشينيه نفسه بعنوان «الزمن الذي يتغير» حيث تؤدي دورين مختلفين أحدهما لفتاة تتعاطى المخدرات والثاني لأختها التي ترتدي الحجاب. وفي عام 2004 كانت لبنى بطلة لفيلم «منفى» الذي أخرجه طوني غاتليف وتم تصويره في كل من فرنسا وإسبانيا والجزائر.

وقفت لبنى في الفترة نفسها فوق خشبة أحد أكبر المسارح الباريسية هو مسرح «رون بوان» الى جوار النجم نيلس أريستروب في عمل يحمل عنوان «ليلة عربية» ثم كررت التجربة في مسرحية للمؤلف الكلاسيكي الفرنسي ماريفو اسمها «جزيرة الجواري» من إخراج الفنانة الإنكليزية إيرينا بروك.

ولدت لبنى الزبال في بلجيكا من عائلة مغربية هاجرت في نهاية الستينات من القرن الماضي، لذلك تمزج بين الثقافتين الشرقية والغربية ولا تنسى أنها عربية تسعى من خلال أدوارها الى التعبير عن واقع المرأة المغاربية بكل ما يتضمنه من تقلبات وصعوبات. وإن كانت الزبال لا تتكلم كثيراً الى الإعلام عن خصوصياتها فهي لمن يتابع نشاطاتها عن قرب، مدافعة شرسة عن المظلومين، خصوصاً المهاجرين غير الشرعيين الى أوروبا الذين يعيشون في ظروف قاسية ويهددهم الطرد في كل لحظة.

التقت «الحياة» لبنى الزبال في باريس لمناسبة العرض الأول لأحدث أفلامها»24 مقياس» الذي أخرجه جليل لسبير، ودار معها هذا الحوار.

·         حدثينا عن فيلمك الجديد «24 مقياس» الذي أخرجه جليل لسبير؟

- إنه الفيلم الأول الذي أخرجه الممثل جليل لسبير العربي الجذور مثلي. ويصعب عليّ سرد حكاية الفيلم من كثرة ثراء حبكته كونها تتضمن الكثير من المغامرات العاطفية والبوليسية الصغيرة في إطار قصة واحدة. فأنا أمثل دور امرأة ضائعة وتائهة نفسياً وعقلياً تلتقي ذات ليلة بسائق سيارة تاكسي يبدو وكأنه يختلف عن سائر الرجال الذين اعتادت التعرف عليهم ومعاشرتهم. فهو خلوق وشهم ومتزن على الأقل في مظهره لكنه ينتحر أمامها في منتصف الليل ويتركها ضائعة أكثر ما كانت عليه أصلاً، لتتعرف في ما بعد على شاب وفتاة فتعيش معهما حكاية صداقة وحكاية حب ومغامرة خطيرة تتعلق بالسرقة الى أن ينتهي بهم المطاف جميعاً في شكل مأسوي حزين. يلقي الفيلم نظرة قاتمة جداً على البشرية. ودوري فيه لا يتميز بأدنى شعاع من الأمل، لكن العمل بإدارة جليل أثارني وأعجبني وأنا فخورة بكون شاب عربي انتقل من التمثيل الى الإخراج واختار لفيلمه نخبة من الممثلين الفرنسيين الجيدين الى جواري أنا.

·         عائلتك من المغرب فما مدى ارتباطك بجذورك العربية على رغم كونك مولودة في أوروبا؟

- أنا ابنة أبي وأمي وبالتالي من لحمهما ودمهما وأنتمي الى وطنهما نفسه وأشعر بارتباط قوي ليس بالمغرب وحسب، بل بالمنطقة العربية كلها، فأنا وإن كنت مولودة في بلجيكا وأحب هذا البلد لا أعرف في العالم ما هو أجمل من المغرب والمشرق سواء في الموقع الجغرافي أو من ناحية لطف الناس وطريقتهم في النظر الى الحياة.

·         هل يعود سبب اهتمامك بالمهاجرين المظلومين الى الدفء الذي يميز أهل الشرق وأنت منهم؟

- ربما لكنني عاجزة في الحقيقة عن الرد على هذا السؤال، فأنا أتصرف طبقاً لشخصيتي والمبادئ التي أؤمن بها في الحياة. هذا كل ما في الأمر.

·         ألا تتأثر سمعتك المهنية أبداً بتدخلك هكذا في مواضيع سياسية نوعاً ما؟

- إنها مواضيع إنسانية بحتة قبل أن تكون سياسية، وإذا تأثر أهل المهنة بذلك الى درجة امتناع بعضهم عن التعامل معي في ما بعد، فصدقني إذا قلت لك إنني من جانبي أيضاً لا أريد التعامل معهم لأنهم أشخاص ينقصهم التفتح الذهني الضروري من أجل التقدم في الحياة، وعلى العموم فأنا لم أواجه هذا الموقف حتى الآن.

·         كيف واجهت دورك المأسوي في فيلم «تحيا الجزائر» علماً أن شخصيتك فيه تسقط في الهاوية بطريقة مجردة من أي رحمة؟

- انغمست في الدور بطريقة تدريجية مستندة الى بعض الحكايات التي أعرفها والتي تخص نساء عرفتهن أو سمعت عنهن، كما ان السيناريو تضمن كل التفاصيل الضرورية من أجل توضيح معالم الدور من أوله الى آخره. صحيح أن هناك علاقات تنشأ بين شابات عربيات مغربيات أو جزائريات ورجال أكبر منهن سناً وأصحاب عائلات، ذلك أن مثل هؤلاء ينجحون في جذب المرأة الشابة بفضل خبرتهم في الحياة ومراكزهم الاجتماعية الجيدة، فهم يسحرون ضحيتهم التي تعثر لديهم على ما هو غير متوافر عند الشاب المتخرج حديثاً من الجامعة والذي لا يملك سوى علمه ويعجز عن تأمين حياة كريمة لشابة تطمع بمستقبل أمين. والحقيقة هي أن الفتاة تقع في فخ خطير، فالرجل المتزوج يضحك عليها ويستغل شبابها وجمالها ولا يغادر زوجته أبداً من أجلها. وإذا كانت هذه الأشياء عادية في المجتمع الغربي فهي عند العرب تترك آثارها في النفوس وتحطم غالباً المرأة التي تعيش هذه الظروف.

ديكتاتورية

وتتضح التناقضات التي لا بد للمرأة الجزائرية من أن تواكبها وأن تشق طريقها في دهاليزها من خلال المراحل المتعددة التي تمر بها شخصية وسام في اليوم الواحد، فهي تعمل في متجر بسيط وتعيش مع أمها وتزور مقبرة والدها كأي امرأة شابة محترمة في نظر المجتمع ، لكنها في الليل تتردد الى النوادي وترقص وتدخن إضافة الى كونها تغيب عن عملها في بعض الأوقات لتلتقي بعشيقها المتزوج. فمن هي وسام الحقيقية في وسط كل هذه الهويات المتناقضة وهل هناك امرأة جزائرية واحدة يمكن وصفها بمحتشمة أو على العكس ضائعة ومتهورة؟ هذا السؤال يطرحه المخرج مكناش من دون أن يرد عليه تاركاً للمتفرج مهمة التفكير فيه وتحليله من دون أن يتجاهل تصوير قسوة المجتمع الرجالي على المرأة التي تتصرف هكذا خصوصاً عندما تكتشف وسام أن أعز صديقاتها ماتت مذبوحة وعثرت الشرطة على جثتها في سلة للمهملات.

أنا فعلاً اعتبرت نفسي أعيش حبكة السيناريو، كما أعتقد بأن التصوير الذي دار في الجزائر ساعدني الى أبعد حد في العطاء الصادق، فقد تحولت أمام الكاميرا الى وسام المرغمة على قبول الوضع الذي تعيشه من دون نقاش الى أن تجد نفسها في موقف من الضياع ولا تعرف كيف تتخلص من الديكتاتورية المفروضة عليها. وكوني وافقت على تمثيل لقطة إباحية أضاف الى الشريط نبرة جريئة أعتبرها شخصياً في محلها من أجل هز الضمائر تجاه شخصية المرأة ووضعها في منطقتنا. وعرض الفيلم في الجزائر شكل أكبر مكافأة لي ولمخرجه ولكل من شارك فيه طبعاً.

·     صرحت للإعلام كيف شعرت في أثناء التصوير بنوع من الغيرة تجاه الفنانة الجزائرية الكبيرة بيونا التي أدت شخصية والدتك، فهل هذا صحيح؟

- نعم، هذا صحيح وإلا لما ذكرته، وما أقصده حينما أقول إنني كنت أغار من بيونا هو أنها ممثلة قديرة جداً ومغنية وراقصة موهوبة لذلك فهي نجمة مرموقة في الجزائر. فأنا على سبيل المثال أحتاج الى التدريب على اللقطات المختلفة قبل التصوير حتى أبدو صادقة على الشاشة، وها هي بيونا تقف أمامي مبتسمة وهادئة تمزح معي وتهديني الحلوى قبل أن تنقلب فجأة في خلال ثوان الى امرأة عنيدة وصعبة المزاج لمجرد سماعها المخرج يصيح كلمة «أكشن». لقد شعرت بالغيرة من هذه الموهبة التي اعتبرها فوق العادة والتي لو كانت في أميركا لاستحقت بلا شك جائزة الأوسكار.

الطريقة الأميركية

·         ما هي طريقتك في تعلم أدوارك؟

- أطبق الطريقة الأميركية التي تتلخص في معايشة الدور من طريق الاختلاط سابقاً بأشخاص يتمتعون بالمواصفات الشخصية نفسها المكتوبة في السيناريو. فإذا أديت شخصية امرأة سجينة مثلاً زرت السجون الحقيقية وقضيت ساعات طويلة مع نساء وحتى مع رجال في انتظار تطبيق الأحكام عليهم بهدف حسن إدراك طريقة تصرفهم أمام مصيرهم المحتوم. إنها طريقة «اكتورز استوديو» وهي تناسبني تماماً.

·         وهل صحيح أن علاقتك مع المخرج مكناش لم تكن جيدة أثناء العمل؟

- هناك مبالغة في هذا القول، فكل ما صرحت به هو أننا اختلفنا حول طريقة مواجهتي شخصيتي في بعض المواقف، لكننا عثرنا في كل مرة على حل مرضٍ. وأعتقد بأن النتيجة اكثر من جيدة على الشاشة. وهذه الأشياء تحدث في كل فيلم أو عمل مسرحي، فنحن بشر ولكل منا مزاجه ووجهة نظره، والمهم هو أن تنتهي الحكاية بخير من دون أن يتأثر العمل الفني سلباً بالمشاكل الصغيرة التي تتخلل تنفيذه. وأود توضيح نقطة أساسية بهذا الشأن هي كون نادر مكناش يتصف بكل مميزات الرجل «الجنتلمان» فهو خلوق ومهذب وهادئ يراعي محيطه ويعرف كيف يتصرف على أفضل وجه مع النساء.

·         هل تتوقعين الفوز بجائزة أفضل ممثلة في يوم ما؟

- هل تعرف ممثلة لا تحلم بمثل هذا الشرف؟ أنا كفنانة عربية سيزداد فخري إذا استطعت الحصول عليه طبعاً، لكنني حالياً أكتفي بكوني الممثلة العربية الأكثر جرأة في السنيما.

·         هل شعرت في لحظة ما حتى الآن بأنك ضحية تصرفات عنصرية من قبل أصحاب النفوذ في الغرب، خصوصاً في مهنتك؟

- واجهت هذا السؤال مرات كثيرة وأرد عليها دوماً قائلة إن العملية غير مرتبطة مباشرة بالعنصرية بل بقلة الأدوار المكتوبة في السيناريوات الأجنبية لفنانين وفنانات من العرب. ويجب الاعتراف بأن مهنة التمثيل تتعلق كثيراً بالمظهر، وطالما أن السيناريوات الأوروبية لا تتضمن شخصيات عربية في حبكاتها سيظل الأمر على ما هو عليه. غير انني شخصياً كفنانة عربية لا يمكنني تجاهل ماذا يحدث في منطقة الشرق الأوسط وتضامني مع وضع المرأة العربية أينما وجدت، وكل هذه الوقائع تجعلني أقرأ كل سيناريو جديد أتسلمه بحرص شديد وترقب هائل أمام كل سطر فيه قبل التوقيع على عقد مشاركتي في الفيلم خوفاً من الموافقة بالخطأ على مشروع عنصري ما.

الحياة اللندنية في 25 يناير 2008