كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

فوزي سليمان يكتب:

تشاهده القاهرة هذا الأسبوع بمناسبة عيد الميلاد الثمانين للأستاذ:يوسف شاهين... ليه؟!

كاتبة ومخرجة لبنانية تقدم فيلما من 30 حلقة تستغرق 13 ساعة عن حياة وفن يوسف شاهين

·         مني غندور في حديث خاص لـ «القاهرة»: شاهين يشكل حكاية كبيرة في حياتي.. فهو أبي وأخي وجحبيبي الذي لا يأخذني منه إلا الموت

·         أردت أن أكون مثله حرة وصريحة وأخلاقية وصافية مثل «وردة» سعد الله ونوس

·         «جو» هو ابن مدينة الإسكندرية حين كانت تجمع كل الثقافات والحضارات الأوروبية تتجلي فيها أعظم صورها

·         في فيلمي عنه استخدمت شاهين ككشاف علي رحلة تاريخية واجتماعية في تاريخ السينما وتاريخ مصر

·         شاهين جاء من خارج الأيديولوجيات ومن خارج الوعي السياسي ودخل السينما من باب الشارع ونبض الناس.. في فيلم «جميلة» بدأ شاهين يلامس السياسة ولم يلتزم سياسيا إلا منذ فيلم «الأرض»

·         موسوعة مرئية: 30 فيلما كل فيلم 6 دقيقة بالتمام

·         بكي شاهين وهو يشاهد حياته وأمه في فيلمي «- هاملت- الإسكندرية» وقال هذا ليس فيلما بل ملحمة! .. هند رستم تحكي لأول مرة تجربتها في «باب الحديد» 

تجربة فريدة في السينما العربية تلك التي تقدمها لنا المخرجة والكاتبة اللبنانية مني غندور، فيلم طويل من ثلاثين جزءاً أو فيلماً كل منها مدته 6 دقيقة بالتمام عن سيرة يوسف شاهين يحمل عنوان «شاهين ليه؟»، تعرض لأول مرة بعض الأجزاء أو الأفلام خلال هذا الأسبوع بالمركز الثقافي الفرنسي بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده الثاني والثمانين، عكفت مني غندور علي انجازه اقتطعت ثلاث سنوات كرستها لقراءة كل أفلامه وتحليلها والولوج إلي أعماقها، وفحص عناصرها بمرجعية عن ظروفها الذاتية والاجتماعية، وبلقاءات مع العاملين فيها وكذا النقاد.في جلسة ودية طويلة بمسكنها بالدور التاسع في نفس عمارة شركة شاهين السينمائية أسألها عن علاقتها بالسينما..تسترجع الماضي البعيد:أنا بنت اكتشفت السينما، اكتشفت أن السينما يمكن أن تهز مشاعرك، أول مرة اكتشفت فيها سحر السينما كان عمري 14 سنة، عندما شاهدت فيلم «الأرض» وأمام غضبة أمي علي هذا المقلب الذي تسبب فيه والدي لتشاهد فيلما عن الفلاحين، وكانت هي تعشق الأفلام الهندية.. لم أجد إلا أن أدخل الحمام لأبكي ، فهمت أن السينما لها قدرة عجيبة علي أن تضعك في حالة انفعالية أكبر من وجدانك وأكبر من جسمك وأكبر من وعيك، وفي ذلك الوقت أدركت أن هذا العالم السحري سأقتحمه، لم أكن أدري كيف؟مبكرا كان اهتمامي بالشعر والآدب والقراءة لأن والدي كان شديد الذكاء ليفهم أن الحصانة الوحيدة للحفاظ علي ابنته هي لا تخرج مثل كل البنات أو تحب ابن الجيران، هي أن يدبسها في القراءة، بدأت القراءة كفخ ثم انتهت إلي ولع وغرام. قد عرفناك من خلال كتاباتك الصحفية؟- بدأت اشتغل في الصحافة في سن العشرين، شكلي كان حلواً .. تضحك قائلة:«كانت هناك نظرة غالبة معلبة أن كل واحدة حلوة هبلة، ولكي أكون مثقفة يجب أن أكون وحشة و كانوا واثقين أن هناك من يكتب لي، إلي أن تأكدوا أن هذه البنت موهوبة ولمعت بسرعة فائقة.وقد بدأت في الآدب اتجهت إلي مشروع حوارات مع الشعراء الكبار أي دخلت من الباب الملوكي مع أدونيس ومحمود درويش ومعين بسيسو والفيتوري.. كما فتحت ملف شعراء الجنوب أو شعر المقاومة مثل سميح القاسم ومحمود درويش.وفي فترة كتبت في الفن التشكيلي، فقد كانت الصحافة وقتئذ مختبرا رائعا لم يكن هناك تخصص، وجدت هذا مفيدا تفتح له أكثر من أفق، ولكني كنت أمارس كل هذه الأمور لأصل إلي النقد السينمائي، ولم أكن استطيع أن أحقق هدفي هذا لأن من كان مسئولا عن النقد السينمائي بجريدة «النهار» هو الناقد الكبير سمير نصري، وأنا مدينة له لأنه فتح لي أبواب مصر لإجراء حوارات، فأرسلني إلي شخص لم أكن اسمع عنه من قبل هو صلاح جاهين ، قال لي سمير نصري:« لو هذا الرجل أحبك سيفتح لك أبواب القاهرة وسيركب لك أجنحة»، وأعتقد أنها نعمة من عند ربنا أنني تعرفت علي صلاح جاهين .. هذا العالم الساحر والمغني، وما أوجعني أن عمري وقتها كان عشرين سنة، لم يسمح باستيعاب الكنز الذي كان بين يدي .. نهلت علي قدر ما استطعت وخزنت قدر ما قدرت، كنت أتلقي منه ولكن لم استطع أن أناقش فيلم يكون وعيي السياسي، يسمح بمناقشة هذا العملاق، هذا الرجل قد غير مجري حياتي علي مدي عشرين يوما كنت أجلس معه ليحدثني عن الثقافة والفن.بعد هذا أخذت أكتب النقد السينمائي في أكثر من جريدة إلي أن هجرتني ظروف الحرب الأهلية فرحلت إلي فرنسا ، حيث مارست النقد السينمائي حينا وكتابات عن المرأة أحيانا أخري، وكان الموقع الأساسي لممارسة النقد السينمائي هو إذاعة مونت كارلو، وكنت مسئولة عن السينما ما بين هذه الإذاعة و معهد العالم العربي كما كنت أغطي المهرجانات السينمائية. لا شك أن فترة باريس هذه قد أثرت علي ثقافتك وتوجهاتك؟- أنا مدينة لباريس أولا كامرأة.. مدينة بحريتي كامرأة لباريس .. جسدياً وفكريا وإنسانيا .. لو لم أذهب إلي باريس لما كنت تعرفت علي شمال إفريقيا ومثقفيها وكتابها.. في شتي مجالات الإبداع سينما وفن تشكيلي ومسرح ، كانت باريس نافذة أطلت منها علي عوالم عديدة، من خلالها تعرفت علي الثقافة الافريقية من خلال باريس أسست لشخصية عربية لأنك في المنافي شخصيتك العربية مهددة .. كيف تكون أصيلا وكيف تكون محدثا .. كيف تكون أنت وتكون الآخري؟.. تأخذ من مجتمعك أحسن ما فيه ولكن عليك أن ترمي أسوأ ما فيه .. لقد ظللت عربية ولكن متفتحة علي أي ما يطور شخصيتي العربية إلي ما فيه الأفضل.. باريس حولتني إلي مواطنة من هذا العالم ، لم انتظر بوش أو عولمته.. وأصبح معياري في التعامل مع السينما وفي التعامل مع المجتمع ومع أي فكر هو إنساني قبل كل شيء.. وهذا ما يفتقده الناقد السينمائي العربي لأنه حينما يتناول فيلما بمنظار عنصري أو ذاتي محدود أو شديد الحساسية جدا أو أنه يسيء .. إليها لا أكبر مخرج في هذا العالم مصري أو غير مصري حتي في سنوات مخاضها العسير تظل مصر هي مصر ريادتها وأفضالها علي كل العالم لا يمكن لأحد أن ينتقص منها. أسألها : شاهين ليه؟- «شاهين ليه؟ سيرة ذاتية كاملة في كل فيلم من 6 دقيقة أقول بإيجاز أشياء كثيرة تعلمت من الغرب الإيجاز .لفت نظري ندرة حديثنا عن السيرة الذاتية وتأثير السينما الأوروبية عليها لأن الـ«أنا» عندنا كعرب مغيبة ليس هناك «أنا» في القبيلة أو في المجتمع .وفي رأيي أن يوسف شاهين هو ابن مدينة الإسكندرية قبل أوروبا، لأن مدينة الإسكندرية كانت أهم من أوروبا كانت بوقتة تنصهر فيها كل الثقافات والحضارات الأوروبية وتتجلي بأعظم صورها علي أحلي من أوروبا، لأن أوروبا لا تملك هذا الخليط من التعددوالال التعددية في تناغم رائع .. كان شاهين قد نشأت علي فكر أوروبي متفتح علي الآخر، ولما جاءت تجارب السينما الأوروبية مثل أماركورد لفلليني وغيرهما جعلته يتجرأ ويحاول أن يتكلم عن نفسه. شاهين ماذا يعني لك؟ هل كان له تأثير خاص علي فكرك .. حتي تكرسي له ثلاث سنوات كاملة من حياتك؟- يشكل شاهين حكاية كبيرة في حياتي بدأت بمشاهدتي فيلم «الأرض» فيلم آخر ساهم في تغيير حياتي حينما شاهدت «إسكندريه ليه؟» وغير هذا الفيلم حياتي أخلاقيا أردت أن أكون حرة وصريحة وأخلاقية مثل يوسف شاهين.. أن أملك هذه الشجاعة .. أن أعري نفسي لها.. كانت الفاتورة غالية .. لم أعجب بشاهين فحسب بل أدين له أن أكون في يوم من الأيام هذه الإنسانة الشفافة الصافية التي تشبه وردة سعد الله ونوس .. أن يكون داخلي مثل خارجي وفي باخرة العودة الشهيرة إلي فلسطين مع شاهين وعلي بدرخان - صارحت شاهين بتأثيره علي تكويني وشخصيتي تأثر كثيرا أن يكون له هذا التأثير علي شخص ما، وكنت كلما أحضر إلي مصر أزوره في بيته واقعد علي طاولة غداء أو عشاء معه، وحينما يحضر إلي باريس كان يسعي للقائي وكان فخورا عندما زرته في مسرح الكوميدي فرانسيس لأشاهد المسرحية التي أخرجها «كالجولا» وأخذني من يدي يعرفني بكل الفنانين.شاهين حكاية كبيرة في حياتي إنه ابي إنه اخي إنه صديقي إنه حبيبي .. حب لا يأخذني منه إلا الموت .. ولو لم يكن هذا الحب لما نأخذ ثلاث سنوات من حياتي.. أنا عايشة اتنفس شاهين وأكل شاهين وأفكر شاهين لدرجة أنني قلت له مرة «عاوزه أعيش فيك» أشوفك كل يوم واشتغل عليك كل يوم «كفاية»، هذا المشروع كان بداخلي منذ مدة طويلة، ولكن الفضل يرجع إلي حابي خوري وتناقشنا معا لنجد الشكل الصحيح لخروج المشروع إلي النور، قد اعطاني كارت بلانش أفعل ما أريد، لم يفرض علي أي قيد أو شرط أو خط أحمر ، أخبرته أنني ساستدعي صحفيين يشتمون شاهين وناس لا يحبون شاهين وسأنتقد أشياء في أفلام شاهين لن أحابي، بل سأقدم عملا شديد الموضوعية الشيء الوحة الذي لن أتراجع عنه هو حبي لشاهين وهو حب كلفته غالية لأكون موضوعية، حاولت طوال الوقت أن استخدم شاهين ككشاف علي رحلة تاريخية واجتماعية في تاريخ السينما وفي تاريخ مصر، ولو أن هذه الأفلام تبدو ظاهريا عن شاهين ولكن استخدمته ورؤيته كي نشاهد ماذا كان يحدث في تلك الفترة من خلال مشاهد من أفلامه وشهادات نقاد وممثلين. كيف تطور وعي شاهين السياسي خلال أفلامه من السينما السائدة إلي سينما مختلفة؟- الأفلام السياسية عنده قدمتها في ثلاثة أجزاء في الجزء الأول أفلام قارب فيها السياسة ولكن من منطلق انساني بحت، في فيلم «صراع في الوادي» لم يكن عنده وعي سياسي أو حتي مشروع نصرة الفلاح ، فقط كان ينتصر لإنسان شنق ظالما، في «ابن النيل» لم يكن هناك رؤية سياسية لكن أعظم ما كان فيه هذا الوعي الإنساني وهو محاربة الظلم والإيمان بالعدالة، وهذا ما استمر في أفلامه الناس، هم شاهين وموضوع شاهين من أول كادر حتي اليوم ، جاء هذا الرجل من خارج الأيديولوجيات من خارج الوعي السياسي ، بل دخل من باب الناس، فقد دخل شاهين من الشارع من قبض الناس.بعد فيلم «جميلة» ابتدأ يلامس السياسة.. أما الضربة التي افاقته وجعلته يلتزم سياسيا كانت مع فيلم «الأرض.. فيلم المساءلة المحاسبة» لم يكن شاهين مسيسا ولم يكن يملك التحليل الأيديولوجي العميق للأوضاع السياسية ولكن عندما دخل عليه العباقرة عبدالرحمن الشرقاوي، وحسن فؤاد ، ولطفي الخولي، وصلاح جاهين.. هؤلاء أثروا شاهين وجعلوه يدخل إلي السياسة بجد، وأصبح له أفلام تحمل وجهة نظر وموقفاً سياسياً.من الموسيقي إلي التاريخ هل قسمت الأفلام علي أساس المحاور أم الترتيب الزمني مثل: جزء من ستة أفلام يحمل عنوان «سحر المغني» تتناول الاستعراض والغناء، تناول كيف تطورت الأغنية الشاهينية في ضمن السائد، تؤثر أحداث الفيلم إلي أن تحولت إلي ضمير الفيلم مثل «حدوتة مصرية» «عودة الابن الضال» .. كما لجأت إلي التتابع الزمني في جزء من علاقة شاهين بالرقص، عرضت لكل الرقصات في أفلامه - وعلاقته بالسينما الاستعراضية ، كما قدمت مجموعة باسم «اسمع قلبي» عن علاقته بالموسيقي وتداخل كل موسيقات العالم منذ طفولته التي شكلت وجدانه وتعامله مع كبار الموسيقيين والموزعين والملحنين.في جزء أو فيلم «تاريخ من تاريخ» عن كيف قرأ شاهين التاريخ من خلال أفلامه صلاح الدين، والمهاجر، والمصير.وخصصت فيلما عن فيلم «باب الحديد» وحده باسم «حكايات باب الحديد» لأول مرة تحكي هند رستم.. قابلت هنومة علي مدي أربع ساعات لتحكي لي عن تجربتها الخاصة.وفي فيلم «الأستاذ» فإنه نادرا ما نجد مخرجا طلع علي يده أجيال من المخرجين كأنما هو مدرسة قائمة بذاته.وفي فيلم «هاملت الإسكندراني» أول فيلم يحكي عن طفولته وعن مدرسته، وقد ذهبت للإسكندرية حيث صورت مدرسته والكنيسة التي تعمد فيها وبيته، وقد بكي شاهين بكاء مريرا حينما شاهد حياته أمامه وشاهد والدته قال لي :«هذا ليس فيلما بل ملحمة!!، من الصعب جدا أن يستطيع مخرج أن يقدم في 6 دقيقة خلفية حياة شخص.. لأنني بدأت بـ«هاملت الإسكندراني» وذهبت إلي الإسكندرية والعائلة والمدرسة حتي ركب السفينة ليذهب إلي باسدينا بأمريكا ليدرس السينما كل هذا في 6 دقيقة.والفكرة الأساسية هي إلي أي مدي هذا الرجل توائم وتصالح مع سينماه.. أحاول أن اسلط الضوء علي قراءة أسهل لأفلامه.. هناك كثيرون لا يفهمون أفلامه.. ولهذا عرضت بعضاً منها علي طلبة معهد السينما .. فإني قصدت أن تكون للجيل الطالع .. وهم أمانة في عنقنا أهم من جيلنا والجيل السابق.وهي أول تجربة تشبه الموسوعة المرئية من خلال 30 فيلما كل منها 6 دقيقة ستعرف تاريخ مصر ودور الإنتاج المشترك، وتري كيف تعرض للظلم ويتهم بالخيانة، وكيف حاول أن يحقق ذاته من خلال السينما، تقول مني غندور بزهو: الشيء الذي اعتبره وساما علي صدري انني قطعت مصارين أفلام شاهين ومعروف أنه يمنع أي مساس بأي كادر من كادرات أفلامه أو مشهد من المشاهد، ولأول مرة في حياته يقبل أن أقوم بمونتاج داخل مشاهد أفلامه دون أن يعترض. جائتني فكرة تو الآن لم لا يصحب عرض هذه الأفلام كتاب توثقي ونقدي يصدر بالعربية والفرنسية.تضحك عاليا: - أنا أكرهك لأنك تقرأ أفكاري.. عندي مادة رائعة لم استعملها كلها من خلال الكتاب جعل إلي الناس دون فلسفة أو أيديولوجيات.نتذكر كتابك القيم عن «سلطانات السينما المصرية» هل من مشروع كتاب آخر؟عندي مشروع كتاب آخر أرجو أن أجد له قويلا - عن علاقة الإبداع بالزمن .. منيرة المهدية التي سقطت من الذاكرة والزمن لأنها لم تقدر علي المواكبة ، أم كلثوم التي تحالفت مع الزمن وركبته فأصبح زمنها .. أسمهان التي خانها الزمن بالموت لأنها لم تعرف كيف تكمل مشروع تحديث الأغنية العربية.

جريدة القاهرة في 22 يناير 2008