كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

عوامل كثيرة تجعله أهم مهرجان أمريكي

العالم بلا حدود فيسندانس

محمد رضا

مرّة أخرى، ينعقد مهرجان سندانس السينمائي، أهم مهرجان سينمائي في الولايات المتحدة. هل هو أهم من مهرجان سان فرانسيسكو المخضرم؟ نعم. أهم من مهرجان شيكاغو العريق؟ بالتأكيد. أهم من مهرجان نيويورك؟ بلا ريب. وماذا عن مهرجان ترايبيكا الذي يُقال إنه الأفضل بين المهرجانات الأمريكية؟ الفرق شاسع. سندانس على القمّة.

وهناك سبب وجيه او بالأحرى عدّة أسباب وجيهة، أوّلاً، هو خاص بالسينما المستقلّة- أي تلك التي لا تنتجها شركات هوليوود او شركات أوروبا الكبيرة، ثانياً، عبر تخصصه هذا يجذب اليه هوليوود الباحثة عن الجديد والطازج من الأفلام والمواهب وبوجودها تمنحه المشاركة التي يطمح اليها المخرجون الجدد الباحثون عمن يكتشفهم او يقدّمهم او-ببساطة- يشتري أفلامهم، ثالثاً، أن تقطع مسافة طويلة لكي تحط في سولت لايك سيتي، عاصمة ولاية يوتاه، ثم تأخذ السيارة نحو ساعة صُعُداً فوق الجبال الشمالية لتصل الى بارك سيتي، الثلج يغمر قممها والبرد شديد فان ذلك يعني أمراً واحداً: أنت جاد في عملك وشديد الاهتمام بالنتائج. وكسينمائي، تعلم أنك لست هنا لكي تتمشّى على ساحل البحر كما في “كان” او تستغل وجودك للتبضّع كما في “برلين” او “نيويورك” او “تورنتو” ولست هنا لكي تركب الجندول كما في “فانيسيا”. أنت هنا لكي تعمل. تروّج للفيلم.

هذه المهام يدركها المخرجان العربيّان اللذان وصلا الى المهرجان لعرض فيلميهما الروائيين. أولّهما أمين مطالقة، آخر المنضمّين العرب الى نادي المخرجين الجيّدين، أنجز فيلم “كابتن أبو رائد” مسنداً بطولته الى الممثل البريطاني من أصل أردني نديم صوالحة ووفّر له امكانيات انتاجية وقدرة حرفية جادّة. وثانيهما اللبناني فيليب عرقتنجي الذي حمل معه فيلمه الروائي الثاني “تحت القصف” (الأول كان “بوسطة” قبل عامين) وقال ردّاً على سؤال:

“أتيت الى هذا المهرجان من قبل وتلمّست الفرص الرائعة التي يتيحها للمخرج الجديد غير المعروف في أمريكا او في شمال القارّة.

هناك مهرجان ثان مهم لمثل هذا المخرج هو تورنتو، لكن يبدو لي أن هذا أكثر تحديداً لمهامه. لقد أنشئ لكي يدعم السينما الشابة وهذا ما يفعله في كل مرّة”.

كل من مطالقة وعرقتنجي كان في مهرجان دبي وكل منهما خرج بجائزة. “تحت القصف” خطف الأولى و”كابتن أبو رائد” منح بطله نديم صوالحة جائزة أفضل ممثل. والصحف تذكر اسم مهرجان دبي حين تتحدّث عنهما. تقول انهما عرضا في ذلك المهرجان مع ما يحمله هذا الذكر من دلالات.

هناك متغيّرات جديدة طرأت في العام الماضي وتطرأ مجدداً هذا العام في المهرجان وفي مقدّمتها أن المهرجان الذي أنشأه ولا يزال يرأسه روبرت ردفورد، بات يستوعب الآن مزيداً من الأفلام القادمة من حول العالم. وهي باتت تنافس الأفلام ذات السمات المشابهة القادمة من الولايات المتحدة. في العام الماضي مثلاً فاز فيلم “مرّة”، وهو بريطاني بجائزة الجمهور، وذلك من بعد أن بيع الى شركة “فوكس” التي طرحته للأسواق فسجّل، وهو الفيلم الصغير، أكثر من تسعة ملايين دولار.

لكن الأمر لم يتوّقف في العام على فيلم واحد، بل شهد خفوت اقبال الموزّعين على الأفلام الأمريكية وارتفاع اقبالهم على الأفلام الأجنبية. السبب الموازي أن الانتاج الأمريكي في العام الماضي لم يكن بالغ الجودة، بل جاء خالياً من الفيلم المبهر. السبب الثاني أن صالات السينما الأمريكية في السنوات الخمس الأخيرة تزخر من جديد بالأعمال الأجنبية الخاصّة. ليس كما كان الحال في السبعينات والستينات عندما كان البيع يتم نسبة لاسم المخرج، بل على نحو فردي تماماً. لقد عرض “الجنّة الآن” للفلسطيني هاني أبو أسعد في أمريكا بعد عرضه في سندانس وبرلين. اشترته “وورنر اندبندنت” بأكثر من مليون دولار بقليل وصرفت عليه نحو مليون دولار آخر فأنجز لها نحو ستة ملايين دولار من الأرباح. والأفلام الفرنسية والرومانية والروسية والايطالية واليابانية والكورية لها السوق الأجنبي الأكبر وكثير منها يمر عبر قناة سندانس- ذات القناة التي تشهد هذا العام دفقاً عالياً من الأفلام غير الأمريكية في قسمين: مسابقة الفيلم الأجنبي وتظاهرة “الأفلام التسجيلية الدولية”.

الى جانب الفيلمين الأردني واللبناني هناك انتاج ألماني/ أذربيجاني بعنوان “تجريد” من اخراج فيت هلمر وأذربيجان في السنوات الأخيرة تسعى لأن يكون لديها صناعة وباتت توفّر دعماً مالياً لمن يريد التصوير في أرضها.

وألمانيا أيضاً شريك انتاجي مع هونغ كونغ في فيلم يدور حول شاب منتم الى عصابات هونغ كونغ وحين يدرك أن عليه ترك موقعه فيها يجد أن السبيل الوحيد هو الهرب الى تايوان حيث يتعلّم هناك فن الضرب على الطبول.

وهناك عصابة في خيال بطل الفيلم الفرنسي “دائما ما أردت أن أنضم الى عصابة” وهو كوميديا حول أربع شخصيات كل منها يسعى لأن يصبح عضواً في عصابة ما طمعاً في دخل اضافي.

وهناك أفلام روسية ويابانية واسبانية وسويدية ودنماركية وكولمبية وايطالية وفيلم واحد من “اسرائيل” بعنوان “غرباء”.

وجه فلسطيني

ويفرح مهرجان سندانس، كما أي مهرجان آخر، بالأفلام التي تصله أوّلاً فيكون صاحب العرض العالمي الأول لها. وثمة أربع وعشرون فيلماً من هذه الفئة معظمها أمريكي، لكن العديد منها من بطولة ممثلين معروفين يتنازلون عادة عن أجورهم المرتفعة في الأفلام الهوليوودية لكي يتسنى لهم الاشتراك في الأفلام المستقلّة.

هذا حدث مع ماريا بيلو ووليام هيرت اللذين يشتركان في بطولة “المنديل الأصفر” عن ثلاث شخصيات (الثالث ممثل جديد باسم ادي ردماين) يلتقون في رحلة قطار وما هو مشترك بينهم هو أن كلاً منهم يعاني من الوحدة... الى أن التقى بالآخر.

نلتقط شارون ستون ولوسي ليو في “عام لكي نعرف بعضنا البعض” وبروس ويليس وروبرت دي نيرو (معاً لأول مرّة) في “ماذا حدث بالفعل؟”. معهما ينضم شون بن وكاثرين كينر وستانلي توشي.

والممثلة الفلسطينية هيام عبّاس في فيلمها الأمريكي الأول “الزائر” للمخرج توم مكارثي، وهي ان لم تكن معروفة في أمريكا الا أنها تقف أمام الباب ذاته الذي يقف عنده اليوم كثيرون بينهم أمين مطالقة وفيليب عرقتنجي.

الممثلة ماريا بيلو موجودة أيضا في فيلم آخر بعنوان “منشفة رأس” (وهكذا تنتقل ما بين منشفة الرأس ومنديل اليدين) لجانب الاسترالية توني كوليت، على أن الجديد أيضاً في هذا المهرجان والذي يأتي بين المتغيّرات المذكورة الاعتماد أكثر من أي وقت مضى على السينما التسجيلية. هناك مسابقة خاصّة بها لجانب أفلام خارج المسابقة.

سبب هذا الاهتمام يعود الى أن رئيس المهرجان، روبرت ردفورد، كما صرّح في حديث أخير له أحب السينما التسجيلية لأنها نافذة على الحياة: “كنت صغيراً حين شُغفت بالأفلام الاخبارية التي كانت تنتجها شركة باتي (وكانت تعرض قبل الفيلم الرئيسي). كنت أرى العالم من خلالها. وصاحبت تطوّر الفيلم التسجيلي حيث أصبح اليوم على أنواع مختلفة لكنها ما زالت تسترعي اهتمامي لأن الفيلم التسجيلي الجيّد هو الواقع كما هو معروض للناس الذين يريدون ترك الشاشة الصغيرة لمعرفة ما لا يقوم التلفزيون بتقديمه وهو الحقيقة المصنوعة للشاشة الكبيرة”.

والحماس للفيلم التسجيلي دفعه في السبعينات، وخلال الفترة الذهبية لنجوميّته، الى البحث عن وسائل لدعم السينما التسجيلية خصوصاً تلك التي تتحدّث عن البيئة وعن الهنود الحمر. بحثه هذا قاده الى “سندانس”، وهو اسم لتقليد معروف لدى الأمريكيين الأصليين.

في هذا الاطار هناك فيلم أردني آخر في العروض الخاصّة بالسينما التسجيلية عنوانه “اعادة تكوين” وهو الفيلم الذي أخرجه محمود المساد عن رجل أردني يعيش ويعمل في مدينة الزرقاء تلك التي ترعرع فيها الزرقاوي. لقد تشبّع بالأفكار المتطرّفة بدوره لكن شاغله اليومي هو جمع صناديق الورق من على الطرق وبيعها الى مصنع يعيد تكوينها. لكنه العمل الذي لا يكفي لاعالة زوجتين ومجموعة من الأولاد ودفع تكاليف الحياة. لذلك يفكّر بالهجرة ورغم أنه يقرأ وسواه أحاديث عن تحريم الهجرة الى بلاد “الكفّار” الا أنه يقرر أن أمريكا هي البلد الذي ستؤمّن له ولعائلته المزدوجة ما يريد من رغد العيش. سوف يترك العائلة في الزرقاء ويهاجر وحده وسوف يبعث لأسرته بما يحققه من مال.

بذلك يربط الفيلم بين اعادة تكوين الورق المقوّى واعادة تكوين هذا الرجل الذي بات يعرف أن الحاجة هي التي عليها أن تدير حياته في نهاية المطاف. في ذات الوقت هو فيلم عن كيف أن التطرّف والفقر متعاونان ويعيشان متجاورين.

 

أوراق ناقد

قدماً في الاتجاه المعاكس

ثلاث حكايات تصب في موضوع واحد

-1-

علي حيدر ممثل ومغن باكستاني وافق على بطولة فيلم بعنوان “أسامة” والسعادة تغمره. أخيراً هناك فيلم ينتظره ناطق بالانجليزية وتدور أحداثه في أمريكا ما سيجعله يطل على جمهور جديد. ومن يدري ربما كان ذلك تمهيداً لفيلم آخر ثم ثالث ثم نجومية عالمية. الأحلام جائزة لكل منا لكن المشكلة في الذين يجهضونها. وأحلام علي حيدر أجهز عليها حين اتصل به مهددون أخبروه بأنه سيلاقي مصيراً قاتماً اذا لم ينسحب من هذا الفيلم.

وجه الغرابة ليس فقط في أن ممثلاً ما يتعرّض للضغط او للتهديد لكي ينسحب من فيلم، وهذا ما فعله حيدر مؤثراً البقاء حيّاً على “الله يرحمه”، الغريب هو أن فيلم “أسامة” لا علاقة له بأسامة بن لادن وعليه غير مفهوم ما هو السبب الذي أثار حفيظة الذين هددوه.

لكن الفيلم يتعرّض لباكستاني في نيويورك يوم الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. وكلّنا نعلم ما حدث في ذلك التاريخ المشؤوم: لقد دبّر البعض (وهذا البعض لا يزال غير محدد تماماً)  فخّاً للانسانية: قتل أمريكيين وتسبب في قتل مسلمين وغزو أوطان وذبح أبرياء وباعد بين الثقافات وضرب العرب على قفاهم والمسلمين على رؤوسهم وأطاح بالثقة الغربية بكل ما هو اسلامي او عربي.

علي حيدر يقول إن الفيلم كان سيوضّح الجانب الآخر من العُملة: “شعرت بأنها مسؤوليّتي كمسلم أن أقدّم الصورة الصحيحة. لكن عليّ مسؤوليات عائلية أنا وحيدها”.

-2-

الحكومة الأفغانية أصدرت قراراً بمنع فيلم “راكض الطائرة الورقية” الذي عُرض في ختام مهرجان دبي السينمائي الدولي من دون أسباب واضحة. الفيلم يعالج موضوعاً كتبه المؤلّف خالد الحسيني وهو أفغاني ويدور حول ولدين صديقين يفترقان في مطلع الغزو الروسي. الثري بينهما يجد طريقه مع والده الى الولايات المتحدة والفقير يبقى. ويموت بعدما خلف ابناً. الابن مخطوف والخاطف كان اغتصب الأب حين كان الأب صغيراً. هناك عيوب في الفيلم وربما في القصّة، لكن أياً منها لا تطال الحكومة الأفغانية بشيء. اذا كان الفيلم ضد شيء، فهو ضد الغزو الروسي، ثم ضد حكم طالبان المتعسّف. وهو لا يتحدّث عن الحكومة الحالية، لكن يبدو أن هناك “بطحة” على رأسها وهي تخشى من الفيلم أن يكسرها او يوقعها.

-3-

في القاهرة ضجيج كبير يصاحب فيلم خالد يوسف “حين ميسرة” وهو فيلم لم أره لكني قرأت عنه الكثير وما قرأته هو أنه يطرح مواضيع شائكة مثل الفساد ومثل ما يفعله الناس في بعضهم بعضاً. زوج الأم الذي يتحرّش بابنة زوجته والفتاة التي يتركها الحبيب حاملاً ويهرب والتي بعد ذلك تتعرّف الى سحاقية تريدها لنفسها وعن أطفال الشوارع وعائلات المقابر وكل ذلك القدر من المآسي التي هي من أسباب الانسان وجوره على الانسان.

البعض كما هو متوقّع في هذه الحالات هاجم الفيلم على أساس أنه يشوّه سمعة مصر والبعض دافع عنه على أساس أنه يتحدّث عن حقائق. البعض قال إن مصر ليس فيها مثل هذه الشخصيات وآخرون قالوا إنها مليئة بمثل هذه الشخصيات.

بين هؤلاء وهؤلاء برز من يريد رأس مدير الرقابة علي أبو شادي. ربما لديه ابن عم أصلح من علي يقترحه ويدفع به الى ذلك المركز.

يجب أن يكون طبيعياً أن يثير فيلم او مسرحية او رواية او أي عمل أدبي او فني النقاش والانقسام من حوله. لكننا لا نعرف أين نقف؟ أين نسمح لأنفسنا بحرية الرأي؟ وأين نتخطّى ذلك الى المطالبة بالحجر على حريّة الآخر؟

وبعض النقاد السينمائيين لا يعرفون كيف يبرهنون على جدواهم حين يجعلون رأيهم في الموضوع هو المحك فينقسمون بدورهم. واحد هنا والآخر هناك. هذا عوض عن أن يكون الفاصل وضع الفيلم سينمائياً لأن الناقد عليه دائماً أن يزين الفيلم حسب معايير فنية وليس لأن الموضوع مهم او لا. أهمية الموضوع هي واحد من تلك المعايير لكنها ليست كل المعايير.

مما سبق، سيداتي سادتي، نستشف أننا نعيش عالماً اختلطت فيه الأمور لدرجة أن الأبيض صار أصفر والأسود أحمر والبطيخ جزراً. عالماً لا يعرف التصرّف. يسألك ما هو الصندوق الذي وضعت فيه رأسك واذا كان صندوقك غير صندوقه فأنت عدوّه اللدود. هذا عالم أعمى لا عجب أنه يسير في الطريق المعاكس للتقدّم وللألفة وللحب ويا ويل عالم يعيش بلا حب.

م.ر

email: merci4404@earthlink.net

Blog: shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في 20 يناير 2008