الفيلم الحائز على أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2006يدخل عوالم
ألمانيا الشرقية الاشتراكية، يتحدث عن ما قبل انهيار جدار
برلين وقيام ألمانيا
الاتحادية بسنوات معدودة، 1984م تحديداً، ويتحدث عن عالم "الستار الحديدي"
أو الطوق
السياسي والثقافي والإعلامي الذي فرضه الاتحاد السوفييتي على
شعوبه وشعوب الدول
الخاضعة لنفوذه آنذاك، وأثر هذا الستار أو الطوق على المثقفين والكُتاب
والفنانين،
والنظرة للحرية والحياة من خلال عيون هذه النخب. تتمحور الحكاية حول
العلاقة بين
الشاعر جورج دريمان، والذي قام بدوره الممثل "سباستيان كوتش"
والمخبر هوبتمان ويسلر
والذي قام بدوره الممثل "أورليتش موه"، تلك العلاقة التي بدأت وانتهت دون
أن يتحدثا
مع بعضهما أبداً، ودون أن يدرك دريمان وجود هذه العلاقة إلا
بعد نهايتها تماماً.
وتنطلق
الحكاية عندما بدأ الشك يساور السلطات الثقافية وجهاز الأمن القومي حول
سلوك
الشاعر دريمان، خاصة مع وجود موجة هروب للنخب المثقفة من ألمانيا الشرقية
إلى
ألمانيا الغربية بحثاً عن حياة ثقافية أفضل في ظل أجواء
الانفتاح والحرية التي
تتمتع بها الأخيرة، فيكلف ويسلر بمتابعة دريمان والتصنت على حياته للبحث عن
دليل
إدانة يثبت شك السلطات ويعطيهم مبرراً لقمعه والتخلص منه.
هنا تبدأ حبكة الفيلم، وكيف يمكن لحياة أُناس آخرين أن تغير
حياتنا وقناعاتنا
إلى الأبد، حيث يبدأ المخبر ويسلر بالتماهي مع حياة دريمان العاطفية
والثقافية
وموقفه السياسي، ثم تبدأ جزئيات الفلم بالتشابك، ما بين ضغط وكالة الأمن
القومي على
ويسلر ليعجل باكتشاف الأدلة، وما بين الضغط الداخل العميق الذي
يعيشه ويسلر
وانحيازه التام للشاعر، بعد أن أصبح جزءًا من حياته اليومية بكل تفاصيلها.
لا يمكن
للإنسان أن يحيد مشاعره ورحمته حتى في أشد أدواره لا إنسانيةً وعدواناً على
الآخرين، كما أن التوحش جزء من تركيبته، يبرز هذا الجزء حين
يجد مجتمعاً وحياة
نفسيةً محفزة، فإن الرحمة والتعاطف مع البشر ركيزة أساسية في حياته، تنمو
وتتصاعد
رغماً عنه، حتى في أشد لحظاته عدائية. مع الوصول للنقطة الحرجة في الفيلم،
من كتابة
دريمان لمقالة نشرت دون توقيع كاتبها في مجلة "المرآة" التي
تصدر من ألمانيا
الغربية تحدث فيها عن انتحار الفنانين والمثقفين في ألمانيا الشرقية وعدم
وجود
إحصائيات لحالات الانتحار منذ سنوات، إلى الملابسات التي واكبت
كتابة ونشر المقال،
بسبب الظروف الأمنية المعقدة، من كتابة المقالة على آلة كاتبة مهربة، حتى
لا تتعرف
وكالة الأمن القومي نوعها وتعرف هوية الكاتب، ومقابلة مراسل
المجلة في ظروف
استثنائية، وتهريب المقال بشكل سري ومعقد، ومع اقتراب نقطة الصفر في هاجس
القبض على
دريمان، يبدأ المخبر ويسلر بتزوير اليوميات التي يرفعها لوكالة الأمن
القومي، حيث
يتحدث عن مسرحية يود الشاعر تأليفها بمناسبة أحد الأعياد
السياسية بدلاً عن المقالة
المنشورة في مجلة المرآة، بل يضحي بوجوده بالوكالة وقوميته وعمله وإيمانه
لمساعدة
الشاعر، خاصة بعد أن تم ابتزاز الفنانة المسرحية كريستا زوجة دريمان والتي
تقوم
بدورها الممثلة "مارتينا غيديك"، ومساومتها على وجودها وحضورها
كفنانة في مقابل
إفشاء سر دريمان. في النهاية، وبعد انهيار جدار برلين، وتغير الحياة
تماماً، بدأ
الناس في البحث عن تفاصيل حياتهم السالفة، وحياة الآخرين من حولهم، ليكتشف
دريمان
من خلال الوثائق السرية التي أتاحتها حكومة ألمانيا الاتحادية
عن الحقبة الاشتراكية
الكثير عن حياته الخاصة وعلاقته مع المخبر ويسلر الذي لم يقابله في حياته،
وزوجته
كريستا، وكل التغيرات التي حدثت من حوله، دون أن يدرك - ربما - سبباً لها
في ذلك
الوقت.
الرياض السعودية في 10
يناير 2008
مذكرات
سينمائي
من الحصن انطلقتُ لأصنع الأفلام
إعداد:
عبدالله آل عياف
@
هل تذكرون
برنامج المسابقات الشهير (الحصن) الذي اشتهر في
العالم أجمع كأفضل و أظرف برامج المسابقات والتحديات الجسدية؟ هل تذكرون
صاحب الحصن
الذي كان يضع رأساً صناعياً كبيراً و يختلق المواقف والصعوبات
والنكات خلال
البرنامج؟ ذاك أنا.. تاكيشي كيتناو ومن يعرف الاسم الأصلي للبرنامج (حصن
تاكيشي)
فسيعلم أنني صانع ذلك البرنامج الرائع. على عكس أمثالي، كنت مشهوراً جداً
قبل دخولي
عالم السينما فالبرامج الحوارية و الكوميدية جعلت الجمهور
الياباني يعرفني جيداً
ككوميديان خفيف الظل، و هو الأمر الذي صعب علي دخول مجال الإخراج. فمن يود
مشاهدة
فيلم جاد من إخراج ممثل هزلي؟.
-
تركت جامعتي التي كنت أدرس بها بكالريوس العلوم (جامعة ميجي)
لأتفرغ للفن و
للتلفزيون. بعد عدة أدوار بسيطة تم طلبي لأداء الدور الرئيسي في فيلم (شرطي
عنيف)
فوافقت وعندما مرض المخرج انبريت أنا للمهمة و قمت بخوض مغامرة الإخراج
بعدما أعدت
كتابة معظم السيناريو و كانت النتيجة مذهلة للجميع، نجاح جماهيري ضخم و
نجاح نقدي
لا يقل عنه. توالت الأفلام و نال معظمها الكثير جداً من
الجوائز كالأسد الفضي
بمهرجان فينيسيا المرموق و الترشيح للسعفة الذهبية بمهرجان كان و غيرها..
نجاحي في
خارج بلدي الأصلي (اليابان) كان أكبر مع مرور الوقت حيث اعتبرني الكثيرون
أهم مخرجي
السينما اليابانية الحديثة و ذكر البعض أن أفلامي مليئة
بالدماء و قصص العصابات و
الشركة، يبدو أنهم لم يشاهدوا أفلامي كلها ففيلم (دمى
Dolls)
و غيره
مليئة بالأوان
و الحياة و الجمال، و لأن الجمهور الياباني كان -كما يبدو-
يفضلني كوميدياً فقد
قبلت التحدي و قدمت له فيلم (حصلت على شيء؟) والذي جعلهم يقهقهون كما لم
يفعلوا من
قبل.
تعرضت لحادث سير عندما كنت أركب دراجة نارية (فيكم من يكتم
السر؟ كانت محاولة
انتحار!) فخرجت منها محطم الجسد و جهة من جسمي مشلولة تماما و بعد العديد
من
العمليات استطعت استعادة عافيتي رغم خطورة العمليات الجراحية التي أجريت
لوجهي
لأستطيع تحريكه. بعد الحادث بدأت أزاول هواية الرسم فبيع عدد
من لوحاتي و عرض
معظمها في مزادات و معارض كما تستطيعون مشاهدة بعض تلك اللوحات كغلاف للقرص
المدمج
للموسيقى التصويرية لبعض أفلامي. لست أتباهى هنا، فبجانب الكوميديا و
الإخراج و
الرسم قمت بتأليف أكثر من خمسين كتاباً معظمها دواوين شعرية أو
كتب في النقد
السينمائي و بعض الروايات التي حول بعضها لأفلام و أخرجها آخرون غيري. كما
أقوم
بمواصلة تقديم برنامجي التلفزيوني الحواري الناجح على التلفزيون الياباني.
أنا تاكيشي كيتانو مخرج الأفلام الرائعة (سوناتين، هاناباي،
زاتويشي). لا يزعجك
كلامي هذا فأنا في الواقع متواضع جداً و خفيف الظل و دمث الطباع، و ربما
كانت هذه
الصفات (بالإضافة لأفلامي) الحافز الذي جعل جامعتي السابقة (جامعة ميجي)
تقدم لي
درجة البكالوريوس الفخرية في العلوم بعد 34عاماً من مغادرتي
لها.
تاكيشي
كيتانو -
مخرج
ياباني
الرياض السعودية في 10
يناير 2008
|