خلاّق. مفعم بالعاطفة. عارم بمشاعر الشجا. مغرق بإنسانية لم تتوافر في
أعماله السابقة، التي جَبَلها على عنف ودم وقسوة ذاتية، وعلى إصرار مرير
على عذاب متوارث. نأى المخرج النمساوي الهويّة الألماني الولادة ميشائيل
هانيكه، في جديده «حب»، الذي كُرِّم بـ«السعفة الذهب» عن جدارة في ختام
الدورة الخامسة والستين لمهرجان «كانّ» مساء السابع والعشرين من أيار 2012،
عن تبدُّل الغرائز المركَّبة، التي دفعت فتى «فيديو بيني» (1992) إلى تصفية
زميلته بمسدس خاص بقتل الخنازير، وتسجيل فعله الدموي على شريط فيديو أعاد
مشاهدته من دون كلل، قبل أن يتورّط والداه بإخفاء الجريمة. ومثله البطلان
المراهقان في «ألعاب مرحة» (1997)، اللذان أرهبا عائلة متطامنة، وعمدا إلى
إغراق أفرادها في بحيرة معزولة. بينما أصبحت أريكه كوهوت، بطلة «معلّمة
البيانو» (2001)، عبدة لملء فراغ حياتها الجنسية مع الشاب الوسيم والتر،
الذي لم يتوانَ عن إهانتها، قبل أن تطعن نفسها إعلاناً عن فشل ولعها،
وانهيار عالمها الموبوء المستوحد. أما الإعلاميّ الشهير جورج لورون في
«مخفي» (2005)، فتعرّض لامتحان عصيّ على الفهم، هدّد عائلته وخصوصياتها عبر
أشرطة فيديو تلصّصت عليه وعليها، ما أدّى إلى كشف عار شخصي أراد إخفاءه.
في «حبّ»، ذهبت فراسة ميشائيل هانيكه إلى ضمير بطله العجوز جورج (أداء
مذهل للفرنسي جان ـ لوي ترانتينيان)، الذي صرف مودته في رعاية زوجته آن،
التي خانها العمر، وتفتّتت ذاكرتها وتيبّست أطرافها. إنه حقّ الهَرَم، الذي
قاد إلى استموات عضوي، ظهر في معادلة غريبة في الشقّة الباريسية المترفة:
هناك رجل مجالد، وأنثى تناكف غيابها الفيزيولوجي.
منذ المشهد الاول، قدّم مخرج «الشريط الأبيض» بطلته راقدة على فراش
الموت، وقد تحلّلت جثتها، بعد اقتحام الشرطة المكان: تُرى، هل انتحرت، أم
نُحرت؟ هذا السؤال مفتاح الأيام التالية، التي عرض هانيكه تفاصيلها بتأنٍّ
شديد، وبمشهديات مفخَّمة، أشرف عليها مدير التصوير القدير داريوش خوندجي.
النهاية معقودة على سيرورة العلاقة بين الزوجين. «المحبة ضُروب»، قال ابن
حزم في نصّه البليغ «طوق الحمامة». هذا ما حقّقه جورج على مدار يومه،
متفانياً لتخفيف مصابات الحبيبة، وإبعادها عن عيون الفضوليين، غير ملتفت
لحاجته إلى مَنْ يشدّ عزمه. هو صاحب قرارات تضع ثنائيتهما في المقام الأول.
لذا، لم يتردّد في رفض فكرة نقلها إلى المستشفى، رادّاً دعوات الإبنة
الوحيدة إيفا (إيزابيل أوبير) في الانتقال إليها، مُحيلاً لقاءاته مع فلذة
كبده إلى جلسات مغرقة برسمية إدارية لا مكان فيها لعاطفة. بدت إيفا، مثل
طالب الموسيقى السابق ومدبر شؤون العمارة وزوجته والجارة المستوحدة
والممرضة الشابة القاسية القلب وعديمة الخُلق، حيوات غريبة زائرة لا تقاوم
إغواء تلصّصها على الشيخين. اقتحمت عالمهما، واقترحت مساعدات لن تتحقّق.
حضرت هذه الشخصيات من دون أن تترك لمسة جماعيتها على حيادية عالم الثنائي
جورج ـ آن. فما ينوس في غرف شقتهما ملاك غامض دفع أي زائر إلى الانكفاء،
ليُتيح له فضاء الرهبة مدّ كفّه العملاقة إلى فم الزوج ليخنقه، تخويفاً
وتمهيداً لنذر الرحيل، كما تجلّى في مشهد كابوس جورج المرتعب، الذي مَدّ هو
كفّه لاحقاً صافعاً خدّ آن (الممثلة إيمانويل ريفا، بطلة «هيروشيما حبيبي»
(1959) لمواطنها آلان رينيه) في مشهد جارح ومفاجئ، قبل انهياراتها الصحية،
المنتهية بشلل نصفي أقعدها نهائياً، وعجّل خيارات العجوز الملتاع بآلامها
وعتهها.
حوّل هانيكه التطفّل الخارجي إلى تهديد، ما دفع بطله إلى تعزيز حصانته
محوّلاً إياها إلى مسّ، طال حتى حمامة ضالة، غامرت واخترقت مملكتهما
المليئة بعناصر ثقافتهما العالية وطهارتهما. إنه موعود للقيام بمهمّة وجب
ألاّ يكون فيها شاهد سوى الله وملاكه، أداتها مخدّة وما تبقّى له من قوة،
ليُتِمَّ قراراً عصياً خالياً من الندم: قتلها. هذا الموت الرحيم تتويج
لتفانيه على مدى ثمانين عاماً، قضاها في حياة خلاّقة، برفقة محبوبة لن تخطف
أنفاسها سوى ذراعيه. هذا الفعل العنيف حقّق مراده في إثارة دهشة مشاهده،
ليس في تنفيذه بل في العزم المفاجئ لجورج بإكرام آن برحيل منصف وأخلاقي،
أنهى مهانات خبلها وسلس بولها وجمود أطرافها.
«حبّ» بحث سينمائي في مفهوم القرار الشخصي، يُذكّر بما شعّ به «أن
أحيا» (1952) للياباني أكيرا كوروساوا، حول القرار الصعب لبطله العجوز في
الإحتفاء بقرب موته، منتقماً من بيروقراطيته وسقوط الذمم من حوله ببناء
حديقة ألعاب لأطفال حيّ فقير في طوكيو ما بعد الحرب. قتل جورج امرأة حياته
حباً بتجانسهما، بينما قتل كينجي واتانابي خوفه من زحف الموت بتجديد وعد
الحياة. إنها ضروب المحبة الخلاّقة.
السفير اللبنانية في
31/05/2012
حصاد مهرجان كان 2012
أحمـــد عــاطــــف
اتسمت الدورة الخامسة والستون لمهرجان كان السينمائي التي انتهت الأحد
الماضي بأنها دورة الأفلام التي تتحدث عن الحب وتناقش صوره المختلفة
وتجلياته علي اختيارات القسم الرسمي للمهرجان. وجاء علي رأسها جميعا فيلم(
حب) للمخرج النمساوي مايكل هاينكاه. ويحكي عن قصة اختبار يتعرض له حب زوجين
في الثمانين من عمرهما عندما تصاب الزوجة بجلطة في المخ وتفقد القدرة علي
الحركة. وكأنهما ولدا من جديد, يتحول الزوج الي ممرض لزوجته بالمنزل بعد أن
وعدها ألا يعيدها إلي المستشفي مرة أخري. وفي رحلة الآلم والمساندة, يستعيد
الزوجان كل لحظات الحب الجميلة بينهما والتي تمتلئ بالكثير من اللحظات
الرائعة خاصة وانهما مدرسان للبيانو في باريس. يحاول الزوج أن يملأ أيام
زوجته الأخيرة بالامل والكرامة ويخبرها كم هي جميلة. لكن صحة الزوجة تنهار
سريعا وتفقد ذاكرتها وتتجمد مشاعرها وأي اثر آخر لحبهما الذي دام نصف قرن.
لا يستطيع الزوج العجوز تحمل الموقف ويكاد يجن حتي يخنق زوجته المريضة في
النهاية. هانيكاه كعادته يصور حالة العدمية والخواء الروحي التي وصل إليها
الانسان في الغرب. حيث لم يحتمل الرجل أن تتحول محبوبته الي شبح فقتلها.
الايراني عباس كيار وستامي قدم في فيلمه( مثل شخص يقع في الحب) التي تدور
أحداثه في اليابان حول علاقة تربط بين فتاة شابة غير سوية وكاتب طاعن في
السن. أحد القوادين يرسل الفتاة للرجل وتذهب له مانحة نفسها لكنه يتجاهل
ذلك, ويجعل كل همه أن تهتم به كما هو منجذب لها. يوصلها لدراستها بالجامعة
ويضطر للكذب علي شاب يريد الزواج منها, حتي يكتشف هذا الشاب الحقيقة ويقوم
بضرب الفتاة بعنف, يقدم الفيلم قسوة الوحدة علي رجل عجوز وكيف دخل الحب
قلبه رغم مهنة الفتاة. ليؤكد كيار وستاني أن الاحتياج للحب يفوق ما سواه
لدي الانسان. أما الفيلم الفرنسي الصدي والعظم فيقدم علاقة حب شديدة
التناقض بين امرأة جميلة تعمل مروضة درافيل وملاكم متبلد المشاعر. يحاول
الملاكم أن تكون لديه حياة طبيعية مع الناس بتربيته لابنه الصغير الذي لا
يتجاوز الخامسة, لكن ظروفه الصعبة تمنعه. تفقد المرأة ساقيها في أحد عروض
الدرافيل, ويجد الملاكم نفسه منجذبا لها أكثر بل ويدفعها لمطارحته الغرام.
شيئا فشيئا تتمكن السيدة من اقناع الملاكم بضرورة التخلص من همجيته وتعلمه
الكثير من القيم النبيلة في الحياة أهمها قدسية الحب وضرورة الحفاظ عليه.
الحب في هذا الفيلم يتجاوز الحدود الجسدية ويصبح وسيلة لارتقاء الانسان.
ويؤكد أن أصحاب الاحتياجات الخاصة قد يمتلكون حبا يغير من حياة أصحاء
الجسد. ومن أجمل الأفلام التي توقفت أمامها شخصيا كان فيلم( هيمنجواي
وجيلهورن) عن قصة الحب الاسطورية بين الكاتب الامريكي الاشهر أرنست
هيمنجواي ومواطنته الكاتبة الصحفية مارتا جيلهورن, أجواء الفيلم الساحرة
تدور في أربعينات القرن الماضي حيث تشتعل الحرب العالمية الثانية. تتوج قصة
الحب من البداية بالزواج لنري كيف يكون الحب بين الاذكياء أثناء وقت صعب من
تاريخ البشرية. الساحة بينهما ممتلئة هي الأخري بحروب من الصعب الخوض فيها
أو مناقشتها عن علاقة الرجل بالمرأة, عن حرية المرء في زمن الفاشية, وعن
كيفية مواجهة الشر الكامن بداخل نفوسنا. لكن المذهل أن تلك الصحفية قوية
الشخصية قررت ان تعيش ظلا للكاتب الاشهر رغم تواجدهما معا في كل المنتديات
الراقية بدءا من البيت الابيض حتي أروقة هوليوود. ويظهر الفيلم أن حب
الاقوياء له مذاق حارق أحيانا. وقد تألقت نيكول كيدمان في دور جيلهورن
وقدمت مزيجا من الرقة والتحدي. واستعاد المخرج فيليب كوفمان بريقه وفهمه
للحب الذي تميز به فيلمه الأشهر( خفة الحياة التي لا تحتمل) عن رواية ميلان
كونديرا. الروماني كرستيان مانجيو قدم قصة حب محرمة بين فتاتين في فيلمه(
فوق التلال). تربت الفتاتان في احد الملاجئ والتحقت إحداهن بأحد الأديرة
حيث تدور أحداث الفيلم. تأتي الأخري الاكثر عنفا من رحلة غامضة ليتم
استضافتها علي مضض في الدير. وعلي الرغم من أن الفيلم تحاشي بشكل مباشر
إظهار حقيقة العلاقة بين الفتاتين, الا ذلك الحب المرضي من الزائرة للراهبة
يدمر الدير كله بل يجعل القسيس وعددا من راهبات الدير يتعرضون لدخول السجن
في نهاية الفيلم بسبب موت تلك الزائرة في ظروف غامضة. إننا هنا بصدد الحب
المرضي الذي يهدم الكل أمامه ولا يصل إلا للموت. أما الفيلم الفرنسي(
الامتناع) فهو يتحدث عن حب شديد الصعوبة بين شاب أسود من أصول إفريقية وبين
فتاة من أصول مغاربية يقف مجتمع عرب فرنسا خاصة الأخ الأكبر للفتاة ضد أن
يتحول الحب الي زواج, ليواجهنا الفيلم بقضية أكثر صعوبة هي هل من يتعرض
للاضطهاد يتحول يوما ما ويصبح ظالما؟ المخرج نفسه من اصول جزائرية وسودانية
معا قد عاش حياته متعرضا لنفس الأسئلة التي طرحها بالفيلم الذي صنعه بدون
تمويل وبشكل مستقل تماما. وعلي الرغم من عرضه في قسم( نصف شهر المخرجين)
الهامشي حصل الفيلم علي جائزة الاتحاد الدولي للنقاد بسبب طرحه المتجدد
واظهاره باريس بصورة شديدة البكارة.
<<
الأطياف تخرج من الكلمات:
كانت الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية أحد أهم ظواهر المهرجان هذا
العام. ففي المسابقة الرسمية وحدها حضرت ثمانية أفلام مأخوذة عن روايات,
بالاضافة الي فيلم واحد مأخوذ عن مسرحية هو أنت لم تر شيئا بعد للفرنسي
آلان رينيه. ومن المعروف أن السينما قد اعتمدت منذ بداياتها علي الأدب قبل
أن ينفرط العقد ويذهب كل منهما الي حال سبيله, لتظهر كل فترة زيارة خاصة من
عالم الأطياف الي عالم الكلمات المكتوبة. وقد أصبح الفن السابع يلجأ الي
الأدب عندما يكون الكتاب من أكثر الكتب مبيعا. وهكذا كان الحال هذا العام
مع رواية علي الطريق لجون كرواك التي يلتف صناع السينما حولها منذ عام.1957
حتي كرواك عرضها بنفسه علي مارلون براندو حتي اشتراها كوبولا عام1969
لتستقر هذا العام بين ايدي المخرج البرازيلي والتر سالاس. وقد نجح الي حد
كبير في ترجمة روح( أعوام النبض) وارضاء حراس الرواية الأحياء. أما آلان
رينيه فقد استخدم مسرحية جان أنوي الشهيرة أوريديس لكي يحكي عن أشياء شخصية
جدا بالنسبة له. وظهرت إيضا هذا العام بقوة الروايات البوليسية الامريكية
المسماة( نوار) من خلال فيلمي القتل ببطء عن( الفن والأسلوب) لجورج هيجنز,
ورجال بلا قانون عن( من أجل قطرات من الكحول) لمات بونديرانت. وفي قسم نظرة
ما قدم مخرج من كازاخستان هو أمير نزار باييف معالجته لرواية دستويفسكي
الشهيرة( الجريمة والعقاب). وفي قسم نصف شهر المخرجين قدم الصيني هونج جينج
هو رؤيته لرواية العلاقات الخطرة لكوديرلوس دي لاكلو. وعرض فيلم رسوم
متحركة( مغامرات أرنست وسيليستين) عن رواية نفس الاسم لجابرييل فانسون. أما
فيلم ختام المهرجان عن رواية فرانسو مورياك الرائعة( تيريز ديكيرو). لكن
يظل فيلم( كوزموبوليس) متميزا فكان ديفيد كرونبرج أحد أفضل الأفلام هذا
العام وهو مأخوذ أيضا عن رواية بنفس الاسم للكاتب الامريكي دون دي ليلو.
وقد أعرب الكاتب عن سعادته الكبيرة بطريقة كروننبرج في التعامل مع عمله
الأدبي. وقال الأخير إنه كتب سيناريو الفيلم في ستة أيام فقط بسبب روعة
الرواية ودقة الحوارات في التعبير عن مكنون الشخصيات.
ليفي: قسم طبرق لم يجذب الأنظار لـ ليفي
لم يتمكن الصحفي والفيلسوف الصهيوني برنار هنري ليفي أن يجذب إليه
الأنظار كما كان يخطط في مهرجان كان السينمائي, حيث عرض فيلمه التسجيلي(
قسم طبرق) في اليوم قبل الأخير للمهرجان بعد أن رحل أغلب الصحفيين, ولم
تهتم به القلة الباقية عندما ظهر أمام الكاميرات بمهرجان كان في مشهد عبثي
مع اثنين يخفون وجوههم بالعلم السوري قال عنهم إنهم من الثوار!! وفي سابقة
غريبة, أقام المهرجان المؤتمر الصحفي لـ ليفي قبل عرض الفيلم وليس بعده.و
لم يقل ليفي الكثير بالمؤتمر مثل الذي قاله في حواره الحصري مع الإندبندنت
البريطانية ودعا فيها بلا مواربة إلي تدخل الغرب في سوريا وأكد ذلك ضمن
أحداث الفيلم.وأضاف أن هدف فيلمه الذي يتناول الثورة الليبية أن يري الغرب
كيف نجح نموذج التدخل في ليبيا فيكرروه في سوريا, وقدم الفيلم حوارات مع
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري
كلينتون, وأضاف: لا أعرف هل سيستجيب الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا أولاند
لدعوتي من أجل سوريا أم لا, وقالت مجلة هوليوود ريبورتر عن الفيلم: به
الكثير من التفاصيل الإخبارية التقليدية ويفتقد اللغة السينمائية, ليفي
أحضر يهوديته في الجدال الدائر في ليبيا من خلال زاوية عرقية ملتهبة, فصنع
في الفيلم متوازيات لا تنتهي بين الصهيوينة والنضال من أجل تحرير ليبيا.
الأهرام اليومي في
30/05/2012
كان ياما كان.. وخرج فيلمنا من مهرجان كان
ياسمين كفافي
هو "باسم السمرة".. أحد البلطجية الذين شاركوا في نزلة السمان:
وهي "منة شلبي" فتاة شاركت في الثورة وناشطة قررت النزول إلي الشوارع
لعمل بحث ميداني لكشف ما يحدث في الواقع.. تقابل البلطجي وتحتقره ثم تقع في
حبه بعدما فهمت حقيقة انه ضحية..
ضحية للفقر والجهل. ضحية للظروف السيئة والقمع الذي دفع ب "خيال" مدرب
خيول إلي النزول إلي موقعة الجمل بغرض إعادة حركة السياحة بعدما أوهمه
الأمن أن الثورة سبب "قطع عيشه".
هذه ببساطة فكرة فيلمنا المصري "بعد الموقعة" للمخرج الكبير يسري نصر
الله الذي سبق وقدم باب الشمس وجنينة الأسماك واحكي يا شهر زاد نصر وقام
بكتابته عمر شامة.
بعد الموقعة هو الفيلم المصري الأول الذي شارك في المسابقة الرسمية
لمهرجان كان بعد غياب خمسة عشر عاما منذ مشاركة فيلم "المصير" للمخرج
الكبير الراحل يوسف شاهين.. الفيلم عاد ب "خفي حنين" بلا جوائز وأن كان
مجرد دخوله إلي المسابقة الرسمية شرف لا يمكن إنكاره.. إلا أننا سنحلل
ببساطة عدم فوزه وكيفية الحفاظ علي التواجد المصري في كل عام وليس فقط مرة
كل خمسة عشر عاما وهل ستظل شفرة مهرجان كان في يد يوسف شاهين وتلاميذه فقط
ومتي سيتمكن كل مخرج مصري من المشاركة في كان وأيضا الحصول علي الجائزة
الكبري خاصة وأن مصر صاحبة ثاني أقدم سينما في التاريخ بعد انجلترا.
"الجمهورية الاسبوعي" التقت نقادا كبارا ومخرجين سبق لهم الذهاب
للمهرجانات للإجابة علي سؤال.. هل ستظل مصر بعيدة عن جوائز كان؟
شحاذون ونبلاء
المخرجة الكبيرة أسماء البكري صاحبة فيلم شحاذون ونبلاء الذي نال
العديدمن الجوائز قالت:
الفيلم لم يعرض بعد علي المشاهد المصري ليحكم بنفسه علي عيوب ومحاسن
العمل إلا أن اختياره في المسابقة الرسمية لم يأت اعتباطا فالفيلم بالتأكيد
يحمل فكراً خاصاً وإلا ما كان سيصل لهذا المهرجان..
وأضافت: يسري نصرالله مخرج مبدع وكل عمل له فيه "حاجة" خاصة تجذب إليه
أي مهرجان محترم.
برد يناير
المخرج الشاب روماني سعد الذي نال عدة جوائز عن فيلمه برد يناير قال:
إن النقاد في المهرجانات الكبيرة ولجان التحكيم الكبري يبحثون في أي
فيلم عن عدة نقاط أساسية وهي القضية التي يطرحها واسم المخرج حتي لو كان
الفيلم به رؤية مختلفة أو حتي غامضة قد تتغاضي لجنة التحكيم عنها ارضاء
للمخرج ولأن رؤيته قد تكون مستقبلية..
بالنسبة لفيلم بعد الموقعة تطل قضية الثورة المصرية كواحدة من أهم
القضايا التي تجذب لجان التحكيم الدولية لأفلامنا حاليا كما يجب مراعاة
جودة تقنية الفيلم في طريقة التصوير والطبع حتي لا ترفضه اللجنة كما حدث مع
العديدمن أفلامنا..
وحول حصول "بعد الموقعة" علي تقييمات غير جيدة من لجنة التحكيم في
مهرجان كان هذا العام وأن هناك اتفاقيات وتربيطات غير معلنة بين صناع العمل
وإدارة المهرجان.. ولا يمكن أن ننسي أن النقد ليس له مقياس بل هي وجهة نظر
فيمكن أن يري ناقد ما الفيلم جيدا ويرفضه ناقد آخر وهكذا.
هجوم الصحافة
الناقد الكبير رفيق الصبان:
الفيلم كان من الواضح أنه لن يكسب بسبب هجوم الصحافة العربية
والأجنبية علي الفيلم وكان هناك تركيز علي نقاط ضعف هي أن السيناريو مفكك
وضعيف وقصة الحب بين الناشطة السياسية "منة" والخيال "باسم السمرة" مرتجلة
وغير مقنعة ولا يوجد رابط بينها وبين الأحداث أما نقاط القوة في الفيلم
فكانت في الربط بين المشاهد التسجيلية وأحداث الفيلم نفسه.
ويؤكد الصبان أنه طالما أن باب المسابقة الرسمية في مهرجان كان فتح
لمصر فيمكن أن تتكرر المشاركة حتي لو كانت الفكرة بعيدة عن فكرة الثورة
التي تستهوي الغرب حاليا لأن السينما في مصر يعود تاريخها لمائة عام وليس
من المعقول أن تكون ثورة 2011 سبب دخولها للمهرجانات وكأننا مسحنا تاريخ
السينما المصرية.
يضيف: يجب أن نطرح قضايا المجتمع المصري ومشاكله في السينما التي
تمثلنا في المهرجانات الدولية.. كما دخلنا مسابقة مهرجان "كان" من قبل علي
يد صلاح أبوسيف ب "شباب امرأة" وبركات بفيلم الحرام وكمال الشيخ بفيلم
الليلة الأخيرة وأكد الصبان أن مشكلة التقنيات سببها ارتفاع مستوي
التكنولوجيا في العالم وهو أمر ممكن تداركه باستديوهات حديثة تحاول العديد
من الشركات ايجادها في مصر حاليا.
ويري الصبان أن هناك أملا في المخرجين أصحاب الأفلام القصيرة الذين
ظهروا في الفترة الأخيرة ورفض الصبان فكرة أن عدم نيل الفيلم جوائز قد يكون
وراءه مؤامرة من اللوبي الصهيوني في كان مؤكدا العكس لأن هيام عباس بطلة
أولي أفلام يسري نصرالله باب الشمس عضوة لجنة تحكيم في المهرجان وهو ما
سيدفعها للدفاع عنه.
الناقدة ماجدة خيرالله دافعت عن الفيلم بقوة وقالت:
المسابقة بها اثنان وعشرون فيلما تم اختيارهم بعناية من آلاف الأفلام
وتضم القائمة فطاحل الإنتاج والإخراج والتمثيل وحتي المخرج الكبير عباس
كيروستامي لم ينل درجات كبيرة.. المنافسة هنا مع أهم مخرجي العالم والنتيجة
فيلم واحد سينال الجائزة ويكفينا شرف دخول مصر في المسابقة والاختيار لن
يجامل مصر فلو كانت لدي المهرجان نية مجاملة لماذا لم يجامل مصر من 15 سنة
أما لو كان الغرض مجاملة الثورة فكان يمكن عرض الفيلم ضمن "مسابقة نظرة ما"
وليس المسابقة الرسمية. وهناك العديد من النقاد الذين أشادوا بالفيلم وعدم
نيله جائزة لا يعني أن الفيلم سيئ ففيلم النجم براد بت لم ينل أي جائزة.
وأكدت ماجدة أن اللوبي الصهيوني لو أراد كبح السينما المصرية لما أدخل
الفيلم المسابقة من الأساس للأسف العالم في الخارج لا يشعر بنا أساسا..
ويجب علينا أن نحتفل بالفيلم ولا نهاجمه.. وأكدت ماجدة أن المستقبل غامض
لأن ظروف البلد نفسها سيئة وبالتالي السينما تمر بنفس الظروف والأمل دائما
موجود في استمرار التواجد المصري في المحافل الدولية والدليل أن بعد
الموقعة صعد للعالمية وسط اسوأ الظروف الانتاجية والأمنية.
الفنان الشاب عمر السعيد الذي سبق وشارك في فيلم المسابقات 678 مع
باسم السمرة قال الصحافة الغربية أشادت بالنجم باسم السمرة وأنه كانت هناك
منافسة شديدة جدا فالعالم بأكمله يعرض أفلامه هناك ولا يزال الأمل موجودا
في مهرجانات أخري فمهرجان كان ليس نهاية المطاف للفيلم.
الجمهورية المصرية في
31/05/2012
أفلامجي
يسري نصر الله والمنتج الصهيوني
أحمد بيومي
في البدء يجب التأكيد علي وجوب عدم السماح لأي شخص
بالمزايدة السياسية أو الوطنية أو الدينية علي شخص آخر
يخالفه الرأي والفكر.
أما بعد
، أثار قبل أيام الزميل الناقد احمد عاطف علي
صفحات
»الأهرام« عددا من مواقف جورج مارك بنامو المنتج المشارك في فيلم يسري
نصرالله الأخير »بعد الموقعة«، الذي اعاد مصر من جديد إلي المسابقة الرسمية
لمهرجان كان السينمائي العريق بعد مشاركات وهمية تمثيلية طوال سنوات مضت.
بنامو يروي عنه عشرات المصريين المقيمين في فرنسا مدي عداوته لكل ماهو
عربي، وكيف لعب دورا هاما في سياسة ساركوزي العنصرية تجاه العرب. وعلي
الرغم من ذلك، شارك بنامو في انتاج اول فيلم روائي عن الثورات العربية،
وأعرب في كل وسائل الاعلام الغربية عن مدي سعادته بالربيع العربي!. الخبر
السابق لايقل خطورة عن الخبر اللاحق المتعلق بشراء اسرائيل حق العرض الأول
للفيلم في تل ابيب.
وهو الأمر الذي علق عليه
يسري نصرالله من موقعه في كان بالرفض، وأبدي اعتراضه علي عرض فيلمه في اسرائيل،
لكن امتغاضه ورفضه الأدبي الدبلوماسي لن يغير شيئا علي الأرض،
وتنتظر اسرائيل نسخة الفيلم لتبدأ في عرضه،
وفي نفس المؤتمر الذي أكد فيه علي رفض العرض في الدولة الصهيونية، أشار إلي
وجود أصدقاء له في اسرائيل.
حتي لا ننسي، يسري نصرالله كان واحدا ممن وقفوا في ميدان
التحرير ليلة 25
يناير،
وكما بدأت لا يمكن المزايدة علي أي شخص،
وآراؤه عن التوريث والفساد وما آل إليه حال البلاد
والعباد،
واضح ومعلن في كل حواراته الصحفية وأعماله الفنية
من قبل الثورة ومن بعدها.
يسري نصرالله قيمة كبيرة للفن المصري وهو
الوريث والابن الشرعي ليوسف شاهين، ويكفي لفيلمه الأخير أن اعاد الأمل للسينمائين
المصريين في قدرتهم علي المسير إلي أرفع المهرجانات العالمية.
وتبقي اشكالية اسرائيل والتطبيع والأفلام ذات الصبغة العالمية سواء من
ناحية التمثيل أو الانتاج أو حتي حقوق العرض، تبقي مشكلة قديمة-
جديدة، يجب ان نبحث لها عن حل حاسم قاطع.
الكل الآن مشغول بما
يحدث علي الساحة السياسية المصرية، ولا
يملك أي عاقل أدني شك، أن الديموقراطية التي تعيشها مصر الآن تمثل كابوسا
لدولة اسرائيل التي طالما رددت انها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
علي الجميع الانتباه من الباب الخلفي الذي حاولت وستظل اسرائيل تحاول
التسلل منه، باب التطبيع الفني والثقافي،
وعلينا جميعا التصدي بحسم وغلق هذا الباب قبل ان
يصبح الأمر عسيرا.
يسري نصرالله وكل طاقم الفيلم،
مطالبون فورا بإصدار بيان يحمل كل التفاصيل عن ما جري،
وعن مدي علمهم بالأمر من قبل أم لا، والخطوات
الملموسة التي يمكن بها تدارك ما حدث.
Ahmed.bayomy@gmail.com
أخبار النجوم المصرية في
30/05/2012 |