حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل خالد تاجا.. أنتوني كوين العرب

خالد تاجا: الرحلة الأخيرة في شوارع دمشق

وسام كنعان / دمشق

لم يكن يوم أمس يوماً عادياً بالنسبة إلى عاصمة الأمويين. حديث الشارع كان خبر رحيل نجم الدراما السورية خالد تاجا الذي شُيِّع من جامع الزهراء في المزة إلى مقبرة الزينبية (بالقرب من ساحة شمدين) في منطقة ركن الدين مسقط رأسه بحضور رسمي (وزير الإعلام عدنان محمود ونقيبة الفنانين فاديا خطاب) وفني وشعبي. وكان الفنان المخضرم قد نُقل من «مستشفى الشامي» في دمشق حيث وافته المنية مساء أول من أمس. لن نحتاج إلى أي عناء للوصول إلى المسجد الدمشقي. حالما تطلب من سائق الأجرة التوجه إلى المزة، يسأل إن كان القصد هو المشاركة في جنازة «أنطوني كوين العرب»، قبل أن يترك لنفسه فرصة سرد ذكرياته مع نجم «الزير سالم» وأدواره التي أحبها. قبل الوصول إلى مكان انطلاق الجنازة، سنفاجأ بحاجز لشرطة المرور التي قررت قطع الطريق. بعد خطوات قليلة، ستفاجأ أيضاً بحافلات مليئة بقوات الجيش السوري وبانتشار أمني مكثف عرفنا لاحقاً أنّ مرده خوف السلطات من تحوّل الجنازة إلى تظاهرة أو أعمال شغب.

وسط هذا الهدوء الحذر، خيّم الوجوم على وجوه الحشود التي كانت تنتظر انطلاق موكب التشييع. من بعيد، سنلمح بسام كوسا برفقة عباس النوري والممثل إياد أبو الشامات. وقفة حميمة كان بطلها خالد تاجا. يقول بسام كوسا لـ«الأخبار»: «ما كان يميز خالد تاجا هو تلك البراءة ولا أقصد العفوية واعتماد أدائه الساحر على ما تختزنه روحه وإنسانيته من جمال من دون التفاته إلى أي شيء جاهز. لذا فقد كان مبدعاً وماركة مسجلة يستحيل تقليدها». ويلفت الفنان السوري إلى أن الممثل عموماً يمنح درجات على الحضور، وقد حصد خالد تاجا أعلى درجات في حضوره أينما حل. وعن علاقته به كإنسان، يفصح كوسا: «لا أتذكر طوال السنوات التي عاصرته فيها ممثلاً وإنساناً أنّه تحدث عن أحد من دون أن يمتزج حديثه بشيء من الحب».

أما رفيق دربه الفنان المخضرم سليم صبري، فيقول لـ«الأخبار»: «اجتمعنا في الخمسينيات من القرن المنصرم. يصعب اختصار علاقتي بهذا الرجل لأنها دامت ما يفوق خمسين عاماً. مسيرة عنوانها النضال، ولا يمكن الموت أن يغيّبه؛ لأنه حفر مكانه عميقاً في وجدان رفاقه ووجدان جمهوره العريض. إنّه رفيق عمر وخسارته أكثر من فاجعة». فيما يكتفي الممثل عدنان أبو الشامات بشهادة موجزة عن الراحل، قائلاً إنّه كان بمثابة عراب حقيقي يحظى باحترام نادر من الجميع «لطالما رافقت الهيبة والوقار دخوله أي موقع تصوير».

وبينما يهمّ عباس النوري للحديث عن الراحل، يقطعه صوت المشيع وهو يعلن نبأ رحيل الفنان السوري فيما يعلو صوت أحدهم متذمراً من انتشار القوات الأمنية. هكذا، شقت سيارات التشييع طريق الرحلة الأخيرة للممثل الراحل في شوارع العاصمة التي عشقها وعاش فيها معظم سنوات عمره.

قطع الموكب الطريق محاطاً بجموع الجماهير التي وقفت لتحيي نجمها الكبير. كانت شرطة المرور تسهل حركة الموكب، وهو يشق طريقه بهدوء من أوتوستراد المزة مروراً بساحة الأمويين ثم بالقرب من حديقة السبكي وصولاً إلى ساحة الشهبندر، قبل أن يحط في ساحة شمدين حيث ترجّل المشيعون وساروا خلفه باتجاه المقبرة. هناك تجمهر أهله وأصدقاؤه وزملاؤه، وعلى رأسهم دريد لحام، وسليم صبري، ورياض نحاس، وغادة بشور ومجموعة من الممثلين الشباب بينهم مديحة كنيفاتي، وإسماعيل مداح، وعبد الرحمن قويدر، ولواء يازجي، والسيناريست الشابة لبنى مشلح، والموسيقي طاهر مامللي وآخرون. وقف أهالي الحي الشعبي بازدحام على جانبي الطريق المؤدية إلى المقبرة حيث ألقى غالبية الحضور نظرة الوداع الأخيرة. هنا أطل أحد أصدقاء الفقيد أيام طفولته وألقى كلمة مؤثرة قال فيها: «منذ سبعين عاماً ركضنا نحو الحاكورة ونهر يزيد، وها أنت اليوم تعود إلى سفوح قاسيون مسقط رأسك لترقد بهدوء وأمان وسلام (...) كل النوارس التي لوحنا لها سوية تبدو حزينة اليوم (...) وداعاً يا خالد». وبينما كانت عائلة تاجا تتلقى العزاء، لم يقو الكاتب السوري عبد النبي حجازي على الوقوف بعدما كتب ليلة أمس ملخصاً موجزاً عن علاقته بصديقه وشقيق زوجته خالد تاجا. أما الفنان دريد لحام فقال لـ«سانا» إنّ «الراحل لم يبتعد عن القضايا الوطنية والقومية وأعماله الوطنية شاهد على ذلك»، فيما قالت منى واصف: «إنه رفيق عمر. أقول له وداعاً خالد تاجا، ستترك أثراً لن يغيب عن حياتنا وفننا».

الفراغ والخسارة يبدوان كبيرين. والمؤكد أنّ أحداً لن يستطيع سد الفراغ أو تعويض الخسارة بعدما ترجّل «الحارث ابن عباد» عن فرسه ليضيق الخناق أكثر على الدراما السورية هذا الموسم، وهي تفقد برحيله أحد أعمدتها وأبرز ممثليها وأكثرهم موهبة وشهرة وجماهيرية.

رحيلك غصّة

صادف يوم رحيل خالد تاجا عيد ميلاد المخرج سيف الدين السبيعي والسيناريست فؤاد حميرة. الأول رد على كل من عايده عبر فايسبوك بالقول: «فرحتي بيوم مولدي ترافقت مع غصة في القلب، ودمعة بالعين. صحيح أنني أعرف أن خالد تاجا مريض (...)، لكنني كنت آمل أن لا يأخذ هذا القرار ويرحل». أما فؤاد حميرة، فكتب: «هل هي الصدفة الغريبة أنك تموت يا خالد في ذكرى مولدي؟ (...) كيف أحتفل بعد اليوم بميلادي؟ لو أنك أجّلت رحيلك ساعات لينبلج فجر يوم جديد. حتى في هذيانك، تصر على أن تصبح شريكي كما كنا في «الحصرم الشامي». رحيلك غصة خالد».

الأخبار اللبنانية في

06/04/2012

 

يقولون إنك مت

زياد عبدالله 

يقولون إنك مت يا خالد. إنها شائعة يسهل تكذيبها. أنت في تخدير عام وقد أقنعوك للمرة الأولى بأنه لا يشبه الموت، وكم كنت تكرهه حين لم تقبل إلا بتخدير موضعي، ورحت تراقب على شاشة كل ما كان يفعله الأطباء بجسدك في روستوك. أنت يا من قتلت المرض مرات، سددت له ضربات قاضية، إلى أن استقر في رئتك فرحت تمطره بوابل من السجائر حتى آخر ذرة أوكسجين.

ما زلت ملاكماً يدخن «غولواز» أصفر كعادتك، و«سائق الشاحنة» الذي يعشق عرق «الريان»، العاشق ذو الجهوزية الأبدية للغرام والتهام الحياة. أدوار كثيرة لم تؤدها، وما زال الحلم وارداً بأن تجسد «جلجامش» وإن كان الخلود بالمتناول. ما زال «دونكي خوته» ينتظر أن تجسده ولم أعد أتخيله إلا أنت بجسدك المترامي وصوتك القوي المجلجل وتلك اللهجة الدمشقية المرنمة. إنه أنت تماماً وأنت تخوض حروباً يومية مع طواحين الهواء لأنك تؤمن بالحلم، وتحقيقه ليست إلا مسألة وقت. الوقت «ضريح الآمال والرغبات كلها»، الوقت الذي كنت تطبق عليه بيديك فيتسرب من بين الأصابع لتقول كما ماكبث: «الحياة ظل يمشي، ممثل مسكين، يتبختر ويستشيط ساعته على المسرح، ثم لا يسمعه أحد، إنها حكاية يحكيها معتوه، ملؤها الصخب والعنف».

أقع على شكسبير في بيتك في دمر، يمشي بحذر على رؤوس الأصابع بين الانتيكات والتحف، تسأله إن كان الحارث بن عباد كما كتبه ممدوح عدوان فيه شيء من هاملت، مات ممدوح وها أنت تفعل الشيء نفسه ولم تقدما «مأساة لير». ثم إن السينما السورية لم تعد أبداً كما كانت حين اقتحمتها في عز عطائها، وكنت «الفهد» وواحداً من «رجال تحت الشمس»، وأكثر من 20 فيلماً انتاج القطاع الخاص، يوم كنت «البطل النقيض» على الدوام وأنت ترفع حاجبك كما توفيق الدقن.

ثمة عداء بينك وبين «الماكير» وأنت تنتقل من دور إلى آخر، ولا تريد لأدائك أن يشبه آخر، لدرجة كنت تريد أن تتخلص فيها من شكلك ووجهك، ولا ينجح «الماكير» في فعل ذلك، كنت تجد في ما تصنعه أمام الشاشة شيئاً يشبه ما يجيب به نجنسكي حين سؤاله عن كيف يقفز ويدور سبع دورات في الهواء: «لا أعرف، أقفز في الهواء، أعد الدورات فأصل الرقم سبعة فأتوقف وأعود إلى الأرض».

واحد، اثنان، ثلاثة. أتذكر كل من كنت تحبهم، وأنت تلتقي بهم الآن، قد تقول لستانيسلافسكي أنا مثلك «أنا أشعر إذن أنا أفكر». أربعة، خمسة. قد تلتقي ممدوح عدوان وتشرب نخب سوريا الحزينة المفجوعة على أمل وغد مشرقين. ستة، سبعة، وعداد الأموات يتواصل، والموت سوري بامتياز، ولهذا رضيت أن تموت، وصعدت مع عشرات السوريين الذين يصعدون يومياً إلى السماء.

الأخبار اللبنانية في

06/04/2012

 

في رحيل خالد تاجا

فجر يعقوب 

رحل الممثل السوري خالد تاجا بعد معاناة مع المرض. الممثل الذي أطل من بوابة السينما في أول فيلم روائي سوري طويل أنتجته «المؤسسة العامة للسينما» مطلع ستينات القرن العشرين، بتوقيع مخرج يوغوسلافي، أكمل حياته المهنية والفنية في الدراما التلفزيونية من دون أن يخالطه شعور بالأسى، اذ كان يعود من البوابة الأولى التي أطل منها بين الفينة والأخرى، وهو يعي أنها لم تعد تلك البوابة التي تمثل الحصن أو الملجأ لممثل مهما كان يملك من طاقات تعبيرية أو استثنائية.

وإذا كان النجم الراحل عرف بلقب انطوني كوين العرب بعدما خلعه عليه الشاعر الراحل محمود درويش بما يشبه الدعابة، فإن هذا لم يكن ليزيد أو ينقص في اندفاع هذه الموهبة الاستثنائية وحجمها، وهذا أيضاً - ربما - أدركه تاجا ببداهة الممثل، فكان يقابل ذلك بابتسامة كما يعرف عنه المقربون منه. وتاجا الذي عمل في مسلسلات درامية كثيرة شكلت انعطافات في مسيرة الدراما العربية، وليس السورية فحسب، وجد نفسه للأسف في محنته الصحية أخيراً «طريد» مواقع التواصل الاجتماعي وفضائيات تلفزيونية ساهمت في نشر الذعر والبلبلة في صفوف أهله ومحبيه حين تناقلت إشاعة وفاته وزادت فيها لجهة الأسباب التي أدت إليها من غير أن تعمل حساباً أخلاقياً لما يمكن أن يترتب عنه ذلك الأمر. ما يعني أننا سنقف دائماً أمام الصدمة التي يمكن أن تنشأ عن نقل خبر كاذب لمجرد الإثارة، وكأن الأمر لا يتعدى سوى قراءة خبر يمكن تكذيبه في اليوم التالي بكل بساطة، من دون الالتفات إلى الآثار الجانبية التي يمكن أن يتركها خبر لئيم من هذه النوعية وبهذا الثقل.

وبالتأكيد، لن تتوقف هذه الأخبار عن شيوعها بين الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي أولاً، والفضائيات التلفزيونية ثانياً، وكأن ثمة حلفاً غير معلن هنا يتقصد الاساءة المتعمدة ليس لشخص بعينه، وإنما لمجموعات من الناس تدرك عن وعي أن هذه الشخصية تمثل إجماعاً أخلاقياً وجمالياً ووجدانياً لا ينبغي المساس أو الاستخفاف به لمجرد «تغول اشهاري» تعكسه هذه المواقع مع التهديد الذي أخذت تمثله للقيم الجمالية والتحولات التي قد تترافق مع ولادة انسان جديد مختلف كلياً عن الانسان الذي نعرفه وصنعت ذائقته من جانب وسائط أصبح كثير منها في ذمة التاريخ الآن.

خالد تاجا الذي رحل بعدما عرف شهرة تلفزيونية واسعة لم يكن ممكناً تأمينها سينمائياً في بلد لا ينتج السينما المتعارف عليها، لن يكون وحيداً في مواجهة مثل هذا «الاستبداد» الذي تمثله الوسائط الاعلامية الجديدة، وهي تنتقم لنفسها من قيم وجماليات لم يكن ممكناً التسامح معها لأنها تقف على نقيض مسميات جديدة سنتعرف اليها باسم مواقع التواصل الاجتماعي، والفضائيات التي لم تقف باحترام أمام ممثل كان يملأ شاشاتها بكل ما هو ممتع وأنيق.

الحياة اللندنية في

06/04/2012

 

رحيل خالد تاجا.. رجل الأدوار المركبة

كتب على قبره: «مسيرتي حلم من الجنون.. كومضة شهاب.. زرع النور بقلب من رآها.. لحظة ثم مضت»

دمشق: هشام عدرة  

فقدت الساحة الفنية العربية أول من أمس، الفنان السوري خالد تاجا، عن 72 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، حيث تعرض الراحل لأزمة صدرية حادة أصابت رئتيه منذ أسبوعين، مما استدعى نقله بشكل طارئ إلى مستشفى «الشامي» في دمشق.

وكان خبر وفاة الفنان الراحل قد انتشر على سبيل الشائعة نهاية الشهر الماضي، وتناقلته معظم وسائل الإعلام العربية قبل أن يتم التثبت من صحته، مما أثار الكثير من الغضب في أوساط عائلته وأصدقائه، وذلك بالتزامن مع تناقل أخبار تفيد بأن الفنان الراحل مريض بسرطان الرئة، الأمر الذي نفته عائلته في حينها أمام وسائل الإعلام، إلا أن الكثير من الفنانين المقربين من الراحل أكدوا ذلك.

ثم سرت شائعة أخرى في مطلع أبريل (نيسان) الحالي تفيد بنقل تاجا إلى الأردن لتلقي العلاج في «مركز الحسين الطبي»، كما نقلت وسائل إعلامية نبأ وصوله إلى الأردن واستقبال حافل جرى له هناك، إلا أن هذا الخبر تبين عدم صحته في ما بعد.

وكانت معالم المرض بدأت بالظهور على الفنان الراحل مطلع العام الحالي، مما اضطره للاعتذار عن تصوير مسلسل «سيت كاز» مع المخرج زهير قنوع، وكان سبب الاعتذار برودة الطقس في موقع تصوير المسلسل بجنوب سوريا، مما تسبب له في وعكة. وابتعد تاجا عن العمل الفني مدة اثني عشر عاما لظروف صحية خاصة، وعند عودته للعمل قدم أكثر من 100 مسلسل تلفزيوني بعد أن كان رافضا للعمل في التلفزيون الذي كان ناشئا قبل عودته للعمل ممثلا، ومن أعماله التلفزيونية: «آخر أيام التوت»، «دنيا»، «ليس سرابا»، «نساء بلا أجنحة»، «يوميات مدير عام»، «إخوة التراب»، «تمر حنة»، «الدغري»، «غزلان في غابة الذئاب»، «قاع المدينة»، «التغريبة الفلسطينية»، «أيام شامية»، «الفصول الأربعة»، «الزير سالم»، «بقعة ضوء»، «الحصرم الشامي»، «أهل الراية»، «حاجز الصمت»، «زمن العار»، «عش الدبور»، «أبو جانتي ملك التاكسي»، «الزعيم».

وقبل دخوله المستشفى كان تاجا أحد المشاركين في مسلسل «الأميمي» مع المخرج تامر إسحق إضافة إلى ارتباطه بالجزء الثاني من «أبو جانتي ملك التاكسي» و«سيت كاز». وبحسب وكالة «سانا»، فتاجا كتب على قبره: «مسيرتي حلم من الجنون، كومضة شهاب، زرع النور بقلب من رآها، لحظة ثم مضت» الذي حضره لنفسه تاركا تاريخ الوفاة شاغرا ليملأ بتاريخ الرابع من أبريل 2012.

والراحل خالد تاجا انطلق كأبناء جيله في خمسينات وستينات القرن الماضي من المسرح ليستقر في التلفزيون مع نشاط لا بأس به في السينما، وذلك بما ينسجم مع حركة الأفلام السينمائية في سوريا، حيث ينحصر الإنتاج في المؤسسة العامة للسينما. وحسب العديد من المهتمين والمتابعين لمسيرته الفنية، فإنهم يعتبرونه فنانا شاملا باتجاهين، فهو يجيد تأدية جميع الأدوار الصعبة والمركبة وكذلك العادية، فقد نجح في تقديم الشخصيات الكوميدية والاجتماعية المعاصرة في مسلسلات كثيرة، كان فيها الرجل القوي والأب القاسي والمسؤول الكبير الذي رغم نظافة يده، فإن عاطفة الأبوة تتغلب على شخصيته العملية ليفسد ابنه عليه المسؤولية والحياة، كما شاهده المتفرج العربي في آخر مسلسل له وهو «غزلان في غابة الذئاب»، كما لا يزال المشاهد يتذكره في يوميات مدير عام، حيث الدور الكوميدي الساخر، وفي مسلسلات أخرى أدى بإتقان إلى حد الدهشة الكوميديا السوداء.. إنه فنان سوريا الشامل خالد تاجا.

وعلى الرغم من أنه يعشق تقديم الأدوار السوداوية، فإنه يحب الأعمال الكوميدية، ولكن «الكوميدية السوداء» كما هي حال دوره في مسلسل «أيام الولدنة» الذي كان اسمه أثناء تصويره «بين الأرض والسماء»، ولكن بسبب خلاف بين المخرج مأمون البني من جهة، والكاتب حكم البابا والجهة المنتجة من جانب آخر، تم تغيير الاسم مع إجراء «عمليات قيصرية» له، فجاء مشوها، ولذلك لم يرض عنه تاجا بعد عرضه على بعض الفضائيات العربية.

وكما أجاد تاجا في الأدوار الكوميدية والاجتماعية، أجاد في تقديم الشخصيات التاريخية، حتى إن الشاعر الفلسطيني المعروف محمود درويش عندما شاهده يؤدي دوره في مسلسل «الزير سالم» لقب خالد تاجا بـ«أنطوني كوين العرب» وعندما سئل عن رأيه في هذا اللقب وهل أعجبه، قال: «هذا شرف كبير أن أحمل تشبيها بأنطوني كوين على الرغم من أن أنطوني كوين لا يشبهه أحد، وأنا لا أحد يشبهني، فكل واحد له عالمه».

وما زال المشاهد العربي أيضا يتذكر عشرات الأدوار التاريخية التي قدمها تاجا وكان آخرها دوره المميز في «ملوك الطوائف»، حيث قدم شخصية مبتكرة كشبيه للخليفة الأموي هشام بن عبد الملك.

وكذلك في رصيد تاجا أدوار تاريخية تعود للعصر الحديث تفوق في أدائها ونالت إعجاب الكثيرين، خاصة دوره في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»، الذي تحدث عنه المتابعون بأنه جسد فيه تاريخ القضية الفلسطينية، وكذلك دوره في مسلسل «إخوة التراب» و«نهاية رجل شجاع» و«أيام الغضب» و«هجرة القلوب إلى القلوب» و«شام شريف».. وغيرها الكثير. ويذكر عن الراحل أنه لا يحب «الممثل النمطي» باستثناء شارلي شابلن فهو كان لديه مشروع، وكذلك دريد لحام «غوار» فهو لديه مشروع أيضا، وهاتان الشخصيتان الفنيتان قدمتا مشاريع لشخصيات مسحوقة واستطاعتا أن تحققا إنجازات كبيرة وأشياء مهمة، وهو مؤمن بنمطيتيهما لأنهما أصحاب مشاريع فنية. وكما تألق خالد تاجا في التلفزيون، فقد تألق في السينما وقدم أكثر من عشرين فيلما سينمائيا، منها: «سائق الشاحنة» و«أيام في لندن» و«الفهد» و«اللقاء الأخير» وغيرها. وعلى صعيد المسرح، فقد انطلق منه تاجا عام 1957 مع فرقة «المسرح الحر الدمشقي» لمؤسسها توفيق العطري ومن ثم تعاقد مع المسرح العسكري لخمس سنوات ومن المسرح قدم عشرات الأعمال المسرحية منها: «مرتي قمر صناعي»، «آه من حماتي»، «حرامي عقب عنه»، «بيت للإيجار»، «حتى آخر الليل»، «الطلقة الأخيرة»، «في انتظار عبد الفتاح» وغيرها الكثير، كما ألف للمسرح نصوصا مسرحية منها «الطفر كنز لا يفنى»، «بالناقص زلمة»، وغيرها.

الشرق الأوسط في

06/04/2012

 

الفنانون السوريون:

تاجا الدراما السورية سيبقى خالداً في قلوبنا 

غياب الفنان الكبير خالد تاجا عن ساحة الدراما السورية، كانت له قراءته التراجيدية من الفنانين السوريين، « تشرين « استطلعت تلك الآراء، وكانت القراءات التالية للمعلم والصديق، والأب، و..نجم الدراما الذي لا يُشق له غبار، ولكن قبل أن نسرد أقوال هؤلاء دعونا نقرأ آخر كلماته: (أكثر ما أكره في الحياة : الجوع والخنوع وصرخة الموجوع، وكل ما أرجوه أن تكتبوا على قبري: هنا يرقد حاتم الطائي ولم يكن بخيلاً على قومه و أهله.

تفضلوا يا سادتي المنصب جاهز، سموا بالله وكلوا حتى تشبعوا، بعد أن يسفك الدم تصبح الكلمات حبراً على ورق)

رفيق سبيعي:

ماذا أستطيع القول عنك أيها الكبير خالد تاجا ..لقد كان فناناً يحمل قلب طفل، طيبته هي التي شدّت الجميع إليه .. فمنذ اليوم الأول الذي التقيته فيه للمرة الأولى وحتى لحظة وفاته «رحمه الله» لم تبدر منه أي إساءة .. عندما تتعامل معه تشعر وكأنك تعامل طفلاً كبيراً بكل تلك البراءة والبساطة التي كان يحملها .. لم يطمع بشيء في حياته وكان دوماً راضياً قنوعاً ... لكن ربما وحدته التي عاشها خلال الفترة الأخيرة أشعرته بنوع من الضعف الداخلي .. فرحل وتركنا، من كل قلبي أعزي الوسط الفني بأكمله بوفاة الفنان الكبير الذي استطاع أن يثبت نفسه وبقوة على الساحة الفنية من خلال المسرح بدايةً كما عرفته منذ زمن طويل .. وبالسينما حيث كنا معاً أكثر من مرة .. وبالدراما التلفزيونية دائماً ..لقد كان فناناً حقيقياً ليس لديه هوايات أخرى.. كان يعتز دوماً بالفن ورسالته الإنسانية التي ينشرها وأدواره التي يعيشها قبل أن يؤديها .. فكان دوماً يقول لي : يا حزرك في ناس هيك بيعملو متل ما عم نمثل نحنا هلأ ؟!!

من هنا استطعت أن أوقن أن القدير الراحل هو كبير وعظيم بقلب طفل .. لم نختلف قط.. لا بل كنا دوماً صديقين.. نعم لقد فقدت اليوم صديقاً حقيقياً وقلماً نجد صديق مهنة، خالد كان صديقاً وفياً، ظريفاً، خفيف الدم، وفناناً بكل معنى الكلمة

رحمة الله عليك يا صديقي .. فليكن مثواك الجنة, وداعاً..

باسل الخطيب:

شو ماصار .. أنا معك..» قالها لي عبر الهاتف معبراً عن رغبته الأكيدة في أن يكون معي.. في الفيلم الجديد. بعدها توالت الأحداث مسرعة، تدهورت حالته الصحية، ودخل المستشفى..عندما ذهبت لزيارته قبل أسبوع مع الصديق أسعد فضة، في وقت متأخر من الليل، وجدناه ممدداً على فراشه في غرفة العناية المشددة، كان وجهه منعكساً على زجاج النافذة، متماهياً مع أضواء دمشق وهو يطل عليها من الأعلى مودعاً, وحده تحدث في ذلك اللقاء الذي طال أكثر مما كنا نتوقع، كانت الكمامات الطبية تحجب وجوهنا، وكان الحزن يحجب أرواحنا، ونحن نتأمله، يحاول أن ينثر عن جسده غبار الموت ويبوح بأمرين لا ثالث لهما.. لام نفسه، بما يشبه الاعتراف الأخير، لما ارتكبه بحق نفسه من إهمال لصحته عبر السنوات الماضية، وتحدث بشغف وتوق عن رغبته في أن يعود إلى عالمه الخاص الذي بناه لنفسه في مزرعة كان يحب أن يدعوها بستان تاجا..البستان الذي يضم كل ما أحبه في حياته..

اليوم يرحل خالد تاجا وحيداً، تاركاً بستانه وأرضه وأحباءه.. يرحل حزيناً ولم تسعفه الأيام لأن يعيش ويرى وطنه يعود كما كان، وكما عاش وأبدع لأجله،وفي هذا تتمثل مأساة رحيله..فوداعاً أيها الصديق الكبير والفنان المبدع.. ندعو الله أن يتغمد روحك الطيبة بواسع رحمته وغفرانه..وندعو الله أيضاً أن تشهد روحك في عالمها الجديد ماكنت تريد أن تشهده قبل رحيلك: السلام يعود إلى وطنك.. وبستانك الكبير.. وإلى ذلك الحين فإن روحك تسر إلينا بكلمات أخيرة : «أنا معكم».

رشا شربتجي:

وداعاً خالد تاجا .. وداعاً للظاهرة العربية .. وداعاً للإنسان الحساس المبدع الطريف .. وداعاً خالد تاجا النجم و الأب والصديق والأستاذ ... وداعاً و لكنك ستبقى في قلوبنا.

نضال سيجري:

غادرنا المواطن السوري الذي تألم لآلامنا العظيمة..غادرنا خالد تاجا..الذي.. تألم وحكى عن كوابيس توجع سورية وكل أبنائها..خالد تاجا تعلمنا منه أن فن التمثيل هو فن اللعب الصادق ..كالأطفال..وداعاً أستاذنا الكبير.. وشيخنا الجليل.

ليلى سمور:

مسيرتك حلم من الجنون...و ستبقى في القلب و الذاكرة...أجمل فنان عرفته في حياتي...خالد تاجا..الفنان الرائع بكل المقاييس..الأب.. و الأستاذ... و المبدع..ليكن ذكراك أبدياً..أيها الغالي ...سأفتقدك كثيراً..!

سليم صبري:

كرمح منتصب في جبل.. كأرزة جفت عروقها وبقيت واقفة.. سيبقى في مخيلتنا قامة فنية كبيرة لا تنحني.. خالد تاجا إلى قمة مجد أخرى.. إلى المصير الذي نحجز تذاكرنا كلنا إليه.. إلى ذمة الله, إلى عائلته الصغيرة خالص عزائنا وافتخارنا بما كان عليه وإلى أسرتنا الكبيرة نقول: عودتنا أن تكوني ولادة مستمرة للقامات.. وداعاً يا صديقي ورفيق دربي

تولاي هارون:

أنا دخلت الفن وكان قدوة بالنسبة لي وكان هرماً وعملاقاً في الفن, فحقيقة هو خسارة كبيرة لا تعوض ولن تعوض وأنا حزينة على فراقه وأشعر أننا فقدنا أناساً هم حجر أساس في عماد الدراما السورية وهو خسارة للفن وللإنسانية.

نادين :

نحن فقدنا فناناً لا يكرر ليس فقط في سورية بل في الوطن العربي بكل تاريخه الفني الحافل وهامته الكبيرة لكن ما تركه لنا من رصيد فني كبير لا يسمح لنا بأن ننساه وهو عالق بالذاكرة وفي الوجدان, رحمه الله.

شكران مرتجى:

عيونه عيون نسر.. قلبه قلب طفل.. عاشق للجمال.. حياته كما قال: ضرب من الجنون.. لن يكون في ذاكرتنا بل هو صانع لها.. هو أحد صناع الجمال في وطني.. عاشق لسورية حد الثمالة فبادلته العشق أضعافاً من خلال محبيه ويكفي أن ملامح وطني في وجهه إنه خالد تاجا

كان أستاذاً في فن التمثيل و أستاذاً في حب الحياة ..كان شغوفاً بكل شيء جميل ..كان قريباً من الجميع, الصغير قبل الكبير كانت الابتسامة عنواناً لكل أحاديثه ..باختصار: خالد تاجا اسم لن يتكرر بموهبته وانسانيته وأهم من كل ذلك بحبه للحياة..رحمه الله وتعزيتي الحارة لعائلته ومعجبيه في كل العالم.

سامر البرقاوي:

«الوصية»: فيلم كان بطله وكان فيه لقاؤنا الأول عام 1995, لا يلزمك الكثير حين تتعرف إلى خالد تاجا لتكتشف أن هذه القامة في الحضور تطوي وراء الكاميرا كل هذه الروح من الدعابة والمعرفة.. بحثه عن الشباب في روحه و حولها جعلنا نشتهي شيخوخته.. قال لي منذ عدة أشهر: «أتابعك يا سامر وأبحث عن شراكة معك في عمل بخاطري.. وساماً كانت شهادته».. رحل كبير التمثيل وأودع فينا حزن الغياب.. ستبقى يافعاً في الذاكرة كما عهدناك في الحياة.

سوزان نجم الدين:

وداعاً أيها الفنان القدير والإنسان الجميل.. رحلت بجسدك وبقيت باسمك الكبير وأعمالك العظيمة التي تتحدث عنك وعن تاريخك الحافل بالنجاحات, لن ننساك.. ستبقى في ذاكرتنا ووجداننا ما حيينا.. رحمك الله جسداً وروحاً.. وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان.

سلمى المصري:

فقداننا لك لا يعوض.. فما من فنان يحل محل الكبير خالد تاجا، هو فنان قدير أعطى الدراما الكثير وأعماله تحكي عنه.. ستفارقنا جسداً لكن روحك ستظل معنا دائماً وأبداً.. عرفناك فناناً كبيراً، متميزاً، متواضعاً، روحك الجميلة وضحكتك وانسانيتك لن تغيب عن ذاكرتنا.. خالد تاجا كتلة من الأحاسيس.. نودعك اليوم لكن أعمالك العظيمة دوماً حية بيننا, لن نمل من متابعتها.. سنشتاق إليك ونفتقد جلساتك اللطيفة فما من شيء يعوض غيابك.. الرحمة لروحك والصبر والسلوان لأهلك ومحبيك.

ديمة قندلفت:

مع الأسف .. لقد خسرت الدراما السورية عملاقها ..وخسر الوسط الفني فناناً وإنساناً عظيماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. وأشعر بالفخر الكبير فقد كان لي الشرف بأنني حظيت من خلال أكثر من عمل بأن أكون مع الفنان الكبير خالد تاجا وتحديداً ابنة له.. تلك القامة الكبيرة.. الفنان الذي كان أباً قاسياً في الدراما لكنه أكثر من حنون في الحقيقة.. حزني كان كبيراً عند رؤيتي الإشارة السوداء وقد لفت صورتك لتكون علامةً لغيابك.. لكنني وكمشاهدة أحبت أدوارك ولفتها حضورك على الشاشة أقول: غبت عن الحياة .. لكنك لن تغيب عن ذاكرتنا أبداً فأنت تركت ما يكفي من أعمالك ويزيد، لتبقيك في قلوبنا وذاكرتنا..

قصي خولي:

بدا تأثره واضحاً واكتفى بعبارة واحدة قالها لأن كلماته حسب قوله لن تعبّر عن مدى حزنه وتأثره .. فقال:» الدراما السورية فقدت عرّابها .. رحمة الله عليك أستاذنا الكبير خالد تاجا».

مصطفى الخاني:

ترجل ابن عباد عن ظهر فرسه النعامة ... ولكن خالد تاجا لن يترجل من قلوبنا، وسيبقى فارساً لا يشق له غبار في عالم الفن والحياة ... وأثبت التاريخ بأن الأجيال لاتنسى فرسانها، وليس صحيحا بأنك كنت أنتوني كوين العرب ... بل كنت وستبقى خالد تاجا العرب ... وداعا أيها الكبير, وداعاً أيها الغائب الحاضر فينا أبداً, فكثير من الأحياء يعيشون كأنهم أموات, وكثير من الأموات هم بيننا أحياء دائما.

تشرين السورية في

06/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)