حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (OSCARS 2012)

أصغر فرهادي أول إيراني ينال الأوسكار لـ"النهار":

لا شأن لي في كل هذا الذي يحصل، كل ما فعلت هو إنجاز فيلم!

هوفيك حبشيان

هي سيمين وهو نادر. لديهما عائلة جميلة، لكنها تريد الانفصال عنه لكل تلك الأسباب التي تدفع امرأة الى أن تترك بلاداً وحياةً وأولاداً: القمع، السلطة العليا، الانغلاق. هي تحلم بالمغادرة اذاً، وهو مصرّ على البقاء. من حكاية متشظية تنطوي على بساطة سردية تلامس الشفافية، يستقي المخرج الايراني أصغر فرهادي فيلماً يواصل سحق القلوب منذ عرضه في مهرجان برلين العام الماضي، حيث نال "الدبّ الذهبي". مساء الأحد، كان موعد الحبيب مع حبيبته، وجائزة أخرى هي "أوسكار" أفضل فيلم أجنبي (بعد يومين على نيله الـ"سيزار" الفرنسية في الفئة ذاتها)، جعلته أول ايراني ينال اعترافاً مماثلاً من هوليوود، وهو بالكاد يبلغ الأربعين. في الآتي، حوار "النهار" الذي أجري في أبو ظبي مع فرهادي، في تشرين الأول من العام الفائت.     

·         ¶ يبدو ان من الصعب عليك أن تحكي عن الكيفية التي شقّت فيها حكاية "انفصال نادر وسيمين" طريقها الى مخيلتك...

ـــ لا أستطيع أن أروي لك كيف ولدت فكرة الفيلم. في وقت من الأوقات، كانت هناك لازمة بصرية في رأسي تزور مخيلتي منذ فترة طويلة. انها صورة رجل يحمم والده المصاب بمرض الألزهايمر. كنتُ أسأل نفسي دائماً من هو هذا الرجل. طرحتُ الكثير من الأسئلة، وهي التي قادتني في المحصلة الى أن إبراز أول خيوط "نادر وسيمين". تبين لي ان هذه الحكاية قابعة في مخيلتي منذ فترة طويلة، أي قبل أن اطرحها على الشاشة، على هذا النحو. لكن، استطيع ان اقول لك انني استوحيت "نادر وسيمين" من تجاربي الشخصية والدنيوية، اي من كل تلك الأشياء التي كانت تحوطني. استوحيته ايضاً من فيلميَّ السابقين. فاجتمعت هذه العناصر الثلاثة (تجربتي، العالم الذي من حولي، أفلامي) لتطلق العنان لمخيلتي.

·         ¶ هل من واقعة تستند اليها مخيلتك عندما تبدأ في معالجة حالة ما. السينما الايرانية حافلة بهذه المناكفات الاجتماعية التي باتت جزءاً من هويتها وحضورها، كما ان للمجتمع الايراني قابلية لهذا الطرح. فكيف تفصّل الواقع على قياس مخيلتك؟

ـــ أي حكاية تختارها لنقلها الى الشاشة، يمكن معاينتها من زوايا ووجهات نظر مختلفة. يمكن معالجتها من وجهة نظر اجتماعية. أنت حرّ في ان تنظر الى المخلوقات التي في الفيلم باعتبارها أناساً لهم حكاياتهم وواقعهم المعيش. دائماً، احاول أن اضع قبضتي على حكاية جيدة، حكاية تلائم تطلعاتي، ثم أنسج عليها آفاقاً عدة، فاتحاً تلك الحكاية على احتمالات معقدة. كيف انتهى بي الأمر الى انجاز مثل هذا الفيلم؟ هذا، تحديداً، ما لا استطيع أن ارويه لك. دعني أقارن الأمر بقيادة السيارة التي تجعلك تقوم بعمليات عدة في زمن واحد، كالضغط على البنزين والفرامل وتبديل سرعة علبة التروس، وهذا كله، تفعله من دون ان تفكر في كل عنصر من العناصر على حدة، وسيكون صعباً عليك لاحقاً أن تشرح ما فعلته تفصيلياً لتصل الى مثل هذه العملية: قيادة السيارة.

·         ¶ في كلٍّ من "عن ايلي" و"انفصال نادر وسيمين"، يتكون عندنا انطباع بأن ما لا يُقال أعظم مما يقال. ما المجال المعطى للاستعارة في عملك؟

ـــ ليس ثمة استعارة هنا. هذا الفيلم تنعدم فيه الرموز. في المقابل، يُمكن القول ان خلف هذه الحكاية الحقيقية، طبقات أو مستويات متعددة. لكن، ليس هناك عناصر ترمز الى ابعد مما نراه على الشاشة. لستُ أنا من يقود الحكاية. الحكاية هي التي تقودني، وهي التي تقرر متى يجب على الممثل أن يتكلم ومتى ينبغي له اللجوء الى الصمت. عندما يكون هناك أزمة تواصل بين البشر، وعندما يتكلم الواحد مع الآخر من دون أن يكون بينهما تفاهم وتواصل، تلاحظ ان التعبير عن الرأي حينئذ يحتاج الى عدد أكبر من الكلمات. في المقابل، عندما يفهم الواحد على الثاني، يقل عدد الكلمات التي يلجأ اليها لمخاطبته. اذاً، دائماً الحكاية هي التي تمسك بيدي وتأخذني الى حيث يحلو لي الذهاب، لمزيد من التناغم بين الكلمة والصورة.

·         ¶ جزء كبير من نصوص السينما الايرانية يتضمن كثافة حوارات، كأن الأمر عبارة عن رياضة كرة مضرب بين شخصين. لا تبدو خارجاً على هذه الاسلوبية...

ـــ نعم، صحيح ان السينما الايرانية تنطوي في معظم الحالات على الكثير من الحوارات، والأخذ والردّ، كونها سينما قائمة على ردّ الصاع صاعين، ذلك ان هذه الحوارات تساعد السينمائيين على الحصول على حالات دراماتيكية فيها الكثير من التشنج. السؤال الذي يواجهه جواب دائماً، ما يولّد طاقة دراماتيكية لا مثيل لها.

·         ¶ في فيلمك، وجود مشكلة في صميم الحكاية لا يحول دون اللجوء الى النقاش والمصالحة. ما رأيك؟

ـــ حاولتُ أن أطرح أسئلة بدلاً من الاتيان بأجوبة جاهزة. السبب في ذلك انني لم أكن أكيداً من ان اجوبتي قادرة على ارضاء الناس. لهذا السبب، لم تحرك فيّ مسألة البحث عن حلول أي احساس. ثم هناك حقيقة أخرى مفادها أن هناك حلولاً بقدر ما هناك من مشاهدين، والحلول التي يتوصل اليها بعض المشاهدين قد تكون افضل واعمق من حلولي.

·         ¶ بالنسبة الى المشاهد غير المطلع على الواقع الايراني، هل من الشرعيّ أن يسأل عن مدى واقعية الحكاية التي تقصها عليه؟

- نعم، يُمكن وصف الفيلم بالواقعي. لكنه مختلف عن الأفلام الواقعية الاخرى، أقله على مستوى العنصر الدراماتيكي. هناك دراما تتهيأ، وهناك مستويات عدة للواقع...

·         ¶ في "عن ايلي"، ثمة حدث يغيّر مجرى الحكاية، أما هنا، فالمشاهد يترقبه بشدة، غير انه لا يأتي...

ـــ صحيح ان هناك في هذا الفيلم حدثاً ما يذهب في الاتجاه المعاكس لما ينتظره المشاهد، ساعياً الى تغيير مسار الامور. انه شريط يحلو لي وصفه بالبوليسي، مع الفرق أن الشرطي الذي يجري التحقيق ليس في الكادر بل خارجه، وهذا ما يتيح للمُشاهد أن يصير هو الشرطي المحقق. المشاهد هو الذي يضطلع بهذا الدور، طوال مدة الفيلم.

·         ¶ شخصياتك يلفها الغموض. لماذا ترفض اعطاءنا المزيد من المعلومات عنها؟

- أفضلّ الا أمنح الكثير من المعلومات عن شخصياتي. هذا اشبه بالحياة الحقيقية التي نقيم في داخلها. في كل حال، حتى نحن، لا نعرف الكثير عن أنفسنا. اذاً، والحال هذه، تجدني أكتفي بتقصي المعلومات التي ترغمني على منحها الحالة التي يجد شخوص فيلمي أنفسهم فيها. في مقطع من الفيلم، تقول سيمين انها تريد الرحيل، لأنها لا تنوي ان تشبّ ابنتها في مثل هذه الشروط. أستطيع أن أقول لك أن الفيلم برمته، سيكون رداً على هذا السؤال لمعرفة ما هي هذه الشروط التي تتحدث عنها سيمين.

·         ¶ كيف اخترت الممثلين؟

- بعض هؤلاء الممثلين محترفون، والبعض الآخر ظهر في فيلم أو اثنين. هؤلاء تعاونوا معي سابقاً. اخترتهم تبعاً لمتطلبات الكاراكتير الذي حمله كل منهم على عاتقه. خلافاً للكثير من المخرجين في ايران، أنا اميل الى الاحتراف في التمثيل، وأختارهم دائماً ممن يكونون مقرّبين اصلاً الى شخصياتي.

·         ¶ ايقاع الفيلم لا يهبط البتة. كيف استطعت المحافظة عليه طوال ساعتين؟

- ايقاع الفيلم، هو الآخر، فرضته القصة التي اخترتها (...).

·         ¶ هناك الكثير من التصوير الداخلي في هذا الفيلم، خلافاً للسابق الذي التقطت مشاهده في أمكنة مفتوحة...

- صحيح ان الحكاية في فيلمي الاول "آخر أربعاء من العام"، تجري كلها في شقة، وهنا الكثير من المشاهد تجري وراء الجدران. عندي تأهيل مسرحي ولي تجربة معينة على الخشبة، وتعلقي بالمسرح هو الذي يشرح هذه الطريقة التي اتبعها في التصوير.

·         ¶ ما مجال الحرية الذي كان في تصرفك لإنجاز هذا الفيلم؟

- لم أتوقف يوماً عن صنع الأفلام التي أردتها، رغماً عن كل الصعاب التي يتعرض لها مخرج في بلد مثل ايران. لكن، هذا عن ماضينا، اما عن المستقبل الذي ينتظرنا، فهذا ما لا استطيع أن اقول عنه أي شيء...

·         ¶ هناك طبقات عدة للقراءة في هذا الفيلم، يُمكن أن تختلف الى درجة كبيرة بين مشاهد وآخر...

- هذا يتوقف على المشاهدين، هناك مَن يريد فقط متابعة القصة أو فهم خيوطها وتفاصيلها. لكن في المقابل هناك من يبحث عما يختبئ خلف الستار، ويحاول أن يسترق النظر الى الداخل. عموماً، أميل الى المُشاهد الذي يبحث عن أجوبة لأسئلة يطرحها على نفسه، أكثر مما أميل الى الذي يستقبل كل ما يشاهده بلا تفاعل.

·         ¶ هل يفاجئك الاقبال على الفيلم أم كنت تتوقعه الى حدّ ما؟

ـــ هذا الاقبال الشديد على الفيلم، سواء النقدي منه أم الجماهيري، يعني لي الكثير. الحفاوة التي استقبل بها في داخل ايران وخارجها، أفضل هدية أو جائزة يمكن أن أنالها. فرحتي لا يُمكن الا ان تكون مضاعفة لأن من وجد نفسه في الفيلم لا ينتمي الى طبقة واحدة، بل من اوساط وفئات متنوعة، بعضهم نقّاد وبعضهم الآخر سينمائيون. هذا هو عزائي في النهاية.  

·         ¶ هل تعتبر نفسك ابن السينما الايرانية؟

- السينما الايرانية ذات النوعية الفنية العالية هي التي اثّرت فيّ عند بداياتي. لكن، لا استطيع ان أجزم اذا كنت انتمي اليها تراثياً. لكن، بما اني ايراني، فهذا يعني ان الفيلم الذي انجزته ايراني الجنسية، ويعتبر ايرانياً مثل غيره من الأفلام الايرانية.

·         ¶ هل أنت راضٍ عن مقدار الحرية التي لدى السينمائيين الايرانيين اليوم؟

- أؤكد ضرورة أن نحظى بحرية التعبير. هذا شيء في منتهى الأهمية والضرورة في سبيل تعزيز النشاط السينمائي. حتى خارج الاطار السينمائي، فنحن في حاجة الى حرية كي نتنشق الهواء. بصراحة، لستُ سعيداً بهذا القدر من الحرية في ايران، ونحن أحوج ما نكون الى توسيع الهامش المعطى لنا، لأنه اساسي لخلقنا ووجودنا.

·         ¶ كيف تنظر السلطات الايرانية الى سينماك؟

- ردّ فعل السلطات ليس كله متشابهاً. هناك مَن يشعر بالسعادة للنجاح الذي احرزناه، وهناك مَن يستاء منه، معتبراً اياه مسألة تعود بالضرر والخطورة على البلاد. هناك مَن يعلن عداءه حيال نشاط من هذا النوع، وهناك من يؤيده. لا وحدة في النظرة الى عملي، وارى في هذا ظاهرة صحية.  

·         ¶ في حال نلتها، هل سيضر هذا بكَ في الداخل؟

ـــ لا اعتقد ذلك، لكنني سأحاول ألا أفكر في هذا الموضوع الآن. اضع هذا الاحتمال جانباً. لا شأن لي في كل هذا الذي يحصل، كل ما فعلت هو انجاز فيلم. لا استطيع أن اضطلع بأي دور في كل ما يجري بعد عملية انجاز الفيلم، ولن أكون عنصر ضغط أو تأثير. المسألة خارج سيطرتي وارادتي.

النهار اللبنانية في

28/02/2012

 

هوليوود توزع أوسكاراتها في الحفل الرابع والثمانين:

حنينٌ الى الماضي وتهميشٌ لكبار القامات!

هوفيك حبشيان - باريس 

بعض فقهاء السينما، من الذين يرددون دائماً ان الأوسكارات لعبة سفيهة تقارن ما لا يُقارن وتظلم كبار السينمائيين (ويلز، هيتشكوك، كوبريك، هوكس، والش، الخ.)، أمضوا مساء الأحد منتظرين الفضائح الجديدة التي سيبتكرها اعضاء الأكاديمية في الحفل الرابع والثمانين لتوزيع جوائز الأوسكار.

الذاكرة لا تخون في هذا الصدد. الصفحة لن تُطوى بسهولة على زلات مثل "شكسبير مغرماً"، الذي حطم "الخطّ الأحمر الرفيع" لتيرينس ماليك، عام 1999. في الدورة هذه، لم يكن من الممكن مثلاً، أن نصدّق، ان "الفنان" لميشال هازانافيسيوس (خمس جوائز من أصل عشرة ترشيحات)، هو افضل فيلم لهذه السنة من دون نقاش. محاولة اقناعنا بالتفوق النادر لشريط وصل الى حيث وصل بفضل آلة اعلامية طاحنة، وخزعبلات فرنسية ضربت على الوتر الأميركي الحساس، تزداد عبثاً اذا ما قورن الفيلم بالأعمال التي تسابقت معه جنباً الى جنب. لننس الأفلام كلها، ونضع نصب أعيننا واحداً فقط: "شجرة الحياة" لماليك نفسه الذي مرِّغ في الوحل، في آخر مشاركة له في هذا الحفل الذي كثيراً ما يرعى فكراً أوحد للسينما.

الأغرب ان ماليك وهازانافيسيوس سبق أن تواجها في مهرجان كانّ الماضي، لكن حنكة روبرت دو نيرو ورأيه السديد أديا الى استبعاده عن لائحة الجوائز لمصلحة ماليك ("السعفة الذهب")، والاكتفاء بإسناد جائزة أفضل ممثل لجان دوجاردان، الذي يستحقها، لا شكّ. بيد انه، لا أحد كان يعلم أن الممثل سيتحول في غضون أشهر الى "جون فرام دا غاردن"، والسجادة الحمراء ستُفرش أمامه، أينما حلّ. طبعاً، الكلّ نسي أن يشكر المدير التنفيذي لمهرجان كانّ، تييري فريمو، الذي حشر "الفنان" ضمن تشكيلته في اللحظة الأخيرة، منتزعاً اياه من براثن السخرية التي تعرض لها، عندما تقدم منتج الفيلم بطلب دعم مالي من المركز الوطني للسينما. فالمهرجان الفرنسي اتاح للفيلم أن يعلن عن نفسه في جو حاضن يستقطب صيادي الأفلام والأحلام. نادراً ما تحول فيلم عن فشل ممثل الى رواية ناجحة. الأميركيون خصصوا تعبيراً لهذا. يسمونه Succes story. لو اقتبس مخرجٌ حكاية مماثلة، لكان اتُهم حتماً بالسطحية والرداءة، ولما كان أحد ليصدقها.

منذ أيار الماضي و"الفنان" يسيّل الحبر اذاً، متنقلاً من مدينة استراتيجية الى أخرى. لم تكن ايراداته الاعلى دائماً (في فرنسا حقق "المنبوذون" عشرة اضعاف ما حققه) لكن شبح الاعجاب خيّم على رأسه. وبعدما تلونت جعبة القائمين على الفيلم بالذهب والفضة (ست جوائز سيزار، سبع جوائز بافتا، اربع جوائز غولدن غلوب، أربع جوائز سبيريتس، وغيرها)، وصل فريق "الفنان" الى لوس أنجليس مساء الأحد، لتزود المزيد من تلك التماثيل الجميلة التي "يحلم بها الجميع"، كما قال توماس لانغمان، منتج الفيلم، عندما صعد على المسرح ليتلو كلمات الشكر ويستعيد ذكرى والده الراحل كلود بيري، الذي انتج لكبار السينمائيين من ألمودوفار الى فورمان. عندما حان دور هازانافيسيوس، ذكر بيلي وايلدر ثلاث مرات في معرض حديثه. خلناه سينكره، تبين انه شكرٌ. أمامه، في الضفة الاخرى، قامات كبيرة، يتنافس معها: مارتن سكورسيزي، وودي آلن، تيرينس ماليك، والاخيران طبعاً لم يحضرا...

شريط غير ناطق، غياب ألوان، لفتة سينمائية الى عملاق من زمن هيمنة الاستوديوات (وايلدر)، وغير ذلك من النوستالجيا التي تحاكي غريزة السينيفيليين الأولية. هكذا بدت عاصمة السينما في مسرح "هوليوود أند هايلاند سانتر" ("كوداك" سابقاً)، قلبها في الماضي وعقلها في المستقبل. حفلة سُجلت خلالها سابقة: نيل أول فيلم غير أنغلوسكسوني "أوسكار" أفضل فيلم. طبعاً، هذا كله لم يمنع القائمين على فقرة الغائبين من الا ينسوا ذكر رحيل الممثل هاري مورغان (1915 ــ 2011).  

قبل أن يعتمد التمثيل مهنة له، كان جان دوجاردان يتخبط في اسكتشات مسرحية وحلقات تلفزيونية من سبع دقائق اسمها "شاب، فتاة". "بريس دو نيس" (2005)، من بطولته استقطب نحو خمسة ملايين مشاهد في فرنسا، فجعل الناس يلتفتون اليه، لكن الآراء ظلت في معظمها سلبية تجاهه، لا سيما في الصحافة الجادة. لُقّب بالمهرج والخفيف، لكن قدراً آخر كان يبتسم له. وتجلت الصورة ما إن اسند ميشال هازانافيسيوس اليه دور العميل الكاريكاتوري في سلسلة "أو أس أس". فجأة راحت الاطراءات تنهال عليه رافعةً من شأنه. وكانت النتيجة أن رُشّح للسيزار عام 2007. لدى نيله جائزة أفضل ممثل، راح يتمتم بضع كلمات، اثباتاً على ان جورج فالانتيان الذي يضطلع بدوره في "الفنان" يستطيع النطق، وليس مجرد لعبة ظلال في فيلم بالأبيض والأسود. ولم ينس ان يلقي التحية على دوغلاس فيربانكس، نجم الحقبة الصامتة، الذي لولاه، ربما لما كان وقف هنا، في هذا المكان.

الصحف الفرنسية والاذاعات والتلفزيون بدأت تنشر الخبر صباح الاثنين، ليس من دون أن يجعله بعضهم انتصاراً قومياً. وسط هذا الهيجان، كدنا ننسى ان سكورسيزي نال خمس جوائز تقنية: ديكور، صوت، ميكساج، مؤثرات خاصة، صورة. انه تحية الى جورج ميلييس مشغول بكل ما نحبه عند "مارتي". وفي حفل غاب عنه التشويق والمفاجأة، ذهبت جائزة أفضل أداء الى "الممثلة الحديد" التي اضطلعت بدور مارغريت تاتشر بأحشائها، في شريط فيليدا لويد: ميريل ستريب؟ نعم مَن غيرها؟ في فيلم وصف بأنه رثّ (لا نوافق عليه تماماً)، تسرق الضوء من السيدة الحديد، ومعها ثالث "أوسكار" في مسيرتها. الأكبر منها سناً، كريستوفر بلامر، ذكّر الحضور وهو يتسلم جائزة أفضل ممثل في دور ثانٍ، بأن السيد أوسكار، يكبره بسنتين فقط. كثر حافظوا على مقاعدهم: جورج كلوني (على رغم أدائه البديع في "الأحفاد") لم يُطلب اليه أن يصعد إلى الخشبة، وكذلك غاري أولدمان. سبيلبرغ عن "حصان حرب" لم يكن في حاجة الى تمثال جديد يزيّن مكتبه، في المقابل، تهميش فيلم ستيفن دالدري الذي يستعيد ذكرى 11 أيلول 2011، لا يبدو انه أزعج أحداً، مثلما أزعج عدم ترشيح راين غوزلينغ لجائزة أفضل ممثل عن دوره في "درايف" شلته المتطرفة.

النهار اللبنانية في

28/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)