حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان أبوظبي السينمائي ـ 2011

مقالات من داخل المهرجان

طرح أفكار وتساؤلات عن الراهن والمستقبل

ندوة "الربيع العربي وتأثيره على السينما"

في ظلّ الحراك الشعبي العربي العفوي في أكثر من بلد ومدينة في العالم العربي، منذ نحو عام، وبفضل انغماس سينمائيين عرب في معاينة الحراك هذا، والسعي لالتقاط نبضه بأساليب مختلفة، التقت كلّها عند اللحظة الراهنة، المؤرشفة في أعمال توثيقية غالباً؛ كان لا بُدّ لإدارة "مهرجان أبوظبي السينمائي" أن تُخصّص، في دورتها الخامسة هذه، مساحة لمناقشة أفكار أولى نتجت عن الحراك، وعن أعمال متفرّقة أنجزها سينمائيون محترفون، وصوّر مضامينها شبابٌ لم يجدوا بين أيديهم سوى الهواتف الجوّالة.

بين الثانية والنصف والرابعة من بعد ظهر الاثنين في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2011، التقى منتجون ومخرجون ونقّاد وصحافيون ومهتمّون في جلسة مناقشة أو تبادل أفكار وخبرات، ضمّت السوريين نبيل المالح وهالة العبدالله والمصريين عمور واكد وخالد أبو النجا والتونسي حبيب عطية، بإدارة الزميل المغربي مصطفى المسناوي. وهذا كلّه تحت عنوان "الربيع العربي وتأثيره على السينما"، الذي طرح أسئلة اختُزلت بالتالي: كيف تعامل ويتعامل صناّع السينما العرب مع المتغيّرات والاضطرابات السياسية والاجتماعية؟ هل كانت السينما أكثر انخراطاً في الأحداث مما هي عليه اليوم؟ هل تغيّرت قواعد الإنتاج؟ هل يُتوقَّع إنجاز نماذج فنية جديدة؟

لكن، بدا صعباً اختزال المداخلات كلّها، لأن معظمها غنيّ بعناوين عامّة، جعلت السينمائيون المشاركون في مداخلات عدّة يطرحون، هم أيضاً، أسئلتهم المفتوحة على الراهن، والمتأمّلة بالمقبل من الأيام. التقى جميعهم على نقاط مشتركة، أبرزها ثنائية المواجهة وكسر جدار الصمت، ومنها مراقبة الحراك والحدث الآنيّ والتقاط تفاصيله، ريثما تنجلي الأمور لاحقاً، ما يُتيح للسينمائي القدرة على تحقيق فيلم روائي، بدلاً من الاكتفاء بتصوير كل ما يحدث، وبغربلة بعض المُصَوَّر أيضاً في أطر وثائقية متنوّعة. المسناوي شدّد في كلمته الافتتاحية على أن كل واحد من المُشاركين على المنصّة مطالب بسرد تجربته المنبثقة من تجربة البلد والمجتمع والثقافة والسينما المنتمي إليها كلّها. رأى أن هناك اختلافات، وأن الاختلاف غنى أيضاً. لذا، طلب من كل واحد منهم تقديم نماذج عن الاختلاف هذا، على مستوى المواجهة المباشرة، كما على مستوى "الحراك السينمائي". مقولة "الاختلاف" حرّضت أبو النجا على مقاربة المسألة من وجهة نظر مناقضة، إذ قال، بعد مداخلتي عطية والعبدالله، إن هناك قواسم مشتركة بين العرب، وإن ما جرى أكّد وجود تلاحم وتشابه، وإن هناك "أمّة عربية واحدة وشعب واحد". أشار أبو النجا إلى أن التقارب أفضل، وعليه يُمكن بناء الخطوات المقبلة.

لكن، قبل مداخلة أبو النجا، تحدّث عطية والعبدالله عن أوضاع بلديهما، فبدا أن التقارب في الأفكار العامة والاشتغال الميدانيّ واضحٌ، لكن الاختلاف في أساليب إدارة المعركة السلمية واضحٌ بدوره. وهذا عنوان عريض تستحيل الإجابة السريعة والمختصرة عليه، لأن البلاد العربية كلّها لا تزال تعيش الحراك وغليانه ومساراته. التشابه بين المسارين السينمائيين التونسي والمصري مرتبط بالتحرّك السينمائي الذاهب إلى تغيير الأسس القديمة في الأجهزة الرسمية المعنية بالعمل السينمائي، بحثاً عن الجديد المختلف، عبر وضع قوانين جديدة، وأسس عملية جديدة، تتيح للسينمائيين فرصاً أكبر في حرية التعبير والاشتغال، كما في الحصول على دعم وإنتاج. وهذا ما طالبت به العبدالله، إذ قالت إن ما يجري حالياً في سوريا يجب أن يكون ثورة على الوضع الراهن للسينما، الخاضعة للنظام من خلال ارتباط كل شيء خاصّ بها، بالسلطة الرسمية، عبر وزارة الثقافة. العبدالله، المتفائلة والواثقة بأن ما يجري في بلدها سيؤدّي حتماً إلى التغيير المنشود، قالت إن هناك "سينمائيين" أبطال، أنجزوا "الفيلم الأول" فقط، وهو "الفيلم الأخير" لهم، لأنهم لم يملكوا سوى "هاتف محمول" صوّروا فيه الحدث، وبثّوه إلى أصقاع الدنيا. عطية قدّم صورة حسّية عن التحرّكات المطالبة بالإصلاح السينمائي، وهي أمور لا يُمكن تحقيقها بسهولة. والمالح استمتع بما قيل، مشيراً إلى أنه كسينمائي شعر بالعجز والصِغر أمام الناس الذين نزلوا إلى الشارع وحرّكوه، وإلى أن كلامه السينمائي لن يكون كاملاً اليوم، بل بعد ثلاثة أعوام تقريباً.

العبدالله رأت أن "المؤسّسة العامة للسينما" في سوريا بدت كأنها الجدار المانع سينمائيين كثيرين من العمل. رأت أن هناك اليوم سينمائيين وفنانين سوريين لعبوا دور "رجل الأمن"، متّخذين جانب السلطة، وهذا مَقْتل لهم وللسينما. أبو النجا أصرّ على أن الفنان السينمائي ممنوع عليه أن يكون حيادياً في لحظة كهذه. وهو، بعد كلامه هذا، انتقل إلى صُور مصوّرة عن لحظات أساسية في الحراك المصري، بانياً عليها ملاحظات سينمائية وإنسانية. أما واكد، فلم يختلف كثيراً عن زملائه الآخرين، مضيفاً أن انخراطه في العمل الإنتاجي ساهم في توثيق اللحظة، وعلى تقديم البدايات المطلوبة لاشتغال سينمائي لاحق.

من داخل المهرجان في

17/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)