حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الرابع والستون

قراءة في مهرجان »كان« ال ٤٦:

طفل علي دراجة يخطف القلوب قـبـل الجــوائـز

رسالة كان: نعمة الله حسين

»لاتتركني يا أبي« أغوص في الوحدة والضياع.. مازلت صغيرا علي مواجهة الحياة وحدي، أعوامي التي لاتتجاوز الاثني عشر لاتستطيع أن تحميني  من شرور العالم الذي نعيش فيه.. أحبك يا أبي لذا لاتتركني وتتخلي عني.. لا تعتقد أنك عندما تضعني في منزل لرعاية الصغار أنك تؤمن لي حياة، لأنها باختصار حياة جافة لاتخلو من الحب ونحن الأطفال الصغار يجب أن تروي مشاعرنا وعواطفنا بالحب ليتحقق لنا التوازن في الحياة  عند الكبر.. فأرجوك لا تتركني يا أبي حتي لا أكون اليوم »مهملا« وغدا »مهمشا« أو مجرما.

كان هذا بعض ما شعر به الطفل الصغير »سيريل« ٢١ عاما عندما تركه والده في منزل لرعاية الأحداث، لأنه لايقوي ويقدر علي رعايته.. تركه مقنعا إياه إنه يتركه لمدة شهر واحد يعيد فيها ترتيب أموره.. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.. فقد كان الترك نهائيا حيث أقنع الأب نفسه في لحظة أنانية وجحود إنه لايقدر علي تحمل مسئولية رعاية الابن وزهق من هذه المسئولية ويريد أن يعيش حياته بالأسلوب الذي يعجبه .. ونسي أنه أب وليس طفلا صغيرا.. وفي مقابل هذا الهجر المتعمد فإن الابن الصغير لم يعتقد أبدا أن والده تخلي عنه.. ولذلك كان كل همه أن يبحث عنه فقرر الفرار من منزل رعاية الصغار والذهاب إلي حيث يقيم مع أبيه ليكتشف الحقيقة المرة أن والده باع كل شيء حتي »الدراجة« التي يعشقها.. وأثناء محاولة فراره يقوم بإيقاع سيدة علي الأرض وتكون المفاجأة بعد أيام قليلة بحضور »سامنتا« أو هذه السيدة الجميلة لدار رعاية الأطفال ومعها الدراجة الخاصة بعدما اشترتها لمن قام أبوه ببيعها.

لقد شعرت سامنتا صاحبة »محل التجميل« بعاطفة أمومة تجاه هذا الصبي الذي يبحث عن أبيه، وقررت بينها وبين نفسها أن تساعده وبالفعل تتعهد برعايته في نهاية الأسبوع.. وتبحث معه عن أبيه حتي يجده.. لكن للأسف الشديد يكون اللقاء فاترا..  صادما للابن حيث يكتشف أن الأب لايريد أن يراه ثانية.. وإنه يتخلي عنه طواعية من أجل أن يعيش حياته!

والحقيقة أنه في الحياة كم من »الآباء« الجبناء الذين يتخلون عن أبنائهم ومسئولياتهم وأيضا من الأمهات اللائي انتزعت من قلوبهن الرحمة متخليات عن الأبناء تحت حجج واهية وهمية ترجمتها الأساسية هي الأنانية.

»سيريل« يجد في »سامنتا« حضنا دافئا يعوضه  عن حنان الأب والأم معا.. لكن هذا لايمنعه من أن ينزلق مع رفقاء سوء مما يوقعه في مشاكل جمة تقف فيها »سامنتا« بجواره.. ربما هذه اللحظة الفارقة في حياته التي كانت ستضعه  في إصلاحية الأحداث هي التي جعلته يقدر ما فعلته سامنتا وتفعله من أجله.. ليصبح طفلا مطيعا فقد اكتشف أن الحب يعني المسئولية وهي تحملت المسئولية وتخلت عن الرجل الذي أحبته من أجله لأنه كان يرفض وجوده.. كما دفعت له كفالة كبيرة.. ففي الحياة لايكفي فقط أن تعطيني حياة بل أن تتحمل مسئوليتي مما يعني أن تحسن تربيتي.

هذا الفيلم الرائع للأخوين »جان بيير« .. و»لوك داردين« الذي حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الفيلم التركي »حدث ذات مرة في الأناضول« للمخرج التركي نوري بلجي بينما حصل فيلم »شجرة الحياة« للمخرج »نيراتس ماليك«، علي السعفة الذهبية.

الفيلم الأول »طفل علي دراجة« عمل شديد الإنسانية يدخل القلب.. وقامت ببطولته الفنانة »سيسل دو فرانس« والطفل الرائع »توماس دوريه«. أما الفيلم الثاني فهو بطولة »براد بيت« و»شين بين« وقد أثار الإعجاب بمستواه الفني السينمائي الرائع.. ولنا حديث عنه في عدد قادم.

»طفل علي دراجة« يعتبر التتويج الثالث للأخوين »داردين« فقد حصلا من قبل علي السعفة الذهبية لأول مرة عن فيلمهما »روزيتا« والثانية عام ٥٠٠٢ عن فيلمهما »الطفل« وهما من الأسماء المخلصة لمهرجان »كان« وعادة إن لم تحصل أفلامهما علي جائزة فإن إبطال الأفلام يحصلون علي جوائز التمثيل أو في الأفرع الأخري، كما حدث في »صمت لورنا« عام ٨٠٠٢ .. »الابن« عام ٢٠٠٢.

والأخوان »داردين« الأول جان بيير في الستين من عمره والثاني لوك في الثالثة والستين وهذا هو فيلمهما الثامن حيث قدما من قبل العديد من الأفلام التسجيلية وشاركا في إنتاج العديد منها أيضا.

وهما عادة في أفلامهما لايستخدمان الموسيقي التصويرية كثيرا لكن في هذا الفيلم استعانا بها وهو شيء نادر بالنسبة لهما.

هوليوود الصامتة.. بعيون فرنسية

تحية بالأبيض والأسود للسينما الصامتة وروادها.. تحية للسينما في بداياتها.. ولمتعة البصر بعيدا عن لغة الحوار نجح في تقديمها المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس في فيلمه The Artist (الفنان) بطولة الممثل الفرنسي جان دوچاردان والفنانة »بيرينيس بيجو«.. والذي استحق دوچاردان جائزة أحسن ممثل بجدارة فالفيلم كان حديث المهرجان بما حققه من متعة حقيقية قادت الجميع لحنين قديم شمل كل شيء أيام »الأبيض والأسود« الجدير بالذكر أن الفيلم تم ضمه في آخر وقت للمسابقة الرسمية حتي إنه لم يلحق بكتالوج المهرجان .. والطريف أن هذا الفنان الذي بهر الجميع بأدائه الرائع الصامت بدأ حياته الفنية كممثل هزلي.

الفيلم كما يقول مخرجه »ميشيل« كان »حلما«.. و»حنينا« لزمن قديم عندما تحدث عنه مع المنتج توماس لانجمان فوجئ بحماسه الشديد واستعداده لإنتاج الفيلم.. وهو نفس ماحدث مع بطل الفيلم »دوچاردان« الذي أعجب بالفكرة قبل أن يقرأ السيناريو.. وجاءت الموافقة فورية بعد قراءة السيناريو.

الفيلم يروي المرحلة الانتقالية من السينما الصامتة إلي »الناطقة« وكيف أثر ذلك علي أحد فنانيها العظام.. الحكاية ليست سيرة ذاتية لأحد .. لكن وقائعها بالتأكيد ألقت بظلالها علي من عملوا في تلك الفترة.. ميشيل يشارك للمرة الأولي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، الأحداث تدور في عام 1927 من خلال جورج فالانتيني أحد نجوم السينما الصامتة الذي يجد نفسه وقد أصبح في دائرة النسيان بمجيء السينما الناطقة.. ولايجد من تساعده سوي بيير ميللر كانت كومبارس ساعدها في الوصول إلي السينما فحفظت له الجميل .. ومدت له يد المساعدة بعدما تبدل به الحال كما ساعدها هو من قبل.. خاصة أنها أحبته كثيرا منذ البداية، ووجدت في إجادته رقصة الكلاكيت مايعيده من جديد معها في تقديم الاستعراضات وعودته للسينما.

وعن هذا الدور يقول صاحب جائزة أفضل ممثل إنه تأثر كثيرا بفنان عظيم في ذلك الوقت هو دوجلاس فيربنكس.

ثورة النساء

في الحياة ومن أجل الاستمرارية ليس مهما »الحب« بل »الاحترام«  الاحترام في »الاختلاف« قبل »الوفاق«.. في التناقض قبل التطابق.. في تقبل وتفهم وجهة نظر الآخر مهما اختلفت وابتعدت عن وجهات نظرها.. وتقديرها حق قدرها وعدم الاستخفاف بها.  فالحقيقة إنه لاتستقيم الحياة حتي بين اثنين بدون احترام .. فهو العمود الفقري لأي علاقة.

وفي واحد من أجمل الأفلام وأبسطها التي عرضت في المهرجان الفيلم المغربي الفرنسي البلجيكي المشترك »نبع النساء« للمخرج الروماني الأصل والفرنسي الجنسية رادوميهالينو وهو بالمناسبة يهودي الديانة وليس في ذلك ما يسوؤه بل مايزيدنا احتراما  وإجلالا له . وإن تردد معلومة ليست موكدة بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن المؤكد أنه عندما تولي شاوشيسكو الحكم في رومانيا تم طرد والده إلي إسرائيل وإن كان رادو هاجر إلي فرنسا وعمل محررا ومساعد مخرج. كما كتب بعض القصائد وذلك قبل أن يقدم أفلاما سينمائية.. ومن بين هذه الأفلام »اذهب.. وعش.. وعد« وأحداثه تدور في إسرائيل.

رادو في فيلم نبع النساء الذي يشارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان »كان« وقبل التطرق للفيلم والذي لم يكن أفضل أفلام المسابقة إلا أن حكايته وسرده للأمور هي نقطة قوته الحقيقية..  خاصة أنه انصف المرأة في الإسلام.. وشرح كل الحقوق المكفولة لها والتي تجهلها الكثيرات.. وهو في ذلك مايشكر عليه المخرج الذي لايدين بالإسلام.. لكنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية للإسلام المفتري عليه عالميا. والمسلمين المتهمين دائما بالإرهاب.

حكاية الفيلم باختصار شديد عن قرية نائية تقع فوق أحد الجبال المرتفعة بشمال أفريقيا (المغرب).. لايدخلها الكهرباء .. والماء.. وعلي النساء أن يصعدن لأعلي الجبل للإتيان بالماء وسط طريق وعرة للغاية مما كان يدفع بهن للسقوط.. وما أكثر الإصابات التي ألمت بهن.. خاصة حالات الإجهاض  بسبب السقوط لدرجة أن بعضهن أجهضن أكثر من مرة.

وأمام هذا الإحساس بالظلم والقهر  من قبل رجال يقضون كل وقتهم علي المقهي دون عمل.. فنقص المياه حجة قوية كي لايفلحوا الأرض أو يمارسوا أي عمل.. لذا كان القرار بعمل إضراب عن ممارسة الحب مع أزواجهن .. مما أدي إلي الكثير من الخلافات والمناقشات عن حقوق المرأة وواجباتها من منظور الدين الذي انتصر لها ولكرامتها وإنسانيتها.

ورغم أن قصة الفيلم استوحاها المخرج من واقعة حقيقية وقعت في تركيا عام  2001.. وإن كان لها مثيل في التاريخ القديم من خلال  lysistrata d’aristophane وهي عن امرأة أعلنت الإضراب عن ممارسة الحب مع زوجها القائد الكبير لوضع حد للحروب.

وفعلا إن كيدهن عظيم وفي الفيلم كما في أحداث القرية التركية خافت الدولة من انتشار تلك الثورة فكان أن مدت القرية »بالماء« بعدما كانت ودن من طين والأخري من عجين وهذه هي عادات الحكومات المتخلفة.

يعترف رادو إنه مع شريكه آلان ميشيل بلان في كتابة السيناريو أنهما قضيا أكثر من عام في البحث والقراءة والاطلاع والسماع لشهادات العديد من النساء.. بل إن القرية التي تم فيها تصوير الفيلم أمضيا فيها عدة شهور.

بطلات الفيلم هن الممثلة القديرة بينونة مع ليلي بختي وحفظية حرزي التي لها فيلمان في المسابقة الرسمية، وكنا في آخر ساعة أجرينا معها حوارا منذ عدة سنوات وتنبأنا بأنها ستكون إحدي أهم ممثلات فرنسا في المرحلة القادمة.

وإذا كانت حكاية النساء حاضرة بقوة في مهرجان كان، فإن التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة هي الممثلة كريستين دانست بطلة فيلم منغوليا للمخرج الدانمركي لارس فان تريير والجدير بالذكر أن هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به بينلوب كروز التي فضلت   العمل في فيلم »قراصنة الكاريبي« والذي عرض خارج المسابقة.

صباح الخير المصرية في

31/05/2011

 

إسرائيل.. الرابح الأكبر في مهرجان «كان» السينمائي

بقلم : أسامة عبد الفتاح 

من المدهش حقا أن تكون إسرائيل الرابح الأكبر - فنيا وسياسيا - في الدورة الرابعة والستين لمهرجان "كان" السينمائي الدولي (11 - 22 مايو الحالي)، في عام الثورات العربية، وفي دورة اختارت مصر أول ضيف شرف للمهرجان العريق، لكن هذه هي الحقيقة للأسف الشديد.. غطت واقعة ذبح المخرج الدانماركي العالمي الكبير لارس فون ترير بسكين معاداة السامية، خلال المهرجان، علي الاحتفال بمصر في كل وسائل الإعلام الدولية.. كما شاركت إسرائيل في المسابقة الرسمية للمهرجان، وفازت بجائزة السيناريو، في الوقت الذي عرض فيه الفيلم المصري "صرخة نملة" علي "بلاج" المدينة الفرنسية الساحلية، وتبادل السينمائيون والنقاد المصريون - علي البلاج أيضا - السباب والاتهامات بالعمالة والخيانة، في إطار الخلافات والانقسامات المعروفة حول الفيلم الآخر "18 يوم"، ومدي علاقة صناعه بالنظام الحاكم السابق. أثبت مهرجان "كان" مجددا أنه سياسي قبل أن يكون فنيا، وخسر مسئولوه - بكل سهولة - مخرجا بحجم ترير، من أهم مخرجي العالم وأهم رواد المهرجان، لمجرد كلمات عابرة اعتذر الرجل عنها، وقال إنها كانت دعابة، لكن المشكلة أنها كانت كلمات في حق الذات السامية العليا، ولذلك كان التغاضي عنها مستحيلا! كان المهرجان قرر طرد لارس فون ترير بعد تصريحات له، خلال المؤتمر الصحفي لفيلمه "ميلانكوليا" أو "اكتئاب"، الذي شارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، قال فيها ممازحاً إنه يتعاطف مع الزعيم النازي أدولف هتلر ويرفض الدولة الإسرائيلية لأنها "مصدر إزعاج". وأردف: "لوقت طويل اعتقدت أنني يهودي وكنت سعيداً بأنني يهودي، ولكن تبىّن أنني لست كذلك ووجدت أنني فعلاً نازي وهذا ما منحني بعض السرور". أضاف أنه "يفهم" هتلر، وقال: "من الصعب ان يوصف هتلر بالرجل الصالح مثلاً، ولكني أفهم الكثير عنه وأتعاطف معه بعض الشيء ولكني لست مع الحرب العالمية الثانية ولست ضد اليهود". ولكنه أوضح أن هذه "مزحة أيضاً"، واستدرك قائلاً: "ولكني لست كثيراً مع اليهود. لأن إسرائيل مصدر إزعاج"، وتابع: "يا إلهي كيف أتنصّل من هذه العبارة.. حسناً، أنا نازي". كيف تذل فنانا كبيرا؟ وفي رد فعل فوري - ولا أريد أن أقول إجباري - ذكر المهرجان في بيان أنه "يوفر لفناني العالم كله منبراً استثنائياً لعرض أعمالهم وللدفاع عن حرية التعبير والإبداع". وأضاف أن مجلس إدارته عقد اجتماعاً استثنائياً وعبر فيه عن "أسفه لاستخدام لارس فون ترير لهذا المنبر للإدلاء بأقوال غير مقبولة ولا يمكن التساهل بشأنها وتتناقض مع المثل العليا للبشرية والسخاء السائد في أصل المهرجان نفسه". أعرب البيان عن إدانة مجلس إدارة المهرجان "وبحزم" هذه الأقوال واعتبار ترير "شخصاً غير مرغوب فيه" في المهرجان، علي أن يسري القرار "بشكل فوري". وجاء البيان بعد اعتذار ترير بالفعل عما قال بناء علي طلب إدارة المهرجان، فيما يعد مخططا لإذلال المخرج الكبير والنيل منه إرضاء للصهاينة، في واقعة مؤسفة الخاسر الأكبر فيها - في رأيي- هو مهرجان "كان" نفسه، وليس ترير الذي تتنافس كبري مهرجانات العالم علي أن تكون أفلامه علي قائمة عروضها ومسابقاتها الرسمية. العجيب أن إدارة المهرجان طردت ترير من دون أن تطرد فيلمه، وأعلنت أن القرار لا يستبعد المخرج من المسابقة الرسمية للفوز بالسعفة الذهبية والجوائز الأخري، وأنه في حالة حصوله علي جائزة، لن تتم دعوته إلي حفل الختام لتسلمها! لكي تدرك مدي سطوة ونفوذ الصهاينة في "كان" وسائر المحافل الدولية، يكفي أن تعرف أن لارس فون ترير، الذي ذبحه المهرجان وخسره للأبد، من أبرز أعضاء نادي "كان" للمخرجين الكبار، وشارك في المهرجان 11 مرة، سواء كصاحب فيلم أو عضو لجنة تحكيم.. وفي عام 1996 نال فيلمه "تكسير الأمواج" جائزة لجنة التحكيم الخاصة، أما تحفته "راقصة في الظلام"، فقد حصل علي السعفة الذهبية عام 2000 . دوجما 95 ترير، المولود في 30 إبريل 1956 بكوبنهاجن، هو مؤسس مدرسة "دوجما 95"، التي تعد من أهم الحركات السينمائية التي ظهرت في القرن العشرين، حيث كسرت العديد من القواعد الأساسية في العمل الفني ككل لصناعة فيلم قليل التكلفة يعتمد علي الميزانيات المتاحة من الحكومات الأوروبية أو قنوات التليفزيون. ولكي يصنف أي فيلم علي أنه من أفلام الدوجما يجب علي صناعه أن يلتزموا ببعض القواعد التقنية الأساسية منها: أن الفيلم كله يجب تصويره في مكان الحدث من دون استخدام أي وسائل مساعدة أو إضاءة صناعية ويكتفي بالاعتماد علي إضاءة المكان الطبيعية من دون فلاتر، أيضاً الصوت يجب أن يسجل في مكان التصوير والكاميرا من المستحب أن تكون محمولة علي اليد طوال الوقت.. وأقصي طموح لدي صناع سينما الدوجما أن يقدموا عملهم بدون أدني ضغوط إنتاجية أو تسويقية من أي نوع. يقول لارس فون ترير إن أفلامه لا يشبه أحدها الآخر، لكن من الواضح في الوقت نفسه أنها من صنعه هو بالذات، حيث يمكن تتبع بصمته علي الدوام، وأبرز مظاهر هذه البصمة، العاطفة.. ويضيف في كتاب "دروس أساتذة السينما" قائلا: "صناعة الأفلام كانت علي الدوام عن العواطف. ما استنبطه من المخرجين الكبار الذين أعجبت بهم أنه إن أريتني خمس دقائق من أفلامهم، فسأعرف أنها من صنعهم. ورغم كون معظم أفلامي مختلفة عن بعضها بعضاً، فإن بإمكاني ادعاء الشيء نفسه، واعتقد أن العاطفة ما يجمع بينها.. علي أية حال، لم أبدأ يوماً في صناعة فيلم للتعبير عن فكرة محددة. أعي تماماً كيف سيري المرء ذلك في أفلامي الأولي، لأنها ستبدو باردة بعض الشيء وذات بنية رياضية، لكن مع ذلك فإنها في العمق كانت عن العاطفة بالنسبة إلي. والسر في أن الأفلام التي أصنعها اليوم قد تبدو أقوي، بالمعني العاطفي للكلمة، يعود إلي هذا السبب فقط.. فأنا كشخص، أصبحت ناقلاً أفضل للعواطف". جائزة "فوق البيعة" لكي تكتمل مجاملة "كان" لإسرائيل، تم منح الفيلم الإسرائيلي "حيرات شولايم" أو "هامش"، الذي شارك في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، أهم أقسام المهرجان، جائزة السيناريو لمخرجه وكاتبه جوزيف سيدار.. ويقول الناقد الكبير أمير العمري، الذي حضر المهرجان وشاهد الفيلم، إن وجوده في مسابقة "كان" يمثل علامة استفهام كبيرة، ليس لكونه فيلما إسرائيليا، فهناك من الأفلام الإسرائيلية ما هو جيد فنيا، ولكن لأنه ربما يصلح للعرض أكثر علي مشاهدي التليفزيون الرسمي الإسرائيلي، أي انه يبدو فيلما مصنوعا للجمهور الإسرائيلي دون أن يحمل أي أبعاد إنسانية كبري يمكن أن تلمس مشاعر المشاهدين في العالم. يضيف أن موضوع الفيلم يدور حول قضية أخلاقية بالأساس، تتعلق بالعلاقة بين أب وابنه، وكيف يمكن أن يواجه الابن والده بعد أن أصبح منافسا له في العلم والمعرفة، بل وأصبح أيضا يتفوق عليه.. هل يمضي قدما ويتيه فخرا بما حققه حتي لو سبب ذلك للأب ألما بل وأدي إلي سحقه سحقا وهو الذي يتطلع قبل أن يختم حياته، إلي نوع من التحقق لم يعرفه طيلة حياته؟ كان الناقد والمخرج المصري "أحمد عاطف"، عضو لجنة تحكيم اتحاد النقاد الدوليين (فيبريسي) في دورة "كان" هذا العام، قد طلب انسحابه من المشاركة في تحكيم أفلام المسابقة الدولية في المهرجان، علي أن يكتفي فقط بالإدلاء بصوته في الأفلام المشاركة في قسم "نظرة ما" - وهو ما وافق عليه أعضاء لجنة التحكيم - بسبب مشاركة الفيلم الإسرائيلي في المسابقة. وجاءت مشاركة الفيلم الإسرائيلي وسط غياب عربي معتاد عن المسابقة الرسمية للمهرجان.. ولا يعرف أحد متي ينتهي هذا الغياب، أو إلي متي ستدوم السطوة الإسرائيلية.

جريدة القاهرة في

31/05/2011

 

رؤية خاصة..

نتائج مهرجان »كان«

رفيق الصبان 

اعتاد مهرجان »كان« أن يخلق مفاجآت غير متوقعة عند إعلان نتائجه النهائية التي تجيء غالباً مخالفة لرأي أغلبية النقاد والمهتمين بشئون السينما، كما حدث في العام الماضي مثلاً.. حيث فاز بالسعفة الذهبية فيلم لم يحقق أي نجاح فني أو جماهيري، ومن قبله كثرت الأقاويل حول فوز فيلم هاندكه الجميل بالجائزة الكبري والادعاء بأن رئيسة لجنة التحكيم وقتها وكانت ايزابيل هوبير.. قد ضغطت لإعطائه الجائزة رداً لجميله عليها إذ جعلها تفوز قبل ذلك بجائزة أحسن ممثلة في المهرجان نفسه عن فيلم من إخراجه.

هذا العام ومن قبل بدء المهرجان سرت شائعات كثيرة.. حول إمكانية فوز فيلم تيرنس ماليك »شجرة الحياة« بالجائزة المتنافس عليها.. رغم وجود أكثر من مخرج كبير في مسابقة هذا العام.

ولكن ظل الشك يحوم في إمكان الفيلم بالفوز.. لأن رؤية رئيس لجنة التحكيم »روبرت دي نيرو« تتعارض أصلاً مع رؤية »ماليك« الجمالية والروحية.. بل والفنية عموماً.

ولكن وقعت المفاجأة.. وسيطر رأي أعضاء اللجنة علي رأي رئيسهم.. الذي حقق مع ذلك رؤيته.. يمنح فيلمين ينتميان بشكل مباشر جداً إلي عالمه الخاص، وهما الفيلم الأمريكي »درايف« الذي يذكرنا بقوة فيلم »سائق التاكسي« الذي كان مفتاح الشهرة والنجاح لدي نيرو عن طريق مهرجان »كان« نفسه.. والذي منحه دي نيرو جائزة الإخراج.. كما منح الفيلم الفرنسي »بوليس« الذي يدور في إطار تحقيق بوليسي عن سوء معاملة الأطفال في الأحياء الهامشية بفرنسا.. إلي جانب فيلم الانديني داروين »الصبي ذو الدراجة« والذي كان مرشحاً بقوة للفوز الكبير، واكتفي دي نيرو بإعطائه جائزة خاصة.. تقل كثيراً عن السعفتين الذهبيتين اللتين نالهما المخرجان البلجيكيان في دورات سابقة.

وتوضح إغفال إعطاء الجائزة لشون بين.. رغم أدائه المبهر في »شجرة الحياة« نظراً للخلافات الشخصية ذات البعد السياسي والتي تميز علاقة هذين الممثلين الكبيرين، وراحت الجائزة إلي ممثل فرنسي ليس هناك شك بموهبته.. ولكنه لا يتمتع بالألق الفني والجماهيري الذي يحيط بأسماء من أمثال شون بين أو انطونيو باندراس أو حتي برادبيت.

وبدا التحيز السياسي البغيض واضحاً في إعطاء جائزة السيناريو لفيلم إسرائيلي شديد الخصوصية.. متجاهلاً الإبداع الفني في فيلم »ينبوع الحياة« الفرنسي- المغربي، والذي يتناول وضع المرأة العربية وموقفها من المجتمع الذكوري ومن الحروب ومن السلطة.

ولكن علي العموم.. رغم هذه التحقيقات.. تبقي جوائز المهرجان هذا العام جوائز متناسقة ومستحقة.. تجعلنا نرفع القبعة لأعضاء لجنة التحكيم أكثر مما نرفعها ل»دي نيرو« نفسه.

أخبار النجوم المصرية في

02/06/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)