حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

استفتاءات وتكريمات وندوات مضروبه

بقلم:طارق الشناوي

احدي القنوات التليفزيونية أجرت استفتاء عن أفضل ممثل وممثلة ومخرج ومسلسل وهكذا بدأت في التفاوض مع الفائزين علي المجيء للاستديو للتصوير.. طلب بعضهم مقابل بينما آخرون اعتذروا لارتباطهم بمواعيد مسبقة فما كان من القائمين علي القناة لحفظ ماء الوجه سوي تغيير نتيجة الاستفتاء ومنح الجائزة لكل من وافق علي الحضور وأعادت القناة التسجيل مع عدد من الجمهور ليؤكدوا أنهم اختاروا هؤلاء وهكذا تبدو القناة أنها بالفعل تكرم من يستحق.. لو راجعت كل ما نشر في الجرائد والملاحق الصحفية الفنية عن الجوائز التي تمنح للأفضل لاكتشفت أن كل منها انتهي إلي استفتاء يتناقض تماما مع الآخر.. من يحصل علي صفر في جريدة ترفعه الأخري إلي سابع سماء ومن وصل إلي المركز الأول في واحدة نراه وقد ألقي به استفتاء آخر إلي سابع أرض؟!

مع الأيام الأولي مثلا لشهر رمضان أذيع في عدد من القنوات ونشرت الصحف قائمة العشرة الأوائل Top Ten لأكثر الأعمال مشاهدة اكتشفنا مثلا أن مسلسل »الجماعة« ليس من بين العشرة رغم أنه حظي بمشاهدة عالية حتي المختلفين معه فكريا كانوا بالتأكيد يتابعونه.. الاستفتاء لم يكن يختار الأفضل ولكن الأكثر مشاهدة وهكذا كان غريبا أن مسلسلا أثار كل هذا الجدل ولايزال وأتصور أنه أيضا سوف يستمر عدة أشهر قادمة ورغم ذلك لا يذكر بين العشرة أعمال التي شاهدها الناس بينما مسلسلات من نوعية »الفوريجي« و»العتبة الحمرا« يأتي ذكرها بين العشرة الأوائل!

من المفارقات مثلا أن الممثلة السورية »سوزان نجم الدين« قالت في أكثر من حوار أنها غير راضية عن دورها في مسلسل »مذكرات سيئة السمعة« ورغم ذلك تحصل علي جائزة أفضل ممثلة من احدي القنوات الاذاعية الحكومية؟!

ولن يتوقف الأمر عند ذلك الحد ولكن تابعوا معي ما سوف يحدث في الأيام القليلة القادمة إذا لم يكن قد حدث بعضا منه في الساعات القليلة الماضية وهو عدد من الجمعيات والتجمعات والنقابات والجرائد والمجلات تستضيف نجوم الدراما في رمضان وكل أسرة مسلسل تأتي إلي تلك القناة أو الجمعية أو الجريدة تحصل علي جائزة باعتبارها الأفضل لنكتشف أن الكل كان الأفضل واسأل وأنت أيضا بالتأكيد تسأل أين إذن الثاني لماذا لم يأتي ذكره بين كل هؤلاء الأوائل وإذا كان الحال كذلك وكلهم أوائل فلماذا إذا غضب أغلب المشاهدين من سوء مستوي العدد الأكبر من مسلسلات رمضان ورأوا أن بعضها كان مباشرا بل وفجاً وبعضها كان ثقيل الظل.. إنها بالتأكيد حالة من العبث والغش الفني يشارك فيها العديد من التجمعات كل ذلك من أجل أن يأتي النجم إلي تلك الجمعية ليتلقي تكريمه وضاعت كل أهداف التكريم!!

لم تعرف مصر اقامة ندوات رمضانية للمسلسلات  إلا قبل ٢٢ عاما فقط لاغير وكنت أنا أول من بدأ هذا المشروع من خلال نقابة الصحفيين وتحديدا اللجنة الثقافية التي كان يرأسها الكاتب الكبير وصديقي الراحل »مجدي مهنا« كنت أنا مسئولا عن النشاط السينمائي والتليفزيوني وعلي هذا بدأنا عقد ندوات مع صناع المسلسلات في كل رمضان ولم يكن الهدف هو التكريم فلم نكن نمنح شيئا لمن يحضر ولا حتي شهادة تقدير ورقية ولكن كان هدفنا النقاش المفتوح بين الصحفيين وصناع الأعمال الفنية والتي كانت تحرص علي نقلها محطات التليفزيون الرسمية قبل انتشار الفضائيات الخاصة ثم دخلت الفضائيات طرفا مشاركا كما أن زملائي الصحفيين كانوا يعتبرون وقتها أن هذه الندوات هي الحدث الأهم ولهذا كانت تحتل المساحة الأكبر في التغطية الصحفية.. كل هذا أسفر مع الزمن عن ترسيخ تلك القاعدة من خلال ندوات التي أزعم أنها كانت جادة ولم تضع ابدا في حسابها تكريم النجوم بقدر ما كان الهدف هو النقاش المفتوح وهكذا استضفنا مسلسلات بحجم »ليالي الحلمية« ، »رأفت الهجان«، »هو وهي« وغيرها ثم انتقل النشاط من نقابة الصحفيين الي نادي نقابة الصحفيين بالجيزة بعد أن فتح الراحل »محمود السعدني« المسئول عن النادي الابواب أمامنا لتقديم هذه اللقاءات إلا أنه قبل عشر سنوات اختلفت الامور وضاعت الحقائق وبدأ النجوم يبحثون عن التكريم والدرع والصورة من أجل الدعاية لأنفسهم بل ان البعض كان يشترط أولا أن يقرأ كلمات التكريم ليتأكد أنه الأفضل ولم اجد أن الندوات صار لها أي جدوي في النقابة بعد هذا السيل المنهمر من الندوات المماثلة وأوقفت هذا النشاط الثقافي؟

لن تجد أي نجمة أو نجم خلال هذه الايام إلا ومعه جائزة يتباهي بها بين أقرانه الآخرين مؤكدا انه الأول ولديه الشهادة والختم والصورة التي نشرتها الصحف وامتلأت بها أيضا الفضائيات.. الامر للحقيقة صار يخضع لعوامل كثيرة وهو أن الفضائيات زاد عددها إلي ٠٠٧ قناة عند كتابة هذه السطور وربما عند النشر سوف يزداد العدد قناتين أو ثلاثة أتحدث بالطبع فقط عن القنوات الناطقة بالعربية وهذه القنوات تحتاج إلي مادة بأقل التكلفة والنجوم عادة عندما يذهبون إلي فضائية ما يشترطون أموالا ضخمة ولكن عندما تذهب إليهم هذه القنوات وتصورهم وهم يحتضنون الجوائز فلا يطالبوهم بشيء بل انهم يرحبون بالطبع بعقد هذه اللقاءات المجانية التي يخرج فيها الجميع وهم منتصرون النجوم والجمعيات والنقابات بينما الخاسر الوحيد هي الحقيقة.. حيث لا أحد علي وجه الدقة يعرف من يستحق التكريم لأن الجميع شارك في تلك الخديعة الكبري.

إلا أن الجمهور ليس كما يعتقد هؤلاء الفنانون يصدق أن كل هؤلاء المكرمين هم الذين أسعدونا في رمضان أين إذن الذين أتعسونا.. الناس لديهم أيضا استفتاء أكثر صدقا ولكننا لن نقرأه في الصحف ولن تشاهده في الفضائيات.. استفت قلبك وإن أفتوك!!

أخبار النجوم المصرية في

16/09/2010

 

الفن المصري يشكو انقطاع النور

بقلم:موفق بيومي 

مزدحمة الأحداث ومليئة بالمتعة.. جهاز تسجيل شديد الدقة دون ماجري وحفظ لنا ما كان.. انها صحف ومجلات ايام زمان.

وتبقي معظم مشاكلنا وأزماتنا مجرد استنساخ لمشاكل عشناها قبل عشرات -وربما مئات- السنين لانستفيد من أخطائنا لنتعلم كيف نضع الحلول التي تعيننا علي مواجهة نفس الازمات حال تكرارها .. أحدث ماتعاني منه قاهرة ومصر ٠١٠٢ هو مشكلة »إنتظام« إنقطاع التيار الكهربي أو »النور« كما كنا ومازلنا نسميه في أشارة واضحة الدلالة إلي أهميته وحساسيته وقد سمعنا -وسوف نسمع- سيلاً من التبريرات والتحليلات التي لاتشبع جوعاً أو تروي ظمئاً.

ان عشناها -بدرجات متفاوتة- عدة مرات من قبل وربما كان اشهرها أزمة عام ٩٤-٠٥ والاشد مدعاة الي الضحك -بل البكاء- إكتشافنا أن نفس تبريرات وتحليلات الازمة الحالية ما هي إلا نسخة كربونية معدلة مما صرح به المسئولون وقتها وهو ماعثرنا عليه في مقال نادر صادر في عدد تذكاري من جريدة المصري في عام ٠٥٩١ كانت تستقبل به النصف الثاني من القرن العشرين وتشيد من خلاله بأعمال وانجازات اسرة محمد علي.. عند تقليبنا في صحف ومجلات هذا العام فوجئنا بشكاوي متفرقة من الفنانين وبعض المشاركين في صناعة السينما بسبب انقطاع الكهرباء وها نحن ننشر مقتطفات من الموضوعين حتي نزداد تأكدا انه.. لاجديد تحت الشمس!!

محدثي النعمة!

نبدأ جولتنا بالإشارة إلي مقتطفات من مقال جريدة المصري والذي جاء في صورة إعلان تحريري وكان عنوانه »أزمة النور أزمة عالمية.. قرب إنفراجها في القاهرة« .. العنوان بمفرده كفيل بتوقع التفاصيل فهو تقديمه صادقة وإشارة واضحة الي المحتوي وهي نفس الطريقة التي يخاطبنا بها المسئولون اليوم مؤكدين اننا في نعمة كبري وان الأزمة أكبر من أن تقف عند حدود مصر فهي أزمة دولية ناسين بل متناسين العديد من التفاصيل الكافية بنسف هذه الإدعاءات والقاريء لإفتتاحية الموضوع المنشور في فبراير من العام ٠٥٩١ لولا اصفرار الورق بفعل الزمن  إذ تقول المقدمة »ازمة النور ليست مقصورة علي مصر وحدها فأغلب الدول الاوربية تعاني الآن نفس الازمة ففي فرنسا مثلاً تفرض قيود قاسية لتلافي الازمة هناك فيقطع التيار عن حي بأكمله مرة أو مرتين في الأسبوع الي ان يمر أقصي الحمل بقصد الموازنة بين ماينتج ومايلزم للإستهلاك وقد تناولت القيود المحال التجارية فالزمتها السلطات بإغلاق ابوابها عند الغروب توفيراً للكهرباء«.. ألم نقل انه نفس مايمليه علينا المسئولون اليوم بكرة وعشية ؟! حتي العودة الي الإغلاق المبكر تتبناها جهات كهربائية عديدة حلا سريعاً للمشكلة بقطع ارزاق الناس دون المسارعة بالحل الجذري.

فقرة  اخري شديدة الأهمية والطرافة تنقلها من نفس المقال وتقول تحت عنوان  سبب أزمة الكهرباء » ولقد ازداد الحمل الملقي علي محطة توليد  الكهرباء نتيجة لتوسع الشركة في إعطاء الكهرباء لكل محتاج من ناحية ونتيجة لإقبال الجمهور علي استعمال انوار النيون والفلورسنت والثلاجات والراديوهات والسخانات وغيرها من المعدات الكهربائية المختلفة التي وردت لمصر بعد ان فتحت أبواب الاستيراد من الخارج علي مصرعها في السنوات التي اعقبت الحرب الأخيرة فضلا عن حالة الرخاء التي عمت بعض الطبقات مما جعلها تتوسع في استعمالها من ناحية اخري وبين عامي ٨٣ و٨٤ زادت نسبة استهلاك الفرد ٥٣١٪ بجانب ان عدد سكان العاصمة قد زادوا في هذه المدة زيادة كبيرة جداً فإذا اضفنا الي هذا كله اتجار الاهالي بالتيار الكهربائي بواسطة وصلات غير قانونية ادركنا مدي الزيادة في الاحمال علي محطة التوليد«!! أنوار النيون والفلورسنت والتوسع في شراء الأجهزة الكهربائية الحديثة هي حجة الاربعينيات والتي يقابلها الآن الإفراط في استخدام اجهزة التكييف.. وتفضل الشركة قبل ستين عاما بانها تعطي الكهرباء لكل طالب مازال يقابله اليوم المن علينا بعدم قطع الكهرباء الايام كاملة والتفضل بعدم قطعها عن المصانع التي تقدم الدخل القومي للبلد أما حجة الزيادة السكانية فثابتة من غير تغيير والغريب  ان المسئولين في العصرين لم يتطرقا ولو حتي بكلمة واحدة إلي الفواتير الملتهبة التي ندفعها لشركات الكهرباء والتي  تثير العجب والدهشة من فرط المبالغة وبدون خدمة تقابل المبالغ المدفوعة.

قطع العيش

أثناء اشتعال الازمة قامت بعض الصحف والمجلات باستطلاع اراء بعض المتضررين من انقطاع التيار في تلك الازمة وكان منهم بطبيعة الحال بعض  الفنانين والعاملين في صناعة السينما وقد قامت أيام زمان بتجميع هذه الآراء وها نحن ننشر بعضها الذي انتقيناه لاذعا وطريفا وبدون تعليق!

> »الشركة بقت بطالة خالص« سليمان بك نجيب

> »مسكوني وابور النور ده وشوفوا هايمشي زي الالف وله لا؟«

تحية كاريوكا

> »ده شيء بطال.. دي حاجة شرم برم« ! حسن فايق

> »كهربا؟ ليه بس تفكروني بالذي مضي« حورية محمد

> »مش معقول كده حاجة صعبة خالص كل يوم اعطال اعطال ايه ده الناس دي مفيش حد يحاسبها ياربي«!

آسيا

> » لو ما شافوش حل هاتولي كل المستخدمين بتوع الوابور اشيلهم في بقي« اسماعيل يس
»كده حرام ده قطع عيش والعملية اصلا صعبة« صاحب سفين.

أخبار النجوم المصرية في

16/09/2010

 

السائرون نياما وجماعه اليهاليل

بقلم:د. حسن عطيه 

إذا كان مسلسل (همام) قد تدثر بتاريخ المماليك في أواخر أيام حكمهم للبلاد قبيل سقوطهم النهائي بغزو الحملة الفرنسية وما تلاها من حكم »محمد علي« وعائلته ومذبحته الشهيرة لآخر فلولهم، لتقديم فانتازيا تاريخية ذات شخصيات ووقائع لها حضور في الماضي موثقة ومروية، فهذا مسلسل آخر يدور أيضا في أجواء مملوكية، وفي نهاية مرحلة سابقة من مراحل حكم المماليك لمصر، قبيل غزو العثمانيين للبلاد، فيما بين نهاية أيام حكم المملوك »الظاهر بلباي« ونهاية أيام حكم المملوك »الأشرف قايتباي«، وأن لم يشعر المشاهد بالمسافة الزمنية الطويلة التي تجري فيها وقائع المسلسل، وذلك دون أن يكون دراما تاريخية ترصد زمناً ماضياً وتوثق وقائعه، بل هو دراما واقعية، تخاطب الحاضر الراهن بكل همومه، سواء أكان أوائل ستينيات القرن الماضي، زمن كتابة ونشر رواية »سعد مكاوي«، أو كان الآن، زمن كتابة سيناريو هذا المسلسل منذ عدة سنوات، وإخراجه وعرضه هذا الشهر.

لا يقف التاريخ في مسلسلنا الحالي عند حدود كونه رداء لأفكار العمل، بقدر ما يكون فضاء لجريان موضوعات تخترق الأزمنة والأمكنة، ويقدم التناقض الحاد بين القمة التي يعيش فيها المماليك، والسفح الذي يعاني الحياة فيه فقراء المجتمع، وبينهما شريحة صغيرة من التجار وأصحاب المحلات المتواضعة الذين هم أقرب لسكان السفح ومتعاونين معهم، تتخللهم فئة من البهاليل، تجاوزت ما يعرف في العصور المملوكية المختلفة بالعياريين والحرافيش، تمييزا لفئة فقيرة منفلتة في الشارع، لتحمل لواء التمرد علي المماليك مكونة لنفسها وجودا خاصا ذا زي معين من الخيش، وسطوة علي العسكر أسطورية باعتبارهم من المجذوبين للسماء، وملجأ آمنا لمن يهرب من قبضة المماليك، ومتمركزة حول شخص واحد هو الست »زليخة« المناداة من رعيتها في المسلسل ب »ستنا«"، والتي تحولت من امرأة ريفية بيسطة تدعي »وداد« فيما قبل تترات الحلقة الأولي لبهلول حليق الرأس مثلهم، بعد أن مات أولادها تحت أرجل خيل المماليك، وقطع رأس زوجها الفلاح »ناصر« بسيف قائدهم »بلباي«"، وصارت صرختها »أصحوا« هي النداء اليومي لإيقاظ الشعب السائر كالنائم  ودفعه للثورة علي ظلم وفساد المماليك.

الرصد المتوازي

اهتم المسلسل بتصوير أجواء الاضطراب والقهر والاستبداد التي عاشها المجتمع المصري تحت حكم المماليك، وقام بالرصد المتوازي المحسوب بدقة لما يحدث في القصور من صراع بين الحكام والقادة حول كرسي الحكم وامتلاك الجواري، وما يحدث في الشارع الشعبي بمدينة القاهرة والقرية الريفية في (ميت رهينة)، مؤكدا علي هذا التلاقي بين فقراء المدينة وفلاحي القرية القريبة منها، وعلي أن الظلم واقع علي كل قطاعات الشعب الفقير، ورابطا بين القصور والحواري والكفور بفئة البصاصين الناقلة لكل ما يحدث في السفح للحكام في قصور القلعة، وخالق نوعا من التداخل بين العالمين اللذين يبدوان أنهم غير ملتقيين، انطلاقا من حادثة خطف عسكر المماليك الفتاة الجميلة »عزة« أخت التاجر "»خالد« شبه عارية من الحمام العام صباح يوم زفافها، مما يفجر في النفوس رغبة في التجمع من أجل استعادة الفتاة من خاطفيها، واستعادة الكرامة للحي، مداعبا في ذلك الشعور الجمعي الواقف إلي جانب الأخلاق أكثر من أي أمر آخر، فقد عاني الفقراء في المسلسل من القهر والبطش والغلاء إلي درجة أنهم صاروا يأكلون القطط والفئران، وصاروا الكلاب يأكلون لحمهم بعد موتهم، كما قدمته الحلقة الأولي من المسلسل، لكن ما يحركهم أكثر هو اختطاف الفتاة شبة عارية والخوف من اغتصابها، سواء في دلالتها الواقعية أو الرمزية التي مال إليها كتاب الخمسينيات والستينيات، ويتوقف عندها كثيرا بعض النقاد، والتي تطابق بين المرأة والوطن.

قداسة مصنوعة

أنطق السيناريست المتميز »مصطفي إبراهيم« شخصياته المتدثرة بالتاريخ باللهجة المحلية (القاهرية) فجذبه من جوف الماضي لحضن الحاضر الذي نعيشه ونتكلمه، مبتعدا عمدا عن فصاحة اللغة التي تأخذ مشاهد المسلسلات التاريخية لأزمنة بعيدة، ومقتربا أكثر من سخونة الحياة اليومية وهموم البسطاء ومشاكلهم مع الغلاء والنهب والإطاحة بالحرية، وهو ما زاد من قوة تأثير المسلسل علي مشاهديه، وأن خلق التباسا حول جماعة (البهاليل) المناوئة لظلم السلطة المملوكية، وهو التباس ناتج عن تباين تكوينها الاجتماعي والفكري مع دعوتها الثورية لإيقاظ وعي الجماهير ودفعها للتحرك ضد الظلمة، فهي جماعة مقتطعة من المجتمع، غير ذائبة فيه، تعيش في سراديبها الخاصة، وليس ببيوت الناس، تمشي في الأسواق تجمع المال من أصحاب المحلات وتحرك النائمين لصنع الطعام للجوعي، وتأمرهم بجلب الماء إليهم، وتدفن الموتي جوعا بالشوارع، وتقتحم مخازن غلال المماليك دون أن اعتراض أي من الحراس لها، بل أن العسكر يهربون تاركين أسلحتهم بالأرض فور ظهور رئيسة وأفراد هذه الجماعة .

هذه القداسة المصنوعة حول جماعة البهاليل، والمستمدة من الاعتقاد بأنهم من المجذوبين للسماء، قد يؤكدها ما هو ثابت في الذاكرة الجماعية المصرية، حول ضعف عقل المجذوب وأن عرف بطهارة القلب، وابتعاده عن العمل والفعل الجاد في المجتمع، وأن اختلف حتما مع ما حمله المسلسل لهذه الجماعة من أفكار التمرد والمقاومة والوعي بمقادير الأمور، إلي الدرجة التي تحرك بها هذه الجماعة كل الشارع المصري في وجه المماليك، وهو ما قد يخلق خللاً في التلقي وفي التفسير الدقيق لهذه الجماعة الآن، حيث أن المشاهد يتلقي العمل باعتباره، كما اتفقنا، موضوعا معاصرا، وأن أرتدي أزياء تاريخية وجرت وقائعه في الزمن الماضي.

أن ترسيخ فكرة أن (البهاليل) هم قادة الثورة في المجتمع المملوكي، وهم محركو الشارع ضد قصور الفساد، يجعل مشاهد المسلسل يبحث حوله عن هذه الجماعة المشابهة، التي يمكن أن تحول أحلامه لأفعال تحقق له العدل وتغير مجتمعه للأفضل، والطامة الكبري أن يجدها في المجاذيب وجماعات الزهد ولبس الخيش والعيش في السراديب، وهو عكس ما صيغ المسلسل تأليفا وإخراجا من أجله، مما يكشف عن تباين بين الفكرة والموضوع المعادل لها، ويشوش وعي المشاهد المعاصر لهذه الفانتازيا التاريخية الجميلة.

المغني والأراجوز

حرص المخرج الكبير »محمد فاضل« علي صياغة بناء المسلسل الدال وحوار شخصياته المعبرة وأغاني بطله المغني الكفيف »حمدان« (الصوت القوي المعبر علي الحجار) وبطلته الثائرة لمقتل زوجها وأبنائها »ست البهاليل« (الأداء الواعي بسلطة الشخصية ومكانتها ودورها الفاعل فردوس عبد الحميد)، والتي كتبها الشاعر الواعي »جمال بخيت« بإدراك كامل أنه يخاطب جمهور اليوم، ويتفق معه علي أن »الظلم هو هو«، ولحنها المتميز »حمدي رءوف« باقتدار، يضاف إليها الاستخدام البارع لفن الأراجوز ليكون فنا مناسبا لعصره، معبرا عنه، ومهاجما ظالميه، ومعلقا علي أحداثه بصورة تجعلها إحداثاً معاصراً. مسلسل ممتاز ومثير للجدل، صاغه سيناريست متميز، وأخرجه مخرج مخضرم يحترم عقل مشاهديه، وقام بأداء شخصياته كوكبة بارعة من ممثلينا المصريين والسوريين والتوانسة معا، يتقدمهم سلوم حداد ومحمد عبد الجواد وجهاد سعد وغرام وخليل مرسي وسناء يوسف وقمر خلف، وفي الصدارة »فردوس عبد الحميد« الفلاحة الثائرة و»علي الحجار« الذي خطف البطولة حضورا وفاعلية من بطل المسلسل الدرامي »خالد« أو »أحمد هارون«.

أخبار النجوم المصرية في

16/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)