هذا عمر آخر مر به التليفزيون المصري فرغم أن الفارق في السن كبيرة
بين الاثنين فإن مجلة الإذاعة والتليفزيون الحالية أحد أكبر الدلائل علي
التغيرات التي طرأت علي «تليفزيون الريادة» فقد صدر العدد الأول منها في 21
مارس عام 1935 باسم «الراديو المصري»، حيث لم يكن التليفزيون افتتح بعد،
ولم تكن أكثر من مجلة عامة تهتم بالفن والإذاعة بشكل خاص وكان وزير الإعلام
هو رئيسها الذي يختار رئيس تحريرها ومحرريها، وتحولت عند افتتاح التليفزيون
إلي اسمها الحالي.
المرور علي الأعداد القديمة للمجلة يجعل المرء يكتشف كم كانت شديدة
الثراء جداً بالعديد من الأخبار والتحقيقات التي تمتعت بمساحة كبيرة من
الحرية جعلت من أعدادها في ظل رئاسة تحرير الكاتب والناقد الكبير الراحل
رجاء النقاش شاهدة علي «البلد» سياسياً واجتماعياً وثقافيا، ويتضح ذلك في
التحقيقات السياسية التي حفلت بها المجلة في فترة السبعينيات-قبل حرب
أكتوبر، ومنها ما يحقق فيمن يكون البطريرك الجديد للكنيسة؟ وحوار للإمام
الشيعي مقتدي الصدر يتحدث فيه عن «من هم الشيعة»، وذات مرة كلمة للسادات
يقول فيها «مصر مليانة كفاءات ..ومليانة رجال» أسفلها صورة لتشكيل مجلس
الوزراء الجديد في مايو 71 وقد كانت وزارة «عزيز صدقي». أما اجتماعيا
فالصور التي كانت تنشر لنجمات السينما دالة علي هذه الحرية التي أتيحت
للمجلة واستفاد منها رئيس تحرير بحجم رجاء النقاش فتظهر الفنانات علي
صفحاتها في ملابس لم تقلب الدنيا بحجة نشرها فلبلبة تظهر بـ «شورت» و«نادية
لطفي» بـ «ملابس النوم» وتصرح بأنها تحب الشبان العواجيز.. و«نجلاء فتحي»
تؤكد أنها أحلي من «بريجيت باردة»، و«رجاء الجداوي» تعمل «عارضة
أزياء»..ويصادفك خبر يقول الملك الحسن - ملك المغرب -يطلب شريط أغنية أم
كلثوم الجديدة».. أو تحقيقا فنيا تعرف منه ماذا قلن نجمات هوليوود عن النجم
عمر الشريف؟
وتكشف الأعداد القديمة للإذاعة والتليفزيون أن كتاباً كباراً وذي قامة
وقلم فريد كتبوا للمجلة وبعضهم تولي رئاسة تحريرها مثل الكاتبة «سكينة
فؤاد» التي تولت رئاسة تحرير المجلة لفترة وبالطبع «أحمد بهجت». أما
الإعلانات فكانت عن السجائر ومساحيق الغسيل والصابون وكانت نصيحة خبراء «الميك-
آب» للسيدات في صيف السبعينيات هي أن «سيدتي كوني غريبة وشاذة» في إشارة
لقصات الشعر الجديدة، أما أكثر الأشياء إثارة للدهشة هو ذلك التحقيق
المنشور في أحد أعداد الإذاعة والتليفزيون القديمة عن «فلوس» التليفزيون
يؤكد أن دقيقة «طه حسين» في التليفزيون ب2 جنيه ودقيقة الراقصة «نجوي فؤاد»
بأربعة جنيهات.. وكأننا لم نتحرك خطوة للأمام!
في الرياضة نطالع سبقاً رياضياً تنفرد به المجلة وفيه وصف تفصيلي
لمدينة ميونيخ الألمانية التي تستضيف الدورة الأوليمبية رقم عشرين، أما
رئيس تحريرها في هذه الفترة فكتب مقالا عن ذلك السجين الذي كانت تهمته
قراءة طه حسين! وكأن التهمة تصلح ليومنا هذا!.
الدستور المصرية في
13/07/2010 |