حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل الكاتب أسامة أنور عكاشة

محاولة رثاء فاشلة

رحل أسامة أنور عكاشة، وترك أبطاله وجمهوره يتامى

هشام بن الشاوي

تذكرت مقطعا في رواية "بداية ونهاية" لنجيب محفوظ، يصف فيه قميص رب الأسرة، الذي فارق الحياة قبل لحظات، في حين مازال قميصه مبتلا بعرقه الذي لم يجف بعد.. تذكرت هذا المشهد، وأنا أعيد تشغيل شريط حواري الأول مع عميد الدراما العربية، الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة.

سيجف العرق، لكن سيبقى صوتك، أيها الغالي.. حيا، نابضا، شاهدا على خسارة كبيرة بالنسبة لي، فلولاك ما تورطت في محبة السرد.

****

وصلني خبر رحيل أنور عكاشة في إميل مقتضب، تحت عنوان "عاجل"، من صديق يعرف أنني مهووس بأسامة حد عبادة البطل، لكن ما فتنني به - منذ بداية التسعينات- عبقريته السردية/الدرامية... بينما مازلت نادر الاهتمام بمقالاته وتصريحاته النارية.

كان الخبر بدون تفاصيل، وهكذا وجدتني مرتبكا، غير مصدق، غير قادر على كبح جماح دموعي، ودون حتى محاولة التأكد من الخبر...

ما آلمني أكثر أنني اعتبرت نفسي مقصرا في حقه- رغما عني، ولأسباب قاهرة-، منذ أن علمت بخبر دخوله غرفة العناية المركزة. لم أتمكن من الاتصال به هاتفيا، أو على الأقل إرسال رسالة قصيرة.. تدعو له بالشفاء العاجل. أتألم... لأنه رحل دون أن أسمع صوته.. لآخر مرة، وأتساءل : هل أحذف رقم هاتفه المحمول ورقم هاتفه السكندري الثابت؟ ماذا سأفعل بهما ومن سيرد علي؟

هكذا ترحل دون أن أسمع صوتك مرة أخرى، وأنت تردد كالعادة : "واخذ بالك" لتتأكد من انتباهي..

****

ما أبشع ظلم ذوي القربى!

ثمة ما هو مؤلم أكثر من فقدان الأحبة، وهو الإساءة إليهم، التي لا تنسى.. ولا تغتفر، في حين نتعود على غيابهم، ونجد بعض السلوى. ما آلمني أكثر أن بعض الحاقدين والجهلة لم يستسيغوا نشر خبر تكفل الرئيس حسني مبارك بعلاج أسامة أنور عكاشة على نفقة الدولة، في جريدة مصرية خصصت - الآن- ملفا عن الفقيد، ومن قبل، أجازت نشر تعاليق ركيكة، تافهة وفي منتهى النذالة، وقد تعودت الصحيفة على السماح بنشر هكذا تعاليق، رغم وجود بروتوكول، أول من يخرق بنوده الجريدة نفسها. لو كانت موقعا خليجيا.. لن نلوم زوار الموقع، لأن لهم أسبابهم الخاصة لكراهية الكاتب. وما يثير الشفقة نشر "إيلاف" تعاليق تهاجم عكاشة دون مراعاة لحرمة الموتى، "فلتحيا حرية التعبير وديموقراطية النشر !!"، في حين تُحذف التعاليق التي تهاجم عاهرات الفيديو كليب ..!!

هذه الجريدة المصرية المحترمة قامت بتشويه مقاربتي لرواية "جنة مجنون" لأسامة أنور عكاشة، بل إن محرر الصفحة الثقافية تصرف في مقدمتها بغباء لا نظير له، مما جعل أحد القراء يتعجب لأنني لا أفرق بين أولى روايات الكاتب وآخرها، فراسلت الجريدة.. طالبا نشر المادة كاملة أو حذفها، لاسيما وأن النشر في نسختها الإلكترونية وليس ورقيا، ولم تبال الجريدة برسالتي.

****

ما أقسى أن تجد نفسك مجبرا على أن تكتب عمن تحبهم بــ "كان".

بعد أن أرسلت إلى الأستاذ أسامة مجموعتي القصصية البكر "بيت لا تفتح نوافذه..."، سألته عن انطباعه حول نصوصها، فرد على سبيل المجاملة بأنها "تنفع يتعمل منها سيناريو". لست هنا للتفاخر بكلمته، لكن جوابه يشي بقراءته للعمل، وانتباهه إلى أن كتابتي القصصية متأثرة بأسلوب السيناريو، وهذا ما يدل على تواضعه المعهود، "في حين لو أرسلت كتابا إلى زميل أو صديق، لن يتصفحه نهائيا، وقد يرد - فيما بعد- بمجاملة عابرة تفضحه". ولو أن من هاجموا الراحل عرفوا أنه رغم شهرته الكاسحة متواضع، لترفعوا عن تلك السفاسف.

****

في حواري معه أشرت إلى من يهاجمونه على النت، فكان رده بمنتهى الهدوء : "تلك تفاهات من يتسلون على النت، ومجموعة السلفيين المتنطعين الذين يحاولون أن "يوهبنوا" الثقافة المصرية، وأنا لا أعبأ بهم جميعا.. إنما أعبأ بالمواطن البسيط "، وفي تعليقه على من انتقدوا عادل إمام رد قائلا : "اللسان من الصعب اعتقاله، هل ستعتقل ألسنة الناس؟ لو صادفك طفل في الطريق وقذفك بحجر. هل ستجري وراءه؟ ستحترم نفسك وتبتعد. أسهل شيء السباب، ولغتنا - والحمد لله- عامرة بكل صيغ السباب واللعن".

لماذا ننسى الأشياء الجميلة بسرعة، ونتذكر الأشياء السيئة فقط؟ لماذا نسي أو تناسى من هاجموه أعماله العظيمة، ولا يتذكرون سوى تصريحاته النارية، ينسون أنه رمز من رموز الثقافة والفن؟ هل هي لعنة الوسط الفني؟ هل لأنه كاتب سيناريو نرميه في سلة واحدة مع فقاقيع الصابون وأدعياء الفن والمتطفلين؟ ألا يكفي أنه أول كاتب يجعل المشاهد العادي يتقبل وجود شخصيات مثقفة في عمل فني ويتعاطف معها.. شخصيات تقاوم كل أشكال التخلف والقهر والفساد؟

لقد استطاع أسامة أنور عكاشة أن يحفر بعض شخصياته في الوجدان العربي، صانعا نجومية عدة فنانين.. فمن منا سينسى الأدوار اللافتة، التي أداها كل من صلاح السعدني في "ليالي الحلمية" و"أرابيسك"، والراحل محمود مرسي في "رحلة السيد أبو العلا البشري"، وفردوس عبد الحميد في "زيزينيا" و"النوة"، كما صنع نجومية هشام سليم وممدوح عبد العليم انطلاقا من " ليالي الحلمية"، وتألقا في خماسيته "المصرواية" التي لم تكتمل، واكتشف أحمد السقا في إحدى المسرحيات وقدمه في مسلسل "النوى"، ورأينا عبلة كامل في أجمل أدوراها على الإطلاق في "امرأة من زمن الحب"، فسرقت عبلة الكاميرا من كل نجوم المسلسل حتى بطلته سميرة أحمد، و لا ننسى سناء جميل وجميل راتب وسمية الألفي في "الراية البيضا"، ويحيى الفخراني في "زيزينيا" و"ليالي الحلمية"، ويوسف شعبان وعفاف شعيب في "الشهد والدموع"، و قدم زوجته الشابة عبير منير في دور الأميرة التركية في "المصراوية"... أما نبيل الحلفاوي، سيد عزمي، سيد عبد الكريم، فكل أدوراهم بدراما عكاشة لافتة، بينما لم يتعامل معه نور الشريف إلا سينمائيا، في فيلمين رائعين من إخراج الراحل عاطف الطيب "كتيبة الإعدام" و"دماء على الإسفلت".

****

رغم الشهرة الكاسحة للراحل، لم تلق أعماله الأدبية نفس نجاح أعماله الدرامية، وقليلون من يعرفون أنه بدأ كاتب قصة، وأصدر عدة روايات، آخرها "سوناتا لتشرين"، في حين يبقى مصير روايته الأخيرة "شق النهار"، التي نشرها في جريدة الأهرام متسلسلة مجهولا وغامضا مثل مصير أبطال خماسية "المصراوية"، التي كان يعزم على أن تكون آخر لقاء بينه وبينه جماهيره العريضة، فرحل عميد الرواية التلفزيونية دون أن يكمل كتابتها... بعد أن شكل استثناء وظاهرة خاصة، فهو أول كاتب سيناريو "نجم"، وأشهر كاتب عربي على الإطلاق، فحتى ربات البيوت يعرفن اسمه، بينما هناك حملة شواهد عليا، ولا يعرفون من هو ماركيز...

العرب أنلاين في

30/05/2010

 

أسامة أنور عكاشة .. الساحة الدرامية العربية تفقد عميدها 

نعى كتّاب ونقاد وسينمائيون مصريون الكاتب المصري أسامة أنور عكاشة الذي توفي فجر الجمعة 28 أيار بأحد المستشفيات الخاصة بالقاهرة، بعد صراع طويل مع المرض، معتبرين أن الساحة الدرامية العربية فقدت عميدها، حتى إنهم لقبوه بأنه نجيب محفوظ الدراما.

وعن مواقفه السياسية، قالوا في تصريحات لقناة ام بي سي  ، إن صراحته أوقعته في أزمات كثيرة، خاصة عندما انتقد الصحابي عمرو بن العاص، ورأوا أن الديمقراطية هي السبب في انقلابه على عشقه للرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

وقال الفنان محمود الحديني «إن عكاشة تاريخ وتراث، وإذا كان كاتبنا الكبير هو نجيب محفوظ في الأدب فإن أسامة أنور عكاشة نجيب محفوظ الدراما».

واعتبر ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما «أن عكاشة صنع دراما تجذب كل طبقات الشعب، واستطاع من خلالها أن يحقق أهدافا راقية، كما أنه صنع مشاهدا متخصصا يجلس أمام التلفزيون بالساعات ليتابع أعماله، سواء في مصر أم في الوطن العربي».

بدوره، نعى مسعد فودة، نقيب المهن التمثيلية، الكاتب الراحل قائلا «فقدنا قامة فنية وأدبية عظيمة جدا أثرت في الحياة الفنية والاجتماعية بعديد من الروائع الدرامية، كما إننا على نحو سياسي فقدنا أيضا معارضا صلدا ومحترما يقارع الحجة بالحجة».

أما وحيد حامد الكاتب والمؤلف السينمائي فقال عن زميله الراحل والكلمات تتحشرج في فمه «كان من شرفاء الكتابة».. وصمت قليلا قبل أن يتوارى قائلا «الله يرحمه».

ورأى الإعلامي وائل الإبراشي رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة «إن عكاشة ينتمي إلى الناس، فهو ينحاز في كتاباته إلى مشاكلهم وهمومهم وأزماتهم، وأعتقد أن هذه هي القيمة الأساسية التي كان يحملها الكاتب الكبير».

وقال حسام عبد الهادي رئيس رابطة النقاد الفنيين «نحن فقدنا واحدا من أهم كتاب الدراما في الوطن العربي، بدأ من مسلسل الشهد والدموع، مرورا بليالي الحلمية على مدار 150 حلقة في 5 أجزاء، ليصل حتى 40 مسلسلا».

ورأى أن «الراحل بجانب ذلك كان مشرِّحا للمجتمع المصري والعربي، وكان عميدا للدراما العربية بسبب دراسته المتخصصة في الاجتماع؛ لأنه تخرج من كلية الآداب قسم الدراسات الاجتماعية».

واعتبر رئيس رابطة النقاد الفنيين أن عكاشة كان صريحا إلى أبعد الحدود، الأمر الذي كان يوقعه في مشاكل، والمثال الواضح على ذلك عاصفة الانتقادات التي تعرض لها والتي وصلت إلى حد تكفيره بسبب رأيه الرافض لأفكار الصحابي عمرو بن العاص، خاصة عندما قال «إنني لا يشرفني أن أكتب عملا دراميا عن عمرو بن العاص».

وكان عكاشة دخل إلى غرفة العناية المركزة في مستشفى «وادي النيل» بالقاهرة، مساء الثلاثاء قبل الماضي، بعد إصابته بتجمع مياه على الرئة.واضطر فريق الأطباء المشرف على حالته إلى وضع المخرج الكبير على جهاز التنفس الصناعي، غير أنه لفظ أنفاسه الأخيرة ولم يستجب للعلاج.وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد أمر بعلاج الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة على نفقة الدولة، بعد الأزمة الصحية التي ألمّت به.وأسامة أنور عكاشة أحد أهم المؤلفين وكتاب السيناريو في الدراما المصرية والعربية، وتعتبر أعماله التلفزيونية الأهم والأكثر متابعة في مصر والعالم العربي، والراحل من مواليد 27 يوليو/تموز 1941م في مدينة طنطا محافظة الغربية، تخرج من كلية الآداب عام 1962م.وآخر أعماله التلفزيونية كان مسلسل «المصراوية»، الذي بث في رمضان 2007، والذي حاز على جائزة أفضل عمل في ذلك العام، ويجسد المسلسل تاريخ الشعب المصري منذ عام 1914. ويعرف عن أسامة أنور عكاشة عشقه الشديد لمدينة الإسكندرية المصرية الساحلية، على رغم أنه لم يولد بها، لكنه يقيم بها بصورة شبه متواصلة، وينجز بها أهم أعماله؛ منها «ليالي الحلمية» و»الراية البيضا»، و»ريش على مفيش»، و»عصفور النار»، «وما زال النيل يجري».

الرأي الأردنية في

30/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)