حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الثالث والستون

اوراق شخصية

رحلة مع مخرج العجائب

أمال عثمان

أسدل الستار يوم الأحد الماضي علي مهرجان »كان« السينمائي الدولي.. وانطفأت أضواء قصر المهرجانات.. وعاد الهدوء إلي الريفييرا الفرنسية بعد 11 يوماًً من الأحداث الصاخبة والأخبار المثيرة والأزمات الملتهبة.. لكن توابع تلك العواصف التي هبت علي مملكة السينما في عامها الـ63 لم تهدأ بعد.. ومثلما ألقت القضايا السياسية والاقتصادية والمواقف الإنسانية بظلالها علي حفل افتتاح المهرجان وأيامه ولياليه امتدت أيضاً إلي مسرح الجوائز التي جاءت صادمة للنقاد ومخيبة لآمال صنّاع الأفلام الذين سارعوا بإنهاء تصوير أفلامهم السينمائية رغم الأزمات المالية للحاق بأكبر حدث سينمائي عالمي.

في الأسبوع الماضي استعرضت معكم مجموعة من القضايا السياسية الشائكة التي عرضت علي شاشة المهرجان، وتناولت الأحداث التي صاحبت عرض بعض تلك الأفلام، وردود الأفعال والاحتجاجات والاعتراضات التي توالت علي شاطئ السينما الهادئ، ووعدتكم بإستكمال الحديث عن الأفلام التي تناولت الأزمات الاقتصادية الكبري التي زلزلت الحكومات وهزت الدول، وأطاحت بعرش المؤسسات المالية الكبري في معظم الدول والعواصم.

اسمحوا لي قبل الخوض في تفاصيل تلك الأفلام أن أصحبكم في قراءة سريعة للجوائز التي كان لفرنسا منها نصيب الأسد وأن نلقي نظرة خاطفة علي الأفلام التي اختارتها لجنة التحكيم برئاسة المخرج الأمريكي الشهير »تيم بيرتون« صاحب العالم السينمائي المليء بالخيال والأحلام والغرائب والفانتازيا، والذي يؤمن بنقل ما يوجد في العالم الحقيقي من مشكلات إلي عالم الخيال، والتعامل مع الموضوعات المهمة في الحياة الواقعية بنظرة تجمع بين الحلم والحقيقة.. وقد اعترف المخرج »تيم بيرتون« قبل المهرجان- بأنه لم يشاهد أي أفلام منذ عامين لأنه كان مستغرق في فيلم »أليس في بلاد العجائب«، واعتبر أن سفره إلي مهرجان »كان« بمثابة رحلة إلي بلاد العجائب أيضاً، وظهر ذلك بوضوح من خلال جائزة السعفة الذهبية التي أطاحت بأحلام السينمائيين، وكانت كبري المفاجأت عندما حصل الفيلم التايلاندي »العم بونمي يتذكر حياته السابقة« ومن شاهد أفلام بيرتون السابقة مثل »كابوس ما قبل الكريسماس« و»كوكب القرود« وغيرهما لم يستغرب اختيار الفيلم التايلاندي بالفوز بالجائزة لأنه يتشابه مع نوعية الأفلام التي يفضل المخرج الأمريكي »بيرتون« إخراجها، وقد علق علي هذا الاختيار قائلاً : لقد أعجبني ذلك العمل لأنه شديد الغرابة.. فلم أر مثله طوال حياته، فهو يقدم سينما الفانتازيا بشكل لم أشاهده من قبل وجعلني هذا الفيلم أشعر بأنني في حلم جميل غريب مليء بالمفاجآت.

> > >

ويدور الفيلم حول بطل ينتظر الموت بعد إصابته بفشل كلوي وخلال الأيام الأخيرة من حياته يبدأ في استدعاء كل الذين قابلهم طوال مشواره، وينطلق الفيلم من فكرة تناسخ الأرواح بين البشر، وتقمصها في صور متعددة سواء حيوان أو نبات أو شخص آخر وتظهر له زوجته وابنه الذي فقده في صورة قرد ويتساءل البطل- بصورة فلسفية عن حقيقة نفسه!

واستقبل الجمهور والنقاد هذا الفيلم بنوع من الاستهجان والسخرية وصلت إلي حد مغادرة معظم المشاهدين لقاعة عرض الفيلم!

المثير في الأمر أن مخرج الفيلم »أبيشا تبونج وير أسيفا كول« علق علي هذا الفوز قائلاً: إنه كصانع أفلام قرر أن يعبر عن هموم وطنه بالمصادمات العنيفة بين القوات الحكومية والمعارضة من خلال هذا الفيلم!

أما ثاني مفاجآت الجوائز فكانت حصول الفيلم الفرنسي »رحلة« علي جائزة أفضل اخراج للمخرج والممثل »ماثيو أماريك « في أولي تجاربه الاخراجية رغم أن الفيلم لم ينل إعجاب النقاد ووصفوه بأنه ضعيف المستوي إلا أن رئيس لجنة التحكيم أنه أحب في هذا الفيلم الحيوية التي تغمر أحداثه وأسلوب تناولة واتفق معه أعضاء لجنة التحكيم في ذلك الرأي واستطاع الفيلم أن يبقي في ذاكرتهم جميعاً رغم أنهم شاهدوه في بداية المهرجان.

والجائزة الفرنسية الأخري حصدتها النجمة الفرنسية الجميلة »جوليت بينوش« عن دورها في فيلم »نسخة طبق الأصل« للمخرج الايراني »عباس كيروستامي« وهي الجائزة التي ألمح الكثيرون علي أنها تنطوي علي مغزي سياسي كبير.. وانتهزت النجمة الفرنسية صعودها علي مسرح الجوائز لترفع بطاقة تحمل اسم المخرج الإيراني المعتقل »جعفر بناهي« في إشارة واضحة وصريحة للتضامن معه مثلما تضامن معه كبار نجوم السينما العالمية مثل »سبيلبرج وسيكورسيزي وروبرت دي نيرو« ووقعوا وثيقة تضامن معه لمساندته فيما تعرض له من ظلم وقهر.

> > >

ويبدو أن تلك المواقف قد نجحت في الضغط علي الحكومة الايرانية التي أعلنت عزمها اطلاق سراح المخرج الايراني عشية حفل الختام.. وكان نائب وزير الثقافة الايراني للشئون السينمائية قد أدان موقف مهرجان كان في دعم ومساندة المخرج الايراني المحتجز، أثناء حضوره في السوق السينمائي للمهرجان حيث أخبر »جيل جاكوب« رئيس المهرجان بأن الجميع يعلم أن الهدف من وراء اقامة مهرجان كان هو الربط بين الشعوب وتقوية علاقاتها من خلال الفن والثقافة، ولكن تدخل المهرجان في الأمور السياسية من شأنه الاضرار بسمعته ومكانته، ومن جانبه أكد »جيل جاكوب« أن موقف المهرجان يعود لأسباب انسانية خالصة لا دخل للسياسة بها، وأن ادارة المهرجان تحترم سيادة الدول وحريتها في اتخاذ قراراتها.

> > >

أما فيلم  »عن الآلهة والرجال« للمخرج الفرنسي »خافيير بوفوه« فقد فاز بالجائزة الكبري ثاني أهم جائزة في المهرجان وكانت هذه الجائزة من أكثر الجوائز التي لاقت تأييداً.. ويعد هذا الفيلم من أكثر أفلام المهرجان إنسانية وعاطفية، وقد علقت وسائل الأعلام البريطانية بأنه فيلم يستحق الفوز بأكثر من الجائزة الكبري.

والفيلم مقتبس من أحداث حقيقية وقعت عام 1996 عندما تعرض 7 من الرهبان الفرنسيين للاختطاف علي يد الجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر والتي أعلنت وقتها مسئوليتها الكاملة عن هذا الحادث، وطبقاً لوثائق سرية فرنسية فإن عملية الاغتيال تورط فيها الجيش الجزائري بشكل خاطئ أثناء محاولاته إنقاذ الرهائن، وقد تم تصوير معظم مشاهد الفيلم في دير قديم كان مغلقاً لأكثر من 40 عاماً، إلا أن فريق عمل الفيلم تمكن من تجديده حتي يكون صالحاً للتصوير وصرح مخرج الفيلم أن ما جذبه لتقديم هذه القصة هي المعاناه الداخلية التي عاشها الضحايا، وتجربتهم الأليمة، ومحاولة معرفة الحقيقة الكاملة وراء ذلك الحادث الإرهابي البشع!

> > >

أما لجنة التحكيم فقد قالت في حيثيات منحها الجائزة أن الفيلم نجح في تجسيد التضحية العظيمة التي قام بها الرهبان بعد أن تمسكوا بالاستمرار في عملهم  في سلام علي الرغم من وجودهم وسط ساحة العنف الدموي.

وكان احترام الرهبان للديانة الاسلامية ومشاعرهم الكريمة الطيبة نحو جيرانهم الجزائريين كان لكل ذلك الأثر اختيارنا لمنح هذا الفيلم للجائزة.

واستطاع المخرج التشادي محمد صالح هارون أن يعيد افريقيا إلي مسرح الجوائز بعد سنوات طويلة من الغياب وذلك بحصولة علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلم »رجل يصرخ« ليصبح أول مخرج أفريقي يحصل علي واحدة من كبري جوائز مهرجان كان منذ 13 عاماً، وعلق المخرج التشادي علي هذه الجائزة قائلاً بأنه يسعي من خلال أعماله السينمائية للتعبير عن القارة السمراء بشكل انساني  واعترف بأنه تعلم أن يكون مناضلاً حالماً حتي يتمكن من الاستمرار في عمله وتقديم المزيد من الأفلام في وطن لا يقدم الدعم المالي لصناعة السينما وتغلق فيه دور العرض .

> > >

وجائزة أفضل ممثل فقد حصل عليها مناصفة النجم الأسباني »خافير بارديم« عن تجسيده لشخصية رجل شرطة فاسد يصاب بالسرطان في فيلم »جميل« مع النجم الايطالي »أليو جير يو مانو« عن دوره في فيلم »حياتنا«.

أما جائزة السيناريو فقد ذهبت للمخرج وكاتب السيناريو الكوري الجنوبي »لي شانج دونج« عن فيلمه »شعر« وقد لاقي هذا الفيلم استحسان واعجاب معظم النقاد، وكان هذا المبدع وزير ثقافة سابق في بلاده ويدور الفيلم حول امرآه الستين من عمرها تعيش مع حفيدها بعد فقد ابنها وتحاول أن تتعلم كتابة الشعر وتقع في حب جارها المريض، ثم تصطدم مع حفيدها عندما يغتصب احدي زميلاته وتنهي هذه المرأة حياتها بالانتحار.

والامر المثير للدهشة أن جميع القامات الكبيرة في عالم الاخراج قد خرجت خالية الوفاض من المهرجان عكس ما كان متوقعاً ومنهم المخرج الروسي ميخاكيلوف بفيلمه »وجوه أحرقتها الشمس« والمخرج رشيد بو شارب بفيلمه »خارجون عن القانون« والمخرج الامريكي دوج ليمان بفيلمه »لعبة عادلة« والمخرج الياباني الشهير تاكيشي كيتانو بفيلمه »الغضب« الذي حصد حاله من التصفيق والاعجاب استمرت خمسة دقائق بعد عرضه. وللحديث بقية في الاسبوع القادم بمشيئة الله. تحدث المخرج  الكبير وودي الان خلال وجوده في مهرجان كان عن زميله المخرج رومان بولانسكي حيث عبر عن استيائه مما تعرض له بولانسكي مشيراً إلي دعمه ووقوفه بجانبه في أزمته وصرح قائلاً: لقد وقعت تلك الحادثة منذ سنوات عديدة وعاني رومان بسببها كثيراً ويكفي أنه كان ممنوعاً من دخول أمريكا وأعتقد أنه قد سدد هذا الدين بعد أن قضي حياه مشتته وغير مستقرة وأن رومان فنان مرهف الحس وانسان رقيق، وأعترف بأنه أقدم علي فعل خاطأ ونال جزاءه في نهاية الأمر، ويوجد ملايين الاشخاص في أمريكا يسرقون البنوك ويقتلون ويبيعون المخدرات ولا أحد يتعقبهم، والسلطات الامريكية تترك كل هذا وتطارد رجلاً فوق السبعين لم يسبب متاعب لأحد، خاصة وأن الفتاه المعنية بأمر التحرش لم تكن تتمني حدوث هذه المشاكل كلها وتتمني أن تتركه السلطات  يقضي بقية أيامه بكرامه وكفاه ما مر به.. وكان بولانسكي البالغ من العمر 76 عاماً قد هرب من الولايات المتحدة عام 1978 لتجنب محاكمته أمام القضاء الامريكي بتهمة تحرشه الجنسي بفتاه قاصر وتم القبض عليه في سبتمبر الماضي ويخضع حاليا للإقامة الجبرية في منزله بسويسرا. وقد ظهرت الاسبوع الماضي اتهامات جديده مقدمة ضده بعد اعلان الممثلة البريطانية شارلوت لويس أن المخرج الفرنسي تحرش بها جنسياً عام 1982 عندما كانت تبلغ من العمر 16 عاماً.

amalosman23@yahoo.com

أخبار النجوم المصرية في

27/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)