حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان الخليج السينمائي الثالث ـ 2010

‏‏‏رد الاهتمام بالأفلام القصيرة إلى الصيغة التـكاملية مع «مهرجان دبي»

عبدالحميد جمعة: المهرجان بوابة لاستيعاب تجارب مواهب خليجية

السينما الخليجـية بحاجة إلى داعمين‏

محمد عبدالمقصود – دبي

‏قال رئيس مهرجان الخليج السينمائي عبدالحميد جمعة، إن «المهرجان في دورته الحالية نجح في استقطاب أكثر من 1300 فيلم من مختلف أنحاء العالم، قبل أن تنتخب لجنة الاختيار الـ194 فيلماً المشاركة، كاشفاً أن هناك عدداً كبيراً منها جاء من دول غير خليجية، ما جعل عدد الدول المشاركة في المهرجان يقفز إلى 34 دولة في مؤشر دال على الصدى الطيب الذي اكتسبه المهرجان، ليس على الصعيد الخليجي فقط، بل في مختلف الدول المهتمة بصناعة السينما».

وناشد جمعة في حوار مع «الإمارات اليوم» المؤسسات في دول الخليج التكاتف لدعم السينما الخليجية، ورد اهتمام مهرجان الخليج بشكل أكبر بالأفلام القصيرة، إلى «الصيغة التكاملية مع (دبي السينمائي) الذي يشهد اهتماماً اقل بهذه النوعية من الأفلام، فضلاً عن طبيعة التجارب الشابة التي تتحسس خطواتها السينمائية الاستهلالية بالفيلم القصير».

وطالب جمعة باستثمار الجهود التي أسس لها بشكل مميز مهرجان دبي السينمائي الذي انبثق منه مهرجان الخليج، معتبراً العلاقة بين المهرجانين تكاملية، مضيفاً «يشهد مهرجان دبي السينمائي مشاركات خليجية متميزة، إلا أن اللجنة المنظمة في هذا الصدد ترمي من وراء المشاركة الخليجية في (دبي السينمائي ) إلى المزيد من توفير فرص الاحتكاك الفعلي بالسينما العالمية وبعض أبرز الفاعلين فيها، سواء على الصعيد الفني أو الإنتاجي، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للحراك السينمائي الخليجي للتعريف إلى خصوصيته في هذا المحفل الدولي، فيما يبقى (الخليج السينمائي) البوابة الرئيسة لاستيعاب الإبداع السينمائي الخليجي ومناقشة همومه».

صندوق

ودعا جمعة كل المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الرسمية في مختلف دول الخليج للتكاتف من أجل إطلاق صندوق لدعم السينما الخليجية، مؤكداً أن أحد أهم العوائق والتحديات أمام تطور هذا الحراك إلى شكل الصناعة السينمائية الحقيقية، هو تضاؤل الدعم المادي لإنتاج أفلام سينمائية تستوفي المتطلبات التقنية والفنية والشروط الإنتاجية التي تستهدفها الرؤية الإخراجية .

واعتبر اقتصار عدد الأفلام الروائية المشاركة في المهرجان، على سبعة أفلام فقط، أحد آثار غياب هذا الدعم، رغم تأكيده أنه رقم مقبول في تلك المرحلة، مشيراً إلى أنه كان من الممكن أن يكون هذا الرقم مضاعفاً في حال كان هناك تكاتف أكبر لدعم السينما الخليجية من خلال هذا الصندوق المشار إليه، لكن الوصول إلى عدد سبعة أفلام روائية هذا العام يبقى رغم ذلك مقبولاً في ظل تراجع الإنتاج السينمائي في دول كثيرة عريقة في مجال السينما، في مقابل حداثة التجربة الخليجية.

وذكر أن هناك «الكثير من الإنجازات التي استطاع أن يحققها المهرجان خلال تلك الفترة القصيرة التي مضت على إطلاقه، كما أن هناك أهدافاً أخرى يتم السعي إلى بلوغها عبر استراتيجية تؤمن بقدرة اللغة السينمائية على التأثير، سواء في المجتمع الذي تنبثق منه، او في ما يتعلق بالتواصل الثقافي والفني مع الآخر، واتاحة نافذة مهمة للانفتاح على العالم».

واعتبر أن المتتبع لإبداعات المخرجين الشباب عبر دورات المهرجان الثلاث المتواترة، سيرصد تصاعداً في الكفاءات من الناحية الفنية، يرجع إلى توافر مزيد من الاحتكاك والمزيد من فرص قراءة تجارب مختلفة، وأيضاً بناء جسور مع بعض المنتجين المهتمين بالفيلم الخليجي، وغيرها من العوامل التي يسعى المهرجان إلى أن يكون منصة دائمة لتوافرها.

بُعد عن التقوقع

ولفت رئيس مهرجان الخليج السينمائي بشكل خاص إلى إيجابية السعي لتوفير تجارب سينمائية منتمية إلى مدارس فنية مختلفة أمام الشباب وابتعاد المهرجان عن التقوقع على التجارب الخليجية فقط، وهو ما جعله حسب تعبيره «خليجياً بمواصفات دولية»، مضيفاً «يتم التركيز في دورة المهرجان الحالية على صناعة السينما الفرنسية من خلال استعراض تجربة المخرج الفرنسي فرانسوا فوجيل الذي يقيم ورشة عمل مفتوحة لكل المخرجين على مدار يومين في فرصة يجب أن يحسُن استثمارها من قبل المخرجين الشباب بشكل خاص، بالإضافة إلى عرض 13 فيلماً فرنسياً تشكل في مجموعها ايضاً ملامح واتجاهات متباينة منضوية تحت مظلة المدرسة الفرنسية، في الوقت الذي تم توفير خبرات تنتمي إلى المدرسة السويسرية في المهرجان السابق».

ورد ارتفاع عدد الأفلام القصيرة المشاركة في الدورة الثالثة للمهرجان في جانب منها، إلى تعويض محدودية اهتمام دبي السينمائي بالفيلم القصير، قياساً بالأفلام الروائية، فضلاً عن طبيعة توجه المخرجين الشباب لهذه النوعية من الأفلام. وقال «على الرغم من أن الفيلم القصير وأيضاً الوثائقي لا يقلان فنياً عن الفيلم الطويل، إلا أن التوجه العام لدى المخرجين الشباب هو الميل إلى الأفلام القصيرة، لاسيما أن تواضع الإمكانات المادية المتوافرة لديهم تدفع بالأساس في هذا الاتجاه».

إشكالية العزوف

أشار رئيس مهرجان الخليج السينمائي عبدالحميد جمعة إلى أن مشكلة عزوف الجمهور عن التردد على دور السينما في ما يتعلق بالفيلم الخليجي، ستظل إحدى أهم الإشكاليات أمام الحراك السينمائي الناشئ في المنطقة.

وقال إن «هذه الإشكالية بدأت تواجهها أفلام عربية في ظل منافسة قوية للفيلم الأجنبي، فما بالنا بالسينما الخليجية الناشئة التي مازالت تسعى إلى التعريف جماهيرياً بنفسها»، معتبراً أن الدعم المؤسسي من أجل إنتاج أفلام ذات نوعية عالية متكئة على قدرات إنتاجية جيدة هو أحد أهم الحلول، فضلاً عن نشر الثقافة السينمائية التي يعتبرها المهرجان إحدى أولوياته.

وقال «هذه الثقافة في أحد جوانبها ستحفز الجمهور الخليجي والعربي على الإقبال على مشاهدة الفيلم الخليجي والتعرف إليه تمهيداً لتقبله خارج المنطقة أيضاً في طموح مشروع بدأ مع (دبي السينمائي) ويترعرع بشكل أكبر في كل دورة من دورات الخليج السينمائي، الذي يجب علينا أن نصبر من أجل جني ثماره الحقيقية، لأن المنتج السينمائي تراكمي ويحتاج دائماً وقتاً وجهداً لتلمس آثاره»، متوقعاً أن يصبح مهرجان الخليج مظلة أكثر شمولية وريادية على خارطة المهرجانات السينمائية بعد سبع سنوات من الآن.

الإمارات اليوم في

11/04/2010

 

‏‏«الوثائقي» و«القصير» في ثاني أيام «المهرجان»

‏كابوس عراقي بأجنحة.. و«المصعد» السعودي معطل‏

زياد عبدالله – دبي 

بين الوثائقي والقصير مضى اليوم الثاني في الدورة الثالثة من مهرجان الخليج السينمائي في دبي. الوثائقي كان عراقياً بامتياز، أول من أمس، ومن خلال فيلمين، ليس للموسيقى في الأول أن تغطي على أنين الثاني، وليس للأسى إلا أن يكون تداخلاً بينهما، وكل على طريقته التي اعتراها الكثير مما يصعد ويهبط على هدي المنفى في الأول وجرعات بؤس لا تفارق واقع الثاني، إلا إلى ما هو أشد إيلاماً وهو يرصده بحذافيره، في مساحة معاناة مترامية الأطراف.

الفيلم الأول حمل عنوان «كوكب من بابل» للمخرج فاروق داوود، الذي يوثق من خلاله الأغنية الشعبية العراقية الحديثة، ووفق بنية تحقيق «روبرتاج» يبحث في هذا الخصوص، ومن خلال المغني «كوكب» وأغنية «يا طيور الطايرة» التي كما يقدمها الفيلم تأتي بمثابة نقطة إنطلاق وارتكاز لما تبعها من أغانٍ، مع نبش منشئها وما أفضت إليه من خلال شهادات متوالية، لنا أن يستوقفنا منها ما يمكن اعتباره مرحلة نهوض ثقافية طالت كل أدوات الثقافة العراقية في ستينات القرن الماضي، وكيف أثر ظهور القصيدة الحديثة على يد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وبلند الحيدري في الأغنية الشعبية التي أصبحت لغتها العامية أقرب إلى الفصحى، في مسعى منها لاستثمار مكتسبات القصيدة الحديثة وحساسيتها، ولنمضِ طيلة الفيلم بين الشهادات ومن ثم «انسرتات» من مشاهد عراقية، ومن ثم استدراك أغاني كوكب في الجزء الأخير من الفيلم، وعلى شيء من التناوبية التقليدية التي احتشدت بالمعلومات والقراءات التي قدمها شهود المرحلة، إن صح الوصف، ومن ثم المصائر التي تكثفها كلمة «منفى».

هذا المنفى سيمسي عسلاً أمام فداحة ما سيقدمه فيلم العراقي عباس مطر «أحلام تبحث عن أجنحة»، الذي يشكل وثيقة كبرى عن البؤس العراقي الحالي، أو الشوارع الخلفية لبغداد، كما يقول لنا الفيلم، حيث الفقر في أعتى تجلياته، ولعل التوصيف الدائم للفقر بالمدقع سيجد ما يشرحه بصرياً في أزقة بغداد، حيث يمضي الفيلم في تعقب نماذج تمتلك كل بلاغة البؤس واقعاً، وعلى شيء من تناوب عدد كبير من البورتريهات، ولتكون الكاميرا إلى جانب سرد كل شخصية لحياتها، مسكونة في تجميع مفردات هذا البؤس من أصغرها إلى أكبرها، كاميرا منغمسة تماماً بالوحل وما يكسو أدوات هؤلاء البشر اليومية من بؤس.

رحلة طويلة مع كل ما له أن يجعلنا نرى سكان بغداد الذين يقدمهم الفيلم بوصفهم يعيشون في ظل مجاعة كبرى محاطة بشتى أنواع الأوبئة. فالفيلم يبدأ من فتى مقعد وأمه تمضي به إلى «الحسينيات» وقد مات والده، ورحلة عودتهما إلى «الخان»، حيث السكن مشترك، وكل عائلة تشغل غرفة في هذا الخان، لا تحتوي في داخلها أي شرط من شروط الحياة الكريمة، ونحن نمضي من رجل مقعد إلى امرأة عجوز وحيدة تتوسدها قطتها ولا تفارق فراشها وقد تناثرت حولها حاجياتها المكسوة بالأوساخ، ولعل هذا التنقل من شخصية إلى أخرى ومن قصة إلى ثانية سيضعنا في النهاية أمام ملف هائل للجوع والبؤس في عراق اليوم.

فيلم عباس مطر مأخوذ تماماً من الواقع الذي يصوره، وأي تعليق أو تدخل على ما نشاهده سيكون لا معنى له، مثلما هي الموسيقى التصويرية المحملة بتعبيرية فجة لا حاجة للواقع الذي يقدمه بها، كونه، أي هذا الواقع، أشد فداحة من أي عامل خارجي، وليكون الفيلم منغمساً بوفاء تام للتفاصيل اليومية للعراقيين وهم يتحركون بين غرف كالزنزانات وأزقة مجاريرها مفتوحة، إضافة إلى مصائر الفقد والقتل التي تجتمع في النهاية لتقول لنا وكصفعة مدوية ومدوخة: هذا هو عراق اليوم! هذه هي حياة العراقيين التي لا تعرفون شيئاً عنها، لا بل إن بحث الفيلم عن أمل ما، وجده في الطائرات الورقية، كان مهمة شاقة.

بالانتقال إلى مسابقة الأفلام القصيرة، فإنها في جانب منها كانت على مقربة من «الاسكتشات» التي تتمركز حول فكرة واحدة لها أن تقدم مقولة ما على هدي واقع اجتماعي، لنا أن نجد ذلك في الفيلم الإماراتي «بلادي» لجمال سالم حيث البنية السكانية التي يصطدم بها الباحثون عن عمل من شباب الإمارات، تكون نابذة لهم بما يقود إلى مصائر لا ينفع فيها إلا العبث، بينما يأتي حمزة طرزان في «ديون» إلى ديون مستحقة متعلقة بالمجتمع السعودي وتباين الأفكار والتوجهات وتصارعها على مائدة حوارية وموقع تصوير واحد لا يفارق النقاشات الموجزة والمكثفة التي تضيء ما تضيء من اختلافات، بينما قارب مقداد الكوت في «شنب» الذكورية الفجة عبر ملاحقة هذا الشنب الذي يخلو منه وجه شخصيته الرئيسة، وهو الوحيد الذي يكون كذلك من بين كل المحيطين به، ولتجتمع هذه الأفلام على تسليط ضوء سريع وخاطف على ملمح كما لو أنها «بقعة ضوء» لكن معروضة على الشاشة الكبيرة.

يستوقفنا بقوة الفيلم العراقي الكردي «اسكتي.. هذا عيب» لحسين حسن، حيث يمكن الحديث هنا عن بنية سينمائية حقيقية ممسكة بخيوط سردها المكثف عبر خطوط درامية تتولى الصورة وحركيتها العالية أن تقدم جرائم الشرف في الماضي والحاضر، والنفاق الذكوري الذي يتحرك بينهما في إيقاع جميل حقاً، وعبر الحب الذي يكفي لرقصة عائشة الموجزة أن تعبر عنها، كما لقبلتها السريعة التي تطبعها وتهرب، أن تكون انقلاباً في الأحداث المتواترة أصلاً.

فيلم «تجربة في الطابق السابع» لفهد الأسطا، له أن يضعنا أمام ترقب ما، والحديث هنا عن مجموعة «تلاشي» السعودية التي قدمت في الدورة الماضية مجموعة أفلام احتكمت على قدرة كبيرة من الجرأة في الطرح، الأمر الذي كان ينسينا أي شيء أمام أهمية ما يقال بخصوص الواقع السعودي، وقدرة هؤلاء المخرجين الشباب على تقديم أفلام مسكونة بهذا الواقع مع انفتاحها على السخرية، الأداة الأكثر نجاحاً عند الاصطدام مع أي واقع.

فهد الأسطا في تجربته الأولى يستعيد أفلام الشباب، من خلال حيلة أو حل سينمائي لا يخرج من المصعد إلا إلى الشقة في هيمنة للمشاهد الداخلية، ولتكون تجربته فيلماً عن أربعة أفلام لشباب «تلاشى»، لكن كل الخوف أن يكون الحصار المضروب على أحلام هؤلاء الشباب الموهوبين مماثلاً لمن يعلق بالمصعد، أو ذاك الأعمى الذي ينتظر المصعد بينما وضعت عليه ورقة مكتوب عليها «المصعد معطل» كما نشاهد في الفيلم.

الإمارات اليوم في

11/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)