حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ملف خاص عن فيلم داود عبدالسيد الجديد "رسائل البحر"

رســائل داود عبدالسيد.. التى لاتصل!

كتب عصام زكريا

فى فيلم "أرض الخوف" يقوم يحيى المنقباوى "أحمد زكى" ضابط الشرطة الذى يتنكر ويعيش كتاجر مخدرات بإرسال رسائل إلى رؤسائه لا يقرأها أحد.

وفى "رسائل البحر"، أحدث أفلام المؤلف والمخرج داود عبدالسيد، يتلقى يحيى "آسر ياسين"، بطله الجديد، رسائل لا يفهمها من البحر.

البحر هنا، مثل السلطة العليا غير المرئية فى "أرض الخوف"، يتعامل مع البشر بالرسائل، هم يرسلون إليه وهو يرسل إليهم، ولكن فى الحالتين يعجز أبطال داود عبدالسيد عن التواصل والتخاطب مع هذه القوة العليا. "يحيى" أرض الخوف لا يجد من يفهمه أو يبوح له بالسر، ويحيى "رسائل البحر" لديه مشكلة فى التخاطب مع العالم بسبب عجزه النسبى عن النطق.  

فى لحظة حاسمة من "رسائل البحر" يقف يحيى عاجزا يائسا أمام "بوزيدون"، إله البحر الغاضب، ويسأله فى لوعة المؤمن الذى يفقد إيمانه: ".. دا غضب ولا فوضى؟!".. وهو لا يتلقى إجابة سوى زجاجة محكمة الغلق على رسالة مكتوبة بلغة غير مفهومة يفشل فى فك شفرتها رغم كل المحاولات.. ورغم أن حبيبته نورا "بسمة" تحاول أن تعيد الطمأنينة والإيمان إلى قلبه مؤكدة له أن مضمون الرسالة ليس هو المهم، ولكن المهم هو أن البحر قد أرسل إليه رسالة.. إلا أن المشاهد الأخيرة من الفيلم الذى يطرد فيه "يحيى" و"نورا" من منزلهما ولا يجدان مأوى سوى قارب صغير فى عرض البحر يتأرجح بهما وسط أكوام من الأسماك الميتة الطافية وأصوات الديناميت الذى يفتك بقلب البحر نفسه تترك لدى المشاهد إحساسا بالخوف والضياع يختفى تحت كلمات الحب والتهكم التى ينطق بها الاثنان.

نهاية "رسائل البحر" هى الأكثر تشاؤما فى كل أفلام داود عبد السيد.. وحين نضعها مع مشهد البداية، الذى يصور الزجاجة التى تحمل الرسالة تتخبط بين مياه الشاطئ بحثا عن متلق، أو قارئ أو مشاهد، قبل أن يفزع منها صياد عجوز ويستعيذ بالله العظيم مما قد تحمله من نذر شر، ثم يلقى بها مرة أخرى إلى البحر دون أن يفكر فى معرفة محتواها.. حين نضع هذه البداية مع النهاية يمكن أن نقرأ الرسالة كالتالى: هى أى شىء ولا شىء وربما كل شىء، وليس المهم مضمونها، ولكن ما يحدد مضمونها هو الطريقة التى نستقبلها بها.. مضمون الرسالة داخلنا نحن، وما الزجاجة والورقة سوى محرك للشياطين أو الآلهة بداخل كل منا.

الرسالة يمكن أن تقرأ كالتالى أيضا: الرسائل التى يتم إرسالها من "أرض الخوف" لا تصل إلى أعلى، أما هنا فالرسائل التى تأتى من البحر إلى الأرض لا يمكن فهمها.. هذه "الفوضى" تتعلق أيضا بعلاقة الفنان بعمله.. برسالته التى لا تصل إلى جمهورها بسبب "تأتأته" من ناحية، وبسبب جهلهم وعجزهم عن فك الشفرة من ناحية ثانية.

فى الحقيقة يحيلنا الفيلمان إلى علاقة داود عبدالسيد بالعالم الذى لا يمكن فهمه ولا التفاهم معه إلا عبر الرسائل الملغزة التى لا يمكن فهمها!

العلاقة بالقوى العليا فى الفيلمين هى التى تحدد طريقة وطبيعة فهمنا للعالم.. فى الفيلمين ينظر يحيى (ومن ورائه المخرج) إلى العالم من منظور دينى توراتى.. الصورة التى ترسمها التوراة والإنجيل والقرآن للعالم ودور الإنسان وعلاقته بالله ومعنى الخير والشر.

"أرض الخوف" يركز على علاقة الإنسان بالله وبالرسالة التى طلب منه أن يحملها على الأرض، وجدوى ما يفعله وما يكتبه من رسائل إلى القوة العليا.

أما "رسائل البحر" فيركز على "الرسالة" التى يسعى الأنبياء (والفنانون) إلى إيصالها للعالم من حولهم والرفض الذى تقابل به رسالتهم.. وعن العداء الذى ينشأ بين أبناء الرسالة الدينية الواحدة: يحيى وهاشم.

هذه البراءة وهذا الحب الذى يحمله يحيى لا يلقى استجابة سوى من "العاهرة" التى يتبين أنها قديسة، والتشابه واضح مع قصة المسيح ومريم المجدلية، وهو لا يلقى من هاشم سوى الرغبة فى الاستبعاد والإقصاء و"تلفيق" التهم الأخلاقية.. وهو ما يتشابه مع الواقع المصرى منذ أن عاد المصريون المهاجرون من الخليج يحملون معهم أموال البترول والأفكار الدينية المتعصبة وكراهية الفن والجمال والرغبة فى تدمير مصر الكوزموبوليتانية (الإسكندرية نموذجها) والطبقة التى تمثلها لتشييد مصر القبيحة التى نراها الآن.

وكما فى "البحث عن سيد مرزوق" و"أرض الأحلام" و"مواطن ومخبر وحرامى" يقدم داود عبد السيد الطبقة البورجوازية القديمة، سكان المبانى الإيطالية والفرنسية الطراز، الذين يقرأون الأدب، ويستمعون إلى الموسيقى الكلاسيكية والغناء الشرقى القديم، باعتبارهم التجسيد الحى لصورة مصر الناهضة فى النصف الأول من القرن العشرين، قبل أن يستولى عليها العسكر ولصوص الانفتاح.

رسالة ربما تكون قد تكررت فى أعمال سينمائية عديدة مثل "سوبر ماركت" و"زوجة رجل مهم" و"فى شقة مصر الجديدة" لمحمد خان، أو "عمارة يعقوبيان" الرواية والفيلم، ولكن تختلف عند داود عبدالسيد فى أسلوبه الذى يمزج ما بين الكونى والاجتماعى والشخصى فى نسيج فريد.. وهو هنا يصوغ هذا التزاوج بشكل أكثر تلقائية وإقناعا.

على المستوى السينمائى تظل المشكلة فى الإيقاع الذى "يتلكع" أحيانا خاصة فى النصف الأول من الفيلم كما فى المشهد الذى تترنح فيه الكاميرا فوق حوائط العمارة الإيطالية القديمة لثوان طويلة جدا، أو الحوارات المكررة بين يحيى ونورا حول مهنتها كداعرة، وكذلك المونولوجات التى كان يمكن اختزال بعضها.. ملحوظة أخرى تتعلق بالموسيقى: راجح داود هو أفضل من يقدم موسيقى تتلاءم مع أفلام داود عبد السيد، رغم أن بعضها "مقتبس" من أعمال أجنبية معروفة مثل موسيقى "أرض الخوف" المقتبسة من "حدث ذات مرة فى أمريكا" لسرجيو ليونى، أما الغريب هنا فهو أن موسيقى "رسائل البحر" مقتبسة عن موسيقى "أرض الخوف".. إلا إذا كان هذا مقصوداً لسبب فنى!

وبغض النظر عن هذه المآخذ التى لا نحب أن نراها فى فيلم بهذا الطموح، فإن "رسائل البحر" واحد من أفضل أفلام داود عبدالسيد وأكثرها عذوبة وإنسانية.

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

 

صلاح عبد الله: جاملت داود عبدالسيد!

كتب امانى نوار 

صلاح عبدالله فنان مميز.. استطاع بموهبته أن يضع لنفسه مكانة خاصة بين النجوم.

عندما بدأ مشواره الفنى كان كل طموحه أن يكون جزءا من أى عمل ناجح.

أما الآن.. فصار هو نفسه منتهى طموح المخرجين والمنتجين.. فوجود صلاح عبدالله فى أى عمل فنى.. ضمان لنجاح هذا العمل سواء على مستوى النقاد أو الجمهور.  

صلاح عبدالله كان ضيف شرف فيلم "رسائل البحر"، ورغم صغر حجم الدور، إلا أنه ترك بصمة عند الناس، عن ذلك حدثنا وعن الأسباب التى دفعته لمجاملة داود عبدالسيد وحكايته مع أدوار الشر وأعماله التى يصورها.

·         كلمنى عن دورك فى الفيلم؟!

-لم يكن دورا بالمعنى المفهوم.. كل الحكاية كام مشهد عملتهم فى يومين حيث قدمت شخصية الحاج هاشم الذى يمثل التحول الذى حدث للمجتمع المصرى ومع أنه دور صغير إلا أننى أرى أنه كان دورا قويا ومؤثرا.

·         ألا ترى أن حجم الدور كان صغيرا؟

- أعترف أننى قبلت الدور مجاملة للمخرج داود عبدالسيد وأن حجم الدور كان صغيرا حتى إن داود نفسه كان مكسوف يكلمنى ليعرض علىّ الدور، ولكننى قبلته من أجل عيون داود واعترافا بفضله علىّ، أنا عملت معه من قبل فى فيلم "مواطن ومخبر وحرامى" وأعتبره نقلة كبيرة فى حياتى الفنية وأخذت عنه جوائز كثيرة.

وعندما عرض علىّ "رسائل البحر" لم أناقشه فى حجم الدور ولم أطلب زيادة المشاهد الخاصة بى، واعتبرت نفسى ضيف شرف فى الفيلم واجتهدت لكى يخرج الدور بشكل يرضى الجمهور. والحمدلله ردود فعل الناس والنقاد حتى الآن جاءت مرضية تماماً وأستطيع أن أقول أنه رغم صغر حجم الدور إلا أنه ترك علامة عند الناس.

·         هل أنت معتاد على قبول أدوار مجاملة لأصدقائك المخرجين والمنتجين؟

- أبدا.. أنا لا أجامل أحدا على حساب فنى وهذه التجربة هى ثانى مرة أجامل فيها أحداً، المرة الأولى كانت فى فيلم "حليم" حيث كانت مساحة الدور صغيرة ولكننى قبلته من أجل عيون الفنان الراحل أحمد زكى والمخرج شريف عرفة بحكم علاقتى الوطيدة به ولا أعتقد أننى سوف أكررها ثانية.

·     فى الفترة الأخيرة قدمت الكثير من أدوار الشر سواء كان للسينما أو للتليفزيون كما فى مسلسلات "ريا وسكينة" و"الأدهم" و"ليالى" وأخيرا "رسائل البحر" ألا تخاف من أن تحاصر داخل هذه الأدوار؟

- فعلا أنا قدمت العديد من أدوار الشر ولكن فى المقابل قدمت أعمالا خارج هذا الإطار مثل "إسماعيل يس" و"الملك فاروق" و"الدادة دودى" وقد نالت إعجاب الناس فى جميع الأحوال، ولذلك أنا لا أخاف من رد فعل الجمهور عندما أقدم أدوار الشر، لأن المتفرج ذكى وبيعرف يفصل كويس بين الممثل والشخصية التى يقدمها، وأنا أذكر أننى عندما قدمت شخصية عبدالرازق فى "ريا وسكينة" نلت إعجاب الناس وتقديرهم رغم أن الدور كان يجسد الشر بعينه.

·         ماذا يشغل صلاح عبدالله حاليا؟!

- أقوم بتصوير فيلم "الثلاثة يشتغلونها" داخل استوديو مصر والفيلم بطولة هالة فاخر وياسمين عبدالعزيز فى ثالث تعاون بينى وبينها بعد فيلم "الرهينة" و"الدادة دودى" حيث أقوم بدور والد ياسمين وهو فيلم كوميدى من تأليف يوسف معاطى.

كما أننى أقوم بالتحضير لمسلسل "الحارة" وهو من تأليف أحمد عبدالله وإخراج سامح عبدالعزيز ومن المنتظر أن يعرض فى رمضان القادم وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور.

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)