حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان برلين السينمائي الدولي الستون

مهرجان برلين السينمائي : دببة برلين تتجه شرقا

حسونة المنصوري

ببرلين يتعلق الأمر دوما بالدببة. الجميع يعلم أن هذاالحيوان هو الرمز الرسمي للمهرجان ولكنه هذاالعام اتخذ أهمية اضافية.فرئيس لجنة التحكيم للدورة الستين الألماني فارنر هارتزوغ من عشاقه وكان قد خصه بفلم رائع. أضف الى ذلك أن الدب يلعب دورا في اثنين من أهم الأفلام المتوجة. هذا هو الانطباع الأول الذي تركته الدورة الستون لمهرجا برلين السينمائي الدولي الذي انعقد في الفترة من 10 الى 21 فبراير الماضي. أما الانطباع الثاني فيتعلق بالتوزيع الجغرافي للجوائز حيث تكاد تكون كل الأفلام الفائزة لسنة 2010 من أوروبا الشرقية : روسيا ورومانيا وبولندا اضافة الى تركيا.  يبدو اذن أن مواطن التجديد في السينما قادمة من الشرق ولنقل حتى من الشرق الأقصى. فاليابان كرمت مرتين في حفل الاختتام والسينما الصينية تؤكد مرة أخرى أنها قيمة ثابتة لكل المحافل السينمائية الكبرى في حين تبقى المشاركة العربية هامشية نسبيا.

ساد حفل توزيع الجوائز لمهرجان برلين السينمائي الستين اضافة الى طيف الدب الألماني آخران من روسيا وتركيا. كيف انهيت ذلك الصيف للروسي أليكساي بوبوغريبسكي وعسل للمخرج التركي سميح كابلنوغلو وهما من أهم الأفلام المتوجة يرويان قصصا يلعب فيها الدب دورا مهما. فالأول يتناول لقاء الانسان بالحيوان في عالم الطبيعة القاسية وما يمكن أن يترتب عن ذلك من تجربة صراع بين مشاعر العداوة والصداقة الممكنة. وقد حصل هذا الفلم على جائزتين : الأولى لأفضل مدير تصوير لبافيل كوستوماروف والأخرى لأفضل دوررجالي تسلمها مناصفة كل من الممثلين الرئيسيين في الفلم وهما غريغوري دوبريجين و سيرغاي بوسكيباليس.

أما الفلم التركي وهو آخرقسم لثلاثية بدأت بفلم عنوانه البيض ثم تلاه آخرعنوانه الحليب فقد حصل على جائزة الدب الذهبي مع هذه الحكاية عن العسل حيث يعود الفلم بيوسوف الى فترة الطفولة مع والده بعد أن كنا عرفناه يتيم الأب وقد فقد امه وهو كهل ثم عهدناه شابا يشق طريقه برفقة والدته ببيع الحليب وتعلم الشعر. في هذ الفلم الثالث لسميح كابلنوغلو يبدو يوسوف ووالده في غابات ذات جمال خلاب يشترك الانسان والحيوان فيها بالمتعة والراحةالنفسية. وسط جمال الطبيعة هذا يلقى الطفل يوسوف دروسه الأولى في الحياة والتي ستجعل منه شاعرا في ما بعد.

والجدير بالذكر هناهو تلك النادرة التي رواها المخرج التركي عنوالدته التي قالت متمنية له التوفيق قبل مجيئه الى برلين : ان الدببة تعشق العسل. ولم تكن المرأة تعلم أنها تتنبؤ للمخرج بالفوز بأجمل دب. يبدو أن المتتبع لتلك الأمسية لن ينسى هذه النكتة أبدا. يبدو اذا أن القاعدة أكيدة أينما وجد العسل أتت الدبة. ويبدو أن رياح الشرق هبت على برلين هذه السنة فالتفتت كل دببتها الى الشرق.

مخرجان آخران من أوروبا الشرقية قد جلبا الأنظارهذا العام. فقد كانت جائزة لجنة التحكيم الخاصة من نصيب الروماني فلورين سربان عن فيلمه لو أردت التصفير لصفرت كماحاز نفس المخرج  على جائزة ألفريد باور التي تكافئ الفلم الذي يحمل توجها جديدا من شأنه أن يثري الثقافة السينمائية. من وجهة النظر هذه فإن الفلم يؤكد أن لاسر في نجاح الجيل الجديد للسينما الرومانية التي فرضت نفسها منذ سنوات على الساحة الدولية. أما رومان بولانسكي ، المخرج البولندي ، فقد كان أبرز المشاركين بغيابه عن فعليات المهرجان لاسيما وقد فاز بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه الكاتب الشبح. ورغم أنه في المسابقة الرسمية فانه لم يحضر لانه قيد الاقامة الجبرية في سويسرا. عند تلقيه الجائزة نيابة عنه، قال منتج الفيلم أن رومان أخبره أنه حتى لو كان مسموح له بالسفر فانه ما كن ليحضر الى برلين لأن آخر مرة ذهب فيها لحضور مهرجان ألقي القبض عليه وسجن. ولعل في هذا التتويج والاعتراف بقيمة الفنان انتقام لمهرجانات السينما من الاستخبارات التى وضعت فخا للايقاع بالمخرج عندما كان متوجها الى مهرجان في مدينة زوريخ السويسرية في تشرين الثاني الماضي.

والى الشرق الأقصى راحت أيضا جوائز أخرى, ولشرق آسيا نصيبه من التكريمات وهي ثلاث. فجائزة أفضل دور نسائي كانت من نصيب الممثلة اليابانية شينوبو ايراجيما عن دورها في فلم كاتربيلارللمخرج كوجي كاماتسو. أما جائزة أحسن سيناريو فهي صينية حيث اختارت كلا من واغ جين وكوانغ كوانان عن فلم هذا الأخير الفراق معا. وفي اطار جوائز التكريمات حصل يوجي يامادا عميد المخرجين اليابانيين على الدب الذهبي عن مجمل أعماله. هكذا تؤكد مرة أخرى سنماءات آسيا الشرقية المكانة المرموقة التي احتلها على الساحة العالمية وتبقى عينا لاتنظب للتجارب السنمائية الجيدة والمتجددة.

تهب ريح الشرق أيضل من الجانب العربي.فقد كان نصيب الفلمين العربيين بعض الجوائز الموازية للمهرجان. ففي قسم فوروم (منتدى) حصل الشريط الوثائقي للسويسري نيكولا فاديموف ما زلنا عايشين في غزة, وهو من انتاج قطري, على جائزة للمنظمة المسيحية الأكومينية. أما المخرج العراقي الشاب محمد الدراجي فقد نال جائزة فلم السلام وجائزة منظمة العفو الدولية عن فلم بن بابل وهو أول عمل روائي له يشارك في قسم باوراما. هكذا يكون الفلمان قد تركا أثرا لمرورهما بمهرجان برلين السينمائي الستين. فقد جلبا حتما أنظار قسم كبير من الجمهور ولكنهما لقيا اهتماما أقل من قبل المهنيين والنقاد. فلعمري ان الجوائزالمحرزة  تعكس بوضوح الهامش الذي لا يستطيع كثير من المخرجين العرب تجاوزه. فقد تجد بعض الأفلام الاحترام كأعمال تتناول قيما إنسانية كالسلام وحقوق الإنسان ، ولكن الأصعب هو أن تكون محط اهتمام وموضوع مقاربة تعتمد مقاييس فنية وجمالية بحتة.

الجزيرة الوثائقية في

24/02/2010

 

ستون عاما لمهرجان برلين.. احتفاء بأعمال خالدة

 حسونة المنصوري - برلين 

هذا العام يلتحق مهرجان برلين الدولي بالمهرجانات الأقدم في العالم. بعدما تربع مهرجان البندقية على عرش العراقة والقدم. حيث يحتفل المهرجان الألماني بمرور 60 عاما على انبعاثه سنة 1950 من قبل الجيش الأمريكي المرابط آنذاك في ألمانيا الغربية وذلك لللاحتفاء بصمود المدينة أمام المطامع السوفييتية.

انطلقت الدورة الستون للمهرجان في جو مليء بالرمزية السياسية. فدورة هذا العام ليست فقط احتفالا بستين عاما مرت على الانطلاق. ولكن احتفلت أيضا بمرور عشرين عاما على توحيد شرق وغرب ألمانيا وسقوط جدار برلين عام 1989. ومن الرمزي أيضا تنظيم حفل الافتتاح في عمق برلين الشرقية سابقا. وبالتالي ليس من الغريب أن يكون المهرجان استفزازيا فمنذ انبعاثه اكتسب المهرجان سمعة لنصرة الأفلام السياسية والاستفزازية.

ولعله في هذا الاطار يمكن إدراج عرض فلم المخرج البولندي الأصل رومان بولانسكي الذي اقترن اسمه مؤخرا بالفضيحة التي فجرتها المخابرات الأمريكية حين طلبت من العدالة السويسرية القاء القبض عليه نهاية العام الماضي. ويعود المخرج الذي فر من قضية أخلاقية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ ثلاثين عاما بفلم جديد بعنوان الكاتب الشبح حيث تم عرضه لأول مرة في العالم في غياب المخرج الذي يبقى رهن الاقامة الجبرية في سويسرا.

ولكن ان كان هذا الحدث قد يجلب انتباه المتتبعين والمغرمين بالأخبار الجانبية فان المهتم بالسنما لا يمكن أن يغفل عن برمجة فلمين لاثنين من أهم المخرجين الألمان في تاريخ السينماالعالمية وهما فريتز لانغ وراينر فارنر فاسبيندر. ولسائل أن يسأل ما الحدث الذي يمكن أن يكمن وراء اسمي مخرجين قد ماتا منذ زمن بعيد فالأول برز في الثلاثينات والآخر في السبعينات.

عرض فلم ميتروبوليس لأول مرة سنة 1927. بعد 83 سنة يعاد عرض هذا الأثر الفني الرائع الذي شغل عشاق الفن السابع لما يقارب القرن  في جو احتفالي استثنائي. فالى جانب عرض الفلم في نسخة جديدة مكتملة من 120 دقيقة  لا النسخة التجارية من 90 دقيقة التي استعملت للعروض التجارية. تولت الفرقة السنفونية لاذاعة برلين عزف المسيقى الأصلية للفلم (الفلم صامت). ومما زاد الحفل سحرا إقامة العرض في الهواء الطلق بساحة قصر فريدريك.

الفلم من نوع الخيال العلمي ويعالج الصراع بين الطبقة الشغيلة من جهة والرأسماليين من جة أخرى في عالم الواقع المرير. وللعمل بعد جمالي أخاذ حيث يستند الى نماذج الفن الشعبي في ذلك الوقت والمدرسة التعبيرية لألمانية. ولعل هذا ما جعل مدينة لانغ تصبح نموذجا لغيرها من العوالم الخيالية التي نجد منها الكثير في الأفلام الكلاسيكية والحديثة مثل بلاد رنر لريدلي سكوت. كما أن فكرة المعركة بين الانسان والتكنولوجيا من المواضيع التي ألهمت أكثر من مخرج شهير كستانلاي كوبريك في 2001 : أوديسا الفضاء وفارتيغو لهيتشكوك.

أما الحدث الثاني لمحبي الفن السابع في بداية الدورة الستين لمهرجان برلين الدولي فقد اقترن باسم آخر لأحد أعلام السينما الألمانية لنهاية القرن الماضي: رٍاينر فارنر فاسبندر حيث عرض المهرجان أحد أعماله المنسية : العالم في خيط. الفلم عمل من جزئين انجز خصيصا للتلفزة الألمانية ووقع بثة مرة واحدة سنة 1973 وهو اقتباس لأثر روائي بعنوان سيمولاكرا ثلاث من تأليف الكاتب دانييل إالويي. ويمكن اقتناء نسخة من القرص دي.في.دي منذ يوم الخميس المقبل 18 فيفري 2010.

تدور وقائع الفلم في بداية السبعينات ولكن لا يركز المخرج على الأحداث بل يحاكي الجوانب السفسطائية والفلسفية للعقل البشري والعبثية في التعامل مع نتائج البحث العلمي وكيفية الاستفادة منها. من هنا يمكن اعتبار الفلم مرجعا للعديد من الأعمال اللاحقة التي تعنى بالخيال العلمي كماتريكس والعديد من الأعمال التي تعتمد على تحريك الصورة في عالم افتراضي. سنة  1999 تم اقتباس العمل من جديد في نسخة قريبة من الأصل ولكن دون بلوغ العمق الذي أدركه فاسبندرمما يجعل الكثير يتحدث عن مظلمة فمنذ وقع بث الفلم على الهواء مرة واحدة لم يقع عرضه في قاعات السينما وبث لاحقا في مناسبات نادرة على شاشة التلفزة.

بهذا يكون المهرجان قد جعل من هذه الدورة الستين مناسبة للاحتفال بالملحمة التي اقترنت بتاريخه كحدث سياسي ولكن أيضا كواجهة للابداع الألماني. وهذا هو المعنى المنشود من اقتران تاريخ هذا المهرجان بظروف بعثه ثم التحول التاريخي الذي تمثل في اعادة توحيد الألمانيتين سن 1989 وذلك باعادة الاعتبار لأعمال مهمة لمخرجين تركوا بصمات لاتنسى.

الجزيرة الوثائقية في

15/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)