حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ملف خاص عن فيلم جيمس كاميرون الجديد "أفاتار"

الأفلام الثلاثية الأبعاد (3D) تسبب الصداع وتضر العين

أطباء أميركيون وألمان يحذرون من أضرارها على المعانين من مشكلات النظر

كولون (ألمانيا): ماجد الخطيب

تبوأ فيلم «أفتار»، الذي يعرض بشكل مجسم ثلاثي الأبعاد (3D)، قائمة أكثر الأفلام كلفة في تاريخ هوليوود، لكنه حقق مع ذلك أعلى الإيرادات منذ بدء عرضه قبل شهر في سينمات الولايات المتحدة. ويبدو أن «جيمس بوند»، المعروف بتحقيقه «المعجزات» أمام شباك التذاكر، لن يتأخر عن ركوب هذه «الموضة»، فأعلن عن ركوب مغامرته القادمة موجة الأفلام الثلاثية الأبعاد.

وبعد الاستقبال الصحافي الإيجابي للفيلم على المانشيتات العريضة، وبقاء الفيلم بعيدا عن «النقد الفني» نسبيا على الصفحات الثقافية، ظهرت لأول مرة بوادر هذا النقد، ولكن على الصفحات العلمية والصحية التي تهتم بالأفلام الثلاثية الأبعاد. إذ حذر أطباء العيون الأميركان لأول مرة من التأثيرات السلبية للأفلام الثلاثية الأبعاد على الإنسان، وخصوصا من ناحية إثارة صداع الرأس ونوبات الشقيقة. وأيدهم في ذلك الكثير من المختصين الألمان من على صفحات المجلات الطبية الألمانية.

المشكلة هي أن تقنيات العرض الثلاثي الأبعاد، وزحفها التدريجي إلى التلفزيونات وشاشات الكومبيوتر وصالات السينما عموما، يأتي في عصر تحول فيه الصداع إلى مرض مزمن تعاني منه المجتمعات الصناعية والفقيرة على حد السواء. وكمثل، يعاني 5 في المائة من الألمان من صداع دائم، وهو ما يشكل نحو 6 ملايين إنسان، تضاف إليهم نسبة 70 في المائة ممن يعانون من نوبات منتظمة أو من صداع مزمن، و90 في المائة من هذه الحالات بسبب داء الشقيقة أو بسبب التوتر النفسي والعضلي.

وقال البروفسور مايكل روزنبيرغ، أستاذ طب وجراحة العيون في جامعة شيكاغو: «هناك اختلاف بسيط لدى الكثير من الناس بين عضلات العينين اليسرى واليمنى، وهو اختلاف يمكن للدماغ تجاوزه، ويؤهل الإنسان للعيش بسلام دون آلام رأس الإنسان، إلا أن الأفلام الثلاثية الأبعاد تزيد وطأة هذا الفرق على الدماغ، وتؤدي إلى حصول آلام في رأس المشاهد». ويتضاعف احتمال حدوث صداع الرأس حينما يبذل المشاهدون، المعانون من الفروق بين عضلات العينين، جهدا مضاعفا للتمتع بالصور الثلاثية الأبعاد.

وأضاف روزنبيرغ: «عادة ما نشاهد في العين الأولى صورا بأبعاد ثلاثية بزاوية تصغر عن الزاوية التي تشاهد بها العين الأخرى، ويعمل الدماغ في مختبره على تحويل هذه المعلومات المصورة (اللقطتين) إلى صورة ثلاثية الأبعاد في عيوننا. إلا أن ما تصوره لنا السينما في ثلاثة أبعاد يختلف عن حجم الصورة الحقيقية، ناهيكم عن أنه عبارة عن صور متتابعة سريعة الحركة، وهو ما يربك عمل الدماغ ويشوش صفاء الذهن.

وأيدته بذلك جرّاحة العيون البروفسورة ديبورا فريدمان، من نيويورك، التي أشارت إلى أن الفيلم الثلاثي الأبعاد يقدم للعين «وهما» ثلاثي الأبعاد بحجم أكبر من الحجم الذي يستوعبه دماغنا وعيوننا. وحينما تحاول العين الطبيعية التأقلم مع الحجم الجديد ينهمك الدماغ في عملية مضنية تتسبب في حدوث الصداع».

واعترف متحدث باسم شركة «ريال أ.د»، المتخصصة في صناعة الأفلام الثلاثية الأبعاد، لمجلة «الطبيب» الألمانية، بوجود تقارير تعود إلى الفترة الأولى لظهور الأفلام الثلاثية الأبعاد، تتحدث عن حالات صداع وغثيان أصابت مشاهدي بعض عروض هذه الأفلام. ونصحت الشركة من يشعر بالصداع خلال أو بعد مشاهدة هذه الأفلام بعدم مشاهدة الأفلام ثانية دون مراجعة الطبيب، وقال إن هذه الحالات ناجمة عن انعدام البحث العلمي الدقيق عن منافع ومضار الأفلام الثلاثية الأبعاد.

وفي السابق استخدمت عروض الأفلام الثلاثية الأبعاد جهازين للعرض، يعرض أحدهما صورا مخصصة للرؤية بواسطة العين اليسرى للمشاهد، ويعرض الثاني على الشاشة الصور للعين اليمنى. وحينما يضع المشاهد النظارات الخاصة بالعرض فإنه يرى فيلمين من منظارين مختلفين ومن معايير عامة مفصلة للعيون البشرية الاعتيادية، بمعنى أنها لا تراعي الفروق بين عيون الناس. وينشأ الصداع حينما تختلف معايير العرض البصري مع معايير نظر الإنسان، أو حينما يكون الفرق بين زاويتي عرض جهازي العرض (البروجكتورين) تختلف كثيرا عن الفرق بين العينين اليسرى واليمنى.

وتستخدم دور العرض المتقدمة اليوم، وبعد غزو التقنية الرقمية، جهاز عرض واحد رقمي يدمج الصورتين المعروضتين، رغم الاختلاف بينهما، بسرعة ترادفية تبلغ 144 صورة في الثانية. وهي سرعة تفوق سرعة أدراك العين والدماغ البشريين، وتظهر الفيلم المعروض كأنه صورة واحدة ثلاثية الأبعاد. وقد ينجم الصداع هنا عن محاولة الدماغ اللحاق بالصور السريعة وتحليلها، أو أنه ينجم عن المشاهدة من جانب القاعة، لأن من الظاهر أن احتمالات المعاناة من الصداع، في أثناء مشاهدة العرض الثلاثي الأبعاد، تقل عندما ينظر إليها الإنسان من الوسط، وتزداد كلما ابتعد المشاهد نحو الطرفين.

وحذر البروفسور بيتر هوه، خبير أمراض العيون والصداع المتعلق بها، من مشاهدة الأفلام الثلاثية الأبعاد مثل «أفتار» على المعانين من مشكلات خاصة في العينين. ونصح هوه، من عيادة طب العيون في جامعة ميونخ، المعانين وغير المعانين من أمراض العيون، الذين يودون مشاهدة العروض الثلاثية الأبعاد، باختيار مكان في وسط السينما، ففي الوسط «يسقط الكثير من الضوء وتجتمع الصورتان المعروضتان بشكل أفضل أمام العينين، وهذا يعني أنه لا يقع الكثير من الجهد على عين واحدة، ولا ينشغل الدماغ كثيرا في محاولة معادلة هذا الاختلال بين العينين اليسرى واليمنى».

إن النظر إلى الفيلم الثلاثي الأبعاد من جانب قاعة العرض يعني أنه يقع على الدماغ أن يبذل جهدا استثنائيا لمطابقة الصورتين، القادمة من العين اليسرى والأخرى القادمة من العين اليمنى، إضافة إلى جهد آخر لوضعهما في مستوى واحد. وينصح البروفسور الألماني مشاهدي الأفلام الثلاثية الأبعاد بتناول الكثير من الماء في أثناء العرض، ويطالب أصحاب دور العرض بوضع استراحة أو أكثر في أثناء عرض هذه الأفلام، وخصوصا فيلم «أفتار» الذي يعرض بطول 3 ساعات. عدا عن ذلك يعرض المشاهد نفسه، وخصوصا المعانين من مشكلات العين، إلى الصداع والغثيان.

البعض يجد الحل في «العروض الفردية» التي تقدمها نظارات العرض الخاصة بأفلام الأبعاد الثلاثية والتي تعمل بنفسها كشاشة أمام عيني المشاهد. ويرى البعض الآخر البديل في العدسات اللاصقة التي أعلن العلماء الأميركان عن اكتشافها، والتي تتحول إلى شاشة منمنمة لعرض الأفلام لصيقة بالحدقة.

وطبيعي أن يفترض أن تكون هذه النظارات والعدسات خاصة بالإنسان، بمعنى أن يصفها طبيب العيون للشخص ويراعى فيها الاختلافات بين عيني المريض والمشكلات البصرية الأخرى التي يعاني منها. وهو ما أعلنه البروفسور بابراك برويز، من جامعة واشنطن (سياتل) الذي تحدث قبل بضعة أسابيع عن عدسة لاصقة تعمل بمثابة مونيتور وتتلقى الطاقة اللازمة لعملها لا سلكيا من جهاز خارجي. وهذا يعني أنه من الممكن للإنسان مستقبلا، وبفضل العدسة أو «الشاشة اللاصقة»، أن يحادث رجلا صينيا ويستعرض المترجم له الترجمة على شاشة العدسة اللاصقة، أو أن يعرض لسائق السيارة خريطة الطريق من الملاح مباشرة أمام عينيه دون الحاجة إلى شاشة ملاح.

وفي حين ينشغل أطباء العيون في مناقشة أضرار الأفلام الثلاثية الأبعاد على الدماغ وإصابة المشاهدين بالصداع، جاء النقد الطبي الثاني لفيلم «أفتار» من منظمات الرقابة الاجتماعية بسبب الموقف من التدخين، فالفيلم يعرض الممثلين وهم يدخنون رغم أن قصته تدور حول أحداث تجري في عالم فانتازي من عام 2154 المستقبلي.

وانتقدت مبادرة «من أجل أفلام أميركية بلا تدخين» فيلم «أفتار» بسبب ظهور الممثلة سيجورني ويفر، التي تلعب دور عالمة إنسانية واعية، وهي تدخن في الفيلم. وذكرت المبادرة في تصريح لها أن الفيلم متاح لمشاهدة الصغار من سن 13 سنة، وهو ما يجعله خطرا على المراهقين، وفي حين أن دعايات السجائر ممنوعة في الولايات المتحدة منذ سنوات، إلا أن فيلم «أفتار» يروج لها طوال العرض بثلاثة أبعاد. وسبق للمبادرة أن انتقدت جيمس كاميرون بتقديم الدعاية الخفية لصناعة السجائر في فلمه الشهير «تايتانيك».

الشرق الأوسط في

15/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)