اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

دراما رمضان ـ 2008

 

رمضان 2008

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

... وضاع الأولاد في «حارتنا» الضيّقة!

عن ظاهرة مسلسلات البيئة الشامية

منار ديب

 
     
  

«باب الحارة 3» لا يحقّق الصدى المرجو، و«أهل الراية» يراهن فقط على النجوم، فيما «أولاد القيمرية» يغرق في الهموم الإصلاحيّة... أما زال المُشاهد يستسيغ الأعمال الشعبية القديمة، أم أن الانتقادات التي توجّه إلى هذه الأعمال تبدو أحياناً مجحفة؟

مع اتساع ظاهرة مسلسلات البيئة الشامية، وما حققته من جماهيرية شعبية، تعالت أصوات الصحافيين في كل مرة، مطالبةً بوضع أحداثها في سياق تاريخي محدّد وواقعي. لكن هذه الأعمال انطلقت أصلاً من مصدرين: الأول تمثّله مسلسلات دريد ونهاد القديمة، والثاني تكوّن بعد المسلسلات التراثية التي بدأت مع «أيام شامية» (1992).

بالنسبة إلى أعمال دريد ونهاد، كانت طبيعتها الكوميدية الشعبية الممسرحة، تسمح لها بالقفز عن الزمان والمكان، فالحارة إطار مناسب لعمل كوميدي محدود يقوم على الأفكار والأنماط الشخصية. المكان هو بالتأكيد في دمشق القديمة، وليس مهماً أين. فالحارة متخيّلة، والزمان هو بين نهاية العهد العثماني والعقد الأول للاستقلال، فترة طويلة تخلّلها الانتداب الفرنسي. الاختراعات الحديثة حاضرة في «صح النوم» و«حمام الهنا»، ما يشير إلى أنها تنتمي إلى الحاضر. لكن لباس الناس هو اللباس التقليدي. لقد تعايش الزي الغربي الحديث والزي المحلي في فترة من الفترات، لكن الكوميديا التي تعتمد على الأنماط، يمثّل اللباس فيها جزءاً من هوية النمط أو الشخصية (الكراكتير).

أما بالنسبة إلى «أيام شامية»، فقد عرف نجاحاً كبيراً كونه وثّق تراثاً قريباً كان في طور الانقراض. عملٌ أنثروبولوجي له طابع درامي، فهو لم يوثّق المسكن والملبس والمأكل والمشرب فقط، بل وثّق أيضاً العادات والتقاليد. ولم يكن مفاجئاً أن نقابل في هذا العمل وجوهاً كناجي جبر (أبو عنتر) ورفيق سبيعي (أبو صيّاح) وحسام تحسين بك القادمين من عالم دريد لحام. الأعمال الدمشقية التي تلت وتتالت، قدّمت الفولكلور، كما قدّمت الأنماط الشخصية. وعلى رغم الانتقادات الواسعة بسبب لا زمنية ولا تاريخية هذه الحارات، ورفض القيم المحافظة التي تعكسها... قلّما جرى التأمل في الواقع الذي من المفترض أنها تعكسه بشكل أمين أو بشكل مشوّه. نعم، لقد توافرت الشام على حياة سياسية غنية في الفترات التي تصورها هذه الأعمال، وكانت مراحل تغلي بالأحداث التاريخية الكبيرة، لكنّ مشاركة الناس في صناعة هذه الأحداث كانت محدودة، فالاشتغال بالسياسة كان امتيازاً مقصوراً على قلّة، والبلد الذي عرف أول جامعة حكومية في العالم العربي مطلع القرن الماضي، لم تكن الأغلبية الساحقة من سكانه تجيد القراءة والكتابة.

الحارة الضيقة المغلقة كانت تؤمّن الحماية لسكانها ولو على حساب حريتهم، وكان يجري توارث القيم التقليدية من دون تغييرات حقيقية، العلاقات لم تكن على قدر كبير من التعقيد، والدراما الحياتية هي دراما التفاصيل. من هنا، تبدو الشخصية الدمشقية واقعية ومنسجمة مع نفسها لا تعاني تمزّقات نفسية وهموماً جليلة، أكثر من كونها سطحية. لقد أفرزت هذه المجتمعات نماذجها الرائدة والمغامرة، والخارجة عن الإجماع، لكن هؤلاء لا يمثّلون ظاهرة. أعمال دريد لحام الأولى، كانت الردّ الشعبي، أو ردّ الحواري، وردّ من جرى تجاهلهم طويلاً، بل ونسيانهم. واليوم نشهد شعبية الأعمال البيئية، على أن المنظومة القديمة ما زالت هي نفسها لدى السواد الأعظم، وأنه ينظر بعين الحنين إلى تلك الأزمنة السعيدة التي لا يستطيع أحد أن يقنع الناس بأنها لم تكن موجودة يوماً. الفرد لم يكن قد ولد بعد في تلك المجتمعات، وربما لم يولد حتى الآن، لكن الفرق أن الشعور بالأمان الاجتماعي والانتماء الثقافي كان موجوداً، ولم يكن الآخر يمثّل استفزازاً لنمط الحياة الرتيب القائم، فهذا الآخر هو إما الحكم العثماني الذي يُنظر إليه كخلافة إسلامية، وهو جزء من الأنا، أو المحتل الأوروبي الذي يُنظر إليه كعدو مرفوض لا كآخر يمكن الحوار معه.

في رمضان 2008، يشرف الزعيم أبو الحسن في مسلسل «أهل الراية» على تزيين الحارة لاستقبال الإمبراطور الألماني الحليف، لكن بأوامر سلطانية من حكم عثماني لا ينظر إليه كآخر. بينما الآخر الفرنسي في «باب الحارة» هو غريب وعدو بالضرورة، وفي «أولاد القيمرية» يبدو البطل عبد الله مشغولاً بهموم إصلاحية، لا مشككاً في شرعية الحاكم التركي. أما في «بيت جدي» التي تدور أحداثه في مرحلة الانتداب الفرنسي، فوجه السلطة فيه يتمثل بالمتعاون المحلي. الحياة الساكنة والمحدودة لهذه الحارات التي تظهر في هذه الأعمال لا تخلو من أسس واقعية، فالإنسان البسيط والخائف الذي عاش فيها لم يكن معنيّاً بالتاريخ، أو بتلقّي التأثيرات الخارجية، لكن السؤال هو لمَ الالتزام بهذا الخيار الدرامي الضيق الذي استُنفد، وكأن حياةً لم تقم في أمكنة أخرى أكثر اتساعاً، وكأن الموضوعات المعاصرة الشائكة قد انتهت.

 

«باب الحارة» 22:30 على mbc

«أهل الراية» 20:10 على «المنار»

«بيت جدي» 15:55 على «الراي»

«أولاد القيمرية» 21:30 على «س»

 

 

«باب» العكيد لن يغلق

أعلن المخرج بسام الملا نيته إنجاز جزءَين رابع وخامس من «باب الحارة»، على رغم أن أصداء الجزء الثالث تبدو باهتة حتى الآن. فخروج ممثلين رئيسيين، على رأسهم عباس النوري (أبو عصام) قلّل من جماهيرية العمل. في المقابل، دخلت وجوه جديدة، كجومانة مراد، التي تؤدّي دور زوجة العكيد أبو شهاب، والتي تبدو لهجتها الشامية غير مقنعة. وهناك أيمن رضا، المشارك هذا العام في ثلاثة أعمال بيئية، ونتعرّف معه إلى حارة جديدة («الماوي») لنكتشف أن العالم أوسع من حارة «الضبع». كما يتّسع الخط الوطني المتمثل بالقتال ضد الاحتلال الفرنسي، وسنقابل شخصية متعلمة هي أدهم الذي يدرس الحقوق، وينظم الاجتماعات السرية... كل ذلك، لم يسهم في إنجاح الجزء الثالث. بل يبدو أن تنطّع العمل لإدعاءات ثقافية سيفسده، فـ«باب الحارة» يجذب المشاهد بتفاصيله وثرثرته، وبقيمه الأخلاقية الخارقة. وهو كلّما اقترب من الواقع فقَد طابعه كحكاية ذات بعدين، فهو ليس رواية، بل سيرة مسطحة. وهذا النوع من الأعمال سهل الكتابة ويمكن صناعة عدد كبير من الأجزاء منه، فحلقة كاملة قد تضيع على وليمة أو تفصيل حذاء أو الذهاب إلى حمام السوق.

لا يبدو من منافس جدي لـ«باب الحارة» سوى «أهل الراية» ــــ تدور أحداثه في حارة «بير التوتة» المتخيلة ــــ وإن كان يشبهه، إلا أنه يحشد عدداً كبيراً من النجوم، ويبدأ بمقدمة غنائية ناجحة لملحم زين. لكن لا يخلو «أهل الراية» من الإطالة، فتضيع نصف ساعة من إحدى الحلقات، بين قراءة القرآن في عزاء، وعرس للنساء فيه رقص وغناء، ومولوية يؤدون رقصتهم في الحارة في عرس الرجال.

بقي أن نذكر أن زوّار الشام باتوا يشترون إضافةً إلى الأقمشة، والتحف الخشبية المطعّمة بالصدف، المسلسلات الشعبية المنسوخة على أقراص DVD. كما باتت مطاعم المدينة القديمة تحمل أسماء «باب الحارة» و«ليالي الصالحية» و«الخوالي». فيما استثمار «باب الحارة» وصل إلى مناديل ورقية، وإعلان للشوكولاتة. بل إن موقع تصوير هذه الأعمال التراثية في «القرية الشامية»، أصبح مقصداً سياحياً يجري الدخول إليه وفق أجر محدّد!

الأخبار اللبنانية في 13 سبتمبر 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)