اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

دراما رمضان ـ 2008

 

رمضان 2008

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

دراما الوهم

راسم المدهون

 
     
  

ما الذي يجعل الحياة الافتراضية ساحرة لمدمنيها إلى هذا الحد؟

هو سؤال يصعد إلى الذهن بعد النجاح الذي حققه المسلسلان التركيان المدبلجان باللهجة السورية «سنوات الضياع» و«نور»، والذي لا يمكننا أن نعزوه إلى أسباب فنيّة وحسب.

في المسلسلين اتكاء مبالغ به على كل ما هو مفقود في المجتمعات الشرقية، ومنها مجتمعاتنا العربية. ثمة عزف على وتر الحرية إلى حدود تجعل من شخصيات العملين شخصيات تعيش وتتحرك خارج كل المحرمات من أي نوع كان.

ومن يتأمل تلك الحرية «الافتراضية» يدرك الحال التي تنقل مشاهدي العملين إليها، وهم كلهم يعيشون عكسها تماماً.

هي على أي حال «نظرية» في الدراما شاعت وانتشرت في كل بلاد الدنيا، أساسها وجوهرها الفكرة القائلة بأن المشاهد يريد من الدراما أن تعوّضه عن الواقع، أي أن تمنحه - ولو موقتاً - عالماً «سحرياً» يلجأ إليه من هموم يومه وأحزان حياته.

في كل القصص التي نقلتها وسائل الإعلام عن «حوادث» وقعت هنا وهناك بتأثير من المسلسلين ثمة نقطة مشتركة، العثور على «الكمال العاطفي» النادر وشبه المفقود في الحياة الواقعية، والذي تنعقد المقارنات معه فتخلق نوعاً من اكتشاف سوداوية الواقع وبؤسه.

هكذا نظر مشاهدون كثر إلى «مهند» و«نور» و«يحيى» و«لميس» باعتبارهم شخصيات الحلم المفقود، بصرف النظر عن أحداث ووقائع المسلسلين ومدى ترابطها أو انسجامها مع المنطق، فليس هذا هو المطلوب، خصوصاً أنه شأن المسلسلات «الأخرى» و»العادية» والتي ينيط بها المشاهدون وظيفة معالجة الواقع ومحاولة حل مشكلاته.

 مشاهدة كهذه تبدو - في الغالب - مفتوحة على الوهم بقصد مسبق إذ تدغدغ أحلاماً، وتداعب مخيلات في لون مغاير من فانتازيا تختلط مع أسماء أماكن حقيقية لجغرافيا حقيقية يعرفونها أو يسمعون بها، ولشخصيات تتكلم بلهجة عربية صارت شائعة ومرغوبة إلى الحد الذي يجعلنا نقول من دون مجازفة إن بعضاً من نجاح «نور» و«سنوات الضياع» ينتسب إلى نجاحات الدراما السورية، وشيوعها عربياً خلال سنوات العقد الأخير، ما جعل العملين قريبين بمناخهما الدرامي من المشاهد ومزاجيته وذهنيته.

مع هذا كله، لا يبدو نجاح المسلسلين مؤشراً إلى «موجة» درامية قادمة يمكن أن تضمن نجاح تجربة أخرى لدبلجة أعمال تركية جديدة، فالمسألة تبدو إلى حد بعيد أقرب إلى الضربة التي يصعب تكرارها رغم كل البريق.

الحياة اللندنية في 29 أغسطس 2008

 

رؤوس في الرمل

سمر يزبك 

يتراءى لكثير من مثقفي العالم العربي أن الكتابة عن التلفزيون، ومتابعة ما تبثه القنوات الفضائية أمر يمس بجديتهم، لأن التلفزيون باب للسطحية والابتذال. وبعضهم يصنف الكتابة عن التلفزيون ضمن أبواب الكتابة الخفيفة التي تليق بصحافيين وكتاب ونقاد لا يحملون فوق رؤوسهم المهمات الكبرى المنذور لها المفكر الجاد!

هذا النوع من التعالي يقفز على حقيقة أن التلفزيون هو الوسيلة الأولى لإنسان الزمن الحالي، للاتصال بالعالم؛ فالإحصاءات تثبت أن المصدر الرئيس الذي يستقي منه الشعب الأميركي معلوماته وثقافته هو التلفزيون. وربما تنطبق النتيجة على المواطن العربي اليوم بأكثر مما تنطبق على الأميركي، إذا وضعنا في الاعتبار نسبة الأمية العالية عندنا.

وقد تكون منطلقات الرافضين للتلفزيون صحيحة؛ فهو وسيلة تروج لثقافة الاستهلاك، ولكن هذا ليس مبرراً للتعالي على التلفزيون، فالعبرة ليست في خفة التلفزيون، بل في ثقل وأهمية ما يمكن أن يكتب حول هذه الخفة. ويكفي أن يعرف الواحد منا أن مفكراً من طراز بيير بورديو عندما انشأ دار نشر خاصة به، كان أول ما فكر بنشره هو كراسات عن التلفزيون، نقل بعضها إلى العربية عبر كتاب حمل عنوان «آلية التلاعب بالعقول»، وهو ليس وحيداً في هذا الميدان الذي شهد مؤلفات مهمة من قبل مثل «أسطوريات» رولان بارت الذي تعرض فيه للإعلانات التلفزيونية وآليات صناعة النجوم، وفي أميركا هناك مؤلفات نعوم تشومسكي وتيموثي ميتشل، وكلاهما يفضح في أكثر من كتاب له آليات التلاعب بعقل المشاهد (الناخب الأميركي).

قائمة المفكرين الغربيين الذين أخذوا خفة التلفزيون بكل جدية تطول، بينما لا تزال نظرة الاستعلاء سائدة عندنا، باستثناءات قليلة نذكر منها عبدالله الغذامي الذي قدم كتاباً مهماً عن «الثقافة التلفزيونية».

لكن عصفوراً واحداً لا يصنع ربيعاً كما يقول المثل، واستمرار تجاهل التلفزيون هو استمرار في دفن الرؤوس في الرمال، وما يشكو منه المفكرون من سطحية التلفزيون مرشح للتزايد في ظل غياب الدراسات التي تشرح آليات عمله وتفكك خطابه.

وقد آن الأوان لمولد معاهد متخصصة في الفنون التلفزيونية والنقد التلفزيوني، كما هي الحال في معاهد المسرح والسينما، حيث لا يزال التلفزيون موزعاً بين المعاهد المختلفة؛ فالبرامج الإخبارية منه يدرسها طلاب الإعلام ضمن مناهج الصحافة، بينما يستعير كوادره في الإخراج والسيناريو والتصوير من خريجي معاهد السينما والمسرح، وكذلك يستعير نقاده، الأمر الذي يقف بالنقد التلفزيوني عند حدود الترويج المجاني والهجوم المتجني على هذا العمل أو ذاك.

صنع الكوادر التلفزيونية المؤهلة مع تنازل المفكرين من عليائهم لإلقاء نظرة على ما تقدمه شاشاتنا هي الطريقة الوحيدة لترويض هذا المارد الساحر الذي يمضي في تكريس سلطته، رضينا أم كرهنا. والفرصة لم تفت بعد، لإجراء تغيير حقيقي في التعامل مع ثقافة العالم الجديدة.

الحياة اللندنية في 29 أغسطس 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)