حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم   

85th Academy Awards

"جانجو طليقا".. تارنتينو محرر السينما والعبيد!

أمير العمري

لاشك أن فيلم "جانجو طليقا" Django Unchained   ليس فقط أفضل أفلام مخرجه كوينتين تارانتينو منذ فيلمه ذائع الصيت "خيال رخيص" Pulp Fiction كما يرى كثيرون، بل إنه أفضل افلام تارينتينو على الإطلاق.

والسبب أن تارنتينو هنا لا يلعب بالشكل ويتلاعب به فقط، كما كان دأبه دائما في سائر أفلامه، بل يتجرأ أيضا ويقترب كثيرا، ربما كما لم يحدث من قبل في فيلم "هوليوودي" تقليدي، من موضوع شديد الحساسية في التاريخ الأمريكي المعاصر هو موضوع العبودية واستعباد السود في الجنوب الأمريكي تحديدا.

يقول تارانتينو في حوار صحفي نشر قبل عرض الفيلم، إن فكرة الفيلم جاءته بينما كان يؤلف كتابا عن المخرج الإيطالي سيرجيو كوربوتشي Sergio Corbucci . ولاشك أن تارنتينو شاهد فيلم كوربوتشي الشهير "جانجو" (1966) وهو أحد أكثر أفلام الويسترن الاسباجيتي تحقيقا للنجاح الجماهيري، وتأثر به كثيرا بل واقتبس منه أيضا بعض الأفكار.

في هذا الفيلم نرى بطلا غامضا لا اسم له (على غرار كلينت إيستوود بطل سيرجيو ليوني في "حفنة دولارات" ثم "مزيد من الدولارات") ينزل بلدة تتصارع فيها جماعتان: عصابة مكسيكية تقتل من أجل الحصول على الذهب، وعصابة من البيض الذي يرتدون القلنسوات الحمراء على غرار الكوكلوكس كلان.. يريدون القضاء على عصابة المكسيكيين. والبطل الذي يسعى للانتقام من عصابة البيض الذين قتلوا زوجته،  يجر خلفه من البداية كفنا أي صندوقا خشبيا كبيرا، وسرعان ما يحاول تأليب الجماعتين ضد بعضهما البعض لتحقيق هدفه وهو ينجح في إنقاذ امرأة بيضاء من فتك عصابة أغطية الرأس الحمراء، ثم يكشف في النهاية عن كنزه المخفي داحل الكفن الخشبي لنكتشف أنه مدفع رشاش ضخم يطلق مئات الرصاصات في الدقيقة!

كان بطل كوربوتشي رجلا أبيض، فيه من الغموض بقدر ما فيه من النبل، فهو ينحاز لجانب الحق ضد الشر، ويبدو أيضا كما لو كان مدفوعا بالانتقام لما تعرضت له زوجته على أيدي عصبة الأشرار. وقد اسند كوربوتشي دور البطولة في فيلمه هذا إلى فرانكو نيرو، ذلك الممثل الناشيء ذو العينين الزرقاوين الجامدتين على نحو غامض، الذي أصبح فيما بعد أحد كبارالنجوم في السينما الإيطالية.

امتدت سلسلة أفلام "جانجو" واستمرت في أفلام رخيصة التكاليف لسنوات طويلة (حتى 1987) وبلغت 30 فيلما تدور حول نفس الفكرة، أي البطل الخارق الذي لا يقهر، نصير البؤساء، وإن لم يكرر دي نيرو الدور سوى مرة واحدة في "جانجو يعود" إخراج نيللو روساتي، وهو عمليا خاتمة أفلام السلسلة.

تيمنا بجانجو القديم يستعين تارينتينو بفرانكو نيرو في دور ثانوي كضيف شرف في الفيلم، في إطلالة مدهشة بعد أن أصبح كهلا في الثانية والسبعين من عمره حاليا!

جانجو الأسود

إلا أن تارنتينو على العكس من كوربوتشي جعل بطله "جانجو" عبدا أسود في الجنوب الأمريكي، يخوض مغامرة ضخمة مع رفيقه (الدكتور شولتز) طبيب الأسنان الألماني الأصل، الذي هجر مهنته وأصبح يطارد المطلوبين للعدالة الفيدرالية الأمريكية، لكي يقتلهم ويعود بجثثهم لمبادلتها بالمال!

بعد أن يساعد جانجو شولتز في الكشف عن ثلاثة أشقياء وقتلهم، يمنح شولتز جانجو حريته ومبلغ 75 دولارا – كما وعده، ثم يعقد معه اتفاقا على أن يصبح شريكا له في عمله، وينتقل الاثنان من ولاية إلى أخرى، يحققان النجاح ويجنيان الثروة، وأخيرا يقرر شولتز أن يساعد رفيقه الذي يطلق عليه "جانجو فريمان" أي جانجو الحر، في تحرير زوجته من العبودية بعد أن يعرف أنها في ضيعة الأرستقراطي الإقطاعي "كاندي" (ليوناردو دي كابريو)  الذي يمتلك ضيعة ضخمة وعددا كبيرا من العبيد والجواري. وهناك تقع الكثير من المفارقات والمواجهات العنيفة ويلقى شولتز حتفه بينما يتمكن جانجو من النجاة بصحبة زوجته برومهيلدا.

هذه هي الحبكة الرئيسية للفيلم. لكن الفيلم تفاصيل وليس فقط حبكة عامة. وما يجعل من هذا الفيلم عملا كبيرا ليس سطحه الخارجي اللامع المثير، بل مكوناته وقدرة مخرجه وكاتبه (تارنتينو) في التلاعب بالأسلوب، مسلطا الأضواء على الكثير من الأفلام التي أحبها، مستخلصا منها ما يناسبه، فهو أولا يستعيد أجواء أفلام "الويسترن سباجيتي"، تلك النوعية من الأفلام التي أنتجت في إيطاليا وصوّر معظمها في إسبانيا، في الستينيات. وكانت هذه النوعية تختلف تماما عن أفلام الويسترن الأمريكي في اهتمام مخرجيها بالقضايا السياسية بشكل مجازي، فقد كانت تلك الفترة فترة الاهتمام الكبير بالماركسية والأفكار اليسارية وبزوغ دور الحزب الشيوعي الإيطالي (أكبر الأحزاب الشيوعية الأوروبية وقتها)، وكان معظم السينمائيين الإيطاليين البارزين من اليسار، وكانوا يهتمون بقضايا الفقراء ونقد السيطرة الرأسمالية حتى لو جعلوا المكسيكيين مثلا مرادفا للطبقة الفقيرة، وجعلوا الرأسماليين المتوحشين هم "رعاة البقر" المغامرين الباحثين عن الذهب أو عن استغلال الفقراء وسرقتهم، ولكن "البطل" الأسطوري- الذي كان يحمل أيضا سمات المخلص المسيحي، كان يتمكن من تنظيمهم وقيادتهم للتصدي للأشرار أو يقضي هو عليهم بحنكته وصبره وشدة بأسه.

تارنتينو يستعيد ذلك التقليد في استخدام هذا "النوع" genre للتعبير عن أفكار سياسية (تقدمية). وفيلمه يمكن النظر إليه على أنه صراع بين المقهورين (جانجو وزملاؤه العبيد وزوجته المستعبدة) والأمريكيين البيض الأثرياء الذي يراكمون الثروات ويمتلكون الإقطاعيات باستغلالهم لجهد وعرق هؤلاء العبيد. إن "جانجو طليقا" يمكن النظر إليه على أنه فيلم عن ذلك التوحش الرأسمالي الذي يدفع أيضا إلى ابتكار الكثير من أشكال التسلية التي تعكس نزعات همجية متوحشة سادية مغرقة في العنف: على السطح هناك الرقة والعذوبة في الاستقبال عندما يحل شولتز وجانجو ضيفين على ضيعة الرأسمالي (أو الإقطاعي) كاندي (دي كابريو)، حيث تستقبلهما شقيقته "لارا" بكل رقة وترحيب ونعومة، في اتساق مع ما هو معروف عن تقاليد الجنوب الجنوب الأمريكي في الكرم والحفاوة وحسن استقبال الضيوف، لكن تحت السطح هناك رغبة شرسة في انتهاز الفرصة، للحصول على أكبر المكاسب، في إنجاز صفقة ما تضمن تحقيق المال الذي هو الأهم.

عن العنف والملكية

الغرب عند تارينتينو متوحش، قاس، فظ، يمتلئ بالعنف والاستغلال في أبشع صوره. وهناك تناقض هائل بين تلك الصورة الرائعة الجذابة للمناظر الطبيعية، للحقول، للجبال، وبين ما يكمن هناك من عنف هدفه الحصول على المال وتراكم رأس المال. فالسيد الاقطاعي "كاندي" غليظ، متشكك، فظ في البداية، ولكنه يتحول إلى كائن مضياف رقيق مجامل بعد ان يقول له شولتزز إنهما جاءا لعقد صفقة معه.

ومن ضمن أشكال التسلية التي ابتدعها كاندي دفع عدد من العبيد على قتال بعضهم البعض حتى الموت. ويطلق تارنتينو على هذا النوع من العبيد "ماندينجو" Mandingo في استعادة واستلهام لفيلم بالعنوان نفسه ظهر عام 1975 من إخراج ريتشارد فليشر وبطولة جيمس ماسون وسوزان جورج وكان من أكثر الأفلام عنفا لدرجة أنه منع في الكثير من البلدان وظل ممنوعا في بريطانيا مثلا لخمسة وعشرين عاما!

العنف الذي يستمتع به كاندي يظهر في أبشع صوره عندما يطلق كلابه المتوحشة لتنهش لحم عبد كان يرغب في التراجع عن المصارعة حتى الموت خشية من المصير الذي ينتظره.

يدخل شولتز وجانجو في روع مضيفهما أنهما يرغبان في شراء عبد مقاتل من نوع الماندينجو مقابل أكبر مبلغ يخطر على البال في ذلك الوقت، أي 12 ألف دولار في حين أن ثمن العبد في أفضل الحالات لم يكن يتجاوز- كما يقال في الفيلم- 300 دولار!

والهدف هو تدبير خدعة لإنقاذ برومهيلدا – زوجة جانجو- التي تتكلم الألمانية بعد أن تعلمتها على أيدي الأسرة التي اشترتها من قبل. ويعرض شولتز الرغبة في الحصول عليها بالثمن المعتاد، بدعوى أنها " تجعله يشعر بالألفة مع لغته الأصلية التي يحن إليها كثيرا"!

يعمل لدى كاندي الإقطاعي زنجي يدعى ستيفن، هو رئيس الخدم في المنزل الكبير في الضيعة الإقطاعية التي تمتلئ بالحقول الشاسعة، هذا الزنجي رسم تارنتينو ملامح شخصيته على غرار شخصية "العم توم"، أي ذلك الأسود الذي يوظف بكل صدق وإخلاص، خدماته للسيد ويقدم له كل عون ويقف معه رغم كل ما يراه من ظلم وقسوة شديدة، لكنه على العكس من العم توم الطيب، يبدو ستيفن أكثر قسوة من السيد نفسه في تعامله مع عبيد وإمات القصر كما نرى. لكن ستيفن هو أيضا الذي يكشف "الخدعة" وبالتالي يفشل الرجلان في الحصول على ما يبغيان إلا بعد أن يوافق شولتز على دفع 12 ألف دولار مقابل برمهيلدا تحت التهديد بالسلاح. لكن الأمر لا ينتهي سوى بحمام من الدم حيث يموت شولتز ويلقى كاندي مصرعه، وينجح البطل في الفرار مع زوجته بعد أن يفجر المنزل

الجزيرة الوثائقية في

31/01/2013

 

تناول فيلما سبيلبيرغ وتارانتينو الحقائق نفسها برؤيتين مختلفتين

«لينكولن» و«دجانغو غير المقيّد».. الغناء والسخرية

نديم جرجورة 

النبش في التاريخ الجماعي قاسم مشترك بين فيلمي «لينكولن» لستيفن سبيلبيرغ و«دجانغو غير المقيّد» لكوانتن تارانتينو. النبش في التاريخ الجماعي من خلال الفرد. التشابه بينهما كامنٌ في المادة الدرامية المختارة، المتمثّلة بحقبة مريرة في التاريخ الأميركي. الحقبة نفسها: بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر. الحكاية نفسها: العبودية. الفيلم الأول متعلّق بالصراع الدامي الذي خاضه الرئيس الأميركي السادس عشر أبراهام لينكولن ضد الديموقراطيين، تحت عنوان: «التعديل الـ13»، أي إلغاء العبودية. أحداث الفيلم الثاني سابقة لتلك الفترة. حكاية دجانغو فريمان حدثت في العام 1858، أي قبل عامين اثنين على بداية الحرب الأهلية، أو «حرب الانفصال». أي قبل سبعة أعوام على المواجهة الحامية بين لينكولن والديموقراطيين. تلك المواجهة التي أفضت إلى إقرار «إلغاء العبودية»، وأدّت إلى اغتيال أبراهام لينكولن في 15 نيسان 1865.

طريقان مختلفتان

سواء كانت حكاية دجانغو فريمان (جيمي فوكس) حقيقية أم لا، فإن الوقائع التاريخية تُشير إلى أن أبراهام لينكولن (دانيال داي لويس)، بذكائه السياسي وحنكته ومراوغته، نجح في وضع البذرة الأولى التي أينعت لاحقاً. بذرة تحرير الرجل الأبيض من ثقافة إلغاء الآخر، بتحريره الرجل الأسود من عبودية وإذلال وانتقاص من إنسانيته. دجانغو فريمان خاض، بدوره، صراعاً قاسياً من أجل انتزاع حريته والإقرار بآدميته. لكن الطريقين مختلفتان. وأيضاً أسلوبي المعالجة. لينكولن مقتنع بأن إلغاء العبودية درب إلى إنهاء الحرب الأهلية. مقتنع بأن هذا الإلغاء امتياز يُنقّي البلد والمجتمع من أدران الصراع الدموي العنيف. دجانغو فريمان أراد، في رحلة التطهّر الفظيع التي سلكها برفقة الدكتور كينغ شولتز (كريستوفر والتز)، انتصاراً فردياً، قد يكون تمهيداً للانتصار الجماعي.

الطريقان المعتمدتان في تشريع إلغاء العبودية مختلفتان، بل في مقاربة مسألة الإلغاء تلك، بل في معاينة الحالة الإنسانية العامّة في ظلّ العبودية. ستيفن سبيلبيرغ جدّي في تناوله المسألة. مفتون هو بشخصية الرئيس الأميركي السادس عشر: «في العمق، إنه هوسي الأقدم» (المجلة الأسبوعية الفرنسية «لو بوان»، 24 كانون الثاني 2013). مهووس بجرأته وبراعته واحتياله: «افتتح الإمكانيات كلّها في بلدنا. لديه تلك المقدرة الرؤيوية التي سمحت لأناس بالمشاركة بتنوير بلد، من دون التوقّف عند الأصول أو الطبقات أو اللون» (المجلة الأسبوعية الفرنسية «لو نوفيل أوبسرفاتور»، 24 كانون الثاني 2013). أراد رسم صورة عن حقبة، بمتابعته وقائع حدثت. كوانتن تارانتينو ساخر. مفتون هو بجعل السخرية لعبة سينمائية ممتازة. مهووس بالعنف: «بالنسبة إليّ، يبقى الـ«وسترن» الأقصى أفلام سيرجيو كوربوتشي. أبداً، حتى تلك الفترة، لم نشاهد هذا الكمّ من العنف، من الوحشية، من غير الواقعية أيضاً في بعض الأحيان» (المجلة السينمائية الشهرية الفرنسية «استديو سيني لايف»، كانون الثاني 2013). بارع في التفنّن بتصويره. ساحر بتصميم الكوريغرافيا الخاصّة به. مشاهد العنف عنده مثيرة للضحك أحياناً، لشدّة كاريكاتوريتها. أو لشدّة جمالها البصري. أو لشدّة لاواقعيتها الساحرة. لا أعني أن تارانتينو يسخر من مسألة العبودية. «دجانغو غير المقيّد» دليل على موقف مناهض للعبودية، أو ربما لم يشأ المخرج شيئاً من هذا القبيل. صوّر الرجل الأبيض «حقيراً» في تعاطيه مع الـ«عبد» الأسود. صوّر «عبيداً» سوداً «حقراء» في تعاطيهم مع بعضهم البعض. في قبولهم انسحاقاً أمام الرجل الأبيض. يُمكن القول أيضاً إن كوانتن تارانتينو لم يهتمّ بمسألة العبودية بحدّ ذاتها. لم يتناولها كمسألة سياسية أو قانونية أو اجتماعية، كما فعل ستيفن سبيلبيرغ. يُمكن القول إن تارانتينو تعاطى مع العبودية كمسألة أخلاقية، إلى جانب معالجته مسائل أخرى: صيد الجوائز. الحبّ. السلطة. الخديعة... واضعاً إياها كلّها في إطار أفلام رعاة البقر.

مقاربة أخلاقية

المقاربة الأخلاقية لسؤال العبودية مطروحة في «لينكولن» أيضاً. الرئيس الساعي إلى إقرار التعديل الـ13 لم يكن مثالياً في حربه ضد الديموقراطيين الرافضين إلغاء كهذا. الجانب الأخلاقي موجود في طرحه. لكن جوانب أخرى بدت أكثر إلحاحاً عليه: السياسة، بمعناها القذر أيضاً. الصراع على السلطة داخل الحزب الجمهوري. المناكفة. استخدم أبراهام لينكولن أدوات العمل السياسي لبلوغ مقصده. رشا نواباً، بالمال او بإغراء الحصول على مناصب سياسية. مارس الخديعة. أراد إنهاء الحرب الأهلية أيضاً. هذه تُحسب له. أراد إلغاء العبودية في فترة حكمه. هذا امتياز مرتبط باسمه لغاية اليوم. المجلة الأسبوعية الفرنسية «لو نوفيل أوبسرفاتور» (العدد السابق نفسه)، عنونت حواراً أجراه فرانسوا فوريستييه مع سبيلبيرغ بـ«من دون لينكولن لا وجود لأوباما». انبهار سبيلبيرغ بهذه الشخصية لم يمنعه من قول أشياء عديدة مستلّة من حقائق الأمور. أشياء سلبية، لم تقف حائلاً دون اشتغال سينمائي بديع. التصوير من توقيع يانوس كامينسكي، أحد أبدع المصوّرين السينمائيين. مدير التصوير روبرت ريتشاردسون لم يكن أقلّ أهمية في تصويره «دجانغو غير المقيّد». التصوير أساسي في الفيلمين. الرمادي والمعتم يغلبان على «لينكولن». الأصفر أو الفاتح أكثر حضوراً في «دجانغو غير المقيّد». لعلّ النَفَس المعتمد ركيزة اختيار الألوان. النَفَس السينمائي في «لينكولن» متمثّل بالسياسة وحبائلها، وبالعبودية ووحشيتها، وبالحرب ودمويتها. النَفَس المسيطر على «دجانغو غير المقيّد» مائل إلى السخرية وبراعتها، وإلى العنف وجمالياته.

المقارنة النقدية جائزة بين الفيلمين، على مستوى التمثيل أيضاً. تفوّق كريستوفر والتس في تأدية دور الدكتور كينغ شولتز على دانيال داي لويس في ارتدائه جسد أبراهام لينكولن وروحه. بدا والتس «شخصية سينمائية بمفهوم تارانتينو». بدا متمكّناً من قوة السخرية في النص السينمائي لـ«دجانغو غير المقيّد». بدا مساويا لتلك البراعة في امتلاك خاصيّة الرجل المتحرّر من كل حسّ أخلاقي (صائد جوائز)، والممتلك دائماً حسّاً إنسانياً في لحظات مصيرية، وإن دفع حياته ثمناً لهذا. دانيال داي لويس لم يكن في ذروة إبداعه، على نقيض ما جاء في كتابات نقدية فرنسية. بدا ممثلاً رائعاً. هذا طبيعي. لكن، هناك «شي» ناقص. المسار الذي عاشه دانيال بلانفيو (داي لويس) في «ستكون هناك دماء» (2007) لبول توماس أندرسن مثلاً، انتهى في واحد من أقوى أنواع الأداء التمثيلي وأجملها، في لحظة المواجهة الأخيرة مع الكذب الديني. المسار الذي عاشه أبراهام لينكولن بدا مقيّداً بالسياسة ومخاطر الحرب والصراع العقائدي والثقافي والأخلاقي. لكنه لم يُتح لدانيال داي لويس فرصة بلوغ ذروة الأداء في مواجهته معارضيه، وإن قدّم لحظات تجلّى فيها إحساسه العميق بمعنى التمثيل الباهر.

فيلمان من حقبة واحدة تميّزا بتلك الحساسية الإبداعية في صنع جمال الصورة السينمائية.

«لينكولن»: صالات «سينما سيتي» (الدورة) و«أمبير دون» (فردان) و«إسباس» (الزوق) و«غالاكسي» (بولفار كميل شمعون) و«غراند أ ب ث الأشرفية» و«غراند أ ب ث ضبيه» و«سينمول ضبيه» و«ستارغايت» (زحلة)

«دجانغو غير المقيّد»: صالات «سينما سيتي» (الدورة) و«غراند أ ب ث الأشرفية» و«غراند أ ب ث ضبيه» و«غراند كونكورد» (فردان) و«أبراج» (فرن الشباك) و«سينمول» (ضبيه)

كلاكيت

التعديل الـ13

نديم جرجورة

خاض أبراهام لينكولن حرباً طاحنة ضد متزمّتين في السياسة والأخلاق والثقافة، من أجل إقرار التعديل الـ13 (إلغاء العبودية). خاض حرباً ضد إقطاع سياسي، وتخلّف ثقافي، وتحجّر ديني، وتزمّت فكري. هذا كلّه من أجل حرية أناس قهرهم الذلّ في واحد من أبشع فصول التاريخ البشريّ. أراد تحرير الإنسان الأسود من عبوديته للرجل الأبيض. الأسباب كثيرة. هناك الشخصيّ البحت، إلى جانب المشهد العام. لكن ما فعله أبراهام لينكولن شكّل خطوة أساسية في الطريق الطويلة والصعبة والقاسية باتجاه الحرية.

لا أستطيع فصل هذه الصورة عما يحدث في هذا اللبنان البغيض الآن. معركة الزواج المدني وحقّ المرأة بمنح جنسيتها لزوجها الأجنبي ولأولادهما لا تقلّ أهمية وخطورة عن معركة إلغاء العبودية. رفض إقرار الزواج المدني عبودية من نوع آخر، مفروضة على الفرد اللبناني، وحقّه في اختيار شكل الحياة ونمطها. رفض حقّ المرأة بمنح جنسيتها لزوجها الأجنبي ولأولادهما عبودية لا تقلّ خطورة عما عاناه «عبيد» ذاك التاريخ المرير في «الغرب الأميركي المتوحش». الصراع الذي خاضه أبراهام لينكولن يُشبه الصراع الذي خاضه ويخوضه لبنانيون يريدون تحرير الفرد من عبودية أنظمة طائفية مدمِّرة. يريدون تحرير المجتمع من عبودية السطو العقائدي على الحقّ الفرديّ في الاختيار والعيش والتواصل مع الآخر. يريدون الفكاك من سلطة القبيلة الضيّقة.

الإقامة في ظلّ أنظمة الطوائف اللبنانية عبودية تسحق الفرد، محوّلة إياه إلى رقم في قطيع. مواجهة هذه العبودية محتاجة إلى قادة تاريخيين يُشبهون أبراهام لينكولن على مستوى السياسة. مواجهة هذه العبودية فعل حاصل في بلد نخره السوس والعفن. التزمّت «الديموقراطي» في زمن أبراهام لينكولن هو نفسه التزمّت المسيطر على مؤسّسات دولة منهارة، وطوائف خاضعة لمصالحها الضيّقة، أو لمصالح بعض أسيادها. العنف المستخدَم في مساعي «ديموقراطيي» زمن أبراهام لينكولن إلى منع إلغاء العبودية، مُساو للعنف الكلامي الخطر، المستخدَم في التعاطي مع مسألتي الزواج المدني وحقّ المرأة بمنح جنسيتها لزوجها الأجنبي ولأولادهما. في زمن أبراهام لينكولن، فشل الـ«ديموقراطيون» في منع إقرار التعديل الـ13، و«نجحوا»(!) في تأخير تحقيقه نحو مئة عام. لكن، في ذاك الزمن، كان هناك رجلٌ يُدعى أبراهام لينكولن. وضع بذرة أثمرت، وإن بعد حين طويل. في بلد بغيض اسمه لبنان، التقت مصالح الأطراف المتناحرة ضد بعضها البعض في رفض كل ما يُحرّر البلد وناسه من عبودية الطغيان الطائفي والسياسي والثقافي. لكن، في بلد بغيض اسمه لبنان، لا وجود لأبراهام لينكولن، وإن تنطّح بعضٌ قليل من سياسييه مدافعاً، بلغة مبهمة وملتبسة، عن الزواج المدني. في المقابل، هناك وجود حقيقي لأناس مدركين أن لا فرار من «درب جلجلة»، وأن نهاية هذا الدرب قيامة حقّ، وإن طال الزمن.

شيء من المثالية؟ ربما. لكن المعركة تتبلور، شيئاً فشيئاً، في اتجاهها الصحيح.

السفير اللبنانية في

31/01/2013

 

لينكولن يحرر أميركا ويسقط في كآبة سبيلبرغ

هوفيك حبشيان  

قد يبقى المشاهد مسكوناً بـ"لينكولن" ساعات طويلة بعد خروجه من الصالة. فنحن أمام فيلم استثنائي يعيد ترتيب مكانة ستيفن سبيلبرغ في كنف السينما الأميركية، وهي مكانة كان قد خسرها أحياناً جراء خوضه مغامرات لم تدفع بمساره الى الأمام. فسبيلبرغ قاصٌّ كبير يعانق التاريخ والانسانية والعواطف الكبيرة في لقطة واحدة. ودائماً في خلفية الصورة طيف جبابرة مثل جون فورد وسيسيل ب دوميل. مع هذه الملحمة، يدق مسماراً عميقاً في نعش الرجل ــ الاسطورة، ابراهام لينكولن (دانيال داي لويس)، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة. "لينكولن" اقتباس حرّ جداً لـ"فريق من الخصوم" للمؤرخة الأميركية دوريس كيرنز غوودوين.

لا يكتفي سبيلبرغ بإعداد درس في التاريخ يرتقي به الى مصاف الكلاسيكيين الكبار (مشهد المونتاج الموازي والقفزات بين التصويت على التعديل الدستوري ولينكولن في مكتبه)، ومنهم فورد الذي سبق أن صوّر لينكولن في مرحلة عمرية أخرى في "مستر لينكولن اليافع" (1939). اذاً، لا يكتفي بقول كلمته في التاريخ انطلاقاً من ايقونة صنعت جزءاً من عصرنا الحالي، انما يأتينا بدرس في كيف يمكن المخرج أن يقتصد في الموارد السينمائية كافة ليشيد أولوياته على قاعدة التكثيف، غارقاً في المنمنمات وتفاصيل آلية الحكم، ومهملاً كل ما ليس على علاقة مباشرة بالقضية التي ينبشها. هذا أكثر ما يثير الاعجاب في الفيلم: النحو المقتصد الذي يعمل به سبيلبرغ، فلا يلجأ الى التفخيم والتنقيح البصري وضخ العواطف (الا نادراً). محض دراسة موثقة لاجراءات التغيير، وتفاصيل المعركة الطاحنة التي قادها لينكولن لتحرير بلاده من العبودية ودخول القرن العشرين والتحول الى رمز وطني شامل، حاول أكثر من رئيس أميركي الامتثال به وبمبادئه.

يقول سبيلبرغ من جملة ما يقوله، إن التغيير لا يأتي الا بالتمرد على الطاعة، وكسر الثبات والتحلي بإرادة عظيمة تجعلنا نقف امام مجرى التاريخ. فالانتهاك وفق نظرته لا يجعل الانسان اقل انسانية. ولا يغفل الفيلم ايضاً ان الأساليب ليست دائماً ارثوذكسية في الصراع نحو التحرر. كما ان اللجوء الى الرشوة والابتزاز ضروري احياناً. الأهم ان هذا كله ينسجم مع السياق الفكري الذي وضع فيه سبيلبرغ معظم افلامه: ماذا لو كان لينكولن، الأب الغائب وغير القادر (تيمة سبيلبرغية) اي تي التاريخ الأميركي؟ الاستثناء السياسي؟ الرئيس الضال؟ نسأل هذا اذ نجهل تماماً وجهة النظر التي يعتمدها سبيلبرغ في تصويره للأشهر الأربعة الأخيرة للينكولن قبل اغتياله. اليكم فيلماً لا يرفع الشخصية الى مصاف الآلهة والأساطير، بل يفاجئنا برجل يكاد يتماهى مع الديكور والشخصيات والظروف التي من حوله. يسعى لهدف ويصل اليه.

ديفيد ورك غريفيث ليس غائباً ايضاً عن أرض المعركة، خصوصاً في لقطات الحرب الأهلية. لقطات اختار سبيلبرغ أن تكون مقتضبة وسريعة، أيٌّ منها غير مرشحة ان تبقى عالقة في الذاكرة، نظراً لأهمية القضية المطروحة، والعودة الدائمة والمكررة الى الدواخل، حيث الحوارات والتشنجات والمتاريس السياسية التي ترتفع بين الديموقراطيين والجمهوريين، في حين طبول الحرب الأهلية (1861 ــ 1865)، تقرع بعيداً من البيت الأبيض. وسط هذه الأجواء المشحونة بالحقد على الأفارقة الأميركيين، وفي ظل صعود التوتر بين المعسكرين السياسيين، يتعهد لينكولن اسقاط الرقّ. لكن، من أجل الوصول الى هذا، عليه وعلى فريقه المناصر له، أن يقنعا الجمهوريين المترددين والديموقراطيين المتمسكين بالعبودية. وينبغي له تالياً، جمع ثلثي الأصوات لالغاء الرقّ من الدستور الأميركي. الشريط برمته هو الصراع الذي حمل الكونغرس الأميركي الى التصويت على التعديل الثالث عشر الذي جعل التحرر من العبودية شاملاً ودائماً. لينكولن وحّد أميركا وسارع في وقف نزيف الحرب الأهلية.

لعل الكآبة التي تسيطر على بعض مفاصل الشريط متأتية من كون سبيلبرغ يعرف أن ما يصوره ليس فعلاً مكتملاً. الدليل، التصفية الجسدية التي يتعرض لها لينكولن (خارج اطار الشاشة) في نهاية رحلته. ولولا تركته العظيمة، او انجازه الذي دفع ثمنه من لحمه الحيّ، لكان من الممكن القول ان كلمته خسرت أمام كلمة السلاح.

غريبٌ أمر سبيلبرغ في هذا الفيلم: فهو مخلص لتاريخه السينمائي ولبعض من أجوائه وموسيقاه (وماذا سبيلبرغ من دون المؤلف جون وليامز؟)، لكنه في الوقت نفسه لا يسمح للغنائية بأن تكون صنو الفيلم. علماً ان هناك عناصر عدة على أتم استعداد أو جهوزية لذلك. نادراً ما نرى قلة الايمان بالبطولة تتربع على عرش فيلم هوليوودي. صحيح ان سبيلبرغ لا يزال يصوّر العلم المرصع بالنجوم بامتنان عالٍ، لكن منذ "انقاذ الجندي راين" أشياء كثيرة تغيرت في عمق نظرته الى هذا العلم، أشياء لا نعرف كيف نصفها، وربما لا تحتاج الى وصف. لكن "الحلم الأميركي" لم يعد ملك القلب فقط، بل هجره الى العقل. واذا قال سكورسيزي في اميركا ذات مرة انها ولدت في الشوارع (في اشارة الى العصابات المتناحرة في نيويورك)، فأميركا سبيلبرغ مخاضها ليس أكثر عذوبة: فهذا المخاض يحتاج الى الكثير من الايمان. والايمان عنفٌ.

لم يكن من الممكن انجاز "لينكولن"، من دون هذا الذي اسمه دانيال داي لويس. يقولها سبيلبرغ بصراحة أمام العلن. داي لويس يتجاوز نفسه هنا. تمثيله نوع من انتفاضة على فعل التجسيد الكلاسيكي للشخصية. تكفي رؤيته وهو يتنقل في اروقة البيت الابيض، بالمشية التي تميزه عن الف رجل آخر، وهو في معظم وقته، منحني الظهر قليلاً صوب الأمام. سبيلبرغ يضيّق عليه المساحات. احساس بالضيق يخرج من الفيلم، كأن المكان لا يتسع له. الأهم ان داي لويس ينسينا مَن هو، وينسلّ تماماً في جلد لينكولن، كأنه لم يكن يوماً الجزّار المخبول في "عصابات نيويورك". نحن هنا أمام رجل هادئ، ذي غضب مدروس، يفعل المستحيل كي يستخرج من خصمه ما لا يتوقعه احد. الى جانب داي لويس، دعونا لا ننسى ايضاً طومي لي جونز في دور الجمهوري ستيفانز، وسالي فيلد في دور زوجة لينكولن، الشخصية الأكثر شكسبيرية في الفيلم.

Lincoln ـــ يُعرض حالياً في الصالات اللبنانية (التفاصيل في الصفحة ما قبل الأخيرة). نال نحو 25 جائزة الى الآن، وهو مرشح لـ12 جائزة "أوسكار"، منها أفضل فيلم، ومخرج، وممثل (داي لويس، جونز، فيلد). تعلن النتائج في 24 شباط المقبل.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

31/01/2013

 

منافسة شرسة بين نجوم هوليود الكبار في دورتــــــه الـ‏58‏

علا الشافعي  

يظل يوم توزيع جوائز الأوسكار‏,‏ واحدا من أهم الأيام في حياة صناع السينما ليس علي مستوي أمريكا فقط ولكن علي مستوي العالم‏,‏ فحفل توزيع جوائز الأوسكار يتابعه الملايين سنويا علي مختلف الشاشات, ويبدو أن المنافسة ستكون شديدة في الأفرع المختلفة للجائزة وتحديدا علي مستوي التمثيل والإخراج, وهذا ما أكدته الترشيحات النهائية للجائزة في الدورة الـ85 والتي أعلنتها' أكاديمية العلوم والفنون' هذا الأسبوع, لم تختلف التوقعات كثيرا عما ذهب إليه النقاد والمتابعون للإنتاجات الأمريكية, ومن المقرر أن يقام الحفل في لوس أنجلوس24 فبراير المقبل, وتأتي قوة المنافسة هذا العام لأنها تضم نجوما بحجم وثقل' دينزل واشنطن ودانيال دي لويس', والأخير حصل فيلمه' لينكولن' علي أعلي نسبة ترشيحات للجوائز في عدد كبير من عناصر العمل الفنية وصلت إلي12 و'روبرت دي نيرو, وناعومي واتس وهيلين هانت وآنا هاثاواي', وأفلاما لـ' راسل كرو وليونارد دي كابريو', ومخرجين مثل' ستيفن سبيلبرج, وانج لي, وكوانتين تارانتينو'.

ويتنافس علي جائزة أحسن ممثل عدد من نجوم هوليوود المتألقين ويأتي علي رأسهم' دينزل واشنطن' عن فيلم'Flight', و'برادلي كوبر' عن فيلم'SilverLiningsPlaybook', و'دانيال دي لويس' عن فيلم'Lincoln', و'هيو جاكمان' عن فيلم'LesMisrables', و'خواكين فينيكس' عن فيلم'TheMaster'.

أما جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد فيتنافس عليها النجوم' آلان أركين' عن فيلم'Argo', و'كريستوف والتز' عن فيلم'DjangoUnchained', و'روبرت دي نيرو' عن فيلم'SilverLiningsPlaybook', و'فيليب سيمور هوفمان' عن فيلم'TheMaster', و'تومي لي جونز' عن فيلم'Lincoln'.

ويتنافس علي جائزة أفضل ممثلة النجمات' إيمانويل ريفا' عن فيلم'Amour', و'جنيفر لورانس' عن فيلم'SilverLiningsPlaybook', و'جيسيكا تشاستين' عن فيلم'ZeroDarkThirty', والطفلة' كوففينزهان ويلز' عن فيلم'BeastsOfTheSouthernWild', و'ناعومي واتس' عن فيلم'TheImpossible'.

أما جائزة أفضل ممثلة مساعدة فيتنافس عليها النجمات' آن هاثاواي' عن فيلم'LesMisrables', و'إيمي أدامز' عن فيلم'TheMaster', و'هيلين هانت' عن فيلم'TheSessions', و'سالي فيلد' عن فيلمLincoln, و'جاكي ويفر' عن فيلم'SilverLiningsPlaybook'.

وفي الترشيحات النهائية لجائزة أفضل صورة جاء فيلم'Amour'' حب' للمخرج' مايكل هانكه', وفيلم'Argo'' أرجو' من إخراج وبطولة النجم' بين أفليك' وهو الفيلم الذي حقق إيرادات وصلت إلي108 ملايين دولار, والفيلم بطولة' ريان كرانستون', و'آلان أركين', و'جون جودمان', وإنتاج النجم' جورج كلوني', وفيلم'DjangoUnchained' بطولة' ليوناردو دي كابريو', وتدور أحداث الفيلم في الغرب الأمريكي حول صائد جوائز يساعد رجلا يدعي' دجانجو' ليخلص زوجته المحتجزة في إحدي المزارع, ومن تأليف وإخراج' كوينتن تارانتينو', وفيلم'LesMisrables' بطولة' راسل كرو' و'هيو جاكمان وآن هاثاواي وهيلانا بونهام كارتر وساشا بارون كوهين', وإخراج' توم هوبر', ووصلت إيراداته إلي66 مليون دولار, وفيلم'LifeOfPi' بطولة' توبي ماجواير', وإخراج' آنج لي', وفيلم'Lincoln' للمخرج الكبير' ستيفن سبيلبرج' وبطولة' دانيال داي لويس وسالي فيلد وديفيد ستراثيرن وجوزيف جوردون ليفيت', وفيلم'ZeroDarkThirty' الذي يروي قصة اغتيال زعيم تنظيم القاعدة' أسامة بن لادن' ومن إخراج' كاثرين بيجلو', وفيلم'BeastsOfTheSouthernWild' للمخرج' بينه زيلتين', وفيلم'SilverLiningsPlaybook' من تأليف وإخراج' ديفيد أوراسيل', وبطولة' جنيفر لورانس وبرادلي كوبر وروبرت دي نيرو وكريس توكر وجوليا ستايلس وجون أورتيز'. وينافس علي جائزة أفضل مخرج' آنج لي' عن فيلم'LifeOfPi', والفيلم ينافس علي11 جائزة وستيفن سبيلبيرج عن فيلم'Lincoln', و'مايكل هانكه' عن فيلم'Amour', والمخرج' ديفيد أوراسيل' عن فيلمSilverLiningsPlaybook', والمخرج' بينه زيلتين' عن فيلم'BeastsOfTheSouthernWild'.

أما جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة يتنافس عليها الأفلام'Brave', و'Frankenweenie', وParanorman'', و'ThePirates!InAnAdventureWIthScientist, كما رشحت الأكاديمية5 أفلام للفوز بجائزة أفضل فيلم أجنبي, هي' حب' من النمسا, و'كون تيكي' من النرويج و'لا' من تشيلي و'الشؤون الملكية' من الدنمارك, وأخيرا ساحرة الحرب من كندا و'Wreck-it-Ralph, ولا يوجد بين هذه الأفلام فيلم واحد ينتمي للمنطقة العربية ولا حتي إسرائيل.

بعد بيع سبعـة ملايين نسخـة:حيـاة بي الإنبهـار بملكـوت الله فـي ليـل المحيط

أحمد سعد الدين  

يعد فيلم‏'‏ حياة بي‏'‏ المأخوذ عن رواية أدبية للكاتب‏'‏ يان مارتل‏'‏ والتي طبع منها نحو‏7‏ملايين نسخة‏,‏ وصيغ منها أصعب سيناريو في تاريخ السينما تم تلخيصة في بضع كلمات لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة حالة سينمائية خاصة, حيث تتلخص القصة كلها في غرق باخرة في المحيط الهادي لم ينج منها سوي شاب في مقتبل العمر بداخله وازع إيماني ومعه نمر بنغالي متوحش علي قارب صغير وسط أمواج المحيط.

''.. الفيلم يحكي قصة صراع الإنسان مع الطبيعة للحفاظ علي بقائه حيا, وهو بطولة' سوراج شارما' و' عرفان خان', سيناريو' ديفيد ماجي' وإخراج' أنج لي', ويتلخص التحدي الكبير أمام صناع هذا الفيلم في ثلاث نقاط مهمة, النقطة الأولي هي كيفية التعبير عن الإضطراب النفسي الذي ينتاب الطفل الصغير في رحلة البحث عن الله' عز وجل' داخل جميع الأديان الموجودة في الهند, والنقطة الثانية هي كيفية امتلاك عين وعقل المشاهد لمدة تزيد علي90 دقيقة يظهر فيها شخص واحد فقط بمصاحبة نمر متوحش دون لغة حوار مشتركة بينهما, وكيفية تقديم صورة منطقية للعلاقة بين الإنسان وأشرس الحيوانات رغم وحدة المصير التي تجمعهما, أما النقطة الثالثة فتمثلت في عنصري الإخراج والتصوير والذي جاء مبهرا إلي حد كبير خاصة باستخدام تقنية الـ3D والتي جعلت من المتفرج مشاركا في الأحداث, بل ويشعر بما يحدث أمامه علي الشاشة باعتباره جزءا منها.

تدور أحداث الفيلم في مرحلة السبعينيات في منطقة' بونديتشري' الناطقة بالفرنسية داخل القارة الهندية, حيث يبدأ المشهد الأول بطريقة' الفلاش باك' فنري' بي' وهو رجل ناضج في نهاية الثلاثين من العمر يحكي لأحد الكتاب الذين جاءوا لكتابة قصة حياته منذ نشأته في الهند وكيف كان والده مولعا بحب الحيوانات ويمتلك حديقة كاملة بها جميع أنواع الحيوانات من مختلف البلدان, لكن الطفل' بي' منذ نعومة أظافره وهو يعيش في حالة صوفية تتنقل به بين جميع الديانات الموجودة في الهند لكنه يؤمن بأن وراء هذا الكون مالك لابد أن نخضع له أو نحبه لكن أين هو وما مقدار قوته؟.

هذا الخط الدرامي يفسر تصرفات هذا الفتي الصغير, ففي رحلة البحث عن مالك الكون نجده يمارس الطقوس الهندوسية ويذهب للتعبد في المعابد اليهودية والكنسية ثم الصلاة في المسجد, ويتعامل مع أحد النمور الشرسة التي يمتلكها والده بلطف, لكن الوالد يعنفه ويخبره أن الحيوان يختلف في طبيعته عن الإنسان, و ما أن وصل عمره إلي الخامسة عشرة حتي قررت الأسرة الهجرة إلي كندا واصطحبت معها بعض الحيوانات علي ظهر باخرة شحن يابانية وأثناء الرحلة هبت عاصفة كبيرة أغرقت الباخرة وما عليها ولم ينج منها سوي قارب صغير عليه الشاب' بي' الذي يكتشف أن معه علي نفس القارب أربعة حيوانات هي حمار وحشي وقرد وذئب ونمر, وهنا يظهر الخط الدرامي الرئيسي في الفيلم في كيفية التعايش مع حيوانات مفترسة وسط الأمواج فلأول وهلة يقتل الذئب الحمار الوحشي ثم القرد فيأتي النمر ليتخلص من الذئب وتبقي العلاقة ثنائية بين شاب لايمتلك سوي بضع وجبات صغيرة من الطعام وكتاب يتحدث عن وسائل الإنقاذ وطرق البقاء علي قيد الحياة وسط المحيط وبين نمر بنغالي شرس قد يفتك بهذا الشاب الصغير إن شعر بالجوع للحظة ما جعل' بي' يعيش في عوامة صغيرة بجوار القارب ويعمل علي صيد الأسماك ليطعم النمر الشرس كي يأمن شره, وهنا تبدأ علاقة جديدة بين الاثنين قائمة علي ترويض هذا الحيوان المفترس كي تستمر الحياة, أيضا يتدخل كاتب السيناريو ليجعل من صوت' بي' الكبير تفسيرا للأحداث التي تدور بين كائنين مختلفين في اللغة وهو ما جعل المشاهد يتفهم ما يحدث أمامه دون ملل من رؤية شخص واحد علي الشاشة قرابة ثلثي الفيلم, هذه العلاقة تمثل لـ' بي' عمق إيماني داخلي ظل يفكر فيه حتي بعد أن أصبح رجلا ناضجا, فهذا النمر يعطي دلالة واضحة بأن هذه اليد المتوحشة ستكون سببا في إنقاذه, فهل أرسلها الله سبحانه وتعالي ليبقي علي قيد الحياة؟ حتي عندما قذفته العواصف إلي جزيرة يعيش عليها نوع واحد من الحيوانات هو' السنجاب' فقط عاد الاثنان إلي القارب مرة أخري لاستحالة الحياة علي أرض هذه الجزيرة, لكنه بعدها بأيام قليلة ومن شدة التعب يستسلم للموت وينام فيستيقظ ليجد نفسه علي شاطيء المكسيك, وهنا تنتهي العلاقة بين الرفيقين فيذهب النمر إلي الغابة دون أن يودع صديقة الذي رافقه قرابة7 أشهر وكأنه أدي دوره في إنقاذ حياة' بي' الذي جاءه شخصان من شركة الملاحة ولم يصدقا الرواية الحقيقة فحكي لهم حكاية أخري حتي يتم غلق المحضر الذي يمكن أن يدين الشركة.

علي المستوي البصري, نجح المخرج' آنج لي' في عمل كادرات ممتازة بألوان مختلفة فجاءت الصورة ثرية وجذابه خاصة في المناظر الطبيعية, وكان بارعا في استخدام تقنية البعد الثالث3D, كا اختار دائما ساعات العصر في المحيط حتي يبتعد عن تعامد الشمس علي الماء, وجاءت مشاهد العاصفة وغرق المركب بشكل ممتاز نتيجة للمؤثرات البصرية والجرافيك الذي وصل إلي قمته في مشاهد قناديل البحر المضيئة ليلا في المحيط, وكذلك مشاهد السمك الطائر ثم تأتي الموسيقي معبرة عن البعد الروحي أو تشير إلي ذلك الصفاء النفسي داخل الرحلة, واستطاع' آنج' أيضا ضبط أداء الممثلين بشكل جيدا, بداية من' عرفان خان' الذي تميز وجهه بالجمود والحديث بذهول, ويبقي الجانب الأكبرفي التميز للنجم الشاب' سوراج شارما' الذي جسد شخصية' بي' في فترة ضياعه في المحيط, وفي النهاية لعب المكياج دورا جيدا في تحول الشخصية من لحظة لأخري ومن يوم لآخر.

الأهرام اليومي في

31/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)