حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم   

85th Academy Awards

«خمس كاميرات محطّمة» للفلسطيني عماد برناط

عنـدمـا يتحـوّل الغضـب إلـى قـوة

زياد الخزاعي (لندن)

حَسَم الفلسطيني عماد برناط قناعته بأن ما يفعله، عبر تدوين يوميات نضال بلدته «بلعين» ضد جدار الفصل العنصري الإسرائيلي في «خمس كاميرات محطّمة»، معادلة سياسية صغيرة لكن نافذة وذات حجّة. «سرعة رصاصة «أم 16» (التي يستخدمها الجندي الإسرائيلي) هي مترين و800 سنتيمتر في الثانية. تأخذ ثلاثة أجزاء من الثانية كي تصل إلى كاميرتي»، كما قال المخرج مستعرضاً آلاته المحطّمة، باعتبارها مرافعة سينمائية عن العائلة والأرض والنضال اللاعنفي والعسف الإسرائيلي والاستشهادات والمقاومات والعزوم والظلم والمجازفات. يبدأها باعتراف ثاقب وهو يستعرض البرّية الخلاّبة المحيطة بدارته وبلدته: «مرّيت بتجارب كتيرة في حياتي. تجارب لساتها (ما زالت) تولع ذاكرتي. أمل ولذة، مخاوف وأمل كلّها مخلوطة ببعض. أنا تايه. الجروح القديمة ما عندهاش وقت تطيب (تشفى)، والجروح الجديدة راح تغطّي عليها. قرّرت أَصوّر منشان أرَجِع ذاكرتي». تتحوّل هذه الأخيرة إلى يوميات ـ مشهديات يربطها بولادة طفله الرابع جبريل في العام 2005، الذي يتعلّم أولى كلماته لاحقاً من قاموس محيطه القاسي: «جدار». «مطاط». «جيش». «أشرد!» (أهرب).

تتناسخ تلك اليوميات إلى ضمير ديناميكي، يُوصِل الداخل الأُسري لبرناط بجيرانه وخلاّنه وأقاربه حتى حدود بلدته، حيث تنعقد الاحتجاجات الأسبوعية الشهيرة ضد مستوطنات وجدار عزل وعنف جنود وغطرستهم ورصاصهم. لم يَسعَ برناط إلى ترتيب وقائع، بل استهدف أكبر قدر من توثيق أحوال، بلحظاتها التراجيدية. فلاّحون عزَّل أمام سياسة وحشيّة تقضم الأرض، وتعتدي على الحقوق التاريخية. لم يُقارب الفيلم نضال قرية وحسب، بل صاغ سَيْرورَة حيوات محاصرة بقهر يومي، وتهديد شخصي، وإكراه حياتي استهدف أولاً رجاءاتهم ضد يأس، وعزمهم ضد تنكيل. يُظهر برناط بطله الفيل (الشهيد بسام أبو رحمة) وأديب، وهما لا يكلاّن عن التحفيز، ومواجهة جنود الاحتلال بهتافات مثل: «بدنا نهدم هالجدار»، كونها «طاقة قوية للحياة» كما يصفها الفيلم.

جعل «خمس كاميرات محطّمة» من «بلعين» موئِلاً ثورياً لقطاع فلسطيني فلاحي على قدر متواضع من الثقافة والتعليم، لكنه شديد البأس في ما يتعلّق بأرضه وهويته، يدفعه هاجس المحو العنصري إلى تشديد غضبه، وتصعيد احتجاجاته، وحفاظه على جذوة معنوياته التي تقود إلى المشهد الصاعق، عندما عرض المخرج على أهاليها ما صوّره عنهم استنهاضاً للهمم. عن هذا، علّق برناط قائلاً إن «تحويل الغضب إلى شيء إيجابي يحتاج إلى قوة كبيرة». تتجسّد هذه القوّة في تحوّلات النضال من الصراخ إلى الفعل، عندما يؤسّسون أول اشتراط فلسطيني بالغ البطولة ضد الاستيطان، متمثّلاً بإقرار «العودة» المعاكسة نحو الأرض المسروقة، وتشييد بيت فلسطيني عليها، قبل أن يُزيل الاحتلال رمزيته النضالية (كما حصل في «باب الشمس» و«الكرامة» مثلاً).

لا خاتمة في فيلم «خمس...» (مُرشّح لـ«أوسكار» أفضل فيلم وثائقي طويل لعام 2013)، وإن تابعنا فرحة صغيرَيّ برناط وهما يلعبان عند شاطئ بحر فلسطين، كلّما شبّ جبريل، تحطّمت إحدى كاميرات والده برصاص جنود الاحتلال. خمسة أعوام في مقابل خمس آلات. ذلك أن توثيقيّتها لا تقلّ خطورة عن بقاء فلسطيني عنيد حياً، كما قال المخرج ـ المعلّق: «لِمِنّ (عندما) أصوّر، الكاميرا تعطيني إحساسا انّي محمّي. بس هَذي أوهام». تنقذه الثالثة من موت محقّق، قبل أن «تُسجِّل» أخرى استشهاد «الفيل»، ويكون «عِبْرَة بلعين» التي تنتقل إلى قرى فلسطينية أخرى يهدّدها جدار بغيض، يصوّره الفيلم كوجع أزلي يعلّق عليه: «الأجدرة (الجدران) يمكن تنكام (تُزال)، بس الأرض دايماً هي اللي تحمل الجروح».

لا تكمن القوّة الدرامية للفيلم في تسجيل مغالبات «بلعين» وحسب. هذا أمر تاريخي مصنّف ضمن نضال وطني عام مستمر ما دام الاحتلال قائماً، بل تتجلّى في فطريّة سينمائية شعّت عبر تصوير قام به برناط بنفسه، حيث لا كوادر ملفّقة، ولا «ميزانسين» مؤلَّفا، ولا إرغام على تلقائية

السفير اللبنانية في

24/01/2013

 

جوائز المهرجانات السينمائية سياسية

يقدمها‏:‏ سعيد عبد الغني 

ظاهرة خضوع كثير من جوائز المهرجانات بصفة عامة أثارت كثيرا من الغضب الثائر بين نجوم المهرجانات لهذه الظاهرة التي تحرم بعض النجوم من الحصول علي جوائز علي الرغم من مشوارهم الطويل في عالم السينما‏..‏ والترشيحات الشكلية لهم ولأفلامهم للفوز بجوائز المهرجان الذي يرشحهم ولم يحصلوا عليها‏..‏ وأخذت هذه الظاهرة شكلها الواضح في جوائز مهرجان الجولدن جلوب‏..‏ ومهرجان الأوسكار وأعلن أكثر من نجم عن ثورته لهذه الظاهرة‏..‏ بل وصل الأمر إلي الأحزاب السياسية‏..‏ وآخرها انتقاد الحزب الجمهوري لظهور كلينتون في حفل الجولدن جلوب‏..‏

وهو ينتمي إلي الحزب الديمقراطي‏..‏ وهذا دليل جديد‏..‏ لإثبات أن رجال الحزب الديمقراطي يقتربون من نجوم هوليوود لضمان دعمهم‏..‏ ومساندتهم في الانتخابات الرئاسية‏..‏ في الولايات المتحدة الأمريكية‏..‏

وفلا مفاجأة ظهور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون‏..‏ وتقديم فيلم ـ لينكولن ـ وبمجرد ظهوره علي المسرح كانت المفاجأة الكبيرة لجمهور المهرجان‏..‏ وسادهم الاندهاش والإعجاب‏..‏ وصرحوا في استقباله وتصفيقهم له‏..‏ بأنها لحظة تاريخية والتي لاتنسي في تاريخ حفلات الجولدن جلوب‏..‏ وتناقلت زيادته من خلال موقع ـ تويتر ـ وشاهد ظهور كلينتون في الحفل أكثر من‏19‏ مليون تغريدة في أقل من دقيقة‏.‏

وعندما أعلنت جوائز الجولدن بحصول فيلم أرجو بجائزة أفضل إخراج لمخرجه بن أفليك وجائزة أفضل عمل درامي عن فيلمه‏..‏

وهذا الفيلم أثار ضجة كبيرة بين نجوم الإخراج التي لهم أفلام تنافس علي هذه الجوائز‏..‏ وهم من أكبر نجوم الإخراج في السينما العالمية منهم ستيفن سبيلبرج‏..‏ وانج لي‏..‏ وكاترين بجلو ـ الذي تم تجاهلهم‏..‏ وظهر أن منتج الفيلم هو النجم جورج كلوني‏..‏ صديق الرئيس أوباما‏..‏ وجامع تبرعات انتخابه والدعاية له بين نجوم السينما‏..‏ والفيلم قوبل بنقده من قبل كثير من النقاد الممتازين‏..‏ عند مجرد ترشيحه للجوائز‏..‏ وتدور أحداثه حول إنقاذ‏6‏ رهائن أمريكيين في إيران بعد ثورة الخوميني‏..‏ والحادثة وقعت عام‏1979‏ ـ وطبعا موضوع الفيلم به إشارة سياسية حول موقف أمريكا من إيران هذه الأيام‏!!‏

وطبعا حصل النجم دانيال داي لويس علي جائزة أفضل ممثل عن دوره الرائع بشخصية لينكولن ـ والممثلة جيسيكا شاستاين كأفضل ممثله في فيلم مقتل بن لادن بعد منتصف الليل‏..‏ وجائزة للممثلة الشابة‏..‏ كأفضل ممثلة جينفر لورانس‏..‏ المفاجأة عن دورها في فيلم الكتاب الفضي وباقي مجموعة الأفلام التي أعلنت نتائجها ومنه فيلم البؤساء‏..‏ وجانجو بلاقيود أفضل سيناريو‏..‏ وجائزة أفضل فيلم للفيلم الفرنسي حب والبؤساء أفضل فيلم موسيقي‏.‏

نعود لظهور الأفلام وجوائزها التي تتأثر بظاهرة السياسة وجوائز المهرجانات‏..‏ وطبعا هناك أفلام أخذت طريقها إلي المشاركة في جوائز الأوسكار من خلال جوائزها التي حصلت عليها من الجولدن جلوب‏..‏ طبعا منها فيلم لينكولن بطولة دانيال داي لويس إخراج ستيفين سبيلبرج وفيلم اغتيال بن لادن بعد منتصف الليل إخراج كاترين بيجلو وفيلم الكتاب الفضي‏..‏ إخراج إيفيد أدراسيل‏..‏ بطولة جنيفر لورانس‏..‏ وفيلم الحب الفرنسي إخراج مايكل هانكي‏..‏ والبؤساء ـ إخراج توم هدير ـ إلي جانب أفلام رشحت للأوسكار منها فيلم ديانجو أنشياند بطولة ليوناردو دي كابريو ـ تأليف وإخراج كوينين تارانتدو ـ وحياة لي بطولة توبي ماجوار إخراج إنج لي ـ وفيلم إقتل بهدوء للنجم براد بيت ـ

وننتقل الآن إلي غضب النجوم الثائر علي المهرجانات وجوائزها‏..‏ وعن الفن السينمائي وأسراره التي تواجه المهرجانات وأهمها الجولدن جلوب‏..‏ والأوسكار‏!!‏

‏1‏ـ نبدأ بالنجمة الشابة التي تحتل هذه الأيام مساحة كبيرة من الأفلام والإنتاج المقبل عليها لتكون بطلة أفلامه‏..‏ والتي حصلت علي الجائزة المفاجأة لها والمشاركين في المنافسة علي جوائز الجولدن جلوب‏..‏ حيث حصلت علي جائزة أفضل ممثلة عن دوها في فيلم الكتاب الفضي صرحت في حوارتها الصحفية‏..‏ أن معظم من يعملون بمجال التمثيل يصابون بالغرور الشديد‏..‏ وأن العمل بالسينما في هوليوود يعتبر لعنة ممتعة لا أستطيع الاستغناء عنه‏.‏ علي الرغم من أني أصاب بالاختناق بسببه لمطاردة المصورين بالعشرات ولا أستطيع الهرب منهم‏..‏ وعلي الرغم من ترشيحها لجائزة الجولدن‏..‏ إلا أنها تشعر بأنها الأقل موهبة بين نجمات جيلها وأنها غير واثقة علي الإطلاق من قدرتها علي الفوز‏..‏ وكانت المفاجأة لها ولزميلاتها المنافسات‏..‏ أنها فازت بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم الكتاب الفضي الذي عرض في الجولدن جلوب‏..‏ الممثلة هي جنيفر لورانس البالغة من العمر‏22‏ عاما‏!!‏

‏2‏ـ النجم الشهير راسل كرو ـ صرح بأنه تردد كثيرا في قبول دور ضابط الشرطة القاسي في فيلم لينكولن لأن الرواية معقدة جدا ولم أتخيل القدرة علي إخراجها سينمائيا‏..‏ في فيلم‏..‏ وكنت علي وشك الاعتذار‏..‏ لأنه لايمكنه التكيف بسهولة مع الغناء والموسيقي‏..‏ ولكن بعد لقائي بالمخرج توم هوبر وتناقشنا عن تفاصيل الشهصية وأسلوب الغناء في الفيلم بدون تسجيله‏..‏ وافقت بلا تردد فالشخصية مليئة بكل المتناقضات‏..‏ وصور كرو الفيلم ومثل وغني وأبدع مع مجموعة أبطال الفيلم‏..‏ الضجة الجديدة في عالم السينما والمهرجانات‏.‏

‏3‏ ـ النجم الكبير‏..‏ صاحب أكبر مشوار في السينما العالمية‏..‏ المرشح في الأوسكار عن دوره في فيلم هيتشكوك عن مشوار هيتشكوك السينمائي‏..‏ من خلال فيلم سايكو الشهير‏..‏ قال بصراحته المعهودة‏..‏ أن جوائز الأوسكار مثيرة للاشمئزاز‏..‏ وذلك لانتقاده لمظاهر حفل الافتتاح‏..‏ وأنه خاض تجربة الأوسكار من زمن بعيد‏..‏ عند حصوله علي أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم صمت الحملان لأن مظاهر الإحتفالات تضطرني إلي أن أكون لطيفا مع الناس‏..‏ وأن تكون ساحرا‏..‏ وأن تمزح مع الجميع ـ وهذا شيء عكس طبيعتي ومثير للإشمئزاز وأنا إعتبر الأوسكار مسابقة شعبية أكثر من كونها تمنح جوائز علي أساس الاستحقاق‏..‏ والجدارة‏..‏

‏4‏ـ النجم الشاب الثائر بغضب‏..‏ النجم صاحب مشوار طويل في عالم السينما‏..‏ براد بيت‏..‏ صرح بقوله أكره الأوسكار وأفخر بإبتعاد الجوائز عني‏..‏ وحفل توزيع الجوائز أسوأ حدث في هوليوود‏..‏ والمعروف أن له فيلما تم ترشيحه لجوائز الأوسكار هذا العام‏..‏ وهو بطولته‏..‏ فيلم إقتل بهدوء وقد رشح براد للفوز بجوائز الأوسكار‏5‏ مرات ولم يحصل علي جائزة من خلال الخمس مرات ترشيحا للأوسكار‏..‏ وصرح بأنه سعيد بعدم حصوله علي جائزة الأوسكار لأن الجوائز لاتوزع من منطلق الموهبة الجيدة أو العمل المتميز بل الأوسكار يخضع لإستراتيجية سياسية معروفة وبالتالي فالفوز بالجائزة من هذا المهرجان لايعني امتلاكه لموهبة حقيقية‏..‏ فكل شيء مدروس وخاضع لسياسة معينة‏..‏

وبعد هذه الرحلة الغاضبة الثائرة‏..‏ ومفاجآت الجولدن جلوب‏..‏ وأسرار جوائزه‏..‏ هو والأوسكار‏..‏ وتصريحات الغضب الثائر من النجوم‏..‏ والإعترافات الصريحة‏..‏ ودور السياسة في الفوز بالجوائز‏..‏ ولنا لقاء ورحلة جديدة وأسرار دورته القادمة‏!!‏

الأهرام المسائي في

24/01/2013

 

"حياة باى"..

البحث عن الإيمان فى قلب المحيط!

محمود عبد الشكور 

يجمع فيلم "life of pi" الذى أخرجه "انج لى" بين عناصر تبدو متناقضة للوهلة الأولى، فى بناء الفيلم وفى مغزاه صعوبات كثيرة يمكن أن تفسد العمل أو تصرف مشاهده عن المتابعة، ولكن الفيلم الذى ينافس على جائزة الأوسكار لهذا العام، يخرج من التجربة بصورة مُرضية الى حد كبير.

أولى الصعوبات فى بساطة الحكاية التى يمكن تلخيصها فى سطر واحد هو نجاة صبى من الموت غرقاً فى المحيط الهادى، ولكن فى مقابل هذه البساطة الحكواتية فإن الفيلم يناقش مسألة هامة هى قضية الإيمان بالله وبالأديان، فكرته الكبرى فى أن الرحلة روحية بالأساس، وإن بدت فى صورة أقرب الى مغامرات الأطفال.

كثيرون يمكن أن يفهموا، استناداً الى الأفيش مثلاً، أن الفيلم موجّه للأطفال، أو قد يظنون أنه من إنتاج مصنع ديزنى، بينما هو فى الحقيقة فيلم للكبار، وربما كان أيضاً لفئات مختلفة من هؤلاء الكبار، أطياف واسعة من البشر تبدأ من الإيمان الكامل الى الشك المطلق، لا شك أن هذه الثنائية التى تبسط الشكل رغم عمق المضمون وخطورته، يمكن أن تخلق تفاوتاً واضحاً فى استقبال الفيلم، والتفاعل معه.

من الصعوبات أيضاً أن الجزء الأكبر من الفيلم أقرب ما يكون الى المونولوج، صبى صغير يكاد يتحدث مع نفسه لأنه وحيد مع نمر بنغالى، ولكن السيناريو الذى كتبه ديفيد ماجى عن رواية يان مارتيل، استطاع التخفيف من ذلك بوضع سرد مواز بين بطل الفيلم الذى يحكى قصته، وكاتب يريد أن يسجّلها، أتاح ذلك التدخل بالتعليق على مشاهد الصبى فى مواجهة النمر، كما أتاح صنع حبكة إضافية تفسّر الحبكة الأصلية، القصة ليست رحلة إنقاذ للصبى فقط، ولكنها أيضاً رحلة إنقاذ للكاتب الذى يبحث عن الله.

تبدو الصعوبة الثالثة فى أن الحكاية نفسها تتأرجح بين الواقع والرمز، ضبط هذه المعادلة ليس سهلاً وخصوصاً أن بطل الفيلم من الهند التى توجد بها عشرات الديانات والعقائد، داخل الفيلم سنشاهد رقصات شبه صوفية للفتيات، كل حركة باليد أو القدمين لها معنى وترجمة، يضاف الى ذلك الأبطال من عالم الحيوان، نمر وضبع وقرد وحمار وحشى، كل كائن يعبر عن صفات وطبائع، هناك فى الحقيقة مزيج غريب رغم أن الرحلة نفسها، وفكرة اللجوء الى جزيرة ليست جديدة، شاهدناها فى أعمال كثيرة ربما أشهرها مغامرة روبنسون كروزو.

منذ مشاهد العناوين، نجد أنفسنا داخل حديقة حيوان رائعة، نسمع بطل الفيلم "بيسين باتل" أو باى وهو يحكى للكاتب حكايته، والد باى كان رجل أعمال يعيش فى بونديتشرى، الجزء الفرنسى من الهند، عندما أعيد هذا الجزء عام 1954، قرر الأب إنشاء حديقة للحيوان، ولد باى نفسه وسط الحيوانات، وأشرف على ولادته طبيب بيطرى، الأب كان مختلفاً، أعجبه اسم حمّام للسباحة فى فرنسا، فأطلق على ابنه اسم "بيسين"، الطفل نفسه أصبح سباحاً رائعاً بفضل استاذه "ماماجى"، لم يكن يضايق باى إلا اسمه الغريب، وتعليقات زملائه وأساتذته عليه.

الكاتب لم يطلب من باى أن يحكى حكايته إلا بناء على نصيحة المدرب "ماماجى"، قال الرجل للكاتب إن حكاية باى ستقنعك أن تؤمن بالله، تتحدد منذ البداية الفكرة فى أن المغامرة التى سنراها ليست رحلة غرائبية فحسب، ولكنها رحلة تأملية ورمزية وروحية، يتأكد ذلك عندما تبدواهتمامات باى الصبى بالإديان الكثيرة فى الهند، ولد هندوسياً، افتتن بالآلهة الكثيرة، ولكنه أحب الله من خلال الكنيسة، وذهب أيضاً الى الصلاة فى المسجد.

حجرات الإيمان

عندما يستغرب الكاتب لأن الطفل باى جمع بين ثلاثة أديان، يرد عليه الرجل باى بأن الإيمان اشبه بالمسكن الواحد متعدد الحجرات، يسأله: وماذا عن الشك؟، يرد باى: الشك موجود فى كل الحجرات، ولكنه ضرورى لتقوية الإيمان.

والد باى كان أكثر حسماً، إنه يعتبر أن الديانات ظلمات، لايؤمن إلا بالتفكير العقلى المنطقى، يعتبر نفسه جزءاً من الهند الجديدة، عندما يتهوّر باى بتقديم قطعة لحوم الى النمر البنغالى الذى يحمل اسم "ريتشارد باركر"، يقوم الأب بتقديم ماعز للنمر، لكى يدرك ابنه بطريقة عمليّة مدى وحشية النمر، والدة باى أيضاً تعتبر نفسها جزءاً من الهند الجديدة، ولكنها ترى أن الدين هوالشئ الوحيد الذى يربطها بوطنها، أما رافى، شقيق باى الأكبر، فهو يستنكر أن يجمع شقيقه بين عدة ديانات/ حجرات فى وقت واحد.

تسوء الظروف الإقتصادية فى بوندتشيرى، فيقرر الأب الهجرة الى كندا على سفينة يابانية، حاملاً معه حيواناته لكى يبيعها فى الولايات المتحدة، كان باى قد اقترب من فتاة اسمها آناندى، افترقا بلا عودة، بدأت الأسرة رحلتها الى المجهول، عاصفة هائلة ستحطم السفينة، يسقط قارب الإنقاذ الذى يحمل باى، تقفز معه عدة حيوانات، يجد نفسه فى بداية رحلة تستغرق منه 227 يوماً هى قلب الفيلم بأكمله.

لا يمتلك الصبى باى سوى كتاباً يتحدث عن وسائل الإنقاذ، وطرق البقاء على قيد الحياة، بالإضافة الى وسائل التغلب على دوار البحر، لديه أيضاً مؤونة من الماء والغذاء، ولديه عوّامة صغيرة يهرب إليها، بعد أن اكتشف أن فى القارب النمر ريشارد باركر، وأحد الضباع المفترسة التى سرعان ما تفتك بالقرد، ثم يقوم باركر بالفتك بالضبع وبالحمار الوحشى، ويبقى باركر فى مواجهة باى.

يطلب باى معونة السماء، لاتهمه النتيجة، يريد فقط أن يفهم ويعرف، مازال فى مخيلته افتراس النمر باركر للماعز التى قدمها له الأب، القلب ملئ بالحزن لأن الصبى لا يعرف مصير عائلته، النمر لابد أن يأكل اللحوم يومياً، يضطر باى لصيد الأسماك، تتغير العلاقة من العداء الى محاولة التدريب والترويض، لا ينسى باى أنه قال لوالده أنه يرى روحاً وراء عيون النمر الشرسة، ولا ينسى أن الأب قال له إن ما تراه هى الأفكار التى تتردد فى ذهنك أنت.

بالتدريج يكتسب النمر مدلولاً واضحاً، هذه اليد التى تبدو متوحشة ستكون سبباً كما يقول باى فى إنقاذه، لولا خوفه منه، لما ظل يقظاّ وجاهزاً، لولاه ما ابتكر وسائل وأدوات للبقاء، عندما تثور عاصفة جديدة، يستسلم باى للموت، ولكنه يجد نفسه فجأة مع باركر فى قلب جزيرة غريبة مليئة بالسناجب، هناك بحيرة للمياه، وهناك أعشاب صالحة للأكل، ولكن هروب السناجب وباركر، واكتشاف أحد أسنان البشرالموتى، وتحول المياه الى مياه مسمومة ليلاً، كل ذلك يدفع باى الى الهرب من الموت، إنها جزيرة تأكل البشر كما يقول.

قصة النجاة

ذات صباح، يجد باى نفسه على شاطئ المكسيك، منهكاً ومريضاً، يتركه باركر بدون أن يلتفت إليه، يغيب فى قلب الأشجار، يبكى باى لأنه لم يودّع باركر، يتذكر كل من فقدهم، أمه وأبيه وآناندى، يسأل الكاتب باى الرجل عن نهاية القصة، يقول باى إنه تعرّض للإستجواب من اثنين من موظفى الشركة اليابانية صاحبة السفينة الغارقة، سألوه عن أسباب غرقها، حكى لهم قصته الغريبة فلم يصدقوه، فقرر أن يحكى لهم قصة أخرى.

قال لهم إنه نزل الى القارب مع أمه وطباخ السفينة الشرس وأحد البحارة، ولكن الطباخ قتل البحار والأم لكى يوفّر الطعام، الغريب أنهما وجدا القصة الجديدة يمكن تصديقها، يسأل باى الكاتب: أيهما تفضّل، قصة النمر أم القصة الجديدة؟ يقول الكاتب: قصة النمر بالطبع، يقول باى: هذه إذن القصة التى يوجد فيها الله، ينتهى الفيلم بمشهد اختفاء باركر وسط الأشجار.

يمكن أن نفهم هذه النهاية بمدلولات مختلفة، لعل أهمها أن باى لا ينكر دور المنطق، ولا دور العقل الذى ساعده على الصمود، بل إنه يرى أنه يمكن أن توجد قصص بدون آلهة، ولكنها ستكون بلا روح على الإطلاق، بدون إله سيكون الإنسان مثل الوحوش التى ركبت معه القارب، والتى أفترست بعضها البعض، لايغلق الفيلم الباب أمام من لا يعتقد فى أن النمر والجزيرة هدايا سماوية من الله، ولكنه يقول إن هناك من يؤمن بهذه القصة الروحية الرائعة.

باى متسامح تماما مع الكاتب الشكاك، ولكن الكاتب سيجد فى رموز الحكاية ما يستحق النظر، من المفارقة أن يغرق الأب الذى يؤمن بالمنطق، وأن يعيش الابن الذى يؤمن بالروح خلف العيون، من المفارقة أن يكتشف باى على الجزيرة ما يشبه مظهر زهرة اللوتس  حيث توجد الأسنان البشرية، الزهرة التى عبّرت عنها آناندى فى إحدى رقصاتها، لايطلب الفيلم من مشاهده سوى أن يتعامل مع الإيمان باعتباره رحلة رمزية حتى لو تنكرت فى شكل مغامرة عجيبة.

المعنى الواضح تماماً هو أن الإنسان لا يمكن أن ينجو بمفرده، هناك تلك اليد الغامضة الى تنقذه فى اللحظات الأخيرة، يقول باى إن الله ينقذنا عنما نظن أنه يتجاهلنا، ويمنحنا المساعدة عندما نظن أنه قد نسينا، الخبرة هنا روحية وليست عقلية، إنها تقترب من فكرة التجربة بالمفهوم الدينى.

ربما تتقاطع فكرة الفيلم مع الحكاية المعروفة عن أحد المتصوفين المسلمين، سأله أحد البحّارة قائلاً: لقد سافرت فى كل البحار، ولكنى لم أجد الله، فقال له المتصوف: ألا يحدث أحياناً أن تهب العواصف، قال الرجل: دائماً ما يحدث ذلك، قال المتصوف: ألا تشعر بأن الماء يحيط بك وأنك على وشك الغرق، قال الرجل: كثيراً ما أتعرض للموت، قال المتصوف: ألا تشعر أن يداً تحيط بك وتمنحك الأمل فى النجاة، قال الرجل: أشعر بذلك بالتأكيد، قال المتصوف: فهذا هو الله.

الى حد كبير يعبّر باى عن نفس المعنى، والى حد كبير تنغلق الدائرة بأسرة جديدة يكوّنها باى بعيداً عن الهند، ولكن الكاتب الذى أعجبته الحكاية، ووصل إليه مغزاها الروحى، وفهم معنى تسخير الوحش لإنقاذ الإنسان، لم يعلن موقفه بوضوح، على الأرجح ستكون لديه أسئلة أخرى، ولكن الباب اصبح مفتوحاً، باى نفسه لا يرفض الشك الذى يكمن دوماً فى كل الحجرات.

على المستوى البصرى، ينجح آنج لى فى تحويل الفيلم الى لوحات ملونة، الصورة ثرية للغاية وتأثيرها قوى وجذاب باستخدام تقنية البعد الثالث، استخدم لى فى مشاهد المحيط الليلية اللونين الأزرق والأسود، واستخدم فى مشاهد الصباح اللونين البرتقالى والأبيض، ساهمت الإمكانيات الضخمة فى تجسيم مشاهد العاصفة والجزيرة، تميز الفيلم بموسيقى ساحرة عبّرت عن البعد الروحى للرحلة، هناك أيضاً فريق مذهل للمؤثرات البصرية وخدع الجرافيك، نجح فى دمج مشاهد الحيوانات الكثيرة مع العناصر البشرية بمنتهى السلاسة والإتقان، أداء الممثلين كان جيداً خصوصاً كل من لعبوا دور باى فى مراحله المختلفة، الملاحظة الغريبة فى أن جيرار ديبارديو ظهر فى مشهد واحد فى دور طباخ السفينة المتعجرف، لم يكن الدور يستحق هذا الظهور لا شكلاً ولا مضموناً!

"حياة باى" كانت تنقصها التجربة الشاقة، الرحلة الصعبة التى تغيّر الإنسان الى الأبد، تحكى له الأم عن الإله  الهندى فيشنو الذى اتهموه  بابتلاع التراب، فلما فتحوا فمه، وجدوا داخله العالم بأكمله.

اكتشف باى فى النهاية عالماً بأكمله، رأى الله فى قلب المحيط، ورأى الروح داخل الوحش، وعرف أن الفقد قد يكون أحياناً هو الطريق الوحيد لكى تجد.

عين على السينما في

24/01/2013

 

فيلم بن أفليك يعتمد على وقائع حقيقية

«أرغو».. صناعة البطل الأميركي مستــمرّة

علا الشيخ - دبي 

يدور فيلم «أرغو» للمخرج والممثل الأميركي بن أفليك حول الأزمة التي نشبت بين إيران والولايات المتـحدة عــام 1979، حين اقتحـم طلبة إيرانيون السفارة الأميركية في طهران محتجزين كل طاقمها، باستثناء ستة موظفين استطاعوا الهروب. الحدث الأبرز المتعلق بالكتابة عن الفيلم هو من الناحية الفنية، إذ حصل على جوائز عدة من مسابقة الـ«غولدن غلوب» التي أقيمت أخيراً، وهو مرشح أيضا للحصول على سبع جوائز أوسكار الشهر المقبل.

«أرغو» الذي أدى دور البطولة فيه مخرج العمل نفسه بن أفليك، يلعب فيه دور العميل في الاستخبارات الأميركية طوني مينديز الذي وصلت به الحال الى تقمّص دور منتج سينمائي كندي كي يستطيع دخول الأراضي الإيرانية وتهريب الرهائن الست الذين لجأوا الى السفارة الكندية، بعد ان فشلت كل المحاولات الدبلوماسية بين البلدين، في مشاهد استطاع بن أفليك فيها نقل البيئة الإيرانية بكل ملامحها في اسطنبول، مكان تصوير المشاهد الرئيسة في الفيلم.

وقائع حقيقية

عندما يبدأ الفيلم الذي شارك بن أفليك البطولة فيه كل من ألان أركين وبراين كرانستون، بعبارة ان أحداثه تستند الى وقائع تاريخية حقيقية، يجب أن يكون دقيقاً في هذه الجملة، وهذا لا يعني أن الحدث لم يكن، لكن بن أفليك وظّف مخيلته الإخراجية في كثير من التفاصيل التي حدثت في الواقع، فلم يعد بالكامل يستند الى الرواية الفعلية للأحداث، مع ان الشكل العام كان قريباً جداً منها، فالفيلم بالنهاية سينمائي من الدرجة الأولى، مع أنه استعان ببعض المشاهد الأرشيفية الحقيقية التي ظهرت في بداية الفيلم، عن الثورة الإيرانية «الخمينية»، وكذلك في نهاية الفيلم، تحديداً، وخطاب الرئيس السابق للولايات المتحدة جيمي كارتر، لكن مخيلة المخرج تعدت الوثائقية، ما منحه مساحة واسعة بصناعة الصورة والأحداث، فحبكة الفيلم مبنية على كتاب من تأليف أنطونيو مينديز، ضابط المخابرات الأميركية الذي كان البطل الرئيس للقصة، وإلى سيناريو الكاتب السينمائي كريس تيريو المبني على مقال للكاتب جوشوا بيرمان بعنوان «هروب من طهران».

وتدور الأحداث في عام 1979، تاريخ اقتحام السفارة الأميركية في إيران من قبل طلبة إيرانيين معترضين على موافقة الحكومة الأميركية على علاج شاه إيران، فيخترقون باب السفارة، ويرهنون موظفيها، لكن ستة من هؤلاء الموظفين يهربون قاصدين السفارة الكندية لتحميهم.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل يرجي الضغط علي هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

24/01/2013

 

مشاهدون منحوا الفيلم من 7 إلى 10 درجات

«30 دقيقة».. معذّبون بين بن لادن وأميركا

علا الشيخ - دبي 

مع أن فيلم «30 دقيقة بعد منتصف الليل» يدور حول مطاردة الاستخبارات الأميركية لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إلا أن الأخير لا تظهر له أي صورة في الفيلم الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية، وهو من إخراج كاثرين بيغلو، وبطولة جيسيكا شاستين وجيسون كلارك وجويل إجيرتون.

واثار «30 دقيقة بعد منتصف الليل» مشاعر متباينة لدى مشاهديه، إذ رأى البعض أن الجنود الأميركيين ايضا يستحقون المحاكمة، بسبب أنواع التعذيب التي قاموا بها بحق موالي طالبان وتنظيم القاعدة، كي تستطيع أميركا الوصول الى مكان بن لادن، معتبرين أن مشاهد الفيلم يقارن بين مشاهد الفيلم وما تدعيه الولايات المتحدة الأميركية بتعاطيها مع كل الأمور بشكل انساني، خصوصاً في ما يتعلق بمشاهد التعذيب، وأضافوا أن الفيلم يعد إدانة للطرفين، بن لادن وأميركا.

فيما قال آخرون ان الفيلم مع انه يحتوي على معلومات دقيقة، كما تم تعريفه، الا أن المبالغة موجودة في صناعة البطل الأميركي كعادة أفلام هوليوود، مانحين اياه علامة راوحت بين سبع و10 درجات.

لا تبرير

يبدأ الفيلم بمشهد معتم تظهر فيه أصوات، ورنين هواتف، وبكاء وأنين وجمل غير مفهومة، لكنها حميمية، ليطل ركام وأنقاض مركز التجارة العالمي في الـ11 من سبتمبر، من هذه الأجواء التي يعرفها وشاهدها وتابع كل ما نتج عنها كثيرون، تنتقل الكاميرا الى محققين من وسائل الاستخبارات الأميركية وهم يستخدمون كل أنواع العنف والتعذيب لمعتقلين، مشهد جعل المشاهد يقف لوهلة بينه وبين نفسه عن السبب وراء اظهار هذا الشكل من التعذيب لمجموعة تطرح نفسها نموذجاً انسانياً في التعامل مع الأسرى عالمياً، لتكون الاجابة عن اتباع كل الوسائل والطرق للوصول الى رأس بن لادن، في هذه الأثناء تظهر مايا العميلة الاستخبارتية وهي تشاهد كل هذه الأفلام غير متأثرة، بالدرجة نفسها من عدم التأثر ايضاً بخطاب باراك أوباما، وهو ينكر قيام أميركا بتعذيب المعتقلين، في مهمة الوصول الى مكان بن لادن.

«الغاية تبرر الوسيلة، هذا هو الشعار التي يجب على أميركا ان ترفعه».. هذا ما قالته روضة الزعابي (33 عاماً)، واضافت «اعتقد أن الفيلم سيجعل معارضي بن لادن يتعاطفون معه ولو لفترة قصيرة، إذ يحفل الفيلم بالجرائم وأنواع التعذيب التي استخدمتها الاستخبارات الأميركية مع معتقلين، وهي تبحث عن زعيم تنظيم القاعدة». وتابعت «لا أعرف لماذا تذكرت لحظة اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان ينتظر إعدامه كثيرون، لكنهم تعاطفوا معه في مشهد النهاية»، مانحة الفيلم سبع درجات.

في المقابل، قالت مها طاروش (30 عاماً) إن «الفيلم تكمن أهميته في أنه ليس مع جانب ضد آخر، بل يكشف جرائم كلا الطرفين، فالجريمة لا تتجزأ، والتبرير مرفوض، خصوصا اذا طرحت الدولة نفسها كدولة انسانية تحترم الاتفاقات العالمية»، مانحة الفيلم 10 درجات.

بدوره، قال الياس طنوس (40 عاما): «جئت لمعايشة لحظة القبض على بن لادن، واذا بي أصدم بجرائم من نوع آخر ارتكبها الجهاز الأمني الأميركي بحق المعتقلين، ورغم ذلك أرى أن الفيلم جميل وموضوعي ويحكي أن الجريمة لا تتجزأ ولا تبرر»، مانحاً اياه 10 درجات.

أزمة البطل

«مايا» شخصية تظهر في الفيلم باردة المشاعر، ولا رأي لديها، لأنها تريد صبّ كل جهودها في هدف واحد وهو القاء القبض على بن لادن.. فهي تلعب دور الموظفة التي اوكلت اليها مهمة يجب تنفيذها في مكان ووقت محددين، ولن تسمح لأي ظرف أن يحيدها عن هذا الهدف، فهي ككثيرين تنتظر هذه اللحظة. في التركيز على شخصية مايا تظهر مشاهد اخرى لعمليات ارهابية، لا تؤثر في مجرى الحدث، وكأن ذلك تذكيراً بما تفعله «القاعدة». تتحدد المهلة وهي «30 الى 40 دقيقة على أكبر تقدير»، والمكان ابوت أباد في باكستان، فتشتد وتيرة أحداث الفيلم مع اصرار مايا على وجوب التركيز على الوسائط، الذين يوصلون كل شيء الى بن لادن، من بينهم ابوأحمد الكويتي، في ظل عدم استخدام «القاعدة» لوسائل الاتصال الحديثة، فمن المؤكد، حسب مايا، ان الوسائط هم بشر. والفيلم ايضاً يظهر تعاون رجل أردني أسهم في إحكام القبضة على بن لادن، لكن تبقى مايا متصدرة الموقف بطلةً وحيدة.

وقال إيهاب الصاوي (28 عاما): «لقد اعجبت بالفيلم كثيراً، وبتفاصيله القريبة من نشرة أخبار طويلة.. لكن أزمة البطل الأميركي واضحة جداً فيه، وهذا شيء استفزني»، مانحاً الفيلم سبع درجات.

بينما وصفت سكينة محمد (39 عاماً) الفيلم بـ«المؤلم»، معللة ذلك بأن الفيلم «يسلط الضوء على جرائم بشعة ارتكبت مازلنا نعانيها الى اللحظة بسبب الزيف المحيط بنا»، مانحة الفيلم 10 درجات.

تساؤلات

أثارت مشاهد التعذيب والتنكيل في الفيلم ردات فعل مشاهدين، وجعلت البعض يتساءل عن ماهية صناعة هذا الفيلم في هذا التوقيت، فمشاهد الضرب المبرح والاستهزاء واغراق وجوه المعتقلين في المياه، والشتائم النابية، كلها تضع أميركا في موقع ادانة أكثر من الاشادة بدورها في القبض على بن لادن.

هنا يعيد وائل منور (30 عاماً) المشهد الذي يظهر فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما يؤكد في مقابلة تلفزيونية ان بلاده ضد تعذيب المعتقلين، وتعمل على محاسبة الدول الأخرى اذا ما قامت بتعذيب معتقليها. وأضاف منور «شعرت أن اقحام هذا المشهد ما هو الا استهزاء بالسياسة الأميركية التي تقول شيئاً وتفعل آخر.. ما شاهدته من اساليب تعذيب للمعتقلين لا يتوافق مع أي شريعة ولا أي قانون انساني»، معتبراً أنه حتى لو كان المعتقل مجرماً فهذا لا يبرر هذه القسوة، مانحاً الفيلم تسع درجات.

بدوره، قال أيوب آغا (36 عاماً) إن «الفيلم جيد ومثير للتساؤلات في الوقت نفسه حول بلد يطرح نفسه نموذجاً يحترم حقوق الإنسان، وما شاهدناه بعيد كل البعد عن احترام كرامة الانسان ولو كان مذنباً.. وأكثر شيء أزعجني هذه الأنفة الأميركية التي تريد تحويل وتسليط الضوء على البطل الأميركي الواحد، مع أن هناك عربياً أردنياً أسهم بشكل كبير في المهمة، لكنه لم يظهر بقدر بطلة الفيلم، وأتساءل هنا هل بسبب جنسيته وعروبته تم تجاهله؟»، مانحا الفيلم سبع درجات.

في المقابل، تساءلت زينة عبود (25 عاماً) عن السبب وراء عدم ظهور بن لادن لا أرشيفياً ولا تمثيلياً في الفيلم، وقالت إن «الفيلم بشكل عام كشف الوجه الأميركي الذي لا يقل اجراماً عما فعله تنظيم القاعدة»، مانحة الفيلم 10 درجات.

نهاية

ينتمي الفيلم الى ما يسمى بسينما التحقيق التي تعتمد على دراسات ووثائق معترف بها، لكنه ليس تسجيلياً أو وثائقياً، هو سينمائي بصورته وبطريقة تصويره. نهاية الفيلم هي اللحظة الحاسمة المترقبة من قبل البيت الأبيض الى اصغر موظف موجود في المركز الرئيس للاستخبارات الأميركية.

يتقدم 15 من أفراد القوات الأميركية الخاصة التابعة للبحرية الأميركية المعروفة بـ«نيفي سيل» الى مكان تحديد الهدف، وينتهي الفيلم دون ظهور أي صورة لبن لادن.

كليك

تصدّر فيلم «30 دقيقة بعد منتصف الليل» ايرادات السينما في اميركا الشمالية، بعد طرحه هناك. وجاء في المركز الثاني الفيلم الذي يجمع بين الرعب والكوميديا «البيت المسكون»، وهو من بطولة مارلون واينس واسينس اتكينس ومارلين فورت، واخراج مايكل تيدز. واحتل المركز الثالث فيلم الحركة والجريمة «فريق العصابات»، وهو من بطولة شون بين وريان جوسلينج، واخراج روبين فليتشر.

وتراجع فيلم الحركة «تحرير جانجو» من المركز الثاني الي المركز الرابع. والفيلم بطولة جيمي فوكس وكريستوفر فالتز وليوناردو ديكابريو، واخراج كونتين تارانتينو.

حول الفيلم

- مرشح لخمس جوائز أوسكار من ضمنها افضل فيلم، وأفضل ممثلة، وافضل سيناريو.

- جيسيكا شاستين فازت بجائزة «غولدن غلوب» عن فئة افضل ممثلة.

- أفراد «لجنة مخابرات مجلس الشيوخ» الذين شاهدوا الفيلم، قبل بدء عروضه التجارية في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، أدانوه كما فتحوا تحقيقاً حول مصادر معلومات الفيلم، وإذا ما كان موظّفون في وكالة المخابرات الأميركية تعاونوا مع صانعي الفيلم وأمدّوهم بالمعلومات التي وجدها أعضاء اللجنة كاذبة ومشينة

- صنع الفيلم بميزانية بلغت نحو 40 مليون دولار.

- من إنتاج مخرجة العمل كاثرين بيغلو، وكاتب السيناريو مارك بول وميغان إليسون.

عن قرب

دافعت المخرجة الأميركية كاثرين بيغلو عن فيلمها الذي اتهمه البعض بأنه يشجع على التعذيب، قائلة: «أعتقد أنه تم العثور على أسامة بن لادن بفضل عمل استخباراتي محكم. ولكن التعذيب، وكما نعلم جميعاً، استخدم في السنوات الأولى من المطاردة. وهذا لا يعني أنه كان المفتاح الذي أدى الى تحديد موقع بن لادن، بل إن هذا الواقع هو جزء من التاريخ لا يمكن تجاهله»، مضيفة أن «إظهار ما حصل لا يعني الموافقة عليه. أعتقد أن بعض الانتقادات الموجهة الى الفيلم ينبغي أن توجه إلى الذين أرسوا تلك السياسات الأميركية ووضعوها، وليس الى الفيلم الذي ينقل التاريخ الى الشاشة».

المخرج

ولدت كاثرين بيغلو عام 1951، جعلت من صناعة أفلام الخيال العلمي والرعب مساراً لها، مثل «نيير دارك»، وكانت أول امرأة تحوز جائزة نقابة مخرجي أميركا لأبرز مخرج فيلم روائي طويل عن فيلمها «ذا هارت لوكر». عن هذا الفيلم أيضا حازت جائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج في مهرجان 2010 لجوائز أكاديمية الفيلم البريطانية (بافتا). وحازت عنه أيضاً جائزة أفضل مخرجة وأفضل فيلم في الدورة 82 من جوائز الأكاديمية في 2010. كما رشحت لجائزة «غولدن غلوب». وتعد أول امرأة تربح جائزة الـ«بافتا» عن فئة أفضل إخراج، ورابعة أنثى ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج سينمائي، بعد رينا ريتموللر وجاين كامبيون وصوفيا كوبولا.

فريق الفيلم

جسيكا شاستين

ولدت جسيكا شاستين عام 1977، بدأت مشوارها الفني منذ تسع سنوات فقط، وحصلت منذ أسابيع قليلة إلى جوار الترشح للأوسكار على جائزة «غولدن غلوب» كأفضل ممثلة، تحتل أيضاً بفيلمين من بطولتها المركزين الأول والثاني في شباك التذاكر.

بدأت مشوارها الفني في حلقة من مسلسل «أي آر» خلال 2004، وكان دورها في فيلم «ماما» الذي ينتمي إلى أعمال الرعب هو الفيلم المفضل لدى معظم الجماهير الأميركية.

واختارتها مجلة «تايم» واحدة من أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم.

جينيفر أهلي

ولدت جينيفر أهلي عام 1969، وأمضت قدراً كبيراً من طفولتها متنقلة بين بلاد مختلفة بسبب طبيعة عمل والدها الدبلوماسية، استقرت في نهاية المطاف في لندن لدراسة الدراما في المدرسة المركزية، ظهورها على الشاشة كان في لندن في مسلسل «السيد داراسي» فلفتت أنظار المخرجين، ومن ضمنهم مخرجو هوليوود، فعادت الى مسقط راسها لتؤدي دور البطولة في فيلم «البائع» عام 1997، ومن هنا بدأت انطلاقتها سينمائيا، اضافة الى انها دؤوبة في العمل السينمائي، فلا يخلو عام من ظهورها في فيلم، وتتميز بتقمصها جميع الأدوار، خصوصاً الجريئة منها التي تتطلب شجاعة لتأدية الدور ولمواجهة الجمهور.

جويل إجيرتون

ولد جويل إجيرتون عام 1974، وهو استرالي الأصل، يهوى المسرح ولا يستبدله بأي نوع من الفنون.

ظهوره في السينما لكسب معرفة الجمهور به، الا أنه يعود الى المسرح بعد كل فيلم يقدمه، اضافة الى عمله ممثلاً يعمل ايضا على انتاج العديد من الأفلام في استراليا.

وقال عنه النقاد إنه فنان ذو طابع خاص يجعل المشاهد يستشعر كل الفنون في مشهد واحد. يعمل اجيرتون أيضا في مجال حقوق الإنسان، ويقدم محاضرات دائمة عن قيمة الانسان والوقوف الى جانبه مهما كان دينه وعرقه.

الإمارات اليوم في

28/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)